قدّيس الحركة الأسيرة يهزمُ الفاشية..
ارتقاء الأسير الشهيد خضر عدنان لم يحرره من أَسْرِ سجّانه فحسب، بل من جسده هو أيضاً. هذا الجسد الذي كان هدفاً للقتل والمُلاحقة.
-
المنظومة الأمنية الصهيونية محبوسة بتفاصيل ملاحقة جسد الفلسطيني والفلسطينية
يُعدّ الإصرار على جعل قتل الفلسطيني أو الفلسطينية شأناً بديهيّاً وطبيعيّاً على يد منظومة الكيان الصهيوني، إحدى أهمّ التّقنيات التي تُمارسها هذه المنظومة بحقّ الجسد الفلسطيني.
إذ لا يعود استخدام العنف المُوجّه والمُنظّم جماعيّاً فحسب، بل يصير فرديّاً ورأسيّاً، وبذلك يجب تنفيذه من خلال بناء سياق تشرّع فيه المنظومة الأمنية تصنيف الفلسطيني أوّلاً وتشفيره، أي إلصاق خُطط المُخرّب إليه.
ثانياً، تفكيك هُويّته الإنسانية والوطنية والشخصية ومَحْوُها، ليجدوا فرداً مُخرّباً تتمّ عمليّة ملاحقته وتصفيته على يد منظومة شاملة تمعن في استخدام تقنية الملاحقة والتصفية والتّحييد والمصادرة.
وهنا بالتّحديد يكتمل سياق تطبيع القتل والإلغاء لكل من يقف في مواجهته.
والقتل في هذه الحالة يتطلّب دفاعاً عن النفس أي المقاومة بأشكالها كافة، وهذه المقاومة تواجهها المنظومة عبر تأسيس مفاهيم فكرية ومعرفية مُوجّهة تمنح الكائن الكولونيالي المُسيطر القدرة على نزع السّلطة الطبيعية عن المقاومة، إذ تُصبح المقاومة تشديداً وإرهاباً وتخريباً، ومن يُمارسها يُصبح بدوره كائناً مطارداً خارجاً عن السياق الطبيعي. وحده القتل المُرفق باحتياجات الملاحقة والتّحييد والمُصادرة هو الطبيعي.
وعليه، فإنّ المنظومة الأمنية الصهيونية محبوسة بتفاصيل ملاحقة جسد الفلسطيني والفلسطينية.
تفاصيل المراقبة والمسح وتغذية قاعدة البيانات والمعلومات الأمنية الخاصة بالكائنات الكولونيالية الخاضعة وعدم التّسامح مع أيّ إمكانيّة لخلق فُرص تجاهها ككائنات إنسانية لها ملامح وأسماء.
إنّ الأمن الصهيوني هو أمن شخصي وجودي بالأساس. أمن فردي مُلتحم مع الحالة الجماعية الصهيونية، وبالتالي فإنّ سياسات الإقصاء والعقاب والقتل التي ينتهجها بحقّ الفلسطينيين تستهدف بالأساس أجساد هؤلاء الفرديّة.
ارتقاء الأسير الشهيد خضر عدنان لم يحرره من أَسْرِ سجّانه فحسب، بل من جسده هو أيضاً. هذا الجسد الذي كان هدفاً للقتل والمُلاحقة.
الخضر الذي أحال زنزانته محراباً يشعّ كرامة وتمرُّداً ونوراً، لم يعُد أسيراً بل قدّيساً يبارك أسماءنا وهويّتنا، ويُعيدُ رسم ملامحنا الإنسانية التي سعى الصهيوني المُسيطر لإخفائها ومحوها.
فإذا كانت المقاومة في غُرف هذا الكائن شذوذاً عن الطبيعة فإن خضر عدنان بمقاومته وصموده واستشهاده صار إنساناً خارقاً للطبيعة بحسب الصهيونية الفاشية. ومن قال إنّ زمن القديسين قد ولّى؟