علي رضا بيرانفند... فخر كرة إيران

علي رضا بيرانفند أفضل لاعب في إيران. إنجاز جديد لهذا الحارس يُضاف إلى مسيرته المميّزة وقصته المؤثّرة والمُلهِمة منذ الطفولة حتى المجد.

اختير بيرانفند أفضل لاعب في إيران

لطالما قدّمت الكرة الإيرانية أبرز حرّاس المرمى. في الذاكرة يعلق مثلاً إسم أحمد رضا عبد زاده مع جيل النجوم علي دائي ومهدي مهدافيكيا وكريم باقيري وحميد إستيلي في منتخب إيران أواخر التسعينيات ومطلع الألفية الجديدة. لكن منذ عام 2015 عرفت إيران حارساً هو الأفضل في تاريخها من دون شك، ألا وهو علي رضا بيرانفند.

ها هو هذا الحارس البالغ حالياً 26 عاماً يحفر إسمه بالذهب في سجلّات كرة إيران باختياره أفضل لاعب، وليس كحارس فحسب، في البلاد متفوّقاً على نجوم أمثال سردار أزمون ومهدي تاريمي. إنجاز كبير لحارس برسبوليس الذي شكّلت قصّته مثالاً يُحتذى في التحدّي والمثابرة والطموح والعزيمة والإرادة لبلوغ أعلى المراتب.

بيرانفند "ظاهرة". كيف لا يكون كذلك وهو الذي عرف المعاناة مذ كان فتياً في قريته في محافظة لورستان حيث كان يساعد أبوَيه في رعي الأغنام لكن عشقه لكرة القدم، التي كان والده يمانع أن تكون مهنته، قاده إلى العاصمة طهران، هناك حيث عانى الأمرّين قبل تحقيق حلمه بأن يصبح لاعباً إذ إن تلك اليدين الذهبيتين اللتين تتصدّيان للكرات عرفتا التعب حيث عمل في مصنع للملابس ثم في مركز لغسيل السيارات ثم في مطعم وانتهاء بعامل نظافة في الشوارع.

كيف لا يكون "ظاهرة" وهو الذي اضطر لأن يبيت في الشارع لأيام عند وصوله إلى طهران مستقلّاً الحافلة بعد أن اقترض بعض النقود من أحد أقاربه وقد التقى على متنها أحد مدرّبي الفرق المحلية الذي قال له بأنه سيسمح له بالتدرّب مع فريقه مقابل المال وهذا ما لم يكن يملكه بيرانفند، حيث يقول في حوار مع صحيفة "ذا غارديان" البريطانية على هامش مونديال روسيا 2018 الذي تألّق فيه: "كنت في أحد الأيام نائماً أمام باب النادي وعندما استيقظت في الصباح وجدت الكثير من النقود التي تركها المارّة لي لأنهم اعتقدوا أنني متسوّل، وساعدني هذا لتناول وجبة إفطار لذيذة للمرة الأولى منذ فترة طويلة".

لاحقاً سيتمكّن بيرانفند من أن يتدرّب مع نادي نفط طهران وسيعمل ليلاً في محل للبيتزا ويبيت فيه قبل الذهاب صباحاً للتدريبات، لكنه عاش موقفاً صعباً في إحدى المرات إذ إن مدرّبه قصد المطعم لشراء البيتزا فحاول بيرانفند عدم رؤيته حرجاً منه بسبب عمله الذي لم يُعلمه به إلا أن مديره في المطعم أجبره على خدمة مدرّبه ليترك العمل هناك لاحقاً بسبب هذا الموقف.

بعدها سينتقل لتنظيف الشوارع لكن النادي رأى حينها أن هذه المهنة وما تسبّبه من تعب ستؤثّر على لياقته البدنية فقرّر التخلّي عنه، لينتقل بيرانفند للتدرّب مع فريق آخر لكنه أصيب وتخلّى عنه هذا النادي أيضاً، لكن القدر أعاده إلى نادي نفط طهران ليصبح الحارس الأساسي لفريق تحت 23 عاماً ثم للفريق الأول ثم لمنتخب إيران تحت 23 عاماً ليصل بعد سنوات إلى المجد مع منتخب إيران الأول وفريق برسبوليس الأشهر في الكرة الإيرانية نظراً لكفاءته العالية في التصدّي للكرات وقامته الممشوقة فضلاً عن إجادته رمي الكرات حيث يحقّق دوماً أرقاماً قياسية غير مسبوقة برمي الكرة لمسافة تتجاوز منتصف الملعب.

كيف لا يكون بيرانفند "ظاهرة" وهو بعد كل هذا كتب قصته الأروع في مونديال روسيا عندما تألّق في المباريات الثلاث أمام المغرب وإسبانيا والبرتغال وتحديداً في المباراة الأخيرة عندما تصدّى لركلة جزاء النجم كريستيانو رونالدو ما جعله يحظى باهتمام عالمي واسع ويتعرّف العالم على قصّته المؤثّرة.

في إيران بيرانفند حالياً أفضل لاعب، وفي آسيا هو أفضل حارس، وفي العالم من أفضل الحرّاس في تصنيف "الفيفا"، وفي سجلّه المميّز تصدٍّ لركلة جزاء رونالدو في كأس العالم، وقبل هذا، والأهم، قصّة كفاح وعزيمة مؤثّرة وملهمة للأجيال... كل هذا يجعل هذا الشاب فخراً لإيران. 

قصة مؤثّرة وملهِمة نحو المجد