حكاية الدوري الإيراني
الدوري الإيراني لكرة القدم، الذي انطلق الخميس، يحظى بمرتبةٍ مُتقدّمة في قارة آسيا. هو الدوري الذي يتابعه ملايين الإيرانيين على الشاشات والآلاف في الملاعب ويُقدّم أفضل المواهب.
للكرة الإيرانية مكانة مُميّزة ومرموقة في قارة آسيا. هذا الأمر مردّه إلى قوّة المنتخب الإيراني والفِرَق الإيرانية ونتائجهما القاريّة، وهذا ما كان ليتحقّق لولا أن الأساس متين ونعني هنا الدوري الإيراني الذي يُصنَّف بين أفضل 5 بطولات محلية في القارة الآسيوية.
بالأمس انطلق الدوري الإيراني. هذه مناسَبة للتعريف بهذه البطولة في بلدٍ يقف صامِداً ومتحدّياً كل الضغوط والحصار الخارجي.
ليس خافياً أن لكرة القدم شعبية جارفة في إيران. الإيرانيون مُشجّعون للكرة بامتياز. الملاعب هناك تمتلىء بالآلاف خلال المباريات وتحديداً في ملعب "آزادي" الشهير في العاصمة طهران والذي يحتشد فيه أحياناً 100 ألف مُتفرِّج.
الدوري الإيراني انطلق مطلع الستينيات في زمن الشاه المخلوع لكن كانت تتنافس فيه أندية طهران فقط. مع انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني عرف الدوري الإيراني تطوّراً وأصبح يجمع كل محافظات إيران وبات يحظى بشعبية جارفة. بعد الحرب العراقية - الإيرانية كانت أول بطولة وطنية عام 1989 تحت إسم "دوري القدس". للتسمية رمزية طبعاً نظراً لما تمثّله قضية القدس وفلسطين لإيران الثورة. بعدها سُميّت البطولة "دوري أذاديجان" وتعني بالفارسية الحرّ تكريماً لأسرى الحرب الإيرانيين المُحرّرين، أما بدءاً من عام 2001 انطلق دوري المُحترفين الإيراني.
تاريخياً يُعَدّ نادي برسبوليس (بيروزي سابقاً) الأشهر في إيران وهو الأكثر تتويجاً باللقب بـ 12 مرة آخرها في الموسم الماضي للعام الثالث على التوالي، وهو النادي الذي يحظى بشعبيةٍ جارِفةٍ وقد حقّق إنجازاً قبل مدة حيث أظهرت الدراسة الأخيرة لمركز دراسات كرة القدم أن برسبوليس يأتي في المركز الـ 49 للأندية الأكثر جماهيرية في العالم بين العامَين 2013 و2018 بمعدّل 36,025 ألف مشجّع في المباراة الواحدة، وهو النادي الذي قدّم أفضل النجوم للكرة الإيرانية أمثال علي دائي ومهدي مهدافيكيا وكريم باقري وعلي كريمي والحارس أحمد رضا عبد زاده، وحالياً يلعب في صفوفه حارس منتخب إيران وأفضل حارس في قارة آسيا علي رضا بيرنفاند ونجم المنتخب السابق جلال حسيني اللاعب الأكثر خوضاً للمباريات في تاريخ الدوري الإيراني. كما أن برسبوليس هو النادي الأول في إيران الذي أسّس جامعة للرياضة في البلاد عام 2013 وكان النجم السابق مهدي مهدافيكيا أول طالب يتسجّل فيها، كما أن للنادي محطة تلفزيونية ويمتلك عدّة مطاعم في إيران.
أما المواجهة الأبرز والتي ينتظرها الجميع في الدوري الإيراني فهي بين برسبوليس واستقلال طهران النادي الثاني الأكثر تتويجاً باللقب المحلي بـ 7 مرات والتي تُعرف بـ "دربي طهران" حيث يمتلىء ملعب "آزادي" بالمُشجّعين لمُتابعتها وسط أجواء حماسية.
هذا الموسم يُتوَقَّع أن تكون المنافسة قوية مُجدَّداً بين الفريقين العريقَين، واللافت أن كل منهما تعاقد مع مدرّب شهير والحديث هنا بالنسبة إلى برسبوليس عن الأرجنتيني غابريال كالديرون لاعب منتخب الأرجنتين السابق في مونديال 1990 والمُتوَّج مع الأسطورة دييغو مارادونا بلقب مونديال الشباب عام 1979 والذي لعب أيضاً لإشبيلية الإسباني وباريس سان جيرمان الفرنسي كما درّب الأول، أما بالنسبة إلى إستقلال طهران فالحديث عن الإيطالي أندريا ستراماتشيوني مدرب إنتر ميلانو وأودينيزي السابق. تواجُد هذين الإسمين التدريبيين سيرفع بالتأكيد من نسبة الاهتمام بالبطولة.
وبطبيعة الحال فإن مدرّب المنتخب الإيراني الجديد، البلجيكي مارك فيلموتس، سيتابع الدوري عن كَثَب لاكتشاف المواهب الجديدة التي تقدّمها البطولة دائماً واختيار أفضل اللاعبين لتدعيم صفوف المنتخب مع المحترفين في الخارج وفي مقدّمهم النجم سردار أزمون في روسيا وذلك للتصفيات المزدوجة لمونديال 2022 وكأس آسيا 2023.
الموسم الجديد من الدوري الإيراني انطلق إذاً أمس الخميس حيث حقّق برسبوليس الفوز على بارس جم 1-0 على ملعب "آزادي". هكذا عادت الكرة، بعد العطلة الصيفية، إلى ملاعب إيران وليس أفضل من أن تكون البداية من ملعب "آزادي" التاريخي في طهران.