تير شتيغن حارس كبير حتى لو بديل

من المفارقات في كرة القدم حالياً أن أحد أفضل الحراس في العالم، مارك - أندريه تير شتيغن، بديلاً في منتخب ألمانيا لمانويل نوير.

يحلم أي منتخب في العالم أن يكون تير شتيغن حارسه الأساسي

ليس خافياً أن الكرة الألمانية مدرسة في تخريج حرّاس المرمى الأفذاذ أو حتى يمكن القول، من دون تردّد، أنها المدرسة الأولى في تاريخ كرة القدم إلى جانب إيطاليا بعد أن قدّمت أفضل الحرّاس كسيب ماير وهارالد طوني شوماخر وبودو إيليغنر وأندرياس كوبكه وأوليفر كان وينز ليمان وحالياً مانويل نوير ومارك – أندريه تير شتيغن وبينهم الكثير الكثير من الحرّاس الذين تحلم منتخبات بأن يكونوا أساسيين فيها بينما هم بدلاء في "المانشافت" أو حتى لم يحصلوا على فرصة اللعب للمنتخب الألماني.

المُفارقة الكبرى بالنسبة إلى المركز الأساسي في حراسة المرمى يعيشها المنتخب الألماني في الفترة الأخيرة. نوير حارساً أساسياً بينما بديله تير شتيغن هو أحد أفضل الحرّاس في العالم حالياً وربما أفضلهم على الإطلاق وهو بين الثلاثة المنافسين على جائزة أفضل حارس في العالم التي أعلنها "الفيفا" أخيراً إلى جانب البرازيليين أليسون وإيدرسون. تير شتيغن الذي يجلس على مقعد بدلاء ألمانيا هو الحارس الأول لأحد أهم الفرق في العالم برشلونة الإسباني والذي قدّم إبداعات معه منذ أن أصبح حارسه مُحقّقاً الكثير من الأرقام القياسية حتى أنه في بعض الفترات كان اللاعب الثاني الأكثر تأثيراً في انتصارات "البرسا" وراء النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي ليدخل قلوب الجماهير الكتالونية من أوسع الأبواب، وهو في حال مواصلته على هذا المنوال لسنواتٍ مقبلة، بالتوازي مع تحقيق الإنجازات والألقاب، سيصبح من دون شك الحارس الأفضل في تاريخ برشلونة.

هي مفارقة غريبة فعلاً أن تجد حارساً مثل تير شتيغن بديلاً في منتخب بلاده، لكن هذا لا يحصل إلا في ألمانيا. حصل هذا الأمر سابقاً بين أوليفر كان وينز ليمان عندما تنافسا بضراوة على المركز الأساسي ليحصل الأخير عليه في النهاية بعد مشوار مذهل للأول، لكن يجدر القول أن ثمة فرْقاً بين اليوم والأمس، ففي فترة أوليفر كان وليمان كان الأول يشرف على نهاية مشواره وحتى أن ليمان كان متقدّماً في السن، لكن الآن فإن نوير وتير شتيغن في الذروة وفي القمّة.

المشهد تكرّر في المباراتين الأخيرتين قبل أيام لألمانيا في تصفيات كأس أوروبا 2020 أمام هولندا وإيرلندا الشمالية: نوير في الملعب وتير شتيغن على مقعد البدلاء. الأمر محسوم بالنسبة لمدرّب "المانشافت" يواكيم لوف الذي لا يرى إلا نوير "الرقم واحد" حتى لو كان البديل حارساً بقيمة تير شتيغن. ما يجدر قوله هنا أن خيار لوف سببه أمرين أولهما يتعلّق بالوفاء والتقدير لنوير كونه حارس ألمانيا طيلة فترة هذا المدرب مع ألمانيا وهو أحد الأعمدة الأساسية التي اعتمد عليها للتتويج باللقب التاريخي في مونديال البرازيل عام 2014 وقد كان لنوير دوره الكبير خصوصاً في المباراة التي لا تُنسى أمام الجزائر. أما الأمر الثاني فهو استمرار ثقة لوف بنوير ورهانه على قدرة حارس بايرن على تقديم الإضافة، وبالفعل فإن نوير قدّم أداء جيداً في المباراتين أمام هولندا وإيرلندا الشمالية الأخيرتين رغم تلقّي شباكه 4 أهداف في المباراة الأولى كانت كلها من هفوات دفاعية فادحة، ليردّ على كثيرين اعتبروا أنه انتهى بعد مونديال روسيا 2018 علماً أنه خاض تلك البطولة مُتأثّراً بإصابة أبعدته طويلاً.

الأمر الآخر المهم الذي يجب التوقّف عنده يتعلّق بتقبُّل تير شتيغن لدوره الحالي وعدم إثارته المشاكل. صحيح أن حارس برشلونة لا يخفي بين الفينة والأخرى امتعاضه من جلوسه المستمر على مقعد البدلاء، وهذا أمر مفهوم بالنسبة إلى حارس بنجوميته خصوصاً وأن كل لاعب يحلم بأن يكون أساسياً مع منتخب بلاده، لكن بصورة عامة فإن الأمور تسير بهدوء في صفوف المنتخب الألماني وهذا مردّه لتقدير تير شتيغن لمسيرة نوير وبأنه بديل لحارس غير عادي مرّ على الكرة، وثانياً لإدراكه التام بأن الوقت سيحين حتماً ليصبح الحارس الأول لمنتخب ألمانيا خصوصاً وأنه يبلغ 27 عاماً بينما يبلغ نوير 33 عاماً، وهذا ما يوضحه تصريحه الصحفي قبل أيام رداً على سؤال حول رأيه في استمراره بديلاً حيث قال: "الأمر ليس سهلاً، ولكن الصبر جزء من مسيرة لاعب كرة القدم، وهناك مراحل عليك الانتظار فيها". هذه الكلمات إن دلّت على شيء فعلى القيمة الحقيقية لتير شتيغن إلى جانب قيمته كحارسٍ متألّق.

ما يجدر قوله أن منتخب ألمانيا محظوظ بوجود حارسَين كبيرَين في صفوفه هما نوير وتير شتيغن. لكن ما يجدر قوله أيضاً أن تير شتيغن غير محظوظ لوجود نوير في زمنه.