ما هي مضار "أمطار النار" البيئية التي يستخدمها الاحتلال؟
الأستاذ الدكتور سمير عفيفي المحاضر في قسم البيئة وعلوم الأرض بالجامعة الإسلامية في فلسطين يشرح خطورة "مطر النار" من خلال تقرير علمي أعده سابقاً حول الفسفور الأبيض ومتفجرات المعدن الكثيف الخامل "الدايم" في الحرب الإسرائيلية "الوحشية" على غزة.
أكدت "هيومن رايتس ووتش"، استخدام الاحتلال الإسرائيلي للفوسفور الأبيض في اعتدائها على غزة، يومي 10 و11 تشرين الأول/أكتوبر الجاري.
وذكرت المنظمة في وثيقة أسئلة وأجوبة حول "الفسفور الأبيض"، أنّ استخدام الاحتلال الإسرائيلي للفوسفور في العمليات العسكرية في غزة ولبنان، "يعرّض المدنيين لخطر الإصابة بجروح خطيرة وطويلة الأمد".
والفوسفور الأبيض يتفجّر في الهواء ويترسّب في التربة أو قيعان الأنهار والبحار أو حتى على أجسام الأسماك، محدثاً أضراراً خطرة بأشكال مختلفة، لدرجة أن من يأكل هذه الأسماك أو يسبح في المياه الملوّثة به، أو يلمس تربة مترسّب عليها يصاب بأضرار فادحة...إذا كانت هذه الأضرار الناجمة عن الإصابة بالفسفور الأبيض تصيب الأرض وتدمّر التربة وتلوّث الهواء والماء فكيف تبدو تأثيراتها على الإنسان وأنسجته وخلاياه؟
سؤال حاول الإجابة عليه الأستاذ الدكتور سمير عفيفي المحاضر في قسم البيئة وعلوم الأرض بالجامعة الإسلامية من خلال تقرير علمي أعده سابقاً حول الفسفور الأبيض ومتفجّرات المعدن الكثيف الخامل "الدايم" في الحرب الإسرائيلية "الوحشية" على غزة.
ويقول د.العفيفي: "تكمن الخطورة القصوى الناتجة عن استخدام هذه الذخائر في الآثار الجانبية كالتلوث من جرّاء المعادن الثقيلة التي تتسبّب حتمياً في الإصابة بأغلب أشكال السرطان المعروفة طبياً لدى الجرحى بحيث أن جزيئات هذه المعادن تتسبّب على المدى القصير في ظهور تحوّلات ورميّة لدى المصابين".
Evidence from the ground, including eye witness reports from Palestinians in Gaza, and numerous photos and videos like the one below, strongly indicate apartheid Israel is using white phosphorus in heavily populated civilian areas in Gaza.#GazaUnderAttack#StopIsraeliGenocide pic.twitter.com/uBCc3mKTnG
— BDS movement (@BDSmovement) October 12, 2023
وأكد أن قوات الاحتلال استهدفت مباشرة أغلب معامل البحث والتحليل الطبي والعلمي في غزة ودمّرتها بغية قطع الطريق على كل أشكال البحث العلمي الذي قد يظهر أو يفضح حقيقة استخدامها لهذه الذخائر المرعبة في مناطق ذات كثافة سكانية عالية.
وأضاف: "الذخائر الإسرائيلية تزيد بشكلٍ حتمي من نسبة خطورة الإصابة بأشكال جديدة ومتعدّدة من مرض السرطان في صفوف سكان المناطق التي تعرّضت للقصف"، خاصة إذا علمنا أن المعادن الثقيلة كالتنجستين والكوبالت والنيكل والحديد، تتركّز بشدة في طبقات الأرض وتتسرّب إلى المياه الجوفية، ما يعني إمكانية تسرّبها إلى البشر من خلال المزروعات والمحاصيل وكذلك إلى الحيوانات، كما تلتصق بالمباني في محيط الأماكن التي قصفت".
اقرأ أيضاً: غزة: إخلاء مستشفى للأطفال بعد استهدافه بقنابل الفوسفور الأبيض
ووفقاً للباحث د. العفيفي فإنه في حال تعرّضت منطقة ما للتلوّث بالفسفور الأبيض "يترسّب في التربة أو قيعان الأنهار والبحار أو حتى على أجسام الأسماك، ونتيجة لذلك قد يتعرض الإنسان للضرر إذا ما أكل أسماكاً مترسّباً عليها الفسفور الأبيض أو السباحة في المياه الملوّثة به، أو لمس تربة مترسّب عليها الفسفور الأبيض".
وعند إطلاق قنابل الفسفور الأبيض في مناطق حربية أو سكنية مغلقة أو ضيقة كالخنادق أو الحفر فإنه "يتفاعل مباشرة مع الأكسجين الموجود في المنطقة مسبّباً نقصاً شديداً في الهواء الصالح للتنفّس، ما يسبّب الاختناق لكل الكائنات الحية الموجودة في نطاق الأبخرة".
والفسفور الذي اكتشف في سنة 1669 عنصر كيميائي اشتق اسمه من الكلمة اليونانية "فوسفوروس" phosphorus، أي حامل الضوء، وهو الاسم القديم لكوكب الزهرة عند ظهوره قبل مغيب الشمس.
مرصد حقوقي دولي:
— سنا نيوز (@SnaaNews) October 9, 2023
إسرائيل تتعمد الانتقام من الفصائل الفلسطينية بارتكاب «جرائم قتل جماعي» في غزة
اسرائيل قتلت ٧٠ طفلا داخل بيوتهم خلال ساعات ودمرت ٢٢ مبنى سكنيا فوق رؤوس ساكنيه حتى صباح اليوم
القوات الاسرائيلية تستخدم قنابل ارتجاجية ذات قوى تدميرية كبيرة وقنابل فوسفور أبيض… pic.twitter.com/CgnegcfEWN
ولكن ما طبيعة الأضرار الناتجة عن التعرّض المباشر للفسفور الأبيض؟ يقول د.العفيفي: "عند تعرّض جسم الإنسان للفسفور الأبيض يحترق الجلد واللحم فلا يتبقى إلا العظم، ويبدو الحرق الناجم عنه بالإجمال كموضع يموت فيه النسيج ويصبح لونه ضارباً للأصفر ويُصدر رائحة شبيهة بالثوم الفاسد، وهو يذوب في الدهن بسهولة وينفذ في الجلد بسرعة، وينتقل عبر أنسجة الجسم المختلفة مما يتسبب بتأخير شفاء الإصابات".
اقرأ أيضاً: ما مخاطر القنابل الفوسفورية البيئية والصحية؟
وتنفّس الفسفور الأبيض لفترة قصيرة ربما يسبّب "السعال وتهيّج القصبة الهوائية والرئة أما تنفّسه لفترة طويلة فيسبّب جروحاً في الفم وكسر عظمة الفك، كما يسبّب أضراراً بالغة للكبد والقلب والكلى" إلى جانب أن العينين هما أكثر مناطق جسم الإنسان تأثّراً به لدرجة قد تؤدي إلى فقد القدرة على الإبصار تماماً.
والحبيبات المنصهرة من هذه المادة قد "تنغمس في جلد الضحية منتجة حروقاً متعددة وعميقة وبأحجام مختلفة، كما تستمر في الاشتعال ما لم يتم عزلها عن أكسجين الهواء عبر غمرها بالماء أو عزلها عن الهواء باستخدام الوحل أو قماش مبلول" وفقاً للباحث العفيفي.
وبالنسبة للفسفور في القانون الدولي فالمادة الثالثة من اتفاقية جنيف المتعلقة بأسلحة تقليدية معينة تحظر استخدام الأسلحة الحارقة ضد الأهداف المدنية، كما تحد من استخدام تلك الأنواع ضد الأهداف العسكرية المتاخمة لمواقع تركز المدنيين، إلا أن ذلك ينطبق على القنابل التي تسقطها الطائرات وليست تلك المقذوفة من المدافع كما حدث في الفلوجة بالعراق.
اقرأ أيضاً: جوني للميادين نت: الاحتلال تجاوز بنوداً في القانون الدولي الإنساني بعدوانه على غزة