نساء داعش
تُعدُّ كتيبة "الخنساء" التي تألفّت في شباط/ فبراير من عام 2014 في مدينة الرقة السورية، أبرزَ كتائب تنظيم داعش التي تُعنى بالجانب النسائي داخل التنظيم أو في المناطقِ الخاضعة له.
تُعدُّ كتيبة "الخنساء" التي تألّفت في شباط/ فبراير من عام 2014 بمدينة الرقة السورية، أبرزَ كتائب تنظيم داعش التي تُعنى بالجانب النسائي داخل التنظيم أو في المناطق الخاضعة له.
تشكّلت الكتيبة بعد عمليّات اغتيال قام بها الجيش الحرّ، متنكرة عناصره بزيّ نسائيّ. وهي تتألف من عدة مجموعات منها: مجموعة "أم الريحان" ومجوعة "أم عمارة" التي من مهامها تجنيد المقاتلين والفتيات من أوروبا عبر الانترنت. ثم في يناير 2015، صدر أول بيان لها بعنوان "نساء الدولة الإسلامية"، يتحدث عن المرأة ودورها. وفي العام نفسه نشر التنظيم وثيقة تحت عنوان "المرأة في الدولة الإسلامية: بيان ودراسة حالة" جاء فيها أن "السن الشرعي" لزواج الفتيات من المقاتلين هو تسع سنوات.
تُعتبر السعودية "ندى القحطاني" الملقبة بـ"أخت جليبيب" المرأة الأكثر ثقة عند زعيم التنظيم "أبو بكر البغدادي"، الذي كلّفها بتأسيس فرع لكتيبة الخنساء في مدينة الحسكة، إلى جانب مواطنتها "ريما الجريش" الملقبة بـ "أم معاذ" والتي تولّت مهام تجنيد الفتيات والنساء عبر الإنترنت.
من أقوى نساء التنظيم "أم سليمان" العراقية التي تولت قيادة "الحسبة النسائية" في محافظة دير الزور السورية. أمّا في الموصل فبرزت "أم الوليد" الأوزبكية الأصل وقد اتخذت من مستشفى ابن سينا في المدينة مقرا لها.
ومن أبرز شرعيات التنظيم الدكتورة "إيمان البغا" نجلة الفقيه السوري المعروف الشيخ "مصطفى البغا". فقد التحقت إيمان بكتيبة الخنساء في 2014 بعد استقالتها من التعليم في جامعة الدمام السعودية لتتولى مهمة التجنيد للتنظيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. فيما عرفت ابنتها أحلام الزعيم بانها شاعرة التنظيم. ومن بين الأجنبيات اللواتي اشتهرن في الكتيبة مغنية الراب البريطانية "تالي جونز" التي عرفت بـ " أم حسين"
يتطلب الانضمام للكتيبة خضوع المتطوِّعة لمعسكر تدريبي (دروس دينية، تدريبات بدنية، استعمال السلاح). وتتقاضى كل مقاتلة في "الخنساء" راتبا شهريا. وتعتبر الجنسية الأجنبية من أهم ميزات زيادة الراتب.
تتمايز "الخنساوات" بحملهن السلاح والكلبشات والقبضات اللاسلكية. ومن المهام الموكلة لها مراقبة واعتقال النساء اللواتي يخالفن أوامر التنظيم ومعاقبتهن. كما يلعبن دور "الخطّابات"، حيث يقمن بالبحث عن زوجات لعناصر وقادة التنظيم.
والمرأةُ في أدبيات وواقع التنظيم ليست مجرد مقاتلة بل هي زوجة وجارية وساعية بريد وقائمة على الحِسبةِ وتباشِرُ القَصاصَ بحقّ النساء اللواتي حُكِم عليهِنّ بالرّجمِ أو القتل أو الجَلد.
في عام 2015، نشر معهد الحوار الاستراتيجي البريطاني دراسةً قدَّرتْ عدد َالمقاتلاتِ داخلَ التنظيمِ بنحوِ خمسمئة وخمسيَن امرأة معظمهن من جنسيات أوروبية وغربية على نحو عامّ. وفي عام 2016، قُدّر عدد "كتيبة الخنساء" في الرقة بما بين 300 و400 سيدة، نصفهن من الأجنبيات.
وتفيد تقارير دولية وإقليمية أن داعش لجأ إلى الاستعانة بالنساء لسدّ النقص في عدد مقاتليه، وأن ثلث أفراد تنظيم داعش تقريباً الآن من النساء، وأنهن أصبحن يتلقين التدريبات العسكرية للمشاركة في القتال. فيما قدَّرَ المراقبونَ، وفقاُ صحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر في 24 أبريل 2017، نِسبةَ المراهقاتِ المنضمّاتِ الى التنظيم ِبنحوِ 55% مِنْ تَعدادِ المقاتلات.
دوافع انتماء النساء الى داعش متعددة منها ما ذكرته الخبيرة الألمانية سوزان شروتر من ان استقطاب النساء يتم من خلفية بحثهن عن تصورات رومانسية وبهدف عيش تجربة حب فريدة من نوعها، وبعضهن يعتبرن أنفسهن جزءا من مسار تاريخ عظيم وأنهن سيغيرن العالم بالكامل.
ومن تلك الدوافع ما وثقته عام 2015 صحيفة "نيويورك تايمز" من شهادة لثلاث نساء كنّ منتسبات إلى "كتيبة الخنساء" قبل هروبهن. تقول إحداهن: "بالنسبة لي، كان الأمر يتعلق بالسلطة والمال، وخاصة السلطة". ويرى بعض المختصين بالعلوم النفسية ان انشاء "كتيبة الخنساء" جاء متنفساً لنساء يبحثن عن نوع من السلطة على نساء أخريات. وتفسّر الباحثة السويسرية في علوم النساء "جيرالدين كازوت" Geraldine casutt الأمر بكون المرأة تنزع لحماية نفسها في مثل هذه الحالات عبر التآخي مع من يقمعها، ثم التماهي معه والانتقام لهذا القمع ممن هو أضعف منها حصراً لاكتساب مكانة سلطوية أخلاقية لا سيما وان الانتهاكات والمعاملات اللاإنسانية للمرأة داخل المناطق التي يسيطر عليها التنظيم أمر لا تخطئه العين، حيث من مظاهر المعاملة اللاإنسانية للمرأة التي تمارس في المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم التغريم والرجم والقتل المباشر والجلد في الساحات العامّة، وقد تكون مُنفّذة حُكم القتل طفلة قاصرة.
ومن الممارسات الظالمة، وضع المخالفات لأوامر التنظيم في أقفاص حديدية معلقة في الجو أو منصوبة في المقابر وتحتوي على جماجم وعظام. واستعمال "العضاضة" وهي عبارة عن قطعة حديدة ذات اسنان، تضغط على صدور النساء، ما يتسبب بجروح عميقة وحالات إغماء.
وقد وثّق "مشروع صوت وصورة" 278 حالة زواج اجباري من مقاتلين أجانب، لنساء أغلبهن دون سن الثامنة عشر، حيث لجأت بعض الفتيات اللواتي اجبرن على الزواج من عناصر التنظيم الى الهرب ليلة الزواج أو الانتحار.
ليس غريبا أن يصبح تجنيد المرأة بديلاً مناسبا لسدّ النقص المتزايد للرجال عند التنظيم، بل الغريب أن تتحول الضحية، وهي المرأة الداعشية في حالة التنظيم، الى جلاّد يمارس التقريع بحق نفسه وبني جنسه. والأغرب منه أن نجد في بعض النخب الفكرية والاجتماعية من لا يزال يتلمّس الأعذار لهذه السلوكيات أو يفسّر انحرافات التنظيم الخطيرة بهشاشة الدولة الوطنية وانعدام العدالة الاجتماعية وتزايد النزعة السلطوية في المجتمعات العربية حصراً لا سيما عند من لم يتلوث يوماً بالأطروحات الأيديولوجية لهذه التنظيمات.