خالد السفياني - المنسق العام للمؤتمر القومي الإسلامي

نص الحلقة

<p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> مرحباً بكم.</p> <p>فلسطين قضية العرب المركزية خطٌ أحمر. هذا ما نشأت عليه أجيالٌ عربيّةٌ بأكملها، لتجد نفسها اليوم أمام مخطّطٍ سرياليّ هدفُه إسقاط الثابت الأوّل في وعي شعوبٍ عربية، تارةً عبر حروبٍ تُفرَض عليها وتضيع البوصلة الأساس، ومرّةً من خلال تخاذل حكوماتٍ يصل إلى حد التواطؤ مع مشاريع تفتّت المفتَّت وتجزّئ المجّزأ، ليبرز مشهدان نقيضان يختصران الواقع العربي، مشهد مقاوِم يربك مشروعاً صهيو أميركياً ويلعب دوراً محورياً في مواجهة المخطّطات الخارجية، ومشهد متخاذل، متواطئ، منكفئ، يربط مصيره بأجندات خارجية أو معادية تهرول فيه أنظمة نحو التطبيع مع الإسرائيلي.</p> <p>وفي ظلّ هذا الواقع العربي غير المحسوم، هل ما زلنا نستطيع الحديث عن مشروع عربي، أم أن اللاءات الثلاث، لا للتفاوض، لا للاعتراف، لا للصلح مع الإسرائيلي باتت ضرباً من الانفصال عن الواقع كما تروَّج أنظمة وتنطق بعض نُخَبها؟</p> <p>ما بين المؤامرات الخارجية وما يدور في رفوفها المُغلقة وغرفها المُظلمة المُحاطة بالأسرار والمكائد والخِدَع من جهةٍ وما بين المشكلات البينية في العلاقة بين السلطات والشعوب من جهةٍ أخرى، إلى أي حدٍ نستطيع أن نجمع قِطَع النرد المُترامية في لعبةٍ قديمةٍ جديدة وصراعٍ لا يغلب على طاولته الحظّ بقدر ما تغلب عليه القوّة وموازين العسكر والسياسة ووعيٌ جمعيٌ يحتاج إلى بنائه من جديد؟</p> <p>عن الواقع العربي ما بين الأمس واليوم، في المشكلات وحلولها والمشاريع وروافعها، نحاور اليوم المنسّق العام للمؤتمر القومي الإسلامي خالد السفياني.</p> <p>أهلاً بكم في حوار الساعة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>(فاصل)</strong></p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> أهلاً ومرحباً بك أستاذ خالد السفياني.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> أهلاً وسهلاً.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> أتيت من المغرب لتكون في الاجتماع الذي عقدته الأمانة العامة للمؤتمر العربي في دورته التاسعة والعشرين.</p> <p>عن ماذا تمخّضت هذه الاجتماعات؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> في الواقع أنا أتيت لمهمتين، مهمة هي اجتماع الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، ومهمة هي عقد جلسات حوارية ثابتة بين القوميين والإسلاميين، طبعاً على مستوى قيادي وبالنسبة لكافة القضايا.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> ماذا تقصد على مستوى قيادي؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> الحضور أو الحوار يجري بين قيادات إسلامية وقومية.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> قيادات الإسلاميين والقوميين؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> ليس حواراً بسيطاً، له أهمية كبرى. بالنسبة لاجتماع الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، واقعاً هذه المرة هو اجتماع تنظيمي، لأنّ المؤتمر قبل بضعة أشهر انتخب الأمانة العامة للمؤتمر، وانتخب الأمين العام أيضاً الأستاذ مجدي معصراوي من مصر، والأمانة العامة كان عليها أن تجتمع لكي تنتخب نائب الأمين العام وأعضاء اللجنة التنفيذية، ولكي تناقش الأوضاع السياسية الراهنة، وتناقش بقية القضايا التنظيمية، وكان اجتماعاً مهماً جداً، ونحن نتحدّث عن صخبه. أجمل ما في الاجتماع هو نوع من الصخب الإيجابي حول مختلف القضايا.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> الصخب بين مَن ومَن؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> بين أعضاء الأمانة العامة بصفةٍ عامة، نقاش صريح وجدّي وموضوعي، ليست فيه مُحاباة، وليس فيه استنساخ لأفكار قديمة حول القوميّة وغيرها، بل كان اجتماعاً مهماً جداً، وطرح مختلف القضايا وناقش.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> على كل حال، لنا عودة بالتفصيل إلى هذا المؤتمر، لأنه دائماً هناك مآخذ على مؤتمرات القوميين بشكلٍ عام. لكن في الشقّ الآخر من مهمتك كما أسميتها، كانت هناك اجتماعات ما بين القوميين والإسلاميين، حوار، نقاش، نريد أن نفهم أكثر، لأنه هناك دائماً علاقة جدلية يُحكى عنها ما بين القوميين والإسلاميين، وهم على طرفي نقيض في الأيديولوجيا، في المشاريع، في الأفكار السياسية، الرؤية. ما الذي جرى في هذا الاجتماع؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> أولاً يجب العودة إلى الوراء في ما يتعلّق بعلاقة القوميين بالإسلاميين، الأمر يعود إلى عام 1988 عندما نظّم مركز دراسات الوحدة العربية ندوة حول القومي والإسلامي في القاهرة، والتي خرجت بفكرة ضرورة خلق إطار للقوميين أولاً، ومن أجل توحيد وجهات النظر، من أجل خلق كلّ ما يمكن القيام بدور للقوميين، وأيضاً لخلق إطار لحوارٍ دائمٍ ما بين القوميين والإسلاميين، ومنذ عام 90 انطلقت العملية، وكانت حقيقة من أهم ما أُنجِز خلال مرحلة التسعينات، لأنها بدأت تخلق نوعاً من الانسجام حول قضايا الأمّة بين تيارات مختلفة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> لكن هناك مَن يقول بأن هذا الانسجام كان شكلياً فقط، غير واقعي، غير حقيقي؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> لا، أنا أعطيك مثال المغرب، وإن كنت لا أريد الحديث عن قُطري لكن.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> على كل حال، هذا الموضوع في الحلقة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> المغرب فيه تجربة فريدة وليست خاصة بالمغرب، هذا مثال، هناك إطار وأصبح إطارات في ما بعد لمناقشة قضايا الأمّة ولاتّخاذ قرارات نضالية في شأنها وإنجازها بشكلٍ جماعي. إذا سمعنا عن مسيرات الملايين في المغرب، وعن التظاهرات الكبرى التي لا يمكن تنظيمها في مكانٍ آخر، فسببها هو أنّ العمل كان عملاً جماعياً. عندما هذا التنظيم أو ذاك ينظِّم شيئاً خاصاً به يكون النشاط أقل بكثير من مستوى النشاط الجماعي. هذه الفترة عرفت تطوّراً وتطويراً. جاء ما جاء بعد 2011، هنا وقع إشكال وهذا أمر يجب أن نعرفه، لأنه أمر أساسي، وقع إشكال بين جزء من القوميين، والقوميين والإسلاميين، والإسلاميين والقوميين والإسلاميين، وخاصة في تقدير الموقف من بعض الحالات، موضوع سوريا، موضوع مصر، إلى آخره، ووقع نوع من الفتور في العلاقة بين القوميين والإسلاميين.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> ليس الفتور فقط، أنت تريد أن تقلّل من وطأة الانشقاق في الرأي حول القضايا العربية.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> أنا أقول فتوراً بين القوميين والإسلاميين في ما يتعلق بالعلاقة. طبعاً هذا تنتج منه صراعات وصلت إلى حدود قصوى في بعض الأماكن، وهذا أمر معروف، لكن مع ذلك، تمسّكنا بأن يستمرّ الحوار بين القوميين والإسلاميين، ولذلك عقدنا دورتين كانتا مهمّتين للحوار، وعقدنا الدورة الثالثة للحوار بالأمس، ويمكن أن أقول بكل موضوعية، إن اجتماع الأمس يمكن أن نعتبره، كان اجتماعاً تاريخياً.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> لماذا؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> تاريخي لأنه ظهرت فيه بوادر العودة للتوافق حول قضايا قومية.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> القضايا القومية، تقصد سوريا، العراق، ليبيا، لبنان؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> كل القضايا القومية. ناقشنا مثلاً، المحور الأول الذي ناقشناه هو ثوابت الأمّة في علاقتها بما تعرفه الساحات العربية من إشكالات، وكان الهدف هو العودة إلى تحديد الثوابت وهي معروفة، وإلى تحديد طبيعة هذه الثوابت ومفاهيمها إلى آخره، من أجل الوصول إلى مناقشة القضايا الخاصة، انطلاقاً من هذه الثوابت المشتركة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> على ماذا التقيتم ولماذا اختلفتم؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني: </strong>يمكن أن أتحدّث عن الالتقاء، وهذا هو الذي كان مهماً بالأمس، عندما أقول تاريخياً فلأنه ظهرت بوادر لقاء عميقة حول ثوابت الأمّة، حول قضية دعم المقاومة ومحور المقاومة مثلاً، حول القضايا المتعلّقة بفلسطين وهل هناك صفقة قرن أو هي موجودة، وما هي طبيعة هذه الصفقة أو هذا المخطّط إلى آخره، حول مفهوم الوحدة، مفهوم الاستقلال الوطني والقومي، مفهوم التجدّد الحضاري، مفهوم التنمية المُستدامة، هذه أمور وصلنا من جديد إلى تحديدها، لأننا نقول نحن مع استقلال الوطن القومي لكن كل واحد يفهمه على طريقته.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> تماماً، وهذا ما نريد أن نقف عنده بطريقةٍ أوسع سيّد السفياني، بأنه حتى الثوابت باتت وجهة نظر ما بين حزب وحزب، ما بين مشروع وآخر حزب، ما بين شخص وآخر حتى في نفس البيت أحياناً.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني: </strong>ما بين شخص ونفسه.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي: </strong>عندما تقول الثوابت نريد إيضاحاً أكبر وأكثر للمشاهدين، بالاختلاف وبالتوافق بالأمس، اتفقنا على أنه لا تطبيع في القضية الفلسطينية، اتفقنا مثلاً على أن موقفنا في الوضع السوري 1، 2، 3، نريد نقاطاً واضحة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> نحن بالأمس لم ندخل في مناقشة القضايا الخاصة باستثناء قضية فلسطين لأن هناك أموراً مستجدّة من الضروري مناقشتها. نحن بالأمس ناقشنا العودة إلى مفهوم أو إعادة كل ثابت إلى مفهومه الحقيقي، والاتفاق على هذا المفهوم لأنه هو الذي سيكون منطلقاً لمناقشة القضايا الخاصة، إذا ما نناقش قضية سوريا نناقشها انطلاقاً من الثوابت التي اتفقنا عليها.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> ما هي الثوابت؟ أعطِني الثوابت بشكلٍ واضح.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> هي التي تحدّثت عنها.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> فلسطين؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> الثوابت هي أشياء عامة، فلسطين هي جزء يُناقَش انطلاقاً من الاتفاق على الثوابت، أي قضية الوحدة، قضية الاستقلال الوطني، قضية دعم المقاومة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> التنمية المُستدامة والاستقلال.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> وفكرة المقاومة والأمور التي تحدّثت عنها. إذاً الثوابت هي هذه، لكن بالنسبة للقضية الفلسطينية كان من الضروري أن نؤكِّد أموراً كثيرة. أنت تحدّثتِ عن موضوع مقاومة التطبيع هذا.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> دعنا نرجئ هذا الموضوع لو سمحت قليلاً. نبقى في إطار القوميين والإسلاميين وكل هذه المؤتمرات، إن كانت تعقد على مستوى حوار القوميين مع الإسلاميين أو حتى مؤتمر الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي.</p> <p>هناك من يقول ما فائدة هذه الاجتماعات؟ ما فائدة هذه المؤتمرات أصلاً؟ ما الذي تُضيفه؟ ما الذي تقدّمه للمجتمعات المأزومة والشعوب المأزومة والدول المأزومة أصلاً؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> إذا عدتِ إلى تاريخ المقاومة في لبنان، كانت هناك مقاومة وطنية ثم نشأ حزب الله في لبنان. العودة تجعلنا ندرك ما قيمة هذه اللقاءات والحوارات، لماذا؟</p> <p>لأنه انطلق ببضعة نفر، لكنّه صار مشروعاً ضخماً وكبيراً، وحاجزاً ضدّ كل الأخطار التي تهدّد الأمّة وصار محوراً لمحور المقاومة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> كيف؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> هذه اللقاءات ضرورية جداً، لأنها هي اللقاءات التي من شأنها أن تقلّص دوائر الخلاف بين المكوّنات الأساسية للأمّة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> لكن هناك مَن يعتبرها جعجعة بلا طحين؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> نحن لم نعمل جعجعة، لو لم آتِ إلى هنا ما كان أحد يعرف أننا اجتمعنا، مثلاً، أنا الآن لا أتحدّث عنها انطلاقاً من جعجعة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> يقال إن هذه المؤتمرات فقط ترفع شعارات ولكن في التطبيق لا شيء ملموساً على أرض الواقع.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> إذا عدت إلى ما جرى في الوطن العربي وإلى ما يجري، سوف تجدين أن كل، أو لا أقول كل لأنني عندها سأبالغ، ولكن الجلّ الأكبر مما يجري من تحرّكات شعبية، من عمل من أجل قضايا الأمّة، من كذا، يكون بقيادة إما قياديين في المؤتمر القومي أو في المؤتمر القومي الإسلامي، يجب أن نعود إلى هذا، وهذا لا يتأتّى إذا لم يكن هناك لقاء وإذا لم يكن هناك اتفاق وإذا لم نصرّف هذا الاتفاق على مستوى الأقطار، مثلاً عندما أعود إلى المغرب عليَّ أن أعقد لقاء بين القوميين والإسلاميين، أن يتّفقوا، أن يعودوا إلى الاتّفاق على الثوابت رغم أننا في المغرب نحن ليس لدينا أيّ إشكال، أن يعودوا إلى تدقيق مفاهيم الثوابت، أن ينظّموا أشياء مشتركة، ضد مخطّط صفقة القرن الصهيوني من أجل نصرة القضية الفلسطينية.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> على كل حال، في هذا الإطار أستاذ السفياني سنستمع سوياً إلى ما جاء في الغد الأردنية ثم نعود لمناقشة التفاصيل أكثر.</p> <p>إذاً إلى الغد الأردنية مشاهدينا.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>الغد الأردنية:</strong> ما موقف العرب في حقبة صعود القومية..؟! علاء الدين أبو زينة</p> <p>إذا قلتَ "قومية عربية" أمام بعض العرب مرتين، أغمِي عليهم. بل إنّ هناك هروباً غير مفهوم من إعادة التفاوض مع هذا المفهوم عندما يتعلّق الأمر بالعرب بالذات، في تناقضٍ مع اتجاهات العالم كله. كلّ ذلك مع أنّ البدائل: الدولة القُطرية، والقبيلة، والطائفة الدينية، والاستجارة الفرديّة بأيّة قوى عظمى خارجية، أسفرت عمّا نشاهده اليوم في أوطاننا من دمار، لا أكثر ولا أقل.</p> <p>لا تخرج القومية العربية، أو العروبة، كمفهوم، عن كونها "الإيمان بأن الشعب العربي شعبٌ واحدٌ تجمعه اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح، وبأنّ دولةً عربيّةً واحدةً ستقوم لتجمع العرب ضمن حدودها من المحيط إلى الخليج"، بحسب تعريف "ويكيبديا". بل إن المؤمنين بالعروبة، كهويّة، على هذه الأسس تخلّوا عن فكرة الوحدة الاندماجيّة والدولة العربيّة الواحدة، واقترحوا مفهوماً أكثر براغماتية للوحدة العربية، "أقرب إلى المشروع الأوروبي، وهو الدعوة للانصهار في كتلةٍ ذات سياسةٍ خارجيّة موحَّدة، وذات ثقلٍ اقتصادي كبير يقوم على التكامل الاقتصادي والعملة الموحَّدة وحرية انتقال الأفراد والبضائع بين الأقطار المختلفة، بالإضافة لتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك للوصول إلى اتحادٍ عربي مع المحافظة على خصوصيّاتٍ اجتماعيّةٍ أو ثقافيّةٍ قد توجد في بعض المناطق العربية".</p> <p>إحدى سمات القومية العربية أنه في حين أنّ "القومية الجديدة" الغربية هي اتجاه متراجع نحو تضييق الهوية، فإن القومية العربية هي اتجاه تقدّمي نحو توسيع الهوية على حساب الهويات الفرعية. وبذلك، يُفترض أنها تسير في عكس الاتجاهات النرجسية السلبية الموصوفة في تعريف "القومية الجديدة". وبالوسع تصوّر إيجابيّات استعادة القومية العربية ومفاوضتها، والتي ستُثبِت دائماً أنها ربما الحلّ الوحيد الآمل لمستقبل العرب.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> هل توافق على ما جاء في المقال؟ وهل القومية الجديدة على أسُس غربية هي البديل عن قومية الاندماج الجغرافي والسياسي وكل ذلك؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> هي أولاً، في البداية في المقال، تجنٍ على القومية العربية، لكن بالخلاصة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> لماذا تجنٍ؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> تجنٍ لأنه عندما أقول، عندما يسمع المواطن العربي كلمة قومية عربية مرتين تصيبه.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> أليس هذا واقعاً؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> هذا غير حقيقي، وهذا أمر مخدوم ضد الأمّة بأكملها، هذا الكلام، هذا القول، لأنّ القومية العربية بمفهومها الجديد والذي خلص إليه المقال، هي قوميّة جامعة، هي وعاء لكل مكوّنات الأمّة من دون استثناء، بغضّ النظر عن المذاهب، عن الأعراق، عن كل ما يشكّل فروقات أو نقاط مشتعلة أو قابلة للاشتعال. هذا الوعاء الشامل هو مُخالِف لمفهوم القومية السابق، أنا تحدّثت عن عدم استنساخ المفهوم القديم، عندما كنا نتحدّث في السابق عن القومية العربية، نتحدّث عن مفهومٍ ضيّق جداً، ولذلك وقع انشقاق داخل حزب البعث، ولذلك وقع انشقاق بين الناصريين ولذلك وقع كذا.</p> <p>المفهوم الجديد الذي يطرحه المؤتمر القومي العربي وبقية المؤتمرات ذات الأهداف المشتركة هو مفهوم الوعاء الحاضن لكلّ مكوّنات الأمّة، وهي الطريق الوحيد للحفاظ على الأمّة العربية، وللتصدّي لكلّ المؤامرات التي تُحاك ضدّها، ولكل أشكال نهب ثرواتها، والإبقاء على تبعيتها للغرب وللكيان الصهيوني وللمشاريع التي تستهدف القضية الفلسطينية إلى آخره.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> نفهم منك بأن مفهوم القومية الجديدة أنت تؤيّده، هذا بالبداية؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> طبعاً، طبعاً.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> ألا يمكن أن يضيّع الهوية مثلاً برأيك؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> الهوية هذه هي، هويتنا أننا عرب مسلمين ومسيحيين نقول عربي إسلامي أو عربي، لأن في العربي نجد الإسلامي والمسيحي.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> مشروع القومية الجديدة أين يتموضع فيه الإسلاميون؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> أنا في لقاء سابق على الميادين قلت بأنّ عندما نتحدّث عن القومية العربية كوعاء جامِع، فيجب أن نسأل، السيّد حسن نصر الله هل هو قومي عربي أم لا، وهو زعيم مقاومة زعزعت كيان الصهيوني إلى آخره، مثلاً إسماعيل هنيّة هل هو قومي عربي أم لا، هؤلاء أعضاء في المؤتمر القومي العربي.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> أعضاء؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> أعضاء، شفاه الله الدكتور رمضان شلح عضو في المؤتمر القومي العربي ونائبه زياد نخالة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> بغضّ النظر عن رموز الأحزاب وعن عضوية هذه الرموز أو الأحزاب، أنا أتحدّث عن الفكر، عن الأيديولوجيا بشكلٍ عام، هل ستكون مشمولة؟ أين هي موجودة في المشروع الجديد، مشروع القومية العربية لأنه هناك اختلاف أيديولوجي أصلاً بالمفاهيم كي نكون واقعيين؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> هناك اختلافات أكيد وأحياناً اختلافات جوهرية، لكن هناك نقاط التقاء متعدّدة. نحن نشتغل على نقاط الالتقاء ونؤجّل أو نخترق حوار بعض الأشياء الخلافية، لكن المهم في هذه القضية، ليست قضية عضوية فلان، أنا أعطيت ربما أمثلة في ما يتعلّق بالعضوية داخل المؤتمر، لكن هذا يعني أن العضوية في المؤتمر في الأردن أو في سوريا أو في البحرين أو في السعودية أو في مصر أو كذا، العضوية في المؤتمر هي ذاتها.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> ولكن لحد الآن، لم تجبني على موضوع، أين هم الإسلاميون من هذا المشروع، بطريقةٍ محدّدةٍ وباختصار ومن دون تدوير الزوايا؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> أنا لا أدوّر الزوايا، ربما لا أعرف رغم أنني محامٍ. أنا تحدّثت عن الموقع من خلال تجميع قوى الأمّة، ولم أتحدّث عن الأيديولوجية أو عن المشروع. هناك مشروع نهضوي عربي. هذا المشروع النهضوي العربي نوقش لمدة سنين، وكان في مناقشته كل المكوّنات بما في ذلك الإسلاميون بقيادات أساسية إسلامية. لما أقول قيادات أساسية.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> مثل مَن؟ عمَّن تتحدث عن قيادات إسلامية؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> أتحدّث مثلاً عن جماعة حماس، عن جماعة النهضة، عن تنظيمات إسلامية في المغرب، عن حزب الله والجماعة الإسلامية، عن الإخوان المسلمين. هؤلاء شاركوا في مناقشة المشروع النهضوي العربي.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> لكن هم يتّفقون على نقاط وهذا كان بالتجربة واضحاً، خاصة في السبع سنوات الأخيرة، ويختلفون على ملفات أخرى وتجلّى ذلك بكل الممارسات، لأنه نريد الذهاب إلى فاصل قبل ذلك.</p> <p>قبل ذلك، قلت نتّفق على الالتقاء ونستبعد النقاط التي نختلف عليها. إلى متى ستبقى أزمة النكران موجودة عند العرب؟ هذا نكران، نهرب به من الاشتباك.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> إذا قلت بالأمس الاجتماع تاريخي فلأننا شعرنا جميعاً، كل الحاضرين وكل التنظيمات بأننا تقدّمنا كثيراً في العودة إلى المفاهيم الأساسية بالنسبة للقضايا الأخرى، طبعاً ما زالت تحتاج إلى حوار، إلى نقاش، لكن نحن لا نقف عند نقاط الاختلاف، لأن اسمحي لي أن أقول لك، الغرب عندما يريدون مناقشة قضاياهم يبدأون بالقضايا الاتفاقية، يتّفقون حولها وحول كيف ينفّذون، وبعد ذلك ينطلقون في مناقشة المُختلَف عليه، مثلاً الاتحاد الأوروبي، الدستور الأوروبي بقي لسنوات والاتحاد الأوروبي قد نشأ. الغرب ورث فينا وأدخل في ذهننا العكس، أن نبدأ بنقاط الخلاف وبالتالي لا نصل إلى نقاط التقاء.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> وبالتالي أنتم تريدون استنساخ التجربة الغربية الآن، تبدأون بنقاط الالتقاء وتبتعدون عن النقاط الخلافية؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني: </strong>لا، أبداً.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> متى ستناقشون النقاط الخلافية؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> بدأنا في مناقشتها.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> فاصل قصير ونعود للنقاش. فاصل قصير ونعود من جديد مشاهدينا إلى حوار الساعة. ابقوا معنا.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong><u>المحور الثاني</u></strong></p> <p><strong><u>&nbsp;</u></strong></p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> من جديد أهلاً ومرحباً بكم إلى حوار الساعة، التي نستضيف في هذه الحلقة الأستاذ خالد السفياني.</p> <p>نستمع مباشرة إلى ما جاء في الحياة حول التسوية التصفوية في فلسطين تسليم بالتهويد الناجِز. نستمع ومن ثم لنا عودة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>الحياة:</strong> التسوية التصفوية في فلسطين تسليم بالتهويد الناجِز، ماجد الشيخ</p> <p>لا تزال تستأنف المشروعات الاستيطانية اليوم تهويد المزيد من الأرض، واغتصاب ممتلكات المزيد من أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس.</p> <p>وما يجري في قرية الخان الأحمر، يلخّص من جديدٍ مشروع نكبةٍ جديدةٍ مُصغّرة، يُراد اليوم تكرارها في ظلّ السلطة الناتجة من اتفاقي أوسلو، بحق جزء من شعب الأرض والوطن الفلسطيني في عاصمته التاريخية (القدس)، حيث تريد إسرائيل إخلاء القرية وهدمَها بالكامل وتشريد سكّانها، ضمن مخطّطٍ يهدف إلى هدم 46 تجمّعاً بدوياً في القدس والضفة الغربية، من أجل إقامة مخطّط استيطاني كبير يُعرَف باسم (E1) وهدفه الأساس فصل مدينة القدس المحتلة عن مناطق الضفة الغربية، كما يهدف إلى تقسيم الضفة وفصل مناطقها الشمالية عن الجنوبية. فأين يمكن أن تقام الدولة في منطق الأوسلويين ومن أجل مَن؟</p> <p>تسعى قوى التسوية التصفوية التي تشكّلت اقليمياً ودولياً بموجب تلك الصفقة، للمصادقة على وأد "حل الدولتين" وتغييبه نهائياً من مسرح المنطقة، وذلك عبر نزع إلزامية حق العودة وإنهاء قضية اللاجئين، وعنوانها الأبرز (الأونروا) بموجب القرار الدولي المُلزِم الرقم 194، وهي محاولاتٌ اقليمية ودولية دؤوبة، يسعون الآن لتكون خاتمة مطاف تسوية طال انتظارها من جانب مَن راهنوا طويلاً وطويلاً جداً، على إمكان أن تتحقّق شعاراتهم غير الواقعية، ووأدوا الكثير من موجات المقاومة والحراكات الشعبيّة والانتفاضيّة من أجل رهاناتهم الخاسِرة. وكان ينبغي أن يدركوا أنّ اتفاقيّ أوسلو قد ماتا مع موت رابين، وأنه لم يعد هناك "إجماعٌ صهيونيٌ صلب" يقف خلفهما، بينما يوجد اليوم على رأس المؤسّسة الإسرائيلية الحاكِمة يمينٌ استيطانيٌ مُتطرّف، نشر رؤيته غرباً، وها هو ينجح في نشرها شرقاً، أي في شرقنا الاقليمي وحتى العربي.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> على ما يبدو أن هذه الصفقة قطعت أشواطاً، هذا ما نراه الآن في كل ما يتجلّى. كيف يمكن وقف هذه الصفقة؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> أولاً بالأمس من الأمور التي ناقشناها، هل هناك صفقة قرن أم لا.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> حتى هذه الساعة يناقش هل هناك صفقة؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> لكن الخلاصة التي خرجنا بها هو أنها سُمّيت صفقة أو سُمّيت مخطّطاً أم سُمّيت أي شيء، فهي مخطّط لاجتثاث القضية الفلسطينية وتصفيتها ولخلق جغرافية جديدة في منطقتنا العربية، وهذا أمر أصبح ملموساً، الكيان الصهيوني والإدارة الأميركية ينفذان قرارات الواحد تلو الآخر. في البداية ذهبوا إلى قمّة الأشياء التي هي القدس ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، واعتبار القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني، بما فيها ما يُسمّى بالقدس الشرقية، نحن لا نؤمن لا بشرقية ولا بغربية، القدس وفلسطين، وهذا سيتحقّق، ثقي بأنه سيتحقّق.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> كيف سيتحقّق؟ هنا السؤال.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> سيتحقّق.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> بالشعارات لا يوجد شيء يتحقّق.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> لا، ليس بالشعارات، هناك شعب لم يسبق له نظير في التاريخ، الشعب الفلسطيني شعب، قال عرفات رحمه الله مرة إنه شعب الجبّارين، فعلاً، بالونات أصبحت تهزّ استقرار الكيان الصهيوني، بالونات هوائية وليس صواريخ أو طائرات أو أي شيء آخر. هناك قرار القدس، تبعه قرار يهودية الدولة، أي أن تصبح ليس دولة تعتنق الديانة اليهودية، أن تصبح دولة لليهود، أي أن يُطرَد أكثر من مليون ونصف فلسطيني.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> دولة أبارتايد يعني؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> لا، دولة لليهود، دولة عنصرية.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> دولة عنصرية، هذه هي، أبارتايد.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> دولة عنصرية لليهود، جاء بعدها قرار الأونروا من أجل العمل على تصفية قضية اللاجئين وجاءت بعض القرارات الأخرى مثل الآن العمل على هدم قرية بكاملها، إلى آخره.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> أستاذ خالد السفياني، كي أستفيد منك أكثر في خلال هذا الوقت ولا نضيّعه بسرد الأحداث لأنه كل يوم تُعرض في الأخبار، كيف يمكن وقف صفقة القرن؟ تتحدّث عن شعبٍ فلسطيني جبّار، هذا واضح جداً، لكن شعباً فلسطينياً في غزّة يُحاصَر، شعب فلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة يعاني يومياً. الحاضنة، الرافعة العربية أين هي؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> الرافعة العربية لا يمكن أن تكون إلا رافعة شعبية حتى، لأن هناك في التقرير الذي تقدّمت به، تحدّثت عن خيانات وعن تواطؤ وعن كذا، هناك من يقول بأن ما يُسمّى بصفقة القرن أو مخطّط التصفية أو كذا مصدره الإمارات وليس كوشنر أو غيره من الإدارة الأميركية، جاء بعد ذلك وكانت هي الأصل وربما لا تكون هي الأصل، هناك أنظمة عربية متواطئة بشكلٍ علني، وفي محاولات لفكّ الحصار عن الكيان الصهيوني، على المستوى الدولي هناك معركة كبرى لمقاطعة الكيان الصهيوني على جميع المستويات، وفي الوطن العربي هناك قيادات وحكّام يعملون ليلاً نهاراً من أجل التطبيع مع الكيان الصهيوني وخلق واقع جديد في العلاقة به، لكن على مستوى الشعوب، على مستوى أبناء هذه الأمّة، هناك رفض شبه جماعي، أنا أقول شبه جماعي حتى لا أتهَم بالمُغالاة، شبه جماعي، رفض لهذا المخطّط ورفض لتصفية القضية الفلسطينية وانخراط في فكر المقاومة وفي معركة المحور المقاوِم إلى آخره ودعم لهذا المحور.</p> <p>طبعاً ليس هناك العمل الكافي حتى نكون واضحين، لا يمكن أن أدّعي بأنّ تظاهرة أو مسيرة فيها مليونا شخص يمكن أن تضاهي عمل سيّدة فلسطينية قدّمت أبناءها الخمسة ليستشهدوا من أجل فلسطين، وظلّ لها واحد فقدّمته شهيداً سادساً، هذه المرأة تساوي أكثر من مسيرة مليونين، حتى نكون واضحين، لكن يجب أن يقع تصعيد جماعي، وهذا من مهام قيادات وأعضاء هذه المؤتمرات وغيرها في ساحاتهم، أن يقع تصعيد عمل جماعي ضد هذا المخطّط، أن تناهض كل أشكال التطبيع. التطبيع لم يعد مجرّد تطبيع مع الكيان الصهيوني، وهذا يجب أن ندركه، أصبح يستهدف اختراق الاستقرار في الوطن العربي، في العديد من الدول ويجب مواجهته، ولذلك نحن في المغرب مثلاً وهناك محاولات في دول أخرى عربية، تقدّمنا بمقترح قانون بتجريم التطبيع ونناضل من أجل أن يتحقّق، أن ننخرط في معركة المقاطعة على المستوى الدولي التي أعطت نتائج أزعجت الكيان الصهيوني بشكل كبير، واضطرته إلى خلق آليات لمواجهة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> أستاذ خالد السفياني، أنت ذكرت فعلاً نقاطاً مفصلية في إجابتك الأخيرة. عندما تتحدّث عن تجريم التطبيع، هناك دول بأكملها باتت تطبّع، لا نكشف سرّاً عندما نتحدّث.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني: </strong>لا، أنظمة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي: </strong>تماماً، عن أنظمة عربية، عن أنظمة خليجية بالتحديد باتت تطبّع، ولديها مناورات مشتركة مع الإسرائيلي، وعندها وفود تذهب إلى الأراضي المحتلة لتلتقي بالإسرائيلي، وتلتقي وفوداً أيضاً في بلادها. كل هذا لم يعد سرّاً. كيف يمكن أن نجرّم التطبيع وهذه الأنظمة تقوم بتطبيع مجاني وتسهّل وتدعم؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> أولاً هناك جحيم ينتظر المتواطئين على القدس وعلى فلسطين، أقول الجحيم.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> لماذا؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> لأن قضية القدس هي قضية، ليست مجرّد قضية عاطفية، هي قضية مقدّسة بالنسبة لكل مسلم وكل مسيحي.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> ما الذي سيحدث مع هؤلاء؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> هؤلاء أولاً الجحيم ينتظرهم وليعلموا ذلك. ثانياً، هؤلاء ما داموا ضد إرادات شعوبهم، وما داموا يُستنزَفون، يدفعون مئات الملايين للإدارة الأميركية من أجل خدمة الكيان الصهيوني ويتواطأون، عندما ينتهي دورهم سوف يسقطون كورق التوت في مناطقهم، ويجب أن يعلموا أن دورهم آتٍ. لكن دورنا نحن أن نناهض هذه العملية التطبيعية، دورنا نحن أن نقوم بكل ما يمكن وسهل، ليس صعباً جداً، مثلاً آخر شيء مثلاً في المغرب كانت ستشارك ثلاثة أفلام مغربية في مهرجان حيفا الإسرائيلي، وتحرّك الشارع أو المواطن المغربي ضدّ ذلك، فقرّر أصحاب الأفلام سحب هذه الأفلام مثلاً.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> أستاذ خالد، هذا الحديث يطرح نقطتين مهمتين، الأولى لها علاقة بالتنمية المُستدامة التي ناقشتموها أيضاً في المؤتمر، والثانية سأطرحها عليك بعد الإجابة عن هذا الموضوع. التنمية المُستدامة، إلى أي حد فعلياً يمكن الآن أن تنهض بالوعي العربي، هذا الوعي العربي الذي عُمِل على تفتيته وتضليله خصوصاً في السبع سنوات الأخيرة؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني: </strong>التنمية المُستدامة هي السبيل إلى خلق استقرار مجتمعي في كلّ الدول، وعدم التفكير في التنمية المُستدامة والاستمرار في اقتصاد الريع وفي الامتيازات وفي الفساد الاقتصادي، هذا هو الذي يخلق حاضنة لزعزعة استقرار أيّ بلد، ولذلك مطروح على الجميع، لكن أنا أعتقد أنّ التنمية المستدامة في المرحلة الراهنة يجب أن تتماشى مع الأشياء الأخرى.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي: </strong>كيف؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> كيف؟ يجب أن نؤمن بأمّتنا أولاً، ويجب أن نؤمن بأنه لا سبيل لتحرير أمّتنا ولاستقلالها القومي والوطني ولتحرير فلسطين ولشطب ما يُسمّى بدولة إسرائيل من الخارطة، هذا يتطلّب مقاومة، ويتطلّب دعم المقاومة، وهو عمل متوازن، وخلق وسائل لتطوير الديمقراطية والحرية والكرامة للمواطن، لأنه من دون حرية وكرامة للمواطن لا يمكن أن نصل إلى، ورأينا في بعض الأقطار أنّ هناك بعض المُنجزات في ما يتعلّق بالجانب الديمقراطي، لكن ما زالت هذه الأقطار في طريقها إلى محاولة الانتقال إلى الديمقراطية، وهذا يتطلّب نوعاً من العمل المشترك التشاركي حتى على المستوى الوطني، ولو كانت هناك خلافات، وهناك تجربة في تونس لها أهميتها، وهناك تجربة في المغرب لها أهميتها، لكن لم تصل بعد إلى مستوى أننا بنينا.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> ربطت حضرتك التنمية المُستدامة بدعم المقاومة، وهذه نقطة مهمّة جداً قد لا يقبلها حتى البعض، لكن السؤال هنا الذي قلنا بأنه سنسأله، المقاومة وتيارها الممتد نحو العالم الإسلامي والشعوب الحرّة، يقابله كما قلنا تيار آخر يريد التواطؤ والاستسلام لجبروت كل المخطّطات الاستعمارية والقوى الاستعمارية المعروفة أصلاً.</p> <p>المشهد ككلّ كيف تقوّمه لجهة التفاعُلات على الأرض الآن في النتائج؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> أنا سأقول لك شيئاً، قد تفاجَئين، أنا شخصياً متفائل جداً في قرب نهاية الكيان الصهيوني.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> والله؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> والله متفائل جداً.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> على أي أساس؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> أنا أقول لك إن الكيان الصهيوني الآن في أضعف حالاته والإدارة الأميركية في أضعف حالاتها، رغم كلّ ما نرى، عندما تحدّثت عن بالون يؤرق أقوى كيان في المنطقة، هذا له دلالته بالنسبة لهذا الكيان، عندما هذا الكيان لا يستطيع أن يوقف ضربات المقاومة الفلسطينية، عندما يقصف هو، هذا دليل على ضعفه، عندما الإدارة الأميركية تبحث عن حلول ما كنّا نحلم بأن تفكّر فيها من قبل، رغم القرارات العنترية والكويبوية التي تقع بالنسبة للقدس وبالنسبة ليهودية الدولة إلى آخره، هذه أشياء أنا أعتبر أنه وقع إسقاطها، ما يسمّى بصفقة القرن وقع إسقاطها رغم هذه القرارات، إسقاطها فقط في غزّة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> المحور الآخر، تحدّثت عن غزّة وباتت الصورة واضحة بالنسبة لرأيك، لكن عندما نتحدّث عن هذا الموضوع، هناك محور مقاوِم، يُقال دائماً، تعلّمنا دائماً بأنه حتى الطريق إلى القدس يبدأ من دمشق، هذا ما كنا نسمعه. الآن هناك مَن قاوم في سوريا، في العراق، في محور يمتد من إيران وصولاً إلى لبنان ويُدعم حتى روسياً.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> هذا هو محور المقاومة. عندما نتحدّث عن دعم المقاومة، عن تشبّع بفكر المقاومة، عن انخراط في هذا الفكر إلى آخره، فنحن نتحدّث عن هذا المحور ونتحدّث عن دعم هذا المحور، لأنه في النهاية مَن يقاوم؟ فلسطين هي جزء، المقاومة الفلسطينية هي جزء من هذا المحور. هناك أشياء على المواطن العربي أن يعرفها. ما يُسمّى باتفاق أوسلو انتهى، شُطِب، وأصبح أوراقاً لا قيمة لها وشُطِب من طرف الكيان الصهيوني والإدارة الأميركية، وما زال هناك مَن، نحن نقول في الدارجة المغربية، يقرّش، يحاول أن يبقى.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي: </strong>يتمسّك.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> لا يتمسّك، يجب أن تتمّسك بشيء، هذا لا شيء، في فلسطين الآن الكل مقتنع.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> أستاذ خالد عندما نتحدّث عن كلّ هذا الموضوع، في النهاية قلت لي تحت الهواء بأنه كان هناك حديث عن بعض الملفات. نريد أن نفهم رأيك أكثر بالنسبة لموضوع سوريا، ليبيا حتى من وجهة نظر المغرب الكبير، كل القضايا العالقة المهمة، العراق مثلاً كيف يراها حتى الإسملايون الآن؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> أنا لن أذكر لأنه كما قلت في البداية لم تقع مناقشة قضايا بذاتها، نحن أنجزنا أرضية لإسقاطها على كل القضايا. نحن مثلاً على مستوى المؤتمر القومي، منذ البداية، بالنسبة لقضية سوريا، نقول سوريا فيها شعب له مطالب مشروعة، وبالتالي يجب أن يقع إصلاح سياسي في سوريا، لكن شعباً يقاوم محاولات الاحتلال وحرباً عالمية، وبالتالي يجب أن نناهض كل تدخل الأجنبي، ونحن نعرف الآن أن ما يجري ضد سوريا 90 بالمئة منه.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> مَن أنتم؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> أتحدّث عن القوميين، والشق الآخر كأنه نحن نعرف أن الشق الإسلامي كذلك ليس متفقاً حول نظرة واحدة بالنسبة لسوريا ولا نظرة واحدة بالنسبة لمصر كما القوميين، هناك اختلافات وهذه من الأشياء التي تجعلنا.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي: </strong>اختلفت ربما من سبع سنوات حتى الآن؟</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني:</strong> الآن أنا قلت إنه اجتماع تاريخي، وأريد أن يُفهَم هكذا لأنه الآن بدأنا نصل إلى إطار يجمع الجميع في موقف واحد حول القضايا الخاصة مثل قضية سوريا وقضية ليبيا وقضية مصر وقضية العراق واليمن والبحرين.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي:</strong> أشكرك. انتهى الوقت بالكامل أستاذ خالد السفياني المنسّق العام للمؤتمر القومي العربي.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني: </strong>الوقت قليل عندكم بالبرنامج.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباس: </strong>مرّ بسرعة، ساعة كاملة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>خالد السفياني: </strong>لم نشعر بها.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>فتون عباسي: </strong>تسلم، وهذه الحلقة إذاً مشاهدينا من حوار الساعة انتهت. نلقاكم في حلقة مقبلة. دمتم سالمين.</p> <p>&nbsp;</p>