الأديبة والباحثة الأردنية كفى الزعبي

نص الحلقة

<p>&nbsp;</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: مساء الخير. بين (الأُردن) و(روسيا) تشكّلت تجربة ضيفتنا التي اختبرت الإقامة بعيداً من بلادنا المرصودة للزلازل السياسية والحروب والنكبات، لكنها لم تستطع أبداً النأي بنفسها أو بنصِّها عن هموم الإنسان العربي وآلامه وآماله. لهذا جاءت أعمالها الروائية ونصوصها النقدية مهجوسةً ومهمومةً بكلّ ما يشغلنا في هذا الجزء من العالم. أمّا عالمها الروائي فيتميّز بشموله واتّساعه وانفتاحه على أمداء متعدّدة واسعة من خلال مروحة القضايا التي عالجتها وتُعالجها، من انهيار الاتحاد السوفياتي وأثره على حياة الناس إلى (فلسطين) وقضيتها العادلة مروراً بصراع الأجيال وقضايا المرأة وسواها من عناوين تتصدّى لها كاتبتنا وأديبتنا المُشاكسة نصاً والمتمرِّدة. "بيت القصيد"، بيت المبدعين العرب يُرحّب بالأديبة والباحثة الأُردنية السيّدة "كفى الزعبي"، أهلاً وسهلاً</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: أهلاً وسهلاً بك ويُشرفني جداً أن أكون ضيفة في "بيت القصيد" وفي "الميادين" التي أكّن لها الكثير من الاحترام</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لنا الشرف في وجودك سيّدتي. إقامتكِ الطويلة وشبه المستمرة بعيداً عن وطنكِ الأُمّ، عن (الأُردن)، في (روسيا) كيف انعكست عليكِ وعلى نصّكِ وعلى رؤاكِ لما يجري في هذا العالم عموماً وفي بلادنا بشكلٍ خاص؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: هذه الإقامة الطويلة شكّلتني، أنا نضجت في الغربة، أنا تكوّنت في الغربة والعالم أصبح أوسع ولم يعُد هذا العالم الضيِّق الذي كنت أعيش فيه في (الأُردن). حتماً هذا الشيء ينعكِس على النصّ وينعكِس على أيّة إنتاج أدبي</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لا تزالين حتّى اليوم بين (عمّان) وبين (سانت بطرسبرغ)</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: نعم</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: في الإقامة وكأنكِ في منزِلة بين منزلتين، ألا يوجد صراع تعيشينه؟ ألا توجد حال شدّ بين المكان الأول ومكان الإقامة؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: لا لا أعيش صراعاً بصراحة، كلا المكانين بالنسبة لي وطن. (بطرسبرغ) هي مدينتي و(عمان) أيضاً مدينتي وأنا أنتمي إليهما أكاد في نفس الدرجة</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: قبل أن أطرح على حضرتكِ المزيد من الأسئِلة دعينا نُشاهدكِ في علامة فارقة لنسمع ماذا تقولين</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: أوكي</p> <p><strong>علامة فارِقة</strong>:</p> <p>- أولاً وأخيراً أنا روائية. أنا لستُ قاصّة في المعنى الرسمي</p> <p>- الكاتب يجب أن يقف موقفاً مما يجري، حوله في واقعه الذي يعيشه، خاصةً إننا الآن في واقعنا العربي نتصدّى لكثير من الأسئِلة المصيرية التي تُحدّد واقعنا كلّ لحظة &nbsp;</p> <p>- أنا أصلاً ضدّ مفهوم النسوية، أنا مع تناول ونقاش واقع المرأة كجزء من واقع عام في المُجتمع وليس واقعاً جزئياً. نحن لا نريد أن نحل التفاصيل بل نريد أن نحلّ المُشكلة برمّتها</p> <p>- المُثقف الحقيقي يجب أن يكون غريباً عن واقعه لأنه يتناقض معه فكرياً، يتناقض معه في رؤيته للعالم. نحن نعيش في واقع إلى درجة ما غير متطوِّر وهو لا يتناقض معه في جزء كبير. من هذه المسألة تنتُج مسألة أُخرى، أنه تقدّمي على صعيد سياسي ربما لكنه على الصعيد الفِكري هو رجعي</p> <p>- من بعيد أنا أنظُر للمشهد الثقافي وهناك الكثير من المشاكل طبعاً</p> <p>- أكثر مشاعر ربما تنتابني تجاه المُثقف العربي هي حال من الإحباط وحال من التعب ربما. أشعر أنهم كما لو كانوا مفصومين عن الواقع إلى درجة ما، غارقين في عوالمهم الذاتية وفي مصالِحهم وفي حياتهم أكثر من انشغالهم في القضايا التي تواجه أوطانهم</p> <p>- نجاح روايتي "ليلى والثلج ولودميلا" أكان نعمة أم نقمة؟ كان حتماً نعمة لأنّ أيّ نجاح هو نعمة. صحيح أن العمل لم يُحتفَ به في رأيي كما يجب لكنه في النهاية عمل راكمَ في تجربتي الأدبية، راكمَ على نحوٍ كبير. بالطبع، أنا انطلقت من هذه التجربة وكان من اللازم أن أرتفِع درجة لأنّ العمل وضعني على نُقطة بداية مهمة جداً ومن اللازم أن أعتلي عليها في ما بعد</p> <p>- في رسم الشخصيات الأدبية أنا حتماً طبعاً أعتمد على الذاكرة، أعتمد على الخيال وأعتمد أيضاً على التسجيل، بمعنى أنني أعتمِد على الواقع. كلّ هذه المصادِر هي لبناء الشخصية الروائية</p> <p>- حروب اليوم وصراعاته على مُستوى إنساني خسّرته الكثير، منحته الإحساس العميق بالعجز، عدا عن ذلك أعادته مسافة كبيرة إلى الوراء، لكنّ الحرب لم تنتهِ بعد نهائياً لكنها على وشك الانتهاء وأنا أعتقد أنّه لا يزال هناك أمل</p> <p>- أنا لا أُحبّ أن أعيش في زمنٍ آخر، أُحب أن أعيش في زمني. أعتقد أنّ كلّ زمن له سياقه حتماً. نحن ننظر إلى الماضي أحياناً أو نتخايل أنّ المُستقبل أفضل لكن هذه الصراعات يتهيّأ لي إنها صراعات منذ بدء البشرية وستظلّ مُستمرة، لذلك أُفضِّل أن أعيش في زمني وأن أكون ابنة زمني</p> <p>- "لا جدوى من الحياة"، هذه هي ثيمة روايتي الأخيرة التي ستصدر قريباً عن "دار الآداب". هذه المقولة العليا اليوم، "لا جدوى للحياة" حتّى لا جدوى للمعرِفة. نحن نأتي إلى لا مكان ونذهب إلى لا مكان ونحاول أن نبتدِع ونخلِق جدوى ما تُبرِّر وجودنا في هذه الحياة ونتوهّم أوهاماً كثيرة لكن حقيقة الأمر "لا جدوى"، نحن عابرون</p> <p>- ربما الكتابة هي مُحاولة للانتصار على اللا جدوى، الفن بشكلٍ عام هو مُحاولة لابتكار شيء ما، لخلق شيء ما يُبرِّر وجودنا ويمنحنا مغزى ما، معنى ما</p> <p>- عرفت من أنا؟ أنا دائِماً أعرِف من أنا. لم يحدث شيء في حياتي نقلني من شيء إلى شيء آخر، أنا كنت دائِماً هكذا وتطوّرت ربما لكنني ظللت أنا ويُهمني أن أُساهم في هذه المسيرة البسيطة التي هي حولي، البيئة البسيطة التي هي حولي وأن أقدر أن أكون مساهِمة فيها</p> <p>- أهمّ هدف أنّ العالم هذا لا يُغيِرني وأظلّ كما أنا</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لماذا الشعور باللا جدوى؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: هذا سؤال فلسفي كبير تناولته الرواية وتناوله الإنسان وهو السؤال الرئيسي العميق الذي يواجه الإنسان. نحن نحاول أن نبتكِر جدوى ما لكن هلّ فعلاً هناك جدوى في معنى أنّه ما مغزى وجودنا على هذه الأرض؟</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: في الوقت نفسه الشعور باللا جدوى وفي الوقت عينه رغبة في أن تكوني مؤثِرة</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: صحيح</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: هناك تناقض في هذا</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: صحيح. في المعنى العام الفلسفي لا جدوى لوجودنا كوجود في المعنى هذا لكن بما أنني أنا موجودة في هذا المكان، كائِن اجتماعي على تواصُل في بيئة اجتماعية وفي عالم بشري حتماً يجب أن يكون هذا الوجود في معنى ما له جدوى خلال وجودي</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: بما أنّ هذا الوجود حصل</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: حصل، فيجب ألاّ أكون شيئاً سلبياً أو ألاّ أكون هامشية وبلا معنى في مرحلة الوجود هذه القصيرة التي نمرّ فيها. يمكننا أن نبتدِع جدوى معينة لها</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: هلّ أعطت الكتابة لحياتكِ جدوى؟ أعطت معنى مُختلِفاً؟ وما هو هذا المعنى؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: حتماً، الكتابة كما قلت هي مُحاولة الانتصار</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: على اللّا جدوى</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: لا بل قلّ ربما هي تمنح المعنى، معنى أنني موجودة في هذا المكان وفي هذا الزمان على هذه الأرض خلال فترة زمنية قصيرة وأنا قادرة على نقل تجربتي للآخر وعلى الحديث عن رؤيتي للعالم وأصيغها في عمل أدبي بحيث أن يكون هذا العمل مؤثراً &nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم. أشرتِ إلى انسلاخ المُثقف أو المثقّفين العرب عن واقعهم. طبعاً ليس في إمكاننا أن نُعمِّم ولكن هذه الظاهرة موجودة. عندكِ تفسير؟ عندكِ مُحاولة فهم أسباب هذا الانسلاخ؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: طبعاً، أولاً هي ظاهرة غير عامّة، ظاهرة ربما منتشرة إلى درجة ما. التفسير، ربما في مرحلة التحرّر الوطني العربي في الستينات، في ذاك الزمن كان الكاتب ابن مشروع سياسي</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم، أكثر انخراطاً</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: أكثر انخراطاً في واقعه ومشغول في قضايا وطنه. في ما بعد تمّ الشغل في رأيي على فصل المُثقف عن قضاياه الوطنية، اشتُغِلَ على هذا الجانب</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أي لم تأتِ الأمور من تلقاء نفسها أو عبثاً</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: نعم لم تأتِ، في رأيي هناك جزء منها ليس عبثاً وجزء منها جراء أزمة العقل العربي بشكل عام لأنّ هذا العقل ما زال رهينة للكثير من التابوهات التي لاسيّما الآن في زمن الحاضر الذي تفصله عن واقعه وعن رؤيته لما هو جوهري في هذا الواقع. اشتُغِل على فصل السياسة عن الثقافة، مثقف أنت اشتغل واكتب عن الإنسان مع أنني لا يُمكنني أن أفصح</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أي أنجِز عملك إذا كنت روائياً، اكتب رواية، إذا كنت موسيقياً اكتب موسيقى ولا تهتم للقضايا العامة</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: حتّى ولو، عندما أتحدث عن الإنساني، حتّى السياسي، حتّى الفِكري، كلّ هذا نشاط إنساني، الاجتماعي والاقتصادي كلّ هذه عوالم الفنّ</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: السؤال سيّدتي أنّ اليوم نحن قضايانا في الوطن العربي لا تقلّ أهميةً وعمقاً ومأساويةً عمّا كانت عليه في الستينات والخمسينات والسبعينات، لكننا لا نجد الانخراط الذي كان آنذاك لا بل أحياناً المُثقف الذي يهتم مُتّهم أنه صار رجعياً وأنه خشبياً وعن ماذا يحكي؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: بالضبط، بالضبط. الآن عندنا قضايا والواقع يطرح أسئِلة في منتهى الخطورة وفي منتهى العُمق ويبدو أنّ المثقف متقاعِس عن التصدّي لها سواء أكان هذا بسبب عامل ذاتي أو لأسباب أُخرى خارجية &nbsp;&nbsp;</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: دعينا نتّجه إلى تجربة حضرتك. رغم ابتعادكِ الجغرافي أو رغم إقامتكِ المديدة في (روسيا) بقيتِ مهمومة في هذه القضايا. في كلّ رواياتكِ، وبعد قليل سندخل قليلاً بشكلٍ تفصيلي أكثر، مشغولة بقضايا لها علاقة بعالمنا العربي وما يجري في عالمنا العربي وما يُصيب إنساننا العربي، لم تتمكنِ من النأي بنفسِك كما قلت في المُقدِمة</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: أكيد. أنا ابنة العالم العربي، أنا عربية في الدرجة الأولى، وانا حينما كنت في (روسيا) وكانت جارتي الروسيّة تسألني، "انتِ من أين؟" لم أكن أقول لها من (الأُردن) بل أقول لها "أنا عربية"، فأنا عربية ومهمومة بقضايا الوطن العربي</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لم تنكسِر أحلامكِ أُسوةً بآخرين. حضرتكِ من جيل حملَ حلم العروبة والقومية والتحرير والحرية وكلّ هذه المُثل القيِّمة النبيلة. كُثر أُصيبوا بخيبات وهزموا من الداخل من كتّاب ومثقفين ومُبدعين، منهم من انكفأ ومنهم من صمت ومنهم من التحق بمرجعيات سياسية أو طائِفية أو عشائِرية لكن حضرتك لم تنكسرِ</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: لا شوف</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أو شعور باللا جدوى جزء من الانكسار؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: هو دائِم هذا، كيف سأحكي لك؟ في هذه الرواية أحكي</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم، روايتكِ الجديدة "شمسٌ بيضاء بارِدة"</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: نعم</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: صدرت عن دار الآداب وهذه النسخة الأولى</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: الأولى بالضبط</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لا تزال طازجة ورائِحتها ساخنة</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: طازجة وساخنة من المطبخ</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ألف مبروك، ألف ألف مبروك</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: الله يُبارِك فيك، شكراً جزيلاً</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم، تفضّلي</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: كنت أقول أنّ الإنسان يُمكن أن يقود معارِكه الفكرية والسياسية والوطنيّة بصخب في الخارِج بينما في الداخل هو في صمت وهدوء يخوض معاركه الوجودية ويسأل أسئِلته هذه. فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي أنا أعتقد أنّ كلّ المثقفين والوطنيين ربما اليساريين في الدرجة الأولى أُصيبوا بإحباط شديد وإحساس بالعجز وأنّ كلّ شيء انتهى، لكن الأمور اتجهت ربما في اتجاه آخر والصراع ظلّ قائِماً ومُستمرّاً، والذي عنده إحساس عميق بالانتماء لوطنه وبأنه كائِن يجب أن يكون مُلتصقاً بهذه القضايا، من الصعب، حتّى لو كان مُحبطاً أن يعزِل نفسه. بمعنى، عندما نسمع عن قضية ما يرجع هذا الحماس والاهتمام والقلق والتوتُّر على ما يحدُث حولنا لأنّنا جزء منه ومن الصعب</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لا يُمكِن للإنسان الحقيقي أن ينسلِخ عن قضايا أُناسه وأهله ومُجتمعه</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: حتماً أكيد، أكيد</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: سواء أكان روائياً أو شاعراً أو بائِع خُضار أو نجّاراً، كائِناً من كان إذا كان فعلاً عنده هذا الانتماء الإنساني. بما أنّكِ ذكرتِ الاتحاد السوفياتي، روايتكِ الأُولى "ليلى والثلج ولودميلا" هلّ هي التأريخ أو نوع من تأريخ لمرحلة عشية انهيار الاتحاد السوفياتي؟ تأريخ أدبي دعيني أقول؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: لا، أنا بصراحة لا أفضّل</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لا تُفضّلين هذه التسمية</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: لا، هي ليست تأريخاً</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أعرِف</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: كلّ رواية تأريخ، أية رواية تأريخ حتّى لو كانت لسَنة أو ليوم واحد</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ما هي إذاً؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: أنا كان يهمني أن أتناول التحوّلات الكُبرى التي صارت في الاتحاد السوفياتي، تحديداً على مُستوى القِيَم والأخلاق. أنا ذهبت إلى (روسيا) في نهاية مرحلة الاتحاد السوفياتي ورأيت هذا الإنسان السوفياتي وكم هو مُحافِظ وكم هو مُلتزِم هذا الالتزام الاشتراكي السوفياتي، وفجأة</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: انهار كلّ شيء</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: انهار كلّ شيء، انهار بالمعنى الفجّ والفظ ّوالمُبالغ فيه، فهذا الشيء كثيراً لفت انتباهي، والمسألة الثانية أيضاً أنه كان يهمني أن أُعالِج في الرواية قضية "أنا العربي والآخر الروسي" وتحديداً في قضايا البنية الفكرية للإنسان العربي، وتناولت شخصيتين</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم "ليلى" و"رشيد". قبل أن أصل إليهما، وهما طالبان عربيان يدرسان في الاتحاد السوفياتي. لكن هذا الانهيار في منظومة</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: القِيَم والأخلاق</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: منظومة القِيَم وانطلاقاً من معايشتكِ المُستمرّة، هلّ تجاوزنا مرحلة انهيار هذه القِيَم؟ هلّ هناك عودة للمُثُل؟ تعلمين اليوم أن الصراع في العالم يظهر وكأنّ السياسة تخلّت عن كلّ الأفكار والقِيَم والمبادئ وصارت نفطاً وغازاً وأنابيب وخطوط جيو سياسية، هلّ هناك إرهاصات؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: حتماً. (روسيا) كما أُسمها دولة مُكتملة</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم، قارّة قائِمة بذاتها</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: وحتّى ثقافياً، ثقافياً هي دولة مُكتمِلة ودولة ربما الشيء الأصيل والعميق فيها، ربما مرحلة الانهيار هذه، بعد الانهيار وبعدما مرّت انتبهنا إلى أنّها سطحية، الإنسان الروسي يظلّ متمسكاً بقيمه. سأعطيك مثالاً بسيطاً وقد يكون على درجة من السذاجة. في مرحلة الانهيار الروسي كان الانسان السوفياتي بنتيجة الدعاية من الممكن ألّا يتغذّى بهذه الشوربة الروسية اليومية على الغذاء وربما يذهب لشراء Snickers بسبب الدعاية</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم، الدعاية الرأسمالية أو الأميركية</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: الدعاية الرأسمالية وتخلّى حتّى عن تقاليده في الغذاء وفي الطعام. الآن من المستحيل على الروسي، اليوم المطاعِم كانوا يقفون بالطوابير على الـ Mac Donald&rsquo;s &nbsp;&nbsp;والآن أعدادهم قليلة، وليس أنه لا يوجد أحد</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: موّال وغنّوه</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: وعبر لأنّ الإنسان الروسي أو الثقافة الروسية هي شيء عميق ومتأصل، مرّ في مرحلة ما في نوبة دعنا نقول عابرة وعبرت</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: كم يُمكننا أن نقول أنّ هذه الثقافة قريبة لنا نحن هنا في المشرِق؟ هل فيها تقاطعات تتقاطع معنا أم لا، هناك فجوة وهوّة بيننا وبينها؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: تشبهنا كثيراً. (روسيا) كونها بين الشرق والغرب جيو سياسياً، تماماً الإنسان الروسي شرقي غربي في داخله هذا الإنسان الشرقي الذي يُمكِن أن ينتحِب ويبكي وإلى آخره ، لكن حين يمشي في الشارع ترى وجهه أبيض وجامداً، فهو يشبهنا كثيراً في هذه الثقافة خاصة وأنّ التاريخ الذي مرّت فيه (روسيا) وصراعها تحديداً، ربما هو صراع غير مُعلَن لكنني حاولت أن أتتبعه في إحدى المرات في بحث عن شخصية اليهودي في الأدب الكلاسيكي الروسي. الصراع الرئيسي في تاريخ (روسيا) كان مع اليهود وما زال، ربما الآن غير مُعلَن بسبب الدبلوماسية وكذا ولكن يهودي الداخل</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: وكأنه صراعٌ مُضمَر</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: مُضمَر وكان المثقفون يُدركونه والكتاب الكلاسيكيون الروس من " دوستويفسكي" لـ "تشيخوف" لآخرين، أدركوه تماماً وعبرّوا عنه في الأدب وفي الإنتاج الأدبي</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: سأُتابع مع حضرتكِ وأبحث من خلال روايتكِ أيضاً الشخصيات العربية في الرواية خصوصاً وأنّ بطل الرواية "رشيد" انتهى منتحراً. لماذا انتحر هذا الطالب العربي في (روسيا)؟ ولكن بعدما نتوقف مع موجز إخباري سريع ومن ثم نُتابع "بيت القصيد"</p> <p><strong><u>المحور الثاني</u></strong>: &nbsp;</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: مُشاهدينا الكرام نُتابع "بيت القصيد" مع الكاتبة والروائية الأُردنية " كفى الزعبي". سيّدتي، كما قلنا قبل الموجز في روايتكِ الأولى "ليلى والثلج ولودميلا "، الشخصيتان الرئيسيتان "ليلى" و"رشيد" هما طالبان عربيان في الاتحاد السوفياتي السابق، و"رشيد" ينتهي مُنتحراً. هلّ هذه إشارة إلى خيبة من سقوط النظام الاشتراكي، مما آلت إليه الأمور؟ لماذا اخترتِ له هذه النهاية؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: حقيقةً أنا لستُ من اختارها، هو انتحر لوحده</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: كيف؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: في لحظة معيّنة أدركت أنّ هذا البطل مأزوم إلى درجة أنه سينتحر. هو لم ينتحِر بسبب الخيبة، هو انتحر بسبب</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: الحبّ؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: لا، بسبب الأزمة الفكرية التي حاولت قدر الإمكان أن أُوضِّحها. هو طالب، صحيح، لكن أنا أيضاً أرمُز فيه إلى شخصية المثقف الاشتراكي العربي الذي كان مؤمناً بحُلم الاشتراكية وانهارَ أمامه الحُلم، لكن الصراع الأساسي كان صراعاً فكرياً. هو على الصعيد السياسي اشتراكي ويتبنّى القِيَم التقدمية، تقدُّمي تماماً لكنّه على الصعيد الفِكري هو رجعي، حقيقةً هو رجعي. "ليلى" كانت أحياناً تخلِط بينه وبين أبيها، فعندما وُضِع في صراع فكري متكلِس كان يجب أن يتبناه نظرياً في داخله عجز عن تبنيه. في هذه اللحظة هو تأزّم تماماً وانتحر</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: كان المُثقف العربي دائِماً مهما تبنّى من آراء تحرّرية وتغييرية وجذرية تبقى فيه تلك الرواسب من التقاليد والمُحافظة والانغلاق</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: صحيح، وأنا أيضاً لا ألومه لأنّ التحرّر الحقيقي هو نتاج علاقات إنتاج مُعينة، سياق حواري مُعيّن تراكمي على مدى سنوات وسنوات. الإنسان العربي لم يمُرّ في هذه التجربة، لم تحثّه هذه الثورة الحقيقية في داخل عقله العربي ولا حثّت واقعه الاقتصادي والاجتماعي فظلّ رهيناً يُحاول أن يتبنّى قِيَماً تقدمية صحّت معه على الصعيد السياسي لكن على الصعيد الاجتماعي الفِكري ربما كانت في حاجة إلى تغيُّرات حقيقية في الواقع</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: اسمحي لنا أن نسمع رأياً بتجربتكِ من الشاعر الأُستاذ "خالد أبو خالد" ثمّ نستكمِل حول القضايا التي تُشيرين إليها حضرتكِ</p> <p><strong>كلام يوصل</strong></p> <p><strong>خالد أبو خالد &ndash; شاعر</strong>: حقيقةً أنا لم أعتقد أنها غير عربية ولكنني دُهِشت، أدهشتني الرواية لأنّ فيها اقتحاماً لـ تابوهات لم يكُن سهلاً الحديث عنها في الرواية العربية. ثانياً، لغتها عالية جداً. ثالثاً، فيها تفاصيل تجعلك مقتنعاً أنها هي New Classic، فالرواية الروسية مليئة عادةً بالتفاصيل وأيضاً هذه الرواية مليئة بالتفاصيل فيُمكن تصنيفها بالـ New Classic، هذا أولاً. ثانياً فيها قضيتان، القضية الأولى أنها تتحدث عن فصام في الشخصية العربية والإنسانية بشكلٍ عام فالتفكير في اتجاه وإمكانية تطابُق هذا التفكير مع السلوك مسألة غير وارِدة في ما يتعلّق حتّى بالمناضلين وهي أخطر. بمعنى هي مقبولة عند الناس العاديين أو لدى الناس العاديين لكن لدى المُناضلين تُصبِح غير مقبولة وتؤدّي إلى الانحراف وهذا ما حدث. هذه الرواية ترُدّ في تقديري أنا على رواية "الدكتور زيفاغو". "دكتور زيفاغو" ينتقد الثورة الروسية البولشيفية، وهذه الرواية تقول أن الثورة البولشيفية جاءت لتبني الإنسان أمّا "البروسترايكا" فقد جاءت لتهدِم الاتحاد السوفياتي ولتهدم مُنجَز إنسانياً عظيماً ولتهدم الشخصيات التي التحقت بهذا المُنجَز العظيم. لذلك تجِد أنّ هذه الشخصيات المُهدّمة في داخل الرواية هي شخصيات في الأساس مناضِلة لكنها مناضلة غير عضوية وهي على السطح من النضال ، وبالتالي الانتكاسة كانت قريبة منها فتعثّرت وسقطت. السؤال الذي أطرحه على الكاتبة المُبدعة "كفى الزعبي" مطروح في الحياة اليومية لأنّ المرأة مُضادّة للمرأة. متى تستطيع المرأة أن تصير نصيرةً للمرأة في عملٍ روائي تكتبه لنا "كفى الزُعبي"؟</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: شكراً جزيلاً للشاعر الأُستاذ "خالد أبو خالد"، تفضّلي مع أنكِ قلتِ أنكِ لا تؤمنين بالنسوية لكن سؤاله وجيهاً. فعلاً نشعُر أحياناً أنّ المرأة ليست نصيرة للمرأة في الكثير من المجالات والأحيان؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: نعم. لماذا أنا ضدّ النسوية؟ لأن الموضوع ليس امرأة ورجل، الموضوع أن هناك منظومة فكرية قد ينتمي إليها الرجل وقد تنتمي إليها المرأة وكلاهما أسرى هذه المنظومة الفِكرية في الإشكالية في هذه المنظومة الفِكرية ، وأنا أعتقد أو أريد أن أزعم أو أدّعي أنني حاولت أن أكون نصيرة في هذا المعنى تحديداً للمرأة في رواية "سين" حين انتقدت المنظومة الفِكرية للمُجتمع، والمعسكر لم يكن فيه رجل وامرأة فقط بل امرأة ورجل مقابل امرأة ورجل، ويبدو لي أنّ هذا هو الواقع. هكذا حقيقةً لأنّه خصيصاً عندما تكون المرأة رهينة هذه المنظومة الفِكرية تغدو أكثر شراسةً من الرجل، لذلك إذا نحن أردنا أن نُعالج وضع المرأة علينا أن ننظُر إلى واقع هذه المنظومة</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: في روايتك " ليلى والثلج" أيضاً اقتربتِ من موضوع الجنس ومُحرّمات كثيرة منها الجنس ونظرتنا إليه وعلاقتنا فيه من خلال صراع الشخصيات في علاقتهم بهذا الأمر. إلى هذا الحدّ هذا الموضوع في رأيكِ هو محوري وأنّ جزءاً من أزماتنا في الوطن العربي تنبع أو لها علاقة بهذا الأمر؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: أكيد، هو أحد التابوهات الكبيرة الممنوعة عن الإنسان العربي أن يقترب منه لكن أنا لم أتعامل معه أولاً كسؤال بالمعنى الجنسي المُباشر، أنا تعاملت معه كأحد الحقول التي ينعكس فيها المفهوم الحقيقي للحريّة وهو كيف يُمكن لـ (ليلى) أن تمتلِك حريتها الكاملة بما في ذلك جسدها وكيف نظر إلى ذلك "رشيد"، هنا كان السؤال، ليس الجنس نفسه إنما حريّتي في امتلاك نفسي، في امتلاك ذاتي</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم. توجد مقولة تقول أنه لن يتحرّر العقل العربي ما لم يتحرّر الجسد العربي، ليس في المعنى الجنسي بل في معنى علاقتنا بهذا الجسد أي علاقة الإنسان العربي بجسده التي تبدو أحياناً كثيرة، نساءً ورجالاً، علاقة مقيّدة ومُكبّلة في الكثير من الأمور</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: نعم، حضرتك أيضاً أجبت على السؤال، هو جزء من أزمة العقل العربي. الانسان العربي المُكبّل غير المُمتلِك لجسده لن يمتلِك حريّته في يوم من الأيام، يجب أن يمتلِك ذاته كاملة بما في ذلك الجسد</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: إذا كانت رواية "سين" يمكن أن نقول عنها رواية المرأة العربية أو المرأة العربية الشرقية التي تطرح واقعها وتطرح حكايتها، هلّ يُمكن أن يتحرّر المُجتمع العربي، أن يتقدّم المُجتمع العربي من دون أن تتحرّر المرأة فيه؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: العلاقة جدلية. كي يتحرّر المُجتمع العربي وكي تتحرّر المرأة العربية يجب أن يتحرّر الواقع العربي نفسه، يتحرّر اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً إلى آخره وستتحرّر المرأة في خلال هذه العملية. وتحرُّر المرأة أيضاً يُساهِم إلى درجة ما في مرحلة التحرّر الاقتصادي وإلى آخره</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: من أين نبدأ في هذا الواقع العربي المأزوم، إذا أردنا أن نبحث عن منافِذ أمل، عن بصيص، من أين؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: بصراحة أنا لا أدري</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لا جواب عندكِ</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: لا أدري لأنّ الموضوع كالدائِرة والعلاقة تماماً جدلية، هذا ينتج ذاك وذاك يُنتِج هذا، العلاقة ديالكتيكية تماماً</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: هلّ كنتِ تتخيّلين مثلاً، كامرأة عربية وكإنسانة عربية وككاتبة عربية، أنّه في القرن الواحد والعشرين يعود سبي النساء مثلاً؟ يعود بيع النساء مثلاً في سوق النخاسة؟ كلّ ما شاهدناه أعني في (العراق) وفي (سوريا) وما نُشاهده في (ليبيا) وفي (اليمن)</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: لا، لم أكن أتخايل أبداً، هذا كان شيئاً مرعباً للغاية، مُرعِب جداً. لم أتخايل إلى أن شاهدت ذلك وعندما شاهدته وجدت أنّ كلّ ما جرى شيء كان متوحِّشاً للغاية. لكن إذا أردت التفكير في ما حدث على نحو عقلاني أتخايله إلى درجة ما لأنّ أسئِلة العقل العربي لم تُحلّ في يوم من الأيام. ظلّت المشاكل والأزمات الفكرية تنام وربما تُحسِّن قليلاً المشهد الخارجي السطحي لها ثمّ ترقُد ومن ثم تنفجر. الآن توفّرت عوامل ذاتية وتوفّرت عوامل خارجية فجّرت هذه الأزمة. ما لم تحدُث ثورة حقيقية داخل العقل العربي قد تنام هذه المُشكلة ولكن بعد عدّة سنوات قد تعود</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: كُتب الكثير عن العقل العربي وكثير من المُفكّرين العرب كتبوا في العقل العربي وفي نقد العقل العربي وفي نقد النقد وتعرفين حضرتك كلّ تلك المقولات، متى يستيقظ هذا العقل العربي أو كيف؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: يجب أن يتحرّر سياسياً في الدرجة الأولى واقتصادياً، يجب أن يتحرّر سياسياً واقتصادياً وأن يكون هناك مشروع عربي نهضوي تقوده سلطة وطنية حقيقية مهمومة بالقضايا العربية. هكذا سلطة ستحمل مشروع النهضة في العقل العربي. غير ذلك، سواء من ذاته أو عبر فعل ثقافي يتهيّأ لي أنه غير مُجدٍ حقيقةً</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: في هذا المعنى وانطلاقاً من هذا الواقع في رأيكِ أيّ دور للمثقف العربي، أعني ما هو المطلوب من المثقف العربي، من المُبدِع العربي في مجال الفِكر والأدب والكتابة؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: لا أنتظر أن أطلب من المثقف العربي الكثير، ما زال هو هذا المثقف نفسه مكبّلاً وغير مُعطى الحرية لأن يُمارِس دوره. هو مُكبّل ويُمنَع في كثير من المجالات عن ممارسة دوره، مسلوب حرية الرأي، كلّ الحريات عند المثقف العربي مسلوبة فكيف سأنتظر منه أن يُساهِم في عملية تغيير ما؟</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ننتظر ممن إذاً؟ قلنا في بداية الربيع العربي، ظننا وقلنا أنّ الشارِع العربي سبق المثقفين وسبق النُخب وإلى آخره فإذ بالثورة المُضادة تلتهم كلّ شيء وتعود بنا إلى قرون وسطى عربية&nbsp;&nbsp;</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: صحيح، أنا حقيقةً إذا أردت أن أنتظر فقط من السلطة السياسية، وهذه السُلطة ربما آمل أن تكون مدعومة من الخارج لأننا غير قادرين على إنتاج هذه السُلطة حقيقةً. في واقعنا العربي، الشعوب العربية غير قادرة على أن تفرِز وتُنتِج سُلطات وطنية حقيقية. طبعاً أريد أن أستثني (سوريا) دعني أقول وأُريد أن أستثني المُقاومة التي تخوض معركة التحرير هذه التي تتصدى حقيقةً للمشروع الكبير ضدّ الوطن العربي بأكمله، ربما في هذه المقاومة في (سوريا) أنا أجِد بعض الأمل</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لماذا تعرّضت بلادنا في رأيكِ إلى ما تتعرّض له الآن؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: حتما هناك أسباب ذاتية كبيرة وهناك أسباب خارجية موضوعية خارجة عن إرادتنا وكبيرة لكن عندنا أسباب ذاتية. الكثير يدّعون أنّ الدكتاتوريات السياسية وإلى آخره وهذه بالتأكيد لعبت دوراً لكن هناك عوامل ذاتية أيضاً أُخرى في رأيي، تاريخية طويلة على مدار قرون وما زالت مُستمرة. نحن طوال عُمرنا مُستعمرين، من العثمانيين لغاية هذه اللحظة، فالآن هناك سبب مهم جداً. عندنا (إسرائيل) وعندنا الوهابيّة وعندنا نفط، فهذه العوامل كلها</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ما يُلفت نظري سيّدتي أنه رغم كلّ ما جرى من سبي وحرق وذبح لم نسمع رأياً، ربما سمعنا استنكارات، سمعنا مقولات مثل أنّ هذا لا يُمثِل الإسلام والإسلام بريء، من هذه الأمور، لكن لم نسمع تحريماً واضحاً صريحاً لمثل هذه الأمور، أليس هذا بغريب؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: غريب جداً. الجواري نفسهنّ لسن مُحرّمات في الإسلام. الجاريات مُباحات</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أنا أُمهِد للسؤال التالي، ألا تعتقدين أننا نحتاج فعلاً وبإلحاح إلى قراءة جديدة أو إلى تفسير جديد أو إلى تجديد في الفقه والفِكر الإسلاميين؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: ربما، لكن أنا حقيقةً أعتقد إننا في حاجة لتنوير أكثر مما نحن في حاجة إلى تأويل لإعادة تأويل النصوص. نحن في حاجة إلى تنوير حقيقي، أن نتّجه إلى العِلم، أن نتّجه إلى الفلسفة. يجب أن يُفكِّر الإنسان العربي بمنطِق آخر علمي، صار من اللازم الآن أن يُفكِّر في منطق آخر علمي، أن يقرأ الفلسفة، يقرأ الفيزياء</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: تقديم العلمي على الغيبي</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: نعم</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: بمعنى ترك الغيبي للعلاقة الروحانية بين الإنسان وربّه ولكن الحياة اليوم تحتاج إلى شيء آخر</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: بالضبط</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: تحتاج إلى إعمال العقل والعلم والمعرِفة وكلّ هذه المسائِل. سنُتابع مع حضرتكِ سيّدتي ولكن بعد استراحة سريعة</p> <p><strong><u>المحور الثالث</u></strong>:&nbsp; &nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نُتابع مُشاهدينا "بيت القصيد" مع الروائية والكاتبة السيّدة "كفى الزعبي". سيّدتي، في روايتكِ "إبن الحرام"، أولاً عنوان ملفت جداً لأنّ الكلمة تُستعمل أيضاً في التداول اليومي عندما يُقال لفلان السيّئ يُقال "ابن حرام". هلّ يُمكن أن نستنتِج أنّ "ابن الحرام" أو الزوج في رواية "إبن الحرام" هو النظام العربي الرسمي الذي لم يستطع أن يحمي شيئاً؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: صحيح، وأنا أرمُز في روايتي "إبن الحرام" إلى السُلطة بشكلِ عام سواء أكانت سُلطة سياسية أو سُلطة فكرية أو كانت سُلطةَ تخلُّف بشكلٍ عام، أرمز إلى السُلطة. هي سُلطة غير شرعية، هي سُلطة "بنت حرام" أعني&nbsp;</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نعم، وما أكثر السُلطات البنت الحرام للأسف. دعينا قبل أن أطرح المزيد من الأسئِلة نستمع إلى رأي أيضاً في تجربتكِ من الكاتبة والباحثة الدكتورة "حياة الحويِّك"، نسمعها معاً</p> <p><strong>كلام يوصل</strong></p> <p><strong>د. حياة الحويِّك &ndash; كاتبة وباحثة</strong>: روائية ملتزمة، قلقة ووجودية. في جميع أعمالها خاضت بجرأة تجربة التحدّي، تحدّي الكشف عن الواقع كما هو، ليس كما هو في سطحيته بل في سبر أعماقه. واجهَت المُسلّمات، ليس لديها مُسلّمات، واجهت النفاق، واجهت التخلُّف في كلّ أشكاله، واجهت السلطوية أقصُد في ما تكتُب، هي تُدين الرجعية وتُدين في الوقتِ ذاته المثقفين المُدّعين، المُزيّفين. "كفى" روائية تجريبية في الشكل بين مثلاً "إبن الحرام" وليلى والثلج ولودميلا" و"سين" حيث نجد ثلاثة أشكال مُختلفة للرواية. أنا شاركتها معركة "رابطة الكُتّاب الأُردنيين"، خضناها معاً، وفعلاً في ظروفِ كهذه كثيراً ما يُفجعنا الكُتّاب والمثقفون بـ "شيزوفرنيا" غريبة بين ما يكتبون ويدّعون وبين ما يُمارسون، هنا يكون المحكّ. شهِدتُ "كفى" في صدقها، في انتمائِها، في إخلاصها لمبادئها ولما تطرحه، في حربها على كلّ المفاهيم التي ترِد في رواياتها ولكن هنا تُحاربها على الأرض وتُدافع عن المبادئ. باحثة، لا تملّ من العمل على حفريّات المعرِفة، لا تقف عند نهاية كمُسلَّم، تحفُر في الفلسفة وفي التاريخ وفي السياسة وأعتقد أنّ هذا الحفر، أعمال التنقيب الفكرية هذه هي التي تُغذّي رواياتها بهذا البُعد الفِكري الذي لا يُفلسف الأشياء بظاهِرةٍ سطحية وإنما يُجسِّدُ الفلسفة ويُجسِد الفِكر ويُجسِّد الطروحات الاجتماعية الكُبرى في قالبٍ روائي يكوِّن خصوصية الرواية وتلقائِيتها وصدقها مع المتلقّي. مساء الخير "كفى"، مساء الخير أُستاذ "زاهي". قد يكون من الصعب أن أطرح أسئِلة على "كفى" لأننا نتبادل الأسئلة دائماً، ولكن ربما هناك سؤال يخطُر في البال. أين "ليلى" من "سين" في الوقت الذي يبدو فيه أنهما نقيضتان؟ فمن جهة أُخرى ربما في العُمق هناك شيء مُشترَك بين "ليلى" وبين "سين"، ومن هي الشخصية الثالثة التي ستُكمِل الصورة في المُستقبل في روايةٍ جديدة؟&nbsp;</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: شكراً جزيلاً للدكتورة "حياة حويِّك"، تفضّلي. طبعاً "سين" هو عنوان روايتكِ والشخصية الرئيسية في الرواية التي تحمل الإسم نفسه، "سين"</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: "ليلى" هي نفسها "سين"، هي المرأة العربية التي ما زالت تخوض هذا الصراع، الصراع التحرّري. "ليلى" كانت شخصية واضحة مُعرّفة و"سين" شخصية غير مُعرّفة، هي لا شخصانية مُحدّدة، هي "سين" بلا إسم</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أي رمز مُجرّد للمرأة؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: نعم، أنا لم اُعطها إسماً وهي شخصية حاضرة ولم أُعطها إسماً لأنني لا أُريد أن أُسمِّها، هي كلّ امرأة عربية تعيش هذا الواقع العربي</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نحن حينما نقول " سين" نعني سؤالاً عادةً، "سين" سؤال "جيم" جواب</p> <p><strong>كفى الزعبي:</strong> لا، أنا قصدت فيها الـ "سين" الموجودة في الرياضيات، المجهول "سين" مثل X مثلاً. فستظلّ "سين" إلى أن تكتسب المرأة العربية ملامحها وتُصبِح شخصية مُعرّفة، ستظلّ الشخصية الثالثة التي تسألني عنها الدكتورة "حياة"، ستظلّ أيضاً "سين" إلى أن تنتزِع "أل" التعريف وتنتزع الإسم</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: تنتزِع "أل" التعريف ربما حين تنال المرأة العربية حقوقها ومُساواتها في الحقوق والواجبات في مُجتمعاتنا. أشارت الدكتورة "حياة الحويِّك" إلى مسألة ازدواجية المُثقف العربي التي حضرتكِ أيضاً مشغولة فيها وأشرتِ إليها من خلال أعمالكِ. كُتِبَ الكثير عن هذا الأمر، هناك كُتب حول موضوع ازدواجية المُثقف العربي بمعنى الذي يقول شيئاً ويفعل شيئاً آخر، الذي هناك فجوة بين نصّه وبين سلوكه. في رأي حضرتكِ، يجب أن يكون هناك تماهٍ بين النصّ وصاحبه؟ أم أنّ النصّ يعيش حياةً مستقلة بمعزِل عن كاتبه أو مؤلِّفه؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: ليس بالضرورة أن يكون هناك تماهٍ، يُمكن أن يختلِف الكاتب عن نصّه، لكن من حيث الموقف يجب أن يكون هناك تماهٍ. على المُثقف الذي يُنادي بمواقف مُعينة ويدعو لقِيَم مُعينة ولمعايير مُعينة في الحياة، عليه أن يتبنّاها</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أنا سأُفصِّلها أكثر قليلاً، أحياناً كثيرة نجد مثقفاً يدعو إلى حرية المرأة مثلاً وتحرُّر المرأة بينما زوجته قد تكون قابعة في البيت وممنوع أن تعمل، ممنوع أن تنجح</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: صحيح &nbsp;</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: نجد مثقفاً يدعو إلى الحرية وإلى الديمقراطية ولكنه متسلِّط على أبنائه</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: بالضبط</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: هذا ما نُشير إليه</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: هذا بالضبط ما عنيته</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ويُمكننا أن نُكبِّر طبعاً الأمثلة إلى أن نصل إلى الواقع السياسي والاجتماعي</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: نعم، هذا التناقُض ما بين ما يُقال وما يُكتَب وما بين الشخص في الواقع وما يتبنّاه ومن هو، هذا تناقُض مرَضي وليس تناقضاً طبيعياً. هذا الشيء فقط موجود عندنا، عند العرب</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: كنت أُريد أن أسأل، هلّ هو وقفٌ علينا أم أنه ظاهِرة يُمكن أن تُصيب المثقفين في كثير من الأمكنة في العالم؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: أنا لا أُريد أن أُبالِغ وأحكي أنّه لا، عندنا فقط، ربما لكنها ليست ظاهرة. بشكلٍ عام الإنسان الأوروبي دعني أقول هو إنسان دخل مرحلة الحرية بحيث أصبح قادراً على أن يكون ذاته وليس مضطراً لأن يكون منافقاً، ليس مضطراً إلى الظهور في وجه آخر. هو نفسه أعني، هو يقول ويُعبِّر عن نفسه. قد تجد حالات حتماً، هذه حال وظاهرة إنسانية، قد تجد حالات&nbsp;</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ما سبب هذه الآفة فينا؟ لا أُريد أن أقول في مثقفينا وكأننا نتحدّث عن كوكب آخر، فينا نحن العرب، ونحن جزء من هذا الواقع. ما سبب هذه الآفة، هذه الازدواجية، هذا الانفصام إذا جاز التعبير؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: بصفة غربتنا عن</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: قبل قليل وفي بداية الحوار تحدّثنا عن انسلاخ المُثقف العربي عن واقعه والآن نتحدّث عن ازدواجيّته وانفصامه، هذا يعني أنّ الحال في الويل</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: بالضبط. الإشكالية هي أنّ هذا المثقف العربي حضارياً لا يعيش تماماً نفس</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ما يُفكِّر فيه؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: نعم. أعني هو إنسان قد يتبنّى مقولات معينة، قد يتبنّى معايير مُعينة، قد يتبنّى مواقف مُعينة قد تفرضها عليه المرحلة التاريخية، التاريخ البشري وليس تاريخ بلده تحديداً ولا السياق التاريخي لبلده إنما السياق العام للبشرية، وهو يصبو لأن يكون ابن زمنه الحضاري لكنّه في حقيقة الأمر هو ابن زمنه العربي الساكن، الراكد، الذي ينتمي ربما إلى عصور أُخرى. هذا المتناقِض يصنع هذه الازدواجية</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: يعود إلى ما يحمله من رواسب ومن موروثات</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: هذا الإرث التاريخي، بنية الشخصية العربية الموروثة الطاغية لدرجة أنّه غير قادر على التخلُّص منها وفي نفس الوقت يريد أن يكون إنساناً ينتمي إلى الواقع الحضاري على مُستوى بشري. فهنا قد تكون مأساته أيضاً ربما لأنه غير قادر على أن يوافق بين الانتماء إلى زمنه الحضاري وما بين الانتماء لموروثه التاريخي والفِكري، لذلك نرى هذه الحالات</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: وينفجِر هذا الأمر</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: ينفجر بين زمن وآخر، دائماً سيظلّ ينفجِر ما لم يحدُث هذا القطع ما بين هذه البنية الفكرية</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: في مسألة المثقف وموقفه مما يجري وما يُحيط به، في رأيكِ نُحاسب المُبدِع أو ننظُر إلى المُبدِع ولا أستعمِل كلمة نُحاسب، ننظر إلى المُبدِع العربي بناءً على نصّه الإبداعي أو بناءً على موقفه السياسي؟ كيف ننظُر أو نُقيِّم</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: بناءً على كليهما</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لا يُمكن الفصل</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: لا يُمكنني أن أُجبِر المُبدِع على كتابة نصٍّ مُحدّد، الإبداع يجب أن يكون حراً. يكتب الشيء الذي يقلقه، ما يقلقه داخلياً يكتُب عنه</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: لكن حضرتكِ تعلمين عن النقاش التاريخي حول المثقف العضوي وغير العضوي والغرامشي وغير الغرامشي</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: صحيح</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: في رأي حضرتكِ، ينبغي أن يكون للمُبدِع، للكاتب، للمؤلِّف موقف من كلّ ما يُحيط به؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: هذا ما أردت قوله، أنه ينبغي للكاتب أن يكون له موقف، ينبغي لأنه مثقف، هو مبدِع، هو يُشكِّل ومن المفترض أن يُساهِم في تشكيل العقل مع أنه غير مُباح له أصلاً كما قلنا سابقاً، غير مباح له لكن حتّى نصّه يجب، في رأيي، وإن كنت لا أُحبِّذ أن نفرِض على المُبدِع أن يكتُب نصاً معيناً. لكن إذا ننظُر مثلاً للروايات الأوروبية منذ عصور النهضة لغاية القرن العشرين، كلّها تصدّت للأسئِلة الكُبرى التي واجهتها (أوروبا)، ناقشت كلّ هذه الأسئِلة حتّى أنه كما يقول "كونديرا"، هذه النصوص ساهمت في تشكيل شخصية الإنسان الأوروبي. الرواية عندنا هي فنّ بشكلٍ عام مُتقاعِس عن هذا الدور، لا يتصدّى لهذه الأسئِلة</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ربما ما يُميِّز الروايات أو الأسماء التي حفرت مكانتها في الرواية العربية مثل "نجيب محفوظ" على سبيل المثال، ما يُميِّزها أنها تصدّت أو طرحت على الأقلّ شيئاً من صلب الواقع</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: بالضبط، وللأسف الأسماء عندنا في عالمنا العربي، هناك الكثير من الأسماء لكنها في بحر هذا الإنتاج الأدبي والإنتاج الثقافي تبدو معدودة، هي أسماء كثيرة حتماً</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: إذا أخذنا "غسان كنفاني" مثلاً</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: "غسان كنفاني"، "غالب هلسَة"، "صنع الله إبراهيم"، هناك الكثير من أسماء الكُتّاب الجادّين والمُبدعين حقيقةً الذين تصدّوا للأسئِلة المُهمّة التي يواجهها الواقع العربي، لكنهم في هذا البحر</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ربما الذين تنفتِح لهم المنابر أكثر والذين تنفتِح لهم الواجهات الثقافية إذا جاز هذا المُصطلح هم أصحاب نظريات الانصراف إلى شؤون أخرى، كيلا أستعمل أيّة مُصطلحات تُدين أو تُعطي أحكاماً. سأُتابع مع حضرتكِ في القسم الأخير ولكن أيضاً نتوقّف مع استراحة سريعة</p> <p><strong><u>المحور الرابع</u></strong>: &nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: مُشاهدينا الكرام نُتابع "بيت القصيد" مع الروائية والكاتبة السيّدة "كفى زعبي". سيّدتي، تحدّثنا عن روايتكِ "ليلى والثلج ولودميلا" وأشرنا إلى رواية "سين" وإلى رواية "ابن الحرام". طبعاً لا يتّسع المجال لنتحدّث عن كلّ رواية بالتفصيل، أنا أنصح مُشاهدينا أن يقرأوا هذه الروايات وأيضاً أن يقرأوا روايتكِ الجديدة التي اسمها "شمسٌ بيضاء باردة" صادرة عن "دار الآداب" في (بيروت) وبين يداي النسخة الأولى من هذه الرواية. أعود وأُكرِّر وأقول لكِ ألف مبروك وبالتوفيق إن شاء الله</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: الله يبارِك بك</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: هناك رواية أيضاً بعنوان "عُد إلى البيت يا خليل" وهي تتطرّق وتتناول الحلم الفلسطيني إذا جاز هذا الوصف. هذا الحُلم الفلسطيني يبدو أنّ هناك مُحاولات كثيرة ومُتضاعفة هذه الأيام لقتله. هلّ يُمكن أن يُقتَل الحلم الفلسطيني في رأيكِ؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: سؤال</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: عويص؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: أجل، سؤال مؤلِم لأن في الفترة الأخيرة صار يبدو لي أنّ القضية لم تعُد قضية فلسطينية، صارت قضية إسرائيلية. صار العالم مشغولاً ويريد أن يحلّ قضية (إسرائيل) كما لو أنها ماتت القضية الفلسطينية للأسف الشديد</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: بمعنى أنّه ربما بعد عام 2006 والعُدوان على (لبنان) وصمود المُقاومة في وجهه وبعد كلّ ما جرى من متغيّرات في منطقتنا تبدو (إسرائيل) في مأزق وجودي</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: أكيد، أكيد</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: وهذا يُطرَح من الكيان الإسرائيلي في إعلامهم وفي صحافتهم ومن كتّابهم</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: نعم، أكيد، وخاصةً الآن بعد أيضاً اقتراب أو وقوف (سوريا) على مشارِف النصر على الإرهاب الذي ساد فيها، الآن نستعيد هذا الحُلم وهو فعلياً، صحيح أنّ العالم ينظُر الآن لقضية (إسرائيل) وكيف سيخلّصونهم من الفلسطينيين الموجودين في الداخل وكيف سيقنعونهم بالتطبيع مع كذا لكن فعلياً يبدو أنّ فشل مشروع "الربيع العربي" وانتصار المُقاومة يعيدان الأمور إلى نصابها ويمنحانا أملاً في أنّ هذه هي الدولة الغريبة السرطانية الموجودة في منطقتنا، منطقياً هي من غير اللازم أن يكون لها أُفق، منطقياً من غير اللازم أن يكون عندها أمل لأنها بالفِعل جسم غريب مُقحم إقحاماً في منطقتنا، إذا توافرت الشروط فنحن قادرون على أن ننتصر. الآن تبدو الأمور أنها تبعث على الأمل</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: وسننتصر، لن نفقُد الأمل لكن المُشكلة أين سيّدتي؟ اليوم تشعرين في الإعلام والخطاب الثقافي محاولات لتسخيف وتسفيه أيّ كلام عن المُقاومة، عن (فلسطين)، عن إمكانية الانتصار، وكأنّ هذا الأمر مقصود منه المزيد من الإحباط، المزيد من جعل الناس الذين يحملون هذه القضايا يُشكّكون أحياناً بأنفُسهم</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: صحيح. المطلوب الانتهاء من هذه القضية، المطلوب إنهاؤها على صعيد الواقع وحتّى في الذاكرة. مطلوب إنهاؤها حتّى في الذاكرة، لكن هذا مستحيل</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: مثلاً مقولة التطبيع وأنت ترين في العالم العربي وعند الأنظِمة العربية، تُمهَّد الأرضية من خلال الإعلام ومن خلال المثقفين ومن خلال الـ Social Media لجعل التعاطي مع (إسرائيل) أمراً طبيعياً عادياً وكأنّ شيئاً لم يكُن وكأنّه لم يعد هناك قضية فلسطينية</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: للأسف الشديد، الكثير من المُثقفين يسيرون في هذا الاتجاه وينظِّرون له بقولهم، "لماذا لا؟ دولة قائِمة وموجودة شئنا أم أبينا موجودة وهي موجودة بيننا ويجب أن نتعامل معها"، لكن هذه دولة استعمارية، دولة مُحتلّة للأرض، دولة هي سبب كلّ المشاكل في المنطقة فكيف يُمكن أن أتعامل معها وكيف يُمكِن أن أنسى الظلم الذي مارسته واغتصابها للأرض واغتصابها للإنسان العربي، الأزمات التي تعرّضنا لها بسبب وجودها في المنطقة العربية، كيف سأنساها؟</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ربما لو العرب عرفوا كيف يتعاملون مع نكبة (فلسطين) لكانوا تجنّبوا هذه النكبات المُتلاحقة التي تُصيبنا والتي تكون أضعاف ربما نكبة (فلسطين)، ما جرى في (سوريا) وفي (العراق) وفي (اليمن) وفي (ليبيا) وما تتعرّض له (مصر) أيضاً كما تُلاحظين. هناك مسألة المُصطلحات أيضاً وانقلاب المفاهيم، إلى أيّ حد يُمكِن أن يشغلكِ هذا الموضوع؟ بمعنى أنّ المُقاومة صارت إرهاباً والمُحتلّ صار منقذاً في بعض الحالات والإرهابي صار ثائِراً!</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: واليساري صار يمينياً واليميني صار يسارياً، نعم. في معنى معيّن نحن، الآن دع موضوع المقاومة التي تمّ تشويهها أو مُحاولة لتشويه مُصطلحات المقاومة وتسخيفها الشديد، حتّى في بدايات "الربيع العربي" كان الكثير من المُثقفين يقولون إنّ الممانعة والمقاومة هي مُصطلحات في منتهى التفاهة ومثيرة للسخرية، اشتُغِل على هذا جيداً وخاصةً من قِبَل الخليج العربي للأسف، اشتغل على هذا وجُنِّدَ له الكثير من المُثقفين تحديداً أمام هذه المسائِل</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ووسائِل الإعلام، آلة إعلامية رهيبة</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: آلة إعلامية رهيبة بالضبط، لكن الآن هم أنفسهم يكتشفون خاصةً الليبراليين منهم، تحديداً الليبراليين، أنا عندي اعتقاد أنّ الليبرالي الحقيقي الذي يُريد أن يتبنّى قِيَم الحريّة والتنوير والعدالة إلى آخره هو في الضرورة في منطقتنا العربية شاء أم أبى مقاوماً، شاء أم أبى لأنه من المستحيل أن تطمح إلى إنجاز مشروع تحرُّر أو حريّة الإنسان، تحرّر الإنسان ما دام هذا الإنسان مُستعمَراً وتابِعاً اقتصادياً ومُقيَّداً سياسياً. هذا الإنسان حرّره اقتصادياً وحرِّره سياسياً وحرِّر أرضه سينتُج عندك الإنسان الحرّ الذي أنت تُطالب به</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أي كيف تكون مع الحرية ولا تكون مع (فلسطين)؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: بالضبط</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ولا تكون مع حقّ الشعوب في المُقاومة؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: بالضبط</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: مُقاومة المُحتلّ، مُقاومة المُعتدي، مُقاومة المُستعمِر الذي يظلّ</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: لأنّ العلاقة مُتشابكة جداً. أنا لا أستطيع أن أُحرِّر إنساناً بالمعنى الإنساني الذي يتحدّثون عنه وهو إنسان أرضه مُغتصبة، إنسان مُقيّد على كلّ الأصعِدة، إنسان جائِع في نهاية النهايات وفقير. يجب أن نُحرّره وطنياً، يجب أن نُحرّره اقتصادياً، يجب أن نُحرّره سياسياً ومن ثمّ نتحدث عن إنسانيته وعن الحريّة الليبرالية وهذه القِيَم التي يُطالبون بها</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: طبعاً. لا يُمكنه أن يتحدّث عن الحرية ويكون صادقاً ويكون ضدّ حرية المرأة مثلاً</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: مثلاً</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: كيف أنت تدعو إلى الحرية وتُكبِّل النساء بألف قيد وقيد؟ بما إننا ذكرنا الإعلام، اسمحي لنا أن نسمع أيضاً رأياً بتجربتكِ، هذه المرّة من الإعلامية والكاتبة الأُستاذة "ديانا جبّور"</p> <p><strong>كلام يوصل </strong></p> <p><strong>ديانا جبّور &ndash; كاتبة وإعلامية</strong>: "كفى" أشعُر بأنكِ مرّة "شهرزاد" ومرّة "صانع الدُمى الروسية". في تقنية "السدّ" الذي تقيمينه هناك شخصيات وأحداث وحكايات تتناسل من بعضها البعض كما لو كنّا أمام "ألف ليلة وليلة"، وهنا أراكِ "شهرزاد". في أماكن أُخرى أجدكِ صانعة دُمى روسيّة وتأخذين هذه اللُعبة الكبيرة وفي كلّ مرة تتجهين إلى سرّ أدقّ وأكثر حميمية، هذه المزاوجة ربما لها علاقة بتراثكِ وواقعكِ الراهن. هذه المثاقفة واستثمار تاريخكِ أو تُراثكِ هل هو يا ترى تكنيكاً متعمداً أم يأتي عفوياً يا ترى من دون أن يتعمّد المرء هذا الشأن؟ "كفى"، أنا دائِماً أسأل نفسي، لماذا منجزكِ الإبداعي لم يأخُذ من العناية والمُتابعة النقدية والشهرة ما تستحقه رواياتكِ؟ يا ترى، هلّ لهذا الأمر علاقة في أنكِ أُردنية؟ هل لترويج المُنجَز الإبداعي علاقة بالبلد المُبدِع أم له علاقة بشخصكِ أنتِ؟ لأنّني أعتقد أنّ حضرتكِ من نماذِج المثقفين العضويين الذين نحتاج إليهم، لكن بسبب أنهم لا يُقصِّرون عن التعبير عن رأيهم وعن مواقفهم وعن تطلعاتهم تجاه كلّ ما نشهدُه وكلّ ما يعترِض حياتنا بالمعنى اليومي أو المصيري وهذا يخلِق لكِ دائِرة أعداء أو خصومات عديدة فيمكن أن ينعكِس هذا الأمر إلى انحسار التغطية عن إبداعكِ، ممكن أن يكون أحد هذه الأسباب، وفي هذه الحال هلّ في إمكان العمل التلفزيوني إذا ما اقتُبِست إحدى رواياتكِ أن تُرمِّم هذه الفجوة؟ أنا أعتقد أنها تصلُح لمُسلسلٍ بشكلٍ خاص أكثر من فيلم بسبب تعدّد الخطوط ومستويات زمنية أو مكانية وتشعُّبات في الأحداث تؤهِّل لعمل تلفزيوني ثقيل يصحّ عليه وصف رواية تلفزيونية أكثر مما يحتمله الفيلم السينمائي الذي يعتمد وحدة إلى حدٍّ ما في الزمان والمكان، إلى حدٍّ ما. إن شاء الله نتمكّن من رؤية عمل من أعمالكِ وقد تحوّل إلى عملٍ تلفزيوني، إلى مُسلسل حتّى نردُم تلك الفجوة. أعرِف إنها عدّة أسئلة في سؤال واحد وأتمنّى أن يتّسِع صدركِ له</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: شكراً للأُستاذة "ديانا جبّور"، تفضلي. السؤال من قسمين إذا جاز التعبير، هلّ تعبيرك عن مواقفك بصراحة ووضوح ينعكِس على الاهتمام بتجربتكِ الروائية، ربما الاهتمام الإعلامي والنقدي وإلى آخره؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: أكيد. غير مُحبّب من الكاتب، خاصةً الكاتب الذي لا يُكرِّر الخطاب السائِد، يقول ما لديه ويُعلِن عن موقفه تجاه كلّ القضايا وليس فقط الموقف السياسي، الموقف الفكري والثقافي إلى آخره</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: خصوصاً ما ينحاز للمقاومة، فكرة المقاومة في حدّ ذاتها &nbsp;</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: نعم، وخصوصاً حينما يُعلِن هذا الموقف، نعم، ينحاز للمقاومة ويُصبِح مُحارباً بشدّة أكثر وبشراسة أكثر</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: تشعرين بهذا الشيء، تحسّينه، تعيشينه؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: نعم أشعر به، وهناك ربما وجود عامل ذاتي وفي أنني شخصياً، الكثير من الأصدقاء يقولون لي أنني</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: خجولة</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: نعم، لا أشتغِل على نفسي، لا أهتم كثيراً</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: مثلاً التسويق</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: لا أُقيم علاقات التسويق والـ B.R. ولا أُقدِّم نفسي وأُسوِّق نفسي. أنا أعتقد أنّ النصّ، وربما هذا موقف أو رؤية غير مُناسبة لزمننا، النصّ يجب أن يُقدِّم نفسه ويشُق طريقه بنفسه وسيأتي يوم يفرِض فيه هذا النص نفسه إذا كان يستحق الاهتمام</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: هلّ مُمكن إذا قُدِّمت إحدى رواياتكِ كعمل تلفزيوني، مُسلسل تلفزيوني، نريد أن ننقل همّتك للسيّدة "ديانا" في هذا الموضوع بمعنى أن هذا يُمكن أن يُساهِم في الإضاءة على تجربتكِ الروائية، أكيد هذا الأمر</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: نعم، يسرّني أن يتحوّل وفي الحقيقة طُرِح عليّ أكثر من مرة</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: ولماذا لم يتحوّل؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: ربما إهمال وكسل وعدم مُتابعة منّي. حين أنتهي من الرواية أنشغِل في عمل آخر، قد أنشغِل في عمل ترجمة مثلاً من الروسي أو أنشغِل بشيء، هناك جانب للكسل للأسف&nbsp;</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: سأعود إلى ما يُشبِه ما بدأنا به، في معنى ماذا أعطتكِ الكتابة، ماذا منحتكِ؟ هلّ عوّضتكِ عن أشياء؟ هلّ سدّت الفجوات بالمعنى الفِكري والنفسي والروحي والمعنوي؟ قلنا في البداية أن الكتابة طبعاً ساعدت أو كانت نوعاً من التصدّي للشعور باللا جدوى ولكن هنا نتحدث بشكلٍ أوسع وأعمّ. ماذا أعطتكِ الكتابة الروائية بشكلٍ خاص؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: أعطتني أشياء كثيرة، أنا أتشكّل أو أنضج أكثر مع كلّ رواية وأكتشف العالم من خلال الكتابة. الرواية أصلاً رسالتها المعرفية أنها تكشُف ولو جزءاً بسيطاً من هذا العالم. هذا الجزء البسيط الذي في كلّ مرة أكتشفه أثناء كتابتي للرواية يُغنيني ويُثريني أكثر</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: كم صار عدد الروايات؟</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: هذه السادسة، "ليلى الثلج ولودميلا" ليست روايتي الأولى، هناك قبلها رواية عن "اتحاد الكُتّاب العرب" اسمها "سقف من طين"</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: "سقف من طين" نعم. نحن اعتبرناها الرواية الأولى</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: نعم، لأنها حظيت باهتمام شديد وانتشرت بشكلٍ كبير</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: على كلّ حال نتمنّى لكِ التوفيق وندعو مُشاهدينا المُهتمّين بالقراءة، خصوصاً قراءة الروايات، أن يطّلعوا على رواياتكِ الروائية ويتعرّفوا على تجربتكِ ولن يكونوا إلّا سُعداء بهذه التجربة، أنا متأكِّد. أهلاً وسهلاً بكِ، نوّرتِ "بيت القصيد"</p> <p><strong>كفى الزعبي</strong>: شكراً كثيراً لحضرتك، شكراً كثيراً على هذا اللقاء الجميل والحوار المُمتِع</p> <p><strong>زاهي وهبي</strong>: أهلاً وسهلاً، شرّفتنا ونوّرتنا. شكراً لفريق العمل، لمُخرِج البرنامج "علي حيدر"، المُنتِجة "غادة صالِح"، والشُكر الأكبر دائِماً لمُشاهدينا في كلّ أنحاء العالم. نلتقي الأُسبوع المُقبل على خير بإذن الله</p> <p>&nbsp;</p>