زياد النخالة - الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي
الأبطال حوار خاص - زياد النخالة
غسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين سلام الله عليكم. كيف لنا أن نتحدّث عن الأبطال، أبطال الحرية ونفق الطريق إلى القدس، ولا نتحدّث عن الحركة الأسيرة المُناضلة والصابرة، عن الأسرى جميعاً من دون استثناء وإلى أيّ فصيل انتموا؟ هذا تفصيل ثانوي، اليوم مظلوميّة الأسرى يجب أن تتوقّف، والمسؤولية مُلقاة على عاتق الجميع.
ضيفنا كان أسيراً وتحرّر، كيف لنا أن نتحدَّث عن الأبطال من دون الحديث عن القدس والناصرة والضفة وجنين وكتيبتها النموذجية وغيرها، من فلسطين الشعب والأرض والقضية والثورة والمقاومة؟
اليوم، المشهد الفلسطيني مختلف، قطعاً مختلف، ينتظر قراراتٍ مختلفة مع قادةٍ مختلفين، لعلّ ضيفنا من هؤلاء.
كيف لنا أن نتحدّث عن الأبطال ولا نتحدّث عن كتائب شهداء الأقصى وحركة فتح وسرايا القدس وحركة الجهاد الإسلامي، حيث عشرة من أقمارها الأحد عشر هم من حركة الجهاد وسراياها المقاومة؟
اليوم، نحتاج إلى كلامٍ مباشرٍ من القائد العام لسرايا القدس، وكيف لنا إذاً أن نتحدّث عن الأبطال الأبطال من دون الحديث عن حركة الجهاد في الذكرى الخامسة والثلاثين لانطلاقتها؟
هذا كله اليوم ينتظر الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الأستاذ زياد النخالة، الأخ أبو طارق كما يعرفه أعزاؤه وإخوته ورفاقه ويسمّيه أحبّته، وأنا من هؤلاء أستاذ زياد النخالة، إسمح لي أولاً أن أقول لك أبو طارق العزيز، ولكن لطبيعة المهنية أقول لك مرحباً بك سيّدي الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الأستاذ زياد النخالة.
نحن وحلقتنا الخاصة هي جزءٌ مُتممٌ لسلسلة الأبطال، ولكن مع ذلك إذا سمحتَ لي أودّ أن أبدأ معك من الضفة الغربية، ربّما فلسطين هي مشهد مختلف تماماً ولكن الضفة الآن تعيش مشهداً مختلفاً ساخناً يغلي بنبضٍ جديدٍ مختلفٍ بكل ما للكلمة من معنى، كل المعلومات تقول إن حركة الجهاد الإسلامي وسرايا القدس هما جزءٌ فاعلٌ في ما يحصل الآن على الأرض، كيف يمكن أن تؤكّد لنا هذا الأمر؟ ما الذي يحصل، وما الذي تخطّطون له للضفة الغربية؟
زياد النخالة: بدايةً أيضاً أهنئكم في الميادين على هذا الجهد المبارك في الذكرى العاشرة لانطلاقة الميادين، هذه الميادين التي كانت صوت المجاهدين وصوت المقاومة في فلسطين وفي كل مكان، أهنئكم بهذه الذكرى.
ثانياً، أنا أتوجّه بالتحية في بداية حديثي لعائلات الشهداء وعلى رأسهم أمّ إبراهيم الدحدوح، أمّ الشهيد خالد الدحدوح، أمّ خمسة شهداء وأحفاد لها، أتوجّه لها بالتحية الخاصة وأيضاً أتوجّه بالتحية لأمّ إبراهيم السعدي، حتى ننتقل للضفة الغربية، والدة الشهيدين والمُعتقلة لثلاث مرات مُتتالية. أيضاً الضفة الغربية اليوم توجد فيها ثورة حقيقية وجدية في مواجهة الاحتلال، ويُبدع المقاومون يومياً وعلى مدار الوقت، كل يوم اشتباكات، كل يوم أكثر من عشرة إلى عشرين اشتباكاً مختلفاً ومتنوّعاً رغم الظروف الصعبة والقاسية، وهذا أنا أعتقد أن للأبطال في كتيبة جنين الإخوة الأعزّاء كان لهم دور كبير في تفجير هذه الثورة منذ تحرّروا من المعتقل وحتى اللحظة، هذا التأثير وهذا الإشعاع وهذه البطولة كان لهم دور كبير وبارز في هذه المقاومة التي تنمو وتكبر يوماً بعد يوم. وأيضاً أنا أُلفت الانتباه إلى أن هذه المجموعة المُميّزة والتي يقودها القائد العزيز الأخ محمود العارضة الذي يوجّه لوالدته في هذه المناسبة التحية، أيضاً كان لكتيبة جنين هذه، كما أُطلق عليها، كان وجود الأخ زكريا الزبيدي أيضاً فيها أضاف إليها نكهة مميّزة ولذلك انعكس هذا في الميدان على علاقة سرايا القدس بكتائب شهداء الأقصى، وكانت نهضة ميدانية جدّية وتعاون ميداني جدّي في المقاومة، هذا لا يعني أننا نستثني حضور الإخوة في حماس وقوى المقاومة الأخرى، أيضاً حماس حاضرة بشكل أو بآخر، لكن أنا أقول من المهم أن نقول إن الشباب الفلسطيني اليوم يجتمع في هذه الكتائب، في بوتقة الكتائب التي تنتشر وتتمدّد يوماً بعد يوم على امتداد الضفة الغربية وتُبدع وتُعطي الشعب الفلسطيني نموذجاً أولاً عن الوحدة الوطنية، نموذجاً في الشجاعة والبطولة في مواجهة آلة القتل الصهيونية، وأيضاً ترسم ملامح للمستقبل القادم إن شاء الله.
غسان بن جدو: هل أفهم أستاذ زياد بأن التنسيق كبير الآن بينكم وبين كتائب شهداء الأقصى؟
زياد النخالة: نعم هناك انفتاح كبير ونحن لم نضع أية حواجز على هذا الانفتاح ونحن حاضرون من دون حدود للانفتاح على حركة فتح وعلى كتائب شهداء الأقصى، نتعاون ونبذل كل جهد ممكن حتى نُنشّط الحال الفلسطينية.
غسان بن جدو: يعني إذا أردنا أن نُترجِم كلمة الانفتاح التي اخترتها ماذا تعني؟ تنسيق، تعاون؟
زياد النخالة: تعاون إلى أبعد الحدود.
غسان بن جدو: هذا على الأرض موجود.
زياد النخالة: نعم، هذا تعاون إلى أبعد الحدود، نحن نتحدّث عن وحدة المقاومة، وحدة الدم بين الشباب الفلسطيني وهم يقاومون ويقاتلون من دون أيّ تمييز.
غسان بن جدو: وهذا التنسيق والتعاون بلا حدود المسلّح بينكم وبين كتائب شهداء الأقصى كان سابقاً على عملية نفق الحرية أو تلاه؟
زياد النخالة: واقعياً تلا ذلك بالتأكيد، يعني هذا الانفتاح الكبير وهذا التعاون تلا عملية نفق الحرية، ولذلك أنا أقول إن عملية نفق الحرية فتحت آفاقاً كبيرة للمقاومة في الضفة الغربية، وهؤلاء الإخوة الذين أبدعوا، وأنا أقول من كل قلبي هذا الإبداع كان عبارة عن معجزة اخترقت المستحيل، وما فعله الإخوة وما أنجزوه في هذا النفق وتحرّرهم أنا أقول إنه كان مفاجئاً للجميع وأصبح في موضع المعجزة لأن حدثاً من هذا النوع لا يحدث، لا يتكرّر بهذا التعقيد، شهور طويلة في المعتقل من العمل والمحافظة على السرّية، كل هذا لم يكن ليحدث لولا الكفاءة واللياقة والذهنية والعقلية التي أدارت هذه العملية، فلذلك دائماً نحن ننظر إليهم بتقدير كبير وإعجاب كبير ومحبّة كبيرة للذين اخترقوا الأرض واخترقوا الجغرافيا وجعلوا للمقاومة معنى كبيراً، اليوم نحن نفتخر بما يجري في الضفة الغربية ونحن أطلقنا إسم كتيبة جنين تيمّناً بهم وبهمّتهم، يعني هم ما حقّقوه في النفق وما تمّ تحقيقه في الأرض علاقات ومن مقاومة، هذا يُعتبَر مرحلة جديدة في الجهاد ونضال الشعب الفلسطيني.
غسان بن جدو: من فضلك ونحن نتحدّث عن الضفة، هي مقرّ السلطة الوطنية الفلسطينية، ونحن نتحدّث عن فتح باعتبارها الحركة الكبرى في السلطة، نتحدّث عن كتائب شهداء الأقصى الذراع العسكرية لحركة فتح، هل أفهم من هذا أن السلطة الوطنية الفلسطينية تعلم بكل هذا الأمر وتساعد وبشكل غير مباشر من خلال غضّ الطرف، أم هناك مسار آخر؟
زياد النخالة: أنا أعتقد أن السلطة ليست لها علاقة بهذا الأمر إن كان بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر، وربّما يوجد أشخاص وأفراد في السلطة الفلسطينية يغضّون الطرف عن بعض المسائل لكن السلطة لم تغيِّر موقفها حيال حال المقاومة، ولسان حال الإسرائيليين يقول اتركوا لنا الوضع خلال ستة أشهر نحن نضبط الإيقاع، فلذلك الاستعداد قائم عندهم. لكن من جهة أخرى شرائح واسعة من فتح تتعاطف مع توجّه المقاومة، عائلات الأسرى، عائلات المقاومين تحتضن من دون تمييز ومن دون توقّف كل المجاهدين في الميدان وعلى الأرض، وهذه العدوى تنتقل في كل المدن الفلسطينية وتفتح آفاقاً جديدة أمام الشارع الفلسطيني، حال المقاومة في جنين وفي نابلس وفي طولكرم وفي كل المدن الفلسطينية، ونحن نشاهد ما يحدث، قبل نفق الحرية وعملية الأبطال كان شيئاً وبعد هذا النفق شيء آخر مختلف، وهذا الكل يُدرك ذلك ويعرف ذلك ويشاهد ما حدث بعد هذا النفق المعجزة.
غسان بن جدو: نحن سنخصّص محوراً خاصاً للأبطال لأنه أساساً الحلقة هي جزء من سلسلة الأبطال. أستاذ زياد النخالة استراتيجية حركة فتح في النهاية مآلها هو التحرير، أنتم هذا تعلنوننه، حركة الجهاد الإسلامي هي جزء من فكرٍ سياسيٍ ومقاوم في فلسطيني يقول نحن للتحرير من النهر إلى البحر، واضح، ثانياً أنتم تتّخذون سبيل المقاومة في اتجاه هذا الهدف وعندما تتحرّكون في الضفة أو في غزّة هو في هذا الإطار العام، لكن سؤالي الآن وأنتم تتحرّكون كجزءٍ من المقاومة في الضفة الغربية تحديداً ما هو الهدف الآن؟ هل هو انتفاضة؟ عمل مسلّح؟ تثوير الضفة؟ ما الهدف الآن؟
زياد النخالة: نحن نعود إلى هدف مقاومة الشعب الفلسطيني للمشروع الصهيوني وهذا ما يجري في الضفة هو جزء في سياق عملية ثورية، عملية مقاومة الشعب الفلسطيني في مواجهة المشروع الصهيوني، ولذلك نحن ندفع بكل ما نمتلك من إمكانيات معنوية ومادية من أجل تصعيد هذه الانتفاضة وتصعيد هذه المقاومة في سياق مشروع كبير وطويل من أجل تحرير الضفة الغربية، من أجل تحرير القدس، من أجل أيضاً ننظر لتحرير فلسطين بالكامل، لكن هذا الجزء من عملية طويلة ونحن نستند فيها إلى ضرورة وحدة الشعب الفلسطيني بغضّ النظر عن انتماءاتهم التنظيمية أو السياسية أو الفكرية، هذا يجب أن نعمل بكل ما نمتلك من قوّة لتعزيز هذا التوجّه، وهكذا نفعل، في الميدان اليوم لا ننظر إلى الخلف، ننظر إلى الأمام ولدينا آمال كبيرة لأن يتطوّر هذا الفعل إلى ما هو أبعد من ذلك. يعني حديثي الآن أن هناك إمكانية انتفاضة وعدم انتفاضة، أنا أقول ما يجري هو انتفاضة حقيقية، انتفاضة مسلّحة وعلينا أن نعزِّز هذه الانتفاضة.
غسان بن جدو: الآن انتفاضة مسلَّحة؟
زياد النخالة: نعم، هذه تُعتبَر انتفاضة مسلّحة، بين ما كنّا قبل عام ونحن ما فيه الآن هذا مظهر مختلف وسياق مختلف عمّا كان، وهذا ندفع به في كل اتجاه بأن يكون الشعب الفلسطيني في حال من القدرة لمواجهة الاحتلال بكل ما تعني الكلمة من معنى، ونحن نعمل ليل نهار ونتابع وإخواننا في الميدان يتابعون حتى يطوّروا قدرة المقاومة من أجل أن تنتقل من هذه الحال الى حال أفضل. وإن شاء الله أنا أتوقّع بهذا العمل وبهذا الطموح وباجتهاد إخواننا على الأرض أن ننتقل إلى مرحلة أخرى ويكون لها تأثير أقوى من الذي يجري.
غسان بن جدو: وهي؟
زياد النخالة: وهي أن نُصعِّد المقاومة، تصبح هناك مقاومة في الضفة الغربية وأيضاً في فلسطين ال48 يجب أن تتمدّد حال المقاومة ويكون الفعل له تأثير، نحن لا نطمح أن تبقى حال المقاومة فقط في الضفة الغربية، نحن ننظر إلى فلسطين ال48 كما ننظر إلى الضفة الغربية، هذه فلسطين كلها كاملةً من حق الشعب الفلسطيني لذلك نسعى أن تكون المقاومة منتشرة في كل فلسطين، هذا طموحنا، نعمل لذلك.
غسان بن جدو: عندكم استراتيجية عملية لهذا الأمر؟
زياد النخالة: نعم نحن نعمل على ذلك.
غسان بن جدو: أستاذ زياد الآن تتحدّث بهدوء تام لكن هذا كلام كبير، بكل محبّة واحترام، الآن عندما يسمعك الإسرائيلي تقول نحن الآن بدأنا بانتفاضة مسلّحة في الضفة الغربية، ثانياً..
زياد النخالة: نعم، هذا مظهر من مظاهر الانتفاضة المسلّحة، ما هي الانتفاضة؟ عندما كنا نتحدّث عن انتفاضة عام 87 وخروج الناس في مواجهة الجيش الإسرائيلي، هذا ما يحدث، وكان الناس يواجهون الجيش الإسرائيلي في الشوارع والأحياء بصدورهم العارية، الآن الشعب الفلسطيني في جنين، في نابلس، في المدن الفلسطينية يواجهون الجيش الإسرائيلي وهو بالسلاح، وأيضاً بكل ما هو مُتاح لديهم، هذه هي الانتفاضة، لكن أنا لست مع المُحلّلين والسياسيين إننا نريد انتفاضة وكأن هناك شيئاً سحرياً قادم، هذا عملياً هو جزء من انتفاضة حقيقية مسلّحة تعبِّر عن إرادة الشعب الفلسطيني برفض الاحتلال الإسرائيلي، وأمامنا مهمّات كبيرة في تطوير هذه العملية.
غسان بن جدو: يعني ما يحصل الآن ليس عفوياً.
زياد النخالة: لا بالتأكيد ليس عفوياً، كيف يكون عفوياً هذا السلاح وهذا الرصاص وهؤلاء الشهداء وهذا الانتماء! حتى لو أن من لطف الله لا يوجد تنافس كبير على الشهداء، ربّما يكون شهيد من الجهاد الإسلامي وتتبنّاه فتح مثلاً، وهذا بالنسبة لنا لا يشكّل أية حساسية، جزء كبير من الشهداء تبنّتهم شهداء الأقصى هم لهم علاقة وطيدة مع حركة الجهاد وسرايا القدس لكن نحن لا نهتمّ بالهوية في لحظة الوداع لكن نحن نتبنّى جزءاً كبيراً منهم ونحن حاضنة جدّية وحقيقية لكل أفراد المقاومة بغضّ النظر عن انتماءاتهم.
غسان بن جدو: يعني ما يحصل ليس عفوياً، هو مُنظّم وأنتم لديكم استراتيجية وتفاجئنا الآن بأنكم بعد الضفة هذا الأمر ينبغي أن يمتد إلى ال48.
زياد النخالة: أنا أقول بكلمات بسيطة، كل قطعة سلاح وكل رصاصة وكل شهيد هو ليس معزولاً عن برنامج المقاومة.
غسان بن جدو: في المعركة الأخيرة أطلقتم عليها ووُفّقتم بالحقيقة في اختيار إسم "وحدة الساحات"، ربّما هناك مَن فسّر أن وحدة الساحات بمعنى الضفة وغزّة، طبعاً أنتم انطلقتم من غزّة و48 والضفة، هناك مَن اعتبر أيضاً وحدة الساحات الداخل والخارج لكن ما بعد هذه المعركة التي سمّيتموها وحدة الساحات؟ هل تمّ تجسيدها عملياً سياسياً وعكسرياً على الأرض بشكل ربّما غير مُعلَن؟ الآن ربّما ما يحصل في الضفة هو جزء من معركة وحدة الساحات، لكن هل هناك أشياء أخرى تتجسّد فيها وحدة الساحات؟
زياد النخالة: في الحقيقة نحن عنينا الكلمة بما تعنيه بالتحديد، أولاً وحدة الساحات ربطاً لقطاع غزّة بالضفة الغربية، وربط الوضع الفلسطيني الداخلي بالوضع الفلسطيني الخارجي، وأيضاً الانفتاح على كل ساحات المقاومة، لذلك نحن عمدنا، في هذه المرحلة أجرينا احتفالات الانطلاقة في أكثر من ساحة، في غزّة، في جنين، في لبنان، في سوريا، في اليمن عملنا احتفال انطلاقة الحركة، هذه الساحات الخمس لها دلالة أنه ليس فقط للجالية الفلسطينية أو للشعب الفلسطيني، وهي مُنفتحة على كل هذه الساحات، وأنا تحدّثت في كلمة الانطلاقة في الاحتفال أولاً أنه يجب علينا أن نعزِّز محور المقاومة وقوى المقاومة وننفتح بلا حدود، المعسكر الآن العدو الإسرائيلي له تحالفاته وله حلفاؤه، ومعسكر المقاومة الفلسطينية أيضاً له حلفاؤه وتحالفاته ويجب أن يتعزّز هذا التحالف قولاً وعملاً، هناك عمل كبير عبر السنوات الماضية من التعاون بين المقاومة اللبنانية حزب الله على وجه الخصوص، والمقاومة الفلسطينية بكافة تشكيلاتها، لكن اليوم أصبح الأمر يحتاج إلى خطوة أكبر وإلى تنسيق أكبر باتّجاه تعزيز وحدة قوى المقاومة في المنطقة والاقليم، أيضاً نستطيع أن نحرّك كل القوى السياسية في عالمنا العربي والإسلامي وندفع بهذا الاتجاه.
إذاً تسمية وحدة الساحات لم تكن عفوية، عنيناها بالشأن الفلسطيني وعنيناها بالشأن الاقليمي أيضاً.
غسان بن جدو: عفواً، عندما تتحدّث عن توسيع الدائرة ووحدة المقاومة والفصائل التي تقاوم، هل هناك من فصائل أخرى ممكن أن تنسّقوا معها عدا حزب الله كفصيلٍ مقاومٍ؟ وأين؟
زياد النخالة: ننسّق مع فصائل فلسطينية يعني؟
غسان بن جدو: لا، لا، نتحدّث عن ساحات المقاومة.
زياد النخالة: أولاً ساحات المقاومة نحن نتحدّث عن لبنان ومقاومة الشعب اللبناني مُتمثّلة بحزب الله، نتحدّث عن سوريا وموقفها من القضية الفلسطينية وتعزيز هذه العلاقة، نتحدّث عن اليمن وثورة الشعب اليمني وتعزيز هذه العلاقة، ونتحدّث عن فلسطين وربط قطاع غزّة والضفة الغربية التي تسعى إسرائيل إلى الفصل بين غزّة والضفة الغربية على اعتبار أن الضفة هذه أرض إسرائيلية ومشروع الاستيطان يتمدَّد فيها، وأيضاً يدفعون بغزّة أن تكون محايدة في هذا السياق. نحن في هذا العمل ربطنا كل هذه الساحات والجميع تقع على عاتقه مسؤولية تجاه فلسطين وتجاه القضية الفلسطينية وتجاه القدس.
هذا العمل "وحدة الساحات"، نحن نعمل في سياق واضح ومُحدَّد ومبني على وجهة نظر واضحة وليس عبثاً أطلقنا هذا الإسم على هذه المعركة وإن شاء الله نجد تفاعلاً كبيراً ومهماً في هذا الإطار.
غسان بن جدو: طالما ذكرتَ سوريا، أستاذ زياد النخالة بلغ إلى مسامعنا بأنك شخصياً بعد وحدة الساحات زرتم دمشق والتقيتم الرئيس بشّار الأسد، هل ما بلغنا صحيح ودقيق؟
زياد النخالة: نعم صحيح، كان هناك لقاء مع السيّد الرئيس بشّار الأسد بعد معركة وحدة الساحات وأنا لمست تأييداً كبيراً للمقاومة وفلسطين وهناك حال من التفاعل في سوريا تجاه القضية الفلسطينية، وأيضاً في اللقاء نفسه تمّ الحديث عن عودة حماس وعودة العلاقات بين حماس وسوريا، لا أقول إنني توسّطت لكننا تحدّثنا في هذا الأمر وأهميّته. أيضاً تحدّثنا في إطار وحدة الساحات الفلسطينية والعربية في سوريا، اليمن، لبنان وتعزيزها والتأثير عليها، أعتقد هو وافقني على ذلك، وكان لقاءً مهماً ومميّزاً.
غسان بن جدو: كنتَ مع الفصائل أو لوحدك؟
زياد النخالة: كنت وحيداً في هذا اللقاء.
غسان بن جدو: يعني هو لقاء خاص مع الجهاد الإسلامي ومعك شخصياً.
زياد النخالة: نعم أنا معي شخصياً وبشكلٍ مُنفردٍ ووحيد.
غسان بن جدو: أنا كنت أؤجّل قليلاً موضوع حماس ولكن طالما ذكرتَه هناك معلومات كثيرة الآن لكن أودّ أن أتأكّد فقط بزيارة وفد حماس إلى دمشق، هل سيكون وفداً مستقلاً منفصلاً عن غيره، أم سيكون جزءاً من وفد من الفصائل ستزور دمشق وتلتقي مسؤولين وقيادات هناك؟
زياد النخالة: لا نريد تعقيد الأمر لكن ما لديّ من معلومات أنه على الأرجح أن يكون وفد حماس ضمن وفد فلسطيني يشارك في هذا اللقاء، وأنا أعتقد يمكن أن تقتضي الحال أن يكون فلسطينيون آخرون يشاركون في هذا اللقاء، فصائل فلسطينية مُشاركة في هذا اللقاء، لكن أعتبر أنها خطوة كبيرة ومهمّة في إطار ترتيب البيت الفلسطيني أيضاً ويظهر الوضع الفلسطيني كأنه كتلة واحدة وموقف سياسي واحد، وأيضاً حال عندما نتحدّث حماس ضمن وفد فلسطيني في لقاء مع سوريا، أولاً تعزيز الوحدة الفلسطينية الداخلية، لأنه هناك أيضاً فصائل فلسطينية كانت لديها وجهة نظر مختلفة مع حماس على ضوء …
غسان بن جدو: يعني المطلوب الآن ليس فقط ترتيب الوضع بين حماس ودمشق، بين حماس وفصائل أخرى.
زياد النخالة: هذه العملية تُعالِج المسألتين في نفس الوقت، يعني أن تكون هناك وحدة فلسطينية، هذه الرسالة، وأيضاً إعادة علاقة حماس في سياقها الطبيعي مع الدولة السورية.
غسان بن جدو: بعد معركة وحدة الساحات أستاذ زياد، وأسألكم بشفافيّة، هل قمتم بتقييم ما حصل؟ ما هي خلاصاتكم، تقييم عسكري، تقييم سياسي، تقييم شعبي، تقييم ميداني، ما هي خلاصاتكم المبدئية والاستراتيجية؟
زياد النخالة: أولاً أنا أقول إن في هذه المعركة، وبالنسبة لحركة الجهاد الإسلامي، أعتبرها أمّ المعارك بالنسبة لنا على مستوى حركة الجهاد، أولاً لأن حركة الجهاد خاضت هذه المعركة على المستوى العملي منفردة وحيدة وهذا كان أمراً لافتاً أن حركة وحيدة تستطيع أن تفتح اشتباكاً بهذا الحجم وبهذه الأهمية مع العدو، وهذا له دلالة كبيرة. ثانياً أيضاً حجم أدائنا في الميدان، أداء السرايا المُبدع وإيقاع ضرب الصواريخ وانتشار قواتنا على الحدود، هذا أيضاً كان مجال تقييم وتقدير لدينا حول هذا العمل.
ثمّ إننا لاحظنا أن هناك مشروع نقل للمستوطنين للمستوطنات حول غلاف غزّة، كانت هناك باصات تنقل المستوطنين، هذا أنا اعتبرته بشرى خير، دلالة أننا كنا نفعل كقوى مقاومة، أن يتفكّك المشروع الصهيوني بهذه الطريقة، في أحد خطابات سماحة السيّد حسن قال هذا مشروع يرحل ويرحلون كما أتوا، هذه بشرى خير حصلت والصورة التي نُشرَت في الإعلام أن المستوطنين كانوا يركبون الباصات ويغادرون مستوطناتهم، هذا أمر ليس بسيطاً، على المستوى العقلي، على المستوى الذهني، على المستوى الفكري، لدى مقاتلي الجهاد الإسلامي وسراياها، لدى أيضاً الإسرائيليين المستوطنين هؤلاء يشعرون في لحظةٍ من اللحظات أنهم سيرحلون، هذه الفكرة يجب أن تدخل عقل كل إسرائيلي أنه في لحظة من اللحظات يجب عليه أن يكون مستعدّاً للرحيل، نحن لا نرحل، نحن لا يوجد لدينا خيار، هذه فلسطين للشعب الفلسطيني وخيارنا العقائدي والأيديولوجي على الإسرائيليين هؤلاء الذين أتوا من كافة أنحاء العالم اجتمعوا يبحثون عن فرصة حياة أن يفهموا ألا فرصة حياة لهم في هذا المكان.
غسان بن جدو: هذه الخلاصة الإيجابية التي تتفضّل بذِكرها أستاذ زياد الإعلام الإسرائيلي، نقلاً طبعاً عن القادة العسكريين هناك، صوّر الأمر بشكل معاكس تماماً، حركة الجهاد الإسلامي ضُربَت ضربةً قاصمة، تضرّرت سياسياً، فقدت كبار قادتها، وقدراتها العسكرية ضعُفَت بشكل كبير، أولاً كيف تردّون على هذا الأمر؟ وثانياً هل استطعتم أن ترمّموا قدراتكم العسكرية إنْ كانت قد ضُربَت بشكل كبير؟ وخصوصاً هل استطعتم أن تعوّضوا قادة الصف الأول الذين استُشهدوا على رأسهم الشهيدين الجعبري ومسعود؟
زياد النخالة: أولاً أنا أعتبر من الأخطاء التي أسجّلها على نفسي إننا قبلنا بوقف إطلاق النار بعد خمسين ساعة، من الأخطاء الاستراتيجية، وكان يجب أن نستمر هذا كان من الممكن أن يكون له مفعول أكبر..
غسان بن جدو: لماذا توقّفتم إذاً؟
زياد النخالة: توقّفنا نتيجة ضغوط محلية وإقليمية وإلى آخره، لكننا كنا نستطيع أن نستمر ولدينا القدرة لأن نستمر ونُبدِع في ميدان القتال أكثر أيضاً، لكن المقاومة تخوض تجاربها وإن شاء الله تستفيد منها.
ثانياً الشهداء، بالتأكيد كل عضو في سرايا القدس إن كان قائداً أو فرداً هو يتوقّع في أية لحظة الاستشهاد، وهذا أمر طبيعي أن يكون هناك شهداء إن كان قادة أو غيرهم، وفي تاريخ الحركة مليء بالقادة والشهداء ولم تنكشف الحركة، في لحظة ما استشهد الدكتور فتحي الأمين العام والمؤسّس الكبير وأيقونة الحركة والشعب الفلسطيني، وحركة الجهاد استمرت.
غسان بن جدو: يعني عوَّضتم القادة سريعاً؟
زياد النخالة: بالتأكيد، كل مبنى سرايا القدس وهيكلياتها يُعاد بناؤها بشكل أوتوماتيكي، كل هؤلاء لهم نواب ولهم أركانهم والمسائل بشكل عادي، وحتى أنا أقول نحن بعد هذه المعركة تعزَّز وضع سرايا القدس ليس بأقل من ألف مقاتل جديد انتموا لسرايا القدس وأيضاً تعزَّز مجلسنا العسكري بكادر جديد كان مساعداً لهذه القيادات، ونحن بعافية كبيرة على المستوى العسكري.
غسان بن جدو: وماذا عن القدرات العسكرية ولا سيّما الصاروخية؟
زياد النخالة: بكل تأكيد هذا العمل والورشات، ربّما الناس تشعر بالمُبالغة، لكن نحن كنا قادرين أن نستمر لأسابيع في هذه المعركة منفردين من دون أية مساعدة من أحد وبنفس الأداء ونفس الكثافة، ووضعنا كان جيّداً، وأيضاً ورشاتنا تعوّض ما استخدمناه في الحرب الحمد لله.
غسان بن جدو: على كل حال نحن مضطرون للذهاب إلى فاصل ، بعد الفاصل مباشرةً ندخل محور الأبطال والحديث عنه بأكثر تفصيل.
مشاهدينا الكرام أرجو أن تتفضّلوا بالبقاء معنا، وقفة قصيرة نعود بعدها لاستكمال هذه الحلقة الخاصة من الأبطال مع الأستاذ زياد النخالة.
فاصل
غسان بن جدو: أهلاً بكم مشاهدينا الكرام. أستاذ زياد النخالة بصراحة لست أدري إن كنتم قد تابعتم كل حلقات الأبطال، نتحدّث عن الأحد عشر قمراً، الستة والخمسة، لكن هل لديكم من إضافات معيّنة، كواليس، كيف تابعتم في ذلك الوقت؟ هل كنتم على عِلم ما؟ بعد العملية كيف تصرّفتم كأمين عام لحركة الجهاد الإسلامي؟
زياد النخالة: أولاً أنا أشكر الميادين وأشكر الأستاذ غسان على وجه الخصوص لهذه الحفاوة الكبيرة والبرنامج الكبير الذي خُصِّص لأبطال جنين وأبطال نفق الحرية، أنا صحيح كنت فخوراً أولاً بإخواني وبهذه الحفاوة الكبيرة التي قامت بها الميادين لإخواننا وبالتأكيد أظهرت كم كان الأمر مستحيلاً وأصبح واقعاً، لذلك أنا أتقدّم لكم بالشكر الكبير لك شخصياً ولقناة الميادين ولكل طواقمها التي عملت في هذا البرنامج.
أما بالنسبة لنا وبالنسبة لهؤلاء الأبطال فأنا أقول فكرة الجهاد الإسلامي، سلوك الجهاد الإسلامي، تاريخ الجهاد الإسلامي في هذه اللحظة كان في نقطة اختبار، وهؤلاء كانوا يقودون بالتأكيد حركة الجهاد الإسلامي وينقلونها من مرحلةٍ إلى مرحلة، لذلك أنا أوجّه لهم التحية الكبيرة فرداً فرداً، ومن قائدهم الكبير الأخ المجاهد محمود إلى كل أعضاء هذه المجموعة وكل الذين ساهموا في هذه العملية الكبرى، يعني أنا أعتبرها عملية كبرى ليست لأنها مقتصرة على أنهم حفروا النفق، هم حفروا في العقل الصهيوني وفي عقل الأمن الصهيوني، وكانت رسالتهم واضحة للشعب الفلسطيني وللمنطقة كيف هي همّة المجاهدين الفلسطينيين عندما ينوون عمل شيء، وهذا كان إبداعاً معجزاً.
أولاً أنا شعرت بفخر كبير بإخواني، شعرت كم لدينا من طاقات في داخل السجون في داخل الشعب الفلسطيني يمكن أن تجعل المستحيل واقعاً، وأنا بكل فخر وبكل اعتزاز أنقل لهم تحيّات إخوانهم، كم كنّا فخورين بهم وما زلنا، وكم كان لفعلهم هذا التأثير في افتتاح مرحلة جديدة في مسيرة الجهاد الإسلامي وفي مسيرة المقاومة وفي مسيرة الشعب الفلسطيني، ونحن نشاهد عملياً ما يحدث وواقع الحال، لذلك لهم كل التحية والتقدير والمحبّة مني ومن كل إخوانهم المجاهدين، وأيضاً من كل شعوب المنطقة.
للأمانة أنا استقبلت الخبر بفرح عظيم، وحتى كتبت رسالة أو خطاباً وأطلقت عى المجموعة كتيبة جنين، وكتيبة دلالتها أنهم يخترقون صفوف العدو، كتيبة مقاتلة، دلالة كلمة كتيبة أن مجموعة مقاتلة تخترق جبهة العدو بهذا الشكل والحمد لله كان لها وقع كبير وأهمية كبيرة، لذلك أنا أوجّه لوالدة الشهيد، لوالدة البطل الأخ العزيز محمود تحية كبيرة وصمودها، واستمعنا لها وهي ترسل التحيات لكل هذه المجموعة. نحن في هذه المسيرة إن شاء الله المقاومة الفلسطينية تقوم بجهد ممكن من أجل الإفراج عن الأسرى، وهذا واجب لم نتوقّف عن السعي من أجل تحقيقه، صحيح الظروف معقّدة لكن كما هم فعلوا في نفق الحرية علينا نحن أن نفعل شيئاً مماثلاً إن شاء الله.
غسان بن جدو: على كل حال هؤلاء الأسرى جميعاً والأبطال هم في النهاية مقاومون بشكل كبير، وعندما سمعنا وقرأنا ماذا قالوا عندما خرجوا يكفي أنهم تنفسّوا في الهواء الطلق، وكما يقول الإخوة الفلسطينيون "علَّمنا على الإسرائيلي" فقد حقّقنا إنجازاً كبيراً، لكن عندما يسمعون اليوم أن الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي يؤرّخ ويوثّق بأن الضفة الغربية دخلت مرحلة جديدة ما بعد عمليّتهم فهذا في النهاية كسب وانتصار استراتيجي كبير حقّقه هؤلاء الأبطال، وينبغي أن يُحسَب لهؤلاء الأحد عشر قمرا أنهم هم الذين فجّروا عملياً هذه الانتفاضة التي وصفتها بالانتفاضة المسلّحة، وبالتالي هم حقّقوا إنجازاً كبيراً، ولو يعلم الإسرائيلي أن ثمرة ما قاموا به هو هذا أن تتفجّر الآن انتفاضة مسلّحة كما وصفتها، ففي الحقيقة ربّما سيُصاب بهستيريا مُضاعفة الآن.
زياد النخالة: هذا إنجاز تاريخي بكل المقاييس والمعايير وانعكس على الضفة الغربية بمُجملها وعلى الشعب الفلسطيني، وحال التفاعل الفلسطيني والعربي والدولي كانت حالاً هائلة من التفاعل بهذا الإنجاز وهذا دلالة على أهميّة الفعل.
غسان بن جدو: أستاذ زياد النخالة للحقيقة وصلتنا رسائل عديدة من الأسرى في الداخل وفي الخارج، أقصد في السجون وفي خارجها، إحدى الرسائل وصلت من أحد القادة، أودّ فقط أن تعلموا، ربّما وصلتكم رسائل عدّة، لكن أن تعلموا أنه للأمانة أودّ أن أذكر فقرة منها لحضرتك وللسادة المشاهدين، تعرف بعد ما حصل وانتفاضتهم وتمرّدهم داخل السجن تمّ عزلهم وتمّ حشرهم في الزنازين لمدة أربعين وخمسين يوماً وتعذيبهم وإلى غير ذلك، يقول خلال المواجهات والهجمة الشرسة ضدّ أسرى الجهاد الإسلامي بعد نفق الحرية وبعد قرابة الثلاثين يوماً خرج الأمين العام القائد أبو طارق في تهديد واضح للاحتلال بأن الحركة لن تترك أسراها إلى مدى كانت حركة الجهاد الإسلامي ذاهبة في ذلك الوقت لحماية أبنائها، وهم يقولون بأنه فعلاً ما تفضّلت به كان له أثر كبير عليهم وعلى معنوياتهم، وبالتالي هي رسالة طويلة أنا سأسلّمك إيّاها للأمانة وإذا أردت أيضاً بالصوت سأسلّمك إيّاها.
لكن في هذا الإطار أستاذ زياد، هؤلاء الأبطال سجّلوا نقطة تاريخية لا يمكن أن ينساها أحد في العالم، وأنا أستميحك عذراً في أن أقول لك بأننا في الميادين قرّرنا منذ اللحظة أن يكون لنا درعٌ سنوي إسمه درع الأبطال، وأنا سأسلّم الدرع الآن لهؤلاء الأبطال الأحبّة والأعزّاء إلى القائد العام لسرايا القدس والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الأستاذ زياد النخالة، نحن صمّمنا درعاً، وسنفهم لماذا صمّمناه بهذه الطريقة ثمّ سأسلّمك إيّاه وسأعلن أمراً آخر إذا سمحت سيّدي العزيز.
"أنتم الأسرى جميعاً لستم أرقاماً ولا عدداً، أنتم نبض وجودٍ، أنتم حاضنة وفاءٍ، أنتم طاقة كفاحٍ لا تتوقّف ولا تضمر"
درع الأبطال:
درع تكريمي من الميادين لأبطال عملية نفق الحرية
الأبطال الأحد عشر، 6 خرجوا من سجن جلبوع و5 أسرى ساعدوهم على عملية التحرر
يتألّف الدرع من ثلاثة أجزاء:
- القاعدة (ارتكاز الدرع) عليها صوَر أبطال العملية الأحد عشر
- الصعود لكسر القَيْد، تظهر فيه قيود السجن مُحطّمة ومُكسّرة
- الحرية متمثّلة بطائر الشنار الذي رآه الأسير محمود العارضة بعد التحرّر
- ستة خطوط مرسومة بانسابية تتطابق مع عدد الأبطال المحرّرين
غسان بن جدو: إذاً هذا هو الدرع أستاذ زياد النخالة، لعلّنا فهمنا مع بعض، واخترنا للحقيقة الطائر وهو طائر الشنار الذي ذكره محمود العارضة في روايته، وهذا طائر الشنار وهو نموذج من الحجل، ونحن وضعنا صوَر الأحد عشر قمراً، الستة الأبطال والخمسة الذين ساعدوهم، فإذاً هذا الدرع أسلّمه إلى الاخوة الأبطال من خلال قائدهم الكبير العزيز أستاذ زياد النخالة، هذا لكم.
وثانياً أعلن من الآن أستاذ زياد النخالة إننا في الميادين قرّرنا أن نتّخذ من تاريخ ستة أيلول في كل عام درعاً إسمه درع الأبطال وسنسلّمه إلى أحد عشر أسيراً، على ذِكر أحد عشر قمراً، والميادين ستختار فقط أربعة أسرى وسنترك لعدّة جهات من الفصائل ومن نادي الأسير وغيره أن يختار بقيّة الأسرى.
هذا الدرع لكم ونحن نتشرّف بهذا الأمر.
زياد النخالة: شكراً أستاذ غسان وشكراً للميادين محطة المقاومة وأصبحت الميادين عنواناً كبيراً للمقاومة والدفاع عن المقاومين، إن هذا الدرع إن شاء الله قيمته المعنوية لها تأثير كبير على إخواننا الأسرى وعلى المجاهدين بشكل عام وعلى الشعب الفلسطيني، لكم الشكر الكبير على هذه الحلقات.
غسان بن جدو: ونحن لا نميّز بين فصيل وآخر وبين أسير وآخر بلا شك.
زياد النخالة: حفظكم الله ولكم الشكر الكبير لهذا الاهتمام بالمجاهدين وبالمقاومة، ونحن نعتبر حضوركم إضافة مهمة وكبيرة للمقاومة وللجهاد في فلسطين.
غسان بن جدو: أستاذ زياد النخالة الأسرى مظلومية كبرى بصراحة داخل الشعب الفلسطيني، في العالم العربي والإسلامي وأحرار العالم، لا شك أن الأسير عندما أصبح أسيراً هو يدرك أنه مقاوِم وأنه مجاهد، أنه مناضل، لكن كل أسيرٍ يتنظر لحظة يتحرّر بها، ما الذي يمكن أن يفعله الجهاد الإسلامي وبقيّة الفصائل والأطراف من أجل أن يعطي لحظة أمل لهؤلاء الأسرى لأن يجدوا أنفسهم محرَّرين وخصوصاً منهم الأبطال؟
زياد النخالة: أولًا أنا أودّ أن أؤكّد على مسألة أساسية هي أن هؤلاء الإخوة في السجون هم قادة في فصائلهم، وإخواننا أيضاً ليسوا معزولين عن بيئة وعمل حركات المقاومة وعلى وجه الخصوص إخواننا الأسرى من الجهاد الإسلامي أيضاً هم يشاركوننا في إدارة هذه الحركة وعملها ونحن على تواصل مستمر بالتأكيد معهم وفيهم من قيادة الحركة البارزين والمهمّين ويلعبون دوراً أساسياً في صناعة قرارات الحركة، هم الأسرى في مبنى الهيكلية التنظيمية لحركة الجهاد، وأنا لا أذيع سرّاً إذا قلت عندنا في السجون أعضاء في شورى حركة الجهاد الإسلامي وأعضاء عندهم تمثيل في المكتب السياسي ولهم دور كبير، تاريخهم موصول من جهادهم خارج السجن إلى داخل السجن، إلى الآن في خارج السجن نأخذ بآرائهم وتوصياتهم في العمل ونستشيرهم في كثير من القضايا، لذلك هم شركاء في كل شيء ينتج من قرارات سياسية وعملية في حركة الجهاد الإسلامي. ورغم ذلك نحن في الخارج نرى أن حريّتهم هي في سلّم أولويات حركة الجهاد، وفي سلّم أولويات المقاومة، وصراعنا مفتوح مع العدو ونحن ندفع أثماناً غالية كشعب فلسطيني من الشهداء والتضحيات، وفي هذه المسيرة بالتأكيد يوجد لدينا شهداء ويوجد لدينا أسرى لكن يوجد لدينا إصرار على تحرير إخواننا الأسرى هؤلاء، وإن شاء الله سبحانه وتعالى يوفّقنا جميعا لأن نصل لحظة أن نحرّر إخواننا داخل السجون، هذا عمل مطلوب منّا دائماً وهو واجب وتكليف شرعي وتكليفنا العملي أنه يجب أن نعمل في هذا الاتجاه ونحن نعمل من دون شك.
غسان بن جدو: وردتنا رسائل من أسرى وحتى من ذويهم تتعلّق بالصفقة المفترضة أو المرتقبة إن شاء الله بين حركة حماس والاحتلال لإطلاق عدد من الأسرى، هل هؤلاء الأبطال جزء منهم أو كلهم مشمولون في هذه الصفقة؟ هل أنتم على تواصل وتنسيق مع حماس في هذا الأمر؟
زياد النخالة: أولاً موضوع الأسرى في غزّة هو موضوع مغلق ضمن دوائر محدّدة وتوجد لجنة من كل الفصائل على صلة بمَن يتابع هذا الملف، وكان هناك تعهّد بأن الإخوة أبطال نفق الحرية إذا كانت هناك صفقة قريبة أن يكونوا مشمولين ضمن هذه الصفقة، هناك تعثّر كبير في المفاوضات مع العدو حول إنجاز هذه الصفقة لكن في يوم ما سوف تُنجَز في أيّ وقت، وإن شاء الله هم يكونون ضمن هذه الصفقة.
غسان بن جدو: في الذكرى الخامسة والثلاثين لانطلاق حركة الجهاد الإسلامي، طبعاً نحن عندما نتحدّث ربّما نحتاج حلقات وحلقات كثيرة، لكن لا بأس سيّدي العزيز أن تحدّد لنا برأيك أهم المحطّات المفصلية في تاريخ الجهاد الإسلامي على مدى الخمس وثلاثين سنة الماضية.
زياد النخالة: هي أولاً المحطة الأولى في حركة الجهاد هي مرحلة التأسيس والتي قادها بكل قوّة واقتدار قائدنا الكبير الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي مع إخوة آخرين حوله، لكنه كان الراية الأبرز والمفكّر الكبير وصاحب الفكرة وصاحب المشروع الذي دفع دمه في سبيل تحقيقه، هذه المرحلة الأولى وبالتأكيد زرع في حركة الجهاد الإسلامي من الأفكار والرؤى والكوادر ما زرع وكان له تأثير كبير، هذه المرحلة مرحلة الدكتور فتحي والتي أيضاً كانت أنتجت فكراً غزيراً وكبيراً في داخل الحركة الإسلامية إن كان على مستوى فلسطين أو على مستوى المنطقة بتعزيز فكرة أن فلسطين هي القضية المركزية للحركة الإسلامية وللأمّة الإسلامية وللأمّة العربية، هذه الفكرة كان للدكتور فتحي دور كبير فيها.
المرحلة الأخرى هي بعد استشهاد الدكتور فتحي ودور الجهاد الإسلامي في المقاومة، يعني أثناء وجوده وبعد استشهاده دور حركة الجهاد الإسلامي الأصيل في المقاومة الفلسطينية وفي قتال المشروع الصهيوني بتأسيس خلاياها العسكرية الذي هو في الأصل كان له دور كبير فيها لأن في حياته حصلت عملية بيت ليف العملية الكبرى والتي قُتِل على إثرها أكثر من عشرين جندياً وضابطاً صهيونياً وعشرات الجرحى، وربّما كانت سبباً أو ساعدت للتخطيط لاغتيال الدكتور فتحي، لكن أنا أعتقد أنهم كانوا يفكّرون باغتياله قبل هذه العملية لما أحدثه من تغيير في فكر الحركة الإسلامية، في بناء الجهاد الإسلامي.
لاحقاً المرحلة الأخرى بين استشهاد الدكتور فتحي ولاحقاً انطلقت انتفاضة فلسطينية كبيرة عام 2000 كان للجهاد الإسلامي دور كبير فيها وأبدعت في عملياتها الاستشهادية وأبدعت في تأسيس جناحها العسكري بحضور الدكتور رمضان والذي كانت له لمسات واضحة في هذا الأمر على المستوى الفكري، على المستوى السياسي، وسجّلت حضوراً مهماً وكبيراً أيضاً في مبنى الهيكلية الفلسطينية بشكلٍ عام، وكان للجهاد الإسلامي دور كبير في المقاومة، دور كبير في المسار السياسي، وأنا أقول نحن في غزّة عندما تحرّرت غزّة كانت الجهاد الإسلامي قوّة فاعلة في عملية تحرير غزّة في 2005، أحياناً يجري حديث أنه مثلاً حماس تحكم غزّة، نعم حماس أخذت غزّة من فتح، لكن نحن وحماس أخذنا غزّة من إسرائيل وباقي الفصائل والقوى الفلسطينية حرّرنا غزّة من العدو، لذلك هنا معيار وهنا معيار، أحياناً أنا أقول هذه الملاحظة من باب أنني سمعت أن حماس تحكم غزّة يعني مطلق الحرية، نحن حرّرنا غزّة، نحن وحماس وباقي الفصائل الفلسطينية من العدو الإسرائيلي، ما حصل بعد ذلك إشكال داخلي إن شاء الله في لقاءات الجزائر يمكن أن نجد تسوية وطريقة للحل. في كل الأحوال، المقاومة موحّدة، أيضاً..
غسان بن جدو: لقاءات الجزائر بين حماس وفتح تقصد؟
زياد النخالة: نعم، الآن الحوار مفتوح، أنا لست متفائلاً في هذه المسألة ولكن إن شاء الله هذه خطوة تدفع بالحال الفلسطينية لحلحلة مشاكلها وصوغ علاقاتها من جديد بجهود الإخوة في الجزائر، لأنني لاحظت أن الجزائريين مهتمون، مهتمّون بالشكل أو المضمون سنرى ونراقب ما يحدث.
غسان بن جدو: على كل حال بقطع النظر عن النتائج المهم أن هناك دولة مثل الجزائر، دولة عربية وطنية كبرى تحاول أن تجمع ولا تفرّق كبقية الدول العربية وهي تطبّع.
زياد النخالة: في هذه المرحلة أنا أقول في انتفاضة عام 2000 للجهاد الإسلامي كان أكثر من تسعين عملية استشهادية خلال انتفاضة الألفين، ومئات من العمليات العسكرية إنْ كان في غزّة، في الضفة الغربية، اشتباكات في عمليات مميّزة عسكرية، كانت عملية زقاق الموت في الخليل قُتل فيها عدد كبير، تفجير باصات عسكرية، أنا أقول إن عشرات أو مئات الجنود الإسرائيليين أهم ما ميّز حركة الجهاد الإسلامي أن عملياتها الاستشهادية كانت بأغلبها تستهدف العسكريين، لذلك توجد قائمة طويلة من العمليات العسكرية ودور الجهاد الإسلامي وأيضاً شهداء الجهاد الإسلامي في هذه المسيرة الطويلة في مواجهة إسرائيل، هذه مرحلة وقادها الدكتور رمضان بكل قوّة واقتدار وأضاف شيئاً لفكر وسياسة حركة الجهاد الإسلامي، ونحن شاء القدر أن نُكمل هذه المسيرة إن شاء الله ونكملها بكل أمانة وإخلاص حتى نلقى الله سبحانه وتعالى شهداء.
غسان بن جدو: أستاذ زياد هل تعتبر معركة وحدة الساحات إن لم تكن أهم محطة مفصلية فهي من أهم المحطات المفصلية في تاريخ الجهاد الإسلامي ومستقبله أيضاً؟
زياد النخالة: نحن قمنا قبل ذلك بمعارك منفردين ولكن هذه المعركة كان لها ما يميّزها أنها عملت جرس إنذار للجميع بأن حركة الجهاد الإسلامي قوّة فعلية على الساحة الفلسطينية أنه أحياناً عندما يكون هناك احتفال شامل يشمل كل القوي الفلسطينية تهبّ القوى وتظهر قوّة واحدة، اليوم في هذه المعركة رغم قصر أيامها لكن ظهرت الجهاد الإسلامي أنها قوّة قادرة وتستطيع أن تقاتل إسرائيل وتستمر بالقتال، وأنا كما قلت لك من الأخطاء الكبرى التي أسجّلها بحياتي إننا وافقنا على إطلاق النار بعد 55 ساعة، كنا نستطيع أن نستمر ونؤكّد كم يمكن أن نفعل بالعدو الصهيوني، الأيام قادمة والمعارك قادمة ونحن لن نتوقّف عن القتال، أنا أقول مشروع الجهاد الإسلامي واضح لن نتوقّف عن القتال طالما بقي المشروع الصهيوني هذا قائماً، هذه حياتنا، هذه رؤيتنا، هذه فكرتنا، ولذلك لن نتردّد ولن نقدّم أي تنازل، هذا المشروع قام على الظلم والقهر، هذه فلسطين بلادنا سنقاتل حتى ننتصر وحتى يرحلوا إن شاء الله.
غسان بن جدو: احتراماً فقط للذين وجّهوا أسئلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنا سأقرأ بعض الأسئلة فقط، وسؤال واحد أرجو أن تُجيب عليه من فضلك، هل تهيّأت الاستعدادات اللازمة لجعل فكّ الحصار البحري عن غزّة أمراً واقعاً يتقبّله الكيان الصهيوني؟ سؤال آخر هل يمكن للمقاومة أن تطال حقل كاريش لتُجبر العدو على دفع حصة فلسطين؟ بكلمة ممكن أن تُجيب على هذا السؤال؟
زياد النخالة: لا أنا لا أستطيع أن أقول ذلك، المقاومة اللبنانية أنت تقصد؟
غسان بن جدو: هو يقصد الفلسطينية.
زياد النخالة: المقاومة الفلسطينية لا، لكن أنا أقول إن المقاومة الفلسطينية تستطيع أن تفعل أشياء مشابهة في المناطق القريبة من آبار النفط الإسرائيلية.
غسان بن جدو: لماذا لا يجري استغلال الوضع العالمي والرغبة الغربية في التقليل من استيراد الغاز الروسي بمعادلة فلسطينية تتيح لأهل غزّة الاستفادة من الثروات الموجودة في مياهها؟ لكن السؤال الذي أرجوك أن تُجيب عنه باختصار شديد بعد إذنك الكريم، هل من تواصلٍ أو تنسيقٍ بينكم وبين أنصار الله في اليمن، أي مع صنعاء المناضلة؟
زياد النخالة: نعم، نحن لدينا تواصل وأنا أشكرهم أيضاً وأبارك لهم في ذكرى المولد النبوي وأبارك لهم في ذكرى الثورة اليمنية، أبارك لقائدهم الكبير والعزيز هذا الأداء والقيادة السيّد عبدالملك الحوثي، نذكره دائماً بالخير وله هذه اللمسات في قيادة الثورة، نحن نكنّ له كل تقدير واحترام، وأنا أشعر أنه سيكون إن شاء الله لهم دور كبير في دعم وتأييد المقاومة الفلسطينية، وأنا أعلّق آمالاً كبيرة على حضورهم في دعم ومقاومة الشعب الفلسطيني على المستوى العملي حتى في القتال.
غسان بن جدو: شكراً لك أستاذ زياد النخالة على هذا الوقت الجميل، وأنا أقول لك نحن سعداء في الميادين أننا كما ذكرت في البداية، نحن نذكرك بالخير، وشكراً لأنك قبلتَ دعوتنا في هذا اليوم بالذات حيث الذكرى العاشرة لانطلاق قناة الميادين، ونحن سعداء أن ضيفنا في هذه الذكرى هو فلسطيني وقيادي ومقاوم مثل الأستاذ زياد النخالة.
زياد النخالة: شكراً لكم وأنا أيضاً فخور جداً أن أشارككم هذه المناسبة، مناسبة انطلاقة الميادين التي كان لها دور في هذه العشر سنوات، الدور الكبير في دعم وتأييد المقاومة، وتستحق أن تكون قناة المقاومة الأولى.
غسان بن جدو: شكراً لك سيّدي العزيز. شكراً لكم مشاهدينا الكرام على حُسن المتابعة، والى لقاء آخر بإذن الله.