لوبي سعودي في واشنطن: الجدوى والفعالية

يبدو توقيت "الاعلان" عن السعي لتشكيل لوبي سعودي أنه يأتي في سياق تحولات دولية واقليمية بارزة تشهد فيها الولايات المتحدة تراجعاً في مدى اهتماماتها الاقليمية، "وتحول أولوياتها صوب الشرق الاسيوي" لمقارعة صعود الصين القوي وتقييد اللاعب الروسي، بعد أن فرض التعددية القطبية على الاستراتيجية الاميركية.

معظم الانظمة العربية توظف طاقات وأموال كبيرة لإنشاء عدد كبير من المؤسسات واللوبيات
مناسبة هذا العرض ليس لغرض سبر أغوار إنشاء مجموعة ضغط لدى السلطتين التشريعية والتنفيذية في واشنطن، رغم أهميته الفائقة، وتبيان الخلل البنيوي في ذهنية التفكير بذلك للتنافس أو التماهي مع اللوبي الاسرائيلي فحسب، بل لكشف ضياع البوصلة لدى القوى المتنفذة في القرار الرسمي العربي وديمومة مراهنتها على نظرية تثبت تصورها الخاطئ بأن "أوراق الحل بيد أميركا"، وهدرها للاولويات والتحديات المعيشية التي تعصف بكافة المجتمعات العربية.

يبدو توقيت "الاعلان" عن السعي لتشكيل لوبي سعودي أنه يأتي في سياق تحولات دولية واقليمية بارزة تشهد فيها الولايات المتحدة تراجعاً في مدى اهتماماتها الاقليمية، "وتحول أولوياتها صوب الشرق الاسيوي" لمقارعة صعود الصين القوي وتقييد اللاعب الروسي، بعد أن فرض التعددية القطبية على الاستراتيجية الاميركية. ويأتي أيضاً في أعقاب دخول الاتفاق النووي مع إيران حيز التنفيذ الفعلي والافراج عن أصول إيران المجمدة في المصارف الاميركية والغربية، الأمر الذي يفرض تساؤلاً محورياً حول صوابية الخطوة وهوية المستفيد الحقيقي.

معظم الانظمة العربية، إذا استثنينا سوريا واليمن - والصومال لظروفه الاقتصادية والسياسية الخاصة، وأيضاَ السلطة الفلسطينية، توظف طاقات وأموال كبيرة لإنشاء عدد غير قليل من المؤسسات واللوبيات و"مراكز" وشركات محاماة كبرى تتقاضى مبالغ خيالية لقاء جهد من العسير ترجمته لمصلحة الأمة العربية – ونادراً جداً لصالح الانظمة التي توظفها.

نظرة الدوائر الاميركية المتعددة لمسألة اللوبيات "العربية" وتنويعاتها لا يشوبها أي غموض لناحية هدفها كمصدر للاسترزاق الصرف. واإيكم ما جاء في تقييم صريح وصادم لإحدى المؤسسات التي تتلقى مئات آلاف الدولارات شهرياً. "العديد من الهيئات غير الربحية النافذة في واشنطن تعتمد على دعم الحكومة السعودية، ومنها المجلس الاطلسي .."، وهو أحد مراكز النخب الفكرية في العاصمة الاميركية.

وأضافت أن اللوبي "الجديد" يسعى "لتغيير سياسة الولايات المتحدة الاميركية التي لم تعد تعجب السعوديين كثيراً بعد فشلها في حسم الازمة السورية، وتقاربها الكبير مع طهران". ربما يعجب هذا السرد مصادر التمويل كونه يحاكي غرائزهم ورغباتهم ويدغدغ عواطفهم. أما السياسة الاميركية في الحقيقة فلا تخضع لأهواء أو تقلبات أي من حلفائها، فالفيصل هنا هو المصالح طويلة الامد وهي التي تتحكم برسم خطوط وآفاق السياسة الخارجية الاميركية.

تجربة المجرب ومردود باهت

إنفردت شبكة (سي ان ان) الاخبارية بنسختها العربية الالكترونية بإعلان "انطلاق لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الاميركية – سابراك" في شهر آذار / مارس المقبل، بتعليل يكاد يكون أقرب إلى الطرفة منه إلى أمور وقضايا تؤخذ على قدر عالٍ من الجدية والالتزام والمسؤولية. برر إعلان الشبكة ولادة المؤسسة في سياق "محاولة لاحداث توازن في القرار الدولي .. نظراً لافتقاد المملكة لجماعات ضغط (لوبي) تنقل رأيها إلى المستويات السياسية العليا".

تدقيق عابر بمبرر إنشاء اللوبي يعيد المرء بوعيه وادراكه إلى نقطة الصفر. يقول إعلان شبكة التلفزة إن "مكتب اللجنة .. سيشكل نقلة نوعية في تاريخ العلاقة السعودية الاميركية (والتصدي) لمحاولات تشويه وتنميط أو إساءة لعرض ثقافة المملكة ..".

يدرك القاصي والداني أن "الاساءة" للسعودية مردها السياسات المتخلفة والمسلكيات التبذيرية لمسؤوليها ونخبها الاقتصادية، بل تستحضر رواية اعتداءات 11 أيلول في ذهن الشعب الاميركي مسؤولية معظم الفاعلين من الجنسية السعودية، وفيض الوسائل الاعلامية بروايات الاعدامات التي تقوم بها المملكة كسياسة ثابتة.

وتنبغي الاشارة إلى "شعبية" المملكة السعودية المرتفعة في الوعي الاميركي قبل ربع قرن من الزمن، نظراً "لاستضافتها" القواعد الاميركية والترسانة العسكرية الضخمة، وتأهيل القوات الاميركية على أراضيها عند الاعداد للعدوان على العراق واحتلاله.

ولن يجد المرء عناء في التوصل لقياس توجهات الرأي العام الاميركي، للعامة والسياسيين والنخب الفكرية على السواء، وتدني معدلاتها إلى الحضيض فيما يخص النظرة للمملكة السعودية، التي يطغى عليها "نزعة التعصب وانتهاكها لحقوق الانسان .. وتنفيذها عقوبات الاعدام بحز الاعناق، فضلاً عن تدني مكانة المرأة هناك وحرمانها من قيادة السيارة".

السلطات السعودية كانت تعي منذ زمن عدم الرضى الجمعي وإدانة سياساتها في اميركا بشكل خاص، والدول الغربية بشكل عام. وانفقت في هذا الصدد مبالغ "خيالية" منذ نحو 25 عاماً "لتلميع صورتها داخل الولايات المتحدة".

وأشارت إحدى المؤسسات التي توظفها الرياض إلى أن "المملكة تحتفظ منذ سنوات بعدد كبير من المكاتب القانونية ومؤسسات الضغط، للتأثير في الرأي العام الاميركي وفي السياسة الاميركية". وتغاضت تلك المؤسسات عن تحديد حجم المردود للاستثمارات الضخمة، وعدم استساغة الشعب الاميركي بكافة فئاته سياسات تعود للقرون الوسطى.

سابراك وايباك أبعد من ترادف صدفة

بداية ومن دون الاستناد إلى أي فرضيات أو استنتاجات مسبقة، تدل تسمية "سابراك" على تشابه شديد مع "ايباك"، اللوبي الصهيوني بالغ التأثير في الحياة السياسية الاميركية. الفارق الوحيد هو في إضافة كلمة "شؤون" للأولى. ربما لن يكون هذا دليلاً كافياً لاستنتاج التماهي بين الفئتين، بيد أنه لا يجوز للمرء أن يغفل عن الظروف السياسية المواكبة لانتاج "سابراك" وعلى رأسها اللقاءات العلنية الحصرية بين ضابط الاستخبارات السعودية السابق أنور عشقي مع دوري غولد، مستشار نتنياهو.

عودة قليلة إلى التاريخ القريب تدلنا على رعاية "اللوبي الاسرائيلي" تشكيل لوبي لبناني في واشنطن، منذ بدايات الحرب الأهلية اللبنانية، تزعمها المنظمات والشخصيات اللبنانية المرتبطة بحزب الكتائب والقوات اللبنانية، وتوجت جهود الطرفين بموافقة واشنطن على انتخاب بشير الجميل رئيساً للبنان، في أيلول 1982، ومن ثم شقيقه أمين بعد اغتيال الأول.

مصادر خليجية مقربة من الوزير والسفير السابق عادل الجبير، في واشنطن، أوضحت أن السفارة السعودية في واشنطن "لا تعاني من حرج الاعلان بأن مستشارين من منظمة ايباك شاركوا في الاشراف على تشكيل اللوبي السعودي، سابراك".

أسبوعية "ذي نيشن" المقربة من صناع القرار السياسي أوضحت في تقرير لها، 18 ايلول/سبتمبر 2015، أن الاموال السعودية لا تزال قادرة على شراء النفوذ في واشنطن، على الرغم من تراجع اعتماد الاقتصاد الاميركي على واردات النفط الخام من الجزيرة العربية.

في مطلع العام الماضي، 15 نيسان/ابريل 2015، نشر الصحافي الاميركي الشهير روبرت باري Robert Parry، مقالا صادما افاد فيه ان السعودية دفعت لحكومة نتنياهو نحو "16 مليار دولار، على الاقل، على مدى عامين ونصف .. إسهاماً منها في مشاريع للبنية التحتية داخل إسرائيل – مثل بناء مستوطنات في الضفة الغربية". ونسب الخبر إلى مصدر رفيع في الاستخبارات الاميركية.

باري، من جانبه، نال شهرته في تغطيته المكثفة لفضيحة "إيران كونترا" وهو على رأس عمله في وكالة اسوشيتدبرس الاميركية للانباء، ولا يزال يحتفط بعلاقات ودية مع أجهزة الاستخبارات الاميركية المتعددة.

ونقل باري عن مصادره الاستخباراتية مضمون مذكرة مصنفة "عالية السرية"، أعدها وزير الخارجية الاسبق الكسندر هيغ للرئيس ريغان عقب عودته من جولة في الشرق الاوسط نيسان/ابريل 1981، ذكر فيها أن الامير فهد آنذاك نقل له ما قاله للجانب العراقي بأن قرار غزو إيران سينال موافقة الولايات المتحدة. وأضاف هيغ في مذكرته "كان .. جدير بالاهتمام تأكيد الرئيس (جيمي) كارتر اعطائه الضوء الاخضر للعراقيين عبر (الامير) فهد لشن حرب ضد ايران"، الأمر الذي نفاه كارتر لاحقاً بشدة في مذكراته.

إغداق الاموال بلا حساب

الانفاق السعودي المنظم على شركات ومؤسسات العلاقات العامة المتعددة في اميركا نال اهتماماً خاصاً منذ تسلم الامير بندر بن سلطان مهام سفير العائلة المالكة لدى واشنطن، والذي كان يطلق عليه تندرا ً"لوبي الشيكات المفتوحة"، اذ بلغ معدل الانفاق آنذاك نحو 350 مليون دولار "تصرف على اعلاميين واعضاء في مجلسي النواب والشيوخ .. وبعض النخب السياسية".

وفرة المال السعودي بيد فريق محدود العدد شكل هاجساً مستمراً لشراء النفوذ في مختلف الدول والمجتمعات، العربية والاجنبية، باعتراف أعضاء الاسرة المالكة. في أميركا بالتحديد، تم "توظيف" كبار المؤسسات المعنية بالعلاقات العامة لاستقطاب اعضاء سابقين ونافذين في الكونغرس والادارات المتعاقبة بغية "تلميع أو تلطيف" الصورة النمطية للسياسة السعودية.

أحد مراكز الابحاث الاميركية، معهد الدراسات السياسية، اصدر دراسة حول حجم الانفاقات السعودية قدرها بنحو نصف مليون دولار شهرياً "على شؤون العلاقات العامة"، استناداً إلى البيانات المتوفرة لدى وزارة الخارجية الاميركية الخاصة بسجلات "العملاء الاجانب". من ابرز تلك المؤسسات: DLA Piper; Targeted Victory; Qorvis/MSLGroup; Pillsbury Winthrop; Hogan Lovells; and the Podesta Group.

وتحظى مؤسسة "كورفيس" بنصيب الاسد من الانفاق السعودي تصل كلفتها نحو 240،000 دولار شهرياً، لقاء خدمات بديهية تتضمن صياغة الخطابات وإصدار بيانات إعلامية ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي وبث بعض الردود عبرها.

السيناتور الجمهوري السابق، نورم كولمان، من أبرز مكونات مجموعة كورفيس، ويرأس احد اكبر "لجان العمل السياسي" للحزب الجمهوري، ولا يزال يحتل منصباً شرفياً في "مجلس الوقفية الوطنية من اجل الديموقراطية"، وهو يهودي الديانة. البيانات المتوفرة تفيد بأن عائلته غيرت اسمها من "غولدمان" الى "كولمان". إبان فترة خدمته في مجلس الشيوخ، وقع كولمان على عريضة، عام 2005، يدين فيها أعضاء الكونغرس الحكومة السعودية لتوزيعها مطبوعات تحرض على "الكراهية لليهود فيما يشبه فعل النازيين من قبل".

وأفادت أسبوعية ذي نيشن، في شهر آذار/مارس 2015، أن كولمان سيبدأ "بتقديم خدمات قانونية لسفارة المملكة العربية السعودية .. (تتضمن) تطورات القرارات السياسية المتعلقة بايران"، لقاء رسوم شهرية معدلها 60،000 دولار. الجانب المثير في هذا الاعلان أن كولمان يلعب دوراً مزدوجاً وفق تصنيفات القوانين الاميركية السائدة: يدير حملة "للجنة العمل السياسي" للحزب الجمهوري، وفي نفس الوقت يعمل مستشاراً لحكومة أجنبية يتلقى أموالا مباشرة لقاء "اتعابه". الأمر الذي حذر منه الكثيرون خشية من الارضية الخصبة التي توفرها للتلاعب والفساد وغياب الرقابة والشفافية.

في الشق السياسي المقابل، تستثمر السعودية في اقطاب الحزب الديموقراطي، من أهمها "مجموعة بوديستا"، للعلاقات العامة التي تتلقى نحو 200,000 دولار شهرياً من مركز دراسات الشؤون الاعلامية المرتبط بالبلاط الملكي مباشرة.

يرأس طوني بوديستا المجموعة المذكورة والتي تعد من أكبر منظمي حملات التبرعات للمرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون، ويحتفظ بصلات وثيقة مع إدارة الرئيس أوباما.

مجموعة "دي ال ايه بايبر DLA Piper" تضم عدد من الموظفين والمسؤولين السابقين، ابرزهم السيناتور ساكسبي تشامبليس وجورج ميتشيل.

الانفاق السعودي الغزير على شبكات العلاقات العامة يشكل عائقاً امام الاقرار بانتهاكات المملكة لحقوق الانسان، التي تعج بها اروقة الكونغرس ووسائل الاعلام، وسرعان ما يتم إطفاء حرائقها بأموال النفط.

المؤسسات "غير الربحية" ايضا تنال بعضاً من أموال النفط، على رأسها مراكز الفكر والابحاث المتعددة. في احدى جلسات الاستماع في لجان الكونغرس لوزير الدفاع السابق، تشاك هيغل، تم الكشف عن تلقي "مجلس الاطلسي" اموالاً سعودية. هيغل، بعد استقالته من منصبه الرسمي اضحى أحد أعضاء المجلس البارزين.

من المراكز الاخرى التي تتلقى أموالا ً"سعودية" مباشرة: معهد الشرق الاوسط Middle East Institute؛ مجلس سياسة الشرق الاوسط Middle East Policy Council؛ مؤسسة بيل وهيلاري وتشيلسي كلينتون.

في منتصف عام 2014 نشرت يومية نيويورك تايمز تحقيقاً حول تنامي نفوذ الدول الاجنبية في واشنطن وتسخيرها مراكز ابحاث مرموقة خدمة لسياساتها الآنية. وقالت إن "الترتيبات تشمل معظم مراكز الابحاث الكبرى والنافذة في واشنطن، منها معهد بروكينغز؛ مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية؛ والمجلس الاطلسي. كل واحد منها يتلقى أموالاً من مصادر اجنبية، (لقاء) تقديم دراسات سياسية، وترتيب منتديات نقاشية وعقد لقاءات خاصة مع مسؤولين رسميين رفيعي المستوى والتي عادة تتعلق باجندات الحكومات الاجنبية".

المملكة السعودية ليست الوحيدة التي تسخر ثروتها المالية في مراكز الابحاث الاميركية، بل تتسابق دول "مجلس التعاون الخليجي" في ما بينها لترويج سياساتها منذ بداية عقد السبعينيات وطفرة النفط. وذكر تقرير نيويورك تايمز أعلاه دولاً أخرى من بينها: النرويج وقطر والامارات واليابان؛ فضلاً عن المغرب ومصر والسودان.

وأوضح تقرير لصحيفة واشنطن بوست ان معهد بروكينغز، الذي يعد من اقدم المراكز الاميركية المرموقة، تلقى نحو 22% من مجمل ميزانيته لعام 2013 من مصادر أجنبية، عقب تسلم رئاسته ستروب تالبوت، الديبلوماسي السابق في ادارة الرئيس كلينتون. واضافت انه بعد انقضاء عقد من رئاسة تالبوت على المعهد، ارتفعت ميزانيته السنوية ثلاثة اضعاف. ايضا، تعهدت قطر بتقديم "مساعدة" مالية لمعهد بروكينغز مقدارها 21.6 مليون دولار، منذ عام 2011، مما حدى بادارته انشاء فرع له مقره الدوحة.

صفقات الاسلحة الاميركية الضخمة تحفز شركات الاسلحة المتعددة "التبرع" للتوسط لدى الحكومة الاميركية نيابة عن زبائنها الخليجيين، حفاظا على مصالحها، خاصة عند الاخذ بعين الاعتبار حجم انفاق "المملكة السعودية" على الاسلحة من عام 2007 الى عام 2014 اذ بلغ ما ينوف عن 86 مليار دولار.

واوردت نشرة "ديفنس نيوز" اليومية، المختصة بالشؤون العسكرية، مؤخرا ان السعودية "وعبر فترة خمسة اعوام متواصلة، سخرت نفوذها المالي للتأثير على صناع القرار في كل من واشنطن ولندن وباريس وموسكو وبرلين، ومراكز نفوذ دولية اخرى." كما لا يغيب عن بال صناعة الاسلحة حاجة "المملكة السعودية" اليومية للذخائر في حربها على اليمن، والتي تتضاعف قيمتها اضطرادا مع استمرار العدوان.

الانفاق السعودي المنظم على شركات ومؤسسات العلاقات العامة المتعددة في اميركا نال اهتماماً خاصاً

حملات إعلامية متوازية

يقر بيان إنشاء اللوبي السعودي الوارد على لسان شبكة (سي أن أن) بصعوبة مهمة "الوصول إلى المواطن الاميركي وتثقيفه حول القضايا الخاصة بشأن العلاقات السعودية الاميركية"، ويعلق آمالاً على قدرته "للتواصل المباشر بين الشعبين السعودي والاميركي .." ويشكو من "افتقاده الحاضنة الشعبية في اميركا التي يتمتع بها اللوبي الاسرائيلي".

أجرت مؤسسة غالوب الشهيرة استطلاعاً للرأي عام 2014 أوضحت فيه أن نسبة 35% فقط من الاميركيين "ينظرون بايجابية" إلى السعودية، مقابل 72% يؤيدون إسرائيل.

تعول السعودية على "تجديد" آفاق تواصلها مع الشعب الاميركي عقب تسلم "الامير عبد الله بن فيصل بن تركي" مهام سفير بلاده لدى واشنطن، في سياق "تعديلات" ضمن موازين القوى الداخلية التي ترجح كفة الملك سلمان ونجله محمد بن سلمان.

وصرح مؤخراً أحد الديبلوماسيين الاميركيين ممن عملوا في المملكة لفترة طويلة قائلاً "لو استطاعت (المملكة) ادخال تعديلات على سياستها المتعلقة بحقوق الانسان ستشكل دفعا قويا لشعبية السعودية داخل الولايات المتحدة، وباستطاعة المملكة تعزيز سمعتها عبر تكثيف جهودها على المواطنين خارج العاصمة واشنطن. بيد أن ذلك يستدعي تعديلاً جوهرياً في الاستراتيجية".

وعلل الديبلوماسي السابق رؤيته بأن بروز المرشح دونالد ترمب وثبات تأييده بين العامة مرده إحجام المواطنين الاميركيين عن مراكز صنع القرار في واشنطن. إذ حصر النشاط الاعلامي في تلك الدائرة الضيقة يحقق انجازات على المدى القصير، ويتيح الفرصة للمواطن الاميركي العادي النظر إلى "المملكة كامتداد لسياسات واشنطن وبائع متجول لشراء الذمم".

وحث المملكة على تبني سياسة مميزة تدخل بها إلى أعماق الشعور الاميركي العام مثل "السعي لحماية مسيحيي سوريا في سياق دعمها لقوى المعارضة السورية"، الأمر الذي يفصلها عن النشاط الاسرائيلي في كسب ود الشعب الاميركي.

يشار إلى أن النفوذ الاسرائيلي يمتد إلى كافة مناحي الحياة اليومية الاميركية، أبرزها مؤخراً العلاقة الوثيقة التي نسجها مع اجهزة الشرطة الاميركية في المدن المختلفة ودعوتها لزيارة فلسطين المحتلة والمشاركة بتدريبات عسكرية لفض المظاهرات السلمية، أو "مكافحة الارهاب"، التي توجت في أحداث الشرطة العام الماضي في مدينة فيرغسون ومدن اخرى. المملكة السعودية لا تملك رصيداً مشابهاً، بيد أن الديبلوماسي الاميركي السابق لا يكل عن توجيهها للعمل مع المؤسسات المحلية في الولايات ومجالسها السياسية لأهداف في نفس يعقوب.

المصادر الخليجية المقربة من سفارة الرياض في واشنطن، سالفة الذكر، زعمت ان مسار اللوبي السعودي في عهد بندر بن سلطان "كانت له انجازات عظيمة على المستوى السياسي والعسكري، لكن يعاب عليه إهماله للرأي العام الاميركي واستهدافه النخب السياسية الاميركية .. بلغة المصالح الشخصية (فهي) اللغة الوحيدة التي يفهموها ويستجيبون لها". أما عادل الجبير، وفق تلك المصادر فإنه "يفهم الاميركان جيداً .. وله في أميركا علاقات سياسية متشعبة".

مرة أخرى، لم تخفِ تلك المصادر درجة حماسها الزائدة للاقتداء "باللوبي الاسرائيلي" لنيل رضى واشنطن، او بعضا منه، وتشجع الدول العربية الاخرى على تطبيق الزعم "ان افضل وسيلة للنفوذ لدوائر القرار في واشنطن تمر عبر تل ابيب واللوبي الاسرائيلي؛" وتحث نظرائها في الحكومات العربية على التأقلم مع "سابراك .." المرتبطة بديوان الملك السعودي مباشرة "والتي تعد الاولى من نوعها في الاختصاص بالتواصل المباشر بين الشعبين السعودي والاميركي"، حسبما أوردته شبكة (سي ان ان) النسخة الالكترونية العربية حصراً.

اخترنا لك