العلاقات الاقتصادية الإسرائيلية – الخليجية

إن الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وخاصة منها الحرب في سوريا وتزايد النفوذ العسكري الإيراني في المنطقة أصبحت كلها أوراقاً تخدم الأجندة الإسرائيلية على المدى البعيد. أما نظرية التطبيع مع هذه الدويلة الصغيرة فأصبح اليوم محل اهتمام كبير بصفة علنية.

نظرية التطبيع مع (إسرائيل) أصبح اليوم محل اهتمام كبير بصفة علنية

من المعروف وحسب تصريحات السفيرة الإسرائيلية في باريس إن كل حكومات الدول العربية تقيم علاقات سرّية مثل بعض دول شمال إفريقيا أو علنية مثل مصر والأردن. وللتعريف بمصطلح التطبيع هو في مفهومها الكلّي يعتبر كلمة غريبة نوعاً ما لأنها تدلّ على حياة غير طبيعية مع كائنات غريبة عن كوكبنا والتوجّه نحو تطبيع الحياة معها. إذ لا يجب استعمال مثل هذه المفردات في العلاقات الدولية, لأن كلمة التطبيع لها طابع عنصري وعدائي. إن دولة إسرائيل مُعتَرف بها دولياً من قِبَل الأمم المتحدة ومن قِبَل 193 دولة عالمية.

مشكلة "الاحتلال والاستيطان" وهي تُعدّ جوهر الصراع العربي الإسرائيلي أو بالأحرى التضامن مع الشعب العربي الفلسطيني المُضطَهد. إن دولة إسرائيل العلمانية تُعتَبر جزءاً لا يتجزأ من المنطقة العربية بحيث هذا الصراع بين الجهة الفلسطينية والجهة الإسرائيلية له انعكاسات سلبية على العلاقات العربية – الإسرائيلية. إذ في هذا السياق بعد تحديد مفهوم التطبيع من الجانب العلمي يمكن القول إنه لا توجد مشكلة أديان وإنما توجد مشكلة بين حال سلم وحال حرب. إذ تقيم مصر والأردن على سبيل المثال علاقات دبلوماسية كاملة وذلك بتمثيل رفيع المستوي بسفارة في كلتا الدولتين، مع تبادل تجاري واقتصادي خاصة في قطاع الغاز والمواد الغذائية. بالتالي هذه العلاقة تنبني بالأساس على درجة الثقة وحال السلم بين هذه الدول المجاورة الثلاث. أما بخصوص جوهر الموضوع وهو العلاقات الإسرائيلية – الخليجية والتي تُعدّ تطوّراً جديداً بصفة علنية بعدما كانت في السابق بصفة سرّية. إذ من المعروف أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقيم علاقات تجارية واقتصادية عبر فتح قنصلية إسرائيلية لها في دبي. أيضاً قطر لها علاقات علنية عبر فتح مكتب تجاري وهي الآن بصدد دراسة فتح سفارة وتمثيل دبلوماسي بالكامل. أما مؤخراً والحدث البارز على الساحة الدولية هو العلاقات السعودية والإسرائيلية وهي تتمثل في توطيد العلاقات والتوجّه نحو السلم الدائم مع دولة إسرائيل، بحيث بدأت هذه العلاقات العلنية بزيارة وليّ العهد الملك محمّد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود لإسرائيل وبلقائه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وإبرامه العديد من الصفقات التجارية والاقتصادية والاستثمارية. أيضاً للتذكير بالحدث الهام الذي جرى مطلع هذه السنة هو فتح الأجواء السعودية بالكامل للرحلات الجوية الإسرائيلية نحو الهند وبلدان شرق آسيا. أما الأكثر تطوّراً في هذه العلاقة هو التحضير لفتح سفارة إسرائيلية في المملكة العربية السعودية وبالتحديد في مدينة الرياض. إن العلاقات الإسرائيلية – الخليجية تشهد مؤخراً نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً على أعلى مستوى وربما أغلب هذه الدول الخليجية ستصبح لها سفارات بين الجانبين بالتحديد الإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية. كما أن المصالح التجارية تضاعفت بين هذه البلدان خاصة بعد الأحداث في المنطقة منها الحرب في سوريا ، ومن المؤكّد أن هذه العلاقات تندرج في المقام الأول في الجانب الاقتصادي. إذ كانت سوريا في السابق قبل سنة 2011 تمثّل معبر مرور العديد من الشاحنات المحملة بالبضائع من الدول الخليجية نحو تركيا حتى الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي. أما البديل اليوم بعد هذه الأحداث فأصبحت نقطة العبور الإسرائيلية التي وافقت حكومتها ضمن صفقة تجارية على فتح معابرها لمرور الشاحنات الخليجية عبر أراضيها للوصول إلى تركيا ثم أوروبا. أيضاً إبرام العديد من الصفقات الاستثمارية و تبادل السلع الغذائية مثل التمور والزيت وغيرها من المنتجات، وزيارة العديد من رجال الأعمال المستثمرين بين الطرفين للاستثمار في مجال العقارات والبناء والبنية التحتية. إن الاتجاه الدبلوماسي الخليجي "العلني" يتمثّل بالأساس في وضع المصلحة الاقتصادية والتجارية بالدرجة الأولى بين الطرفين، واعتماد مفهوم حال السلم والثقة والتعاون الدولي. أما الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي فقد تم التخطيط له من قِبَل الإدارة الأميركية بوضع صفقة تُسمّى بصفقة القرن أو اتفاق القرن بين دولة فلسطين والدول العربية ودولة إسرائيل. إذ بعد نكبة 1948 ونكسة 1967 أصبحت أغلب الدول العربية تدور في فلك بما يُسمّي التطبيع وتجريمه أو اللجوء للعلاقات السرّية..الحقيقة فهي دائماً إسرائيل العدو الأول بأجهزتها الاستخباراتية وعملياتها الإجرامية واستيطانها غير الشرعي. إن العلاقات الإسرائيلية - الخليجية تشهد مؤخراً الانتقال من السرّية إلى العلنية برعاية أميركية لإيجاد تسوية سلمية عادلة وسلام دائم بين جميع الأطراف تخدم المصالح التجارية والاقتصادية بالأساس وتزيل مفهوم العداوة الدائمة خاصة على ما سيتم الإعلان عنه في وثيقة صفقة القرن من أهمها هو إعلان استقلال دولة فلسطين ووقف الحرب بصفة نهائية.