باسل
باسل اسم علم للرجل. واشتقاقه من جذر لغوي مؤلف من الباء والسين واللام يدلّ على المنع والحبس.
لا يُعابُ المُقِلُّ وَهْوَ قَنوعٌ
ويُعابُ الفتَى وَهْوَ حَريصُ
يُقدِمُ الباسِلُ الأبٍيُّ على الحَتْفِ
وفيهِ عَنِ الهَوانِ نُكوصُ
هذان البيتان للشريف الرَضِيّ (970 - 1016م) واسمه محمد بن الحسين بن موسى وينتهي نسبه إلى الإمام علي بن أبي طالب، وهو فقيه وشاعر مجيد وجامع كتاب "نهج البلاغة" الذي يضمّ خُطبَ الإمام علي وحِكَمه وكُتبَه إلى عمّاله في مختلف الأقطار.
تولّى نقابة العلويين في بغداد في أيام الدولة البُوَيهية. له ديوان كبير يغلب على أشعاره قوة السبك والجزالة والعذوبة وفيه قصائد كثيرة في الغزل الرقيق والمواضيع الاجتماعية والحكمية. من ذلك البيتان أعلاه حيث يقول إن عطاء الرجل المقلّ لا يعيبه وإن كان قليلاً، وأن الفتى الباسل الأبيّ يَقدِمُ على الموت وينأى بنفسه عن الهوان ولا يرضى به.
والباسِل الذي يشير إليه الشاعر هو ذو البَسالَة، أي الشجاع المِقدام. وهو اسم الفاعل من فِعل بَسُلَ. يقال: بَسُلَ، يَبسُلُ، بَسالة، إذا شَجُعَ، فهو باسِل أي شُجاع.
ومنه للشاعر العراقي عبد الغفّار الأخرس (1804 - 1873م)، الملقّب بذلك لحُبسة كانت في لسانه، قوله متغزّلاً:
ولكَم يَصُدُّ كأنّهُ رِيمُ الفلا
ويصولُ صَولةَ باسِلٍ مِقدامِ
ورَمَتْ لَواحِظُهُ نِصالَ صبابةٍ
ها قد أصابَ القلبَ ذاكَ الرامي
والباسل اسم الفاعل من قولهم: بَسَلَ الرجلٌ، يَبسُلُ، بُسولاً، إذا عَبَسَ غَضَباً أو شجاعةً، فهو باسلْ وبَسيل. ويقال منه: غضبٌ باسلٌ، ويومٌ باسلٌ، أي شديد. ويخبر عنترة بن شدّاد (525 - 608م) حبيبته عبلة أنه سهلُ الخليقة، أي سمحٌ متساهل، إذا لم يُظلَم فإذا ظُلِمَ فردّه على مَن ظلمه شديد:
إثني علَيّ بِما علمتِ فإنَني
سَمحٌ مُعاشرتي إذا لم أُظلَمِ
وإذا ظُلِمت فَإنّ ظُلمي باسِلٌ
مُرٌّ مَذاقتُهُ كطعمِ العَلْقَمِ
والباسل: الأسد، قيل سُمّيَ بذلك لِكراهة منظره وقُبحه، أو لامتناعه ممن يقصده.
وباسل اسم علم للرجل. واشتقاقه من جذر لغوي مؤلف من الباء والسين واللام يدلّ على المنع والحبس. هذا هو الأصل وله فروع متقاربة. من ذلك أن العرب تقول لِلحرام: بَسْل. وكل شيء امتنع فهو بَسْل. والبسالة الشجاعة لأنها الامتناع عن القِرن أي المِثل من الناس. وينقل ابن فارس (ت 1004م) في كتابه "معجم مقاييس اللغة" عن ابن الأعرابي قوله: البَسَلُ: الكريه الوجه. وهو قياس صحيح على ما ذُكر في أصل المعنى، أي المنع والحبس. وعلى ذلك فإن اسم باسل ينطوي على جميع المعاني المذكورة، أي الشجاع المِقدام، والشديد والممتنع والأسد.
وجمع باسل: باسلون وبواسِل. وعادة ما يوصف الجنود حماة الوطن بالبسالة فيقال: جندي باسل، وجيش باسل، وجنود بواسل. ويقال كتيبة باسلة، مثل تلك الكتيبة الشهباء، أي العظيمة الكثيرة السلاح، التي يفتخر عنترة
بمواجهتها فيقول:
يا عَبْلُ أينَ مِنَ المنِيّةِ مَهربي
إنْ كانَ ربّي في السماءِ قضاها
وكتيبةٍ لَبّستُها بِكتيبةٍ
شَهباءَ باسِلَةٍ يُخافُ رَداها
ومن الأسماء المشتقة من البسالة: بَسول، على وزن فَعول بمعنى باسل، أي شجاع أو بطل. وبَسيل، على وزن فعيل بمعنى العابس من غضب أو شجاعة.