موفق - توفيق - وفيق
المُوَفَّق هو مَن وَفَقَّه الله في كل ما يأتي من الأمور وأنجح مسعاه وسدّدَ خُطاه.
مُوَفَّقٌ لِسَبيلِ الرُّشْدِ مُتَّبِعٌ
يَزينُهُ كُلُّ ما يَأتي ويَجتَنِبُ
تَسْمُو العُيونُ إليهِ كُلّما انفَرَجَتْ
لِلناسِ عَنْ وَجهِهِ الأبوابُ والحجُبُ
لهُ خَلائقُ بِيضٌ لا يُغَيِّرُها
صَرفُ الزَمانِ كما لا يَصدَأُ الذَهَبُ
هذه قصيدة من 3 أبيات للشاعر مروان بن أبي حَفْصَة (723 - 798م) قالها في مدح واحد من أعيان الدولة العبّاسية التي اختصّ بمدح مَن عاصرَهم مِن خُلفائها وقادتها. كما مدح وزراءها من البرامكة قبل نكبتهم على يد هارون الرشيد. كان المدحُ أبرزَ أغراضِه الشعرية وأبرز موارد ثروته الطائلة التي جمعها من أُعطِيات ممدوحيه السخِيّة، وكان مع ذلك بخيلاً بُخلاً شديداً حتى ضُربت به الأمثال.
عَدّ القُدَماءُ هذه الأبيات من أبلغ ما قيل في المدح، حيث يصف الممدوح بأنه مُوفَّقٌ، وأنّ التوفيق يُحالِفه في كل ما يُقدِم عليه أو يتجنّبه، وأن أبصار الناس تتطلع إليه ما إن تُفتح عنه الأبواب وترتفع الستائر لبهائه ولما يرجَون من كرمه، ولما طُبِعَ عليه من سُمُوّ الأخلاق التي لا تغيّرها حوادث الزمن ولا تؤثر فيها كما لا يصدأ الذهبُ بمرور الوقت.
والمُوَفَّق هو مَن وَفَقَّه الله في كل ما يأتي من الأمور وأنجح مسعاه وسدّدَ خُطاه. اسمُ المفعول من: وفّقهُ الله، يُوَفِّقُه، تَوفيقاً، فهو مُوَفَّقٌ، واللهُ المُوَفِّق.
ويُطلَق اسم مُوَفَّق على المولود الذكر تَيَمُّناً له بأن يحالفه التوفيق في جميع أموره عندما يكبر. ويقال: وُفِّقَ، بصيغة المجهول، لفعل الخير والصلاح، ووُفِّقَ إلى كذا من فعلٍ أو مسعى. وعليه للشاعر العراقيّ عبد الغفّار الأخرس (1810 - 1873)، الملقّب بذلك لِحُبسة في لسانه، قوله في مدح أحدهم:
وُفِّقْتَ لِلفِعلِ الجَميلِ وصُنعِهِ
إنّ المُوَفَّقَ لِلجميلِ مُوَفَّقُ
تُملي عليكَ الشُكرَ ألسِنَةٌ
يَحلو لها لَفظٌ ويَعذُبُ مَنْطِقُ
والمُوَفَّقُ هو مَن يٌحالِفه التوفيقُ. والتوفيق مصدر الفعل: وَفّقَ كما مرّ. وله معانٍ متقاربة. فالتوفيق هو النجاحُ في السَعي، والإصابةُ في العمل، وخِلافُ الفشلِ والإخفاق.
وتوفيقُ اللهِ هو جَعلُه فِعلَ عِبادِه مُوافِقاً لِما يُحبّه ويرضاه. والتوفيق اصطلاحاً: جَعلُ الأسبابِ مُوافِقةً لِلمطلوب، أو تسهيلُ طريقِ الخير وسَدُّ طريقِ الشَرّ. ويُطلَق اسم تَوفيق على المولود الذكر وعلى الأُنثى تَوفيقة.
والوِفاق هو المعنى الأصلي لكل ما تقدّم. مأخوذ من الجَذر اللغوي المكوّن من الواو والفاء والقاف يدلّ على ملاءمة الشيئين. من ذلك الوَفْقُ: الوِفاق، والموافقة، والملاءمة..واتفق الشيئان: تقاربا وتلاءما. ويقال: وافقَتُ فُلاناً إذا صادقته، كأنهما اجتمعا متوافقين. والوفيق هو المُوافِقُ وهو الرفيق. ومنه أخِذ اسم وَفيق للرجل ووفيقة للمرأة.
وقد أحبّ الشاعرُ العراقيّ بدر شاكر السيّاب (1926 - 1964) فتاةً تُدعى وفيقة له فيها قصائد عِدّة ولاسيّما في رثائها وقد تُوفّيت شابّة وفيها يقول:
شُبّاكُ وَفيقَةَ بِالقريَهْ
نَشْوانُ يُطِلُّ على الساحَهْ
كَجَليلٍ تَنتظِرُ المَشيَهْ
ويَسوعُ ويَنشُرُ ألْواحَهْ
شُبّاكُ وَفيقَةَ يا شَجَرَهْ
تَتَنَفَّسُ في الغَبَشِ الصاحي
الأعيُنُ عِندَكِ مُنتَظِرَهْ