... وقال هالاند كلمته
لا يمكن تصديق ما يواصل إرلينغ هالاند تقديمه. بالأمس كان أمام الاختبار الأبرز له في مواجهة باريس سان جيرمان في دور الـ 16 لدوري أبطال أوروبا ونجح فيه بامتياز.
يمكن القول أن كل ما فعله إرلينغ هالاند منذ انضمامه إلى بوروسيا دورتموند الألماني في الشتاء أو منذ بداية الموسم عندما كان لا يزال في صفوف سالزبورغ النمساوي في كفّة وما فعله أمس أمام باريس سان جيرمان الفرنسي في كفّة. صحيح أن هذا الشاب البالغ 19 عاماً من العمر فعل الكثير وحقّق الأرقام القياسية سابقاً إلا أن الأمر كان مختلفاً تماماً أمس. أمس كان هذا اليافع المُدهِش يخوض دور الـ 16 لدوري أبطال أوروبا. أمس كان هالاند أمام اختباره الأبرز ضد فريق كبير هو سان جيرمان. أمس كان الضغط كبيراً على هالاند. كانت كل الأنظار على هالاند لمعرفة ما سيُقدّمه. يمكن فقط، للتأكّد من ذلك، متابعة الصحف الفرنسية في الأيام الأخيرة والتي كان شغلها الشاغِل هذا الشاب النروجي. مقالات وتحليلات امتلأت بها الصحف الكُبرى وتحديداً "فرانس فوتبول" و"ليكيب" حول هالاند. هاجس هالاند كان يسيطر على لاعبي الفريق الباريسي قبل المباراة. المُدافِع البرازيلي المُخضرَم تياغو سيلفا الذي كان عليه مواجهة النروجي في المباراة تحدَّث عنه قبلها. أشاد به وقال إنه يجب أن يكون فريقه يقظاً في مواجهته.
هكذا، حاول وحاول دفاع سان جيرمان أمام هالاند لإبعاد خطورته لكن النتيجة أن الفشل أصاب الباريسيين. النتيجة أن النروجي سجَّل هدفين. تكفي لقطة تعثّر سيلفا وسقوطه على الأرض أمام هالاند لاختصار المشهد، فضلاً عن اللقطات العديدة التي كان ينقضّ فيها النروجي بسرعته على مُدافعي النادي الباريسي ليُربِكهم ويخسروا الكرات أمامه. يكفي صوت تسديدة هالاند القوية في الهدف الثاني وهي تستقرّ في الشباك والتي وصل صداها إلى باريس لتعكس ما لقيه الباريسيون أمام الشاب النروجي. كان هالاند، أمس، رُعباً لهم. انتظر الباريسيون ما سيقدّمه هالاند أمامهم، وإذا به يقول كلمته بقوة.
ما هو مُدهِش في هذا اللاعب وأكَّده مُجدَّداً أمس أنه باستطاعته أن يقلب الأمور رأساً على عقب في دقائق. أمس في 8 دقائق فقط سجَّل هدفين وتحديداً الهدف الثاني الذي أثبت براعته وحاسَّته التهديفية العالية عندما اتّخذ القرار بالتسديد من مكان بعيد على غِرار اللاعبين الكبار والذين يأخذون الأمور على عاتقهم خصوصاً أن سان جيرمان كان قد أدرك التعادُل لتوِّه.
أمس كان الباريسيون بالتأكيد يضربون كفّاً بكفّ إذ كيف يمكن لهم أن يستوعبوا أن لاعباً يافعاً اشتراه دورتموند بـ 20 مليون يورو فقط يُسقِط بضربتين قاضيتَين فريقهم الذي أنفقوا على خط هجومه حوالي نصف مليار يورو!
أمس مُجدَّداً واصل هذا "الهالاند" أرقامه القياسية حيث بات أول لاعب في تاريخ دورتموند يسجِّل في أول مباراة له مع الفريق في الدوري والكأس المحليين ودوري الأبطال، كما أنه بات أصغر لاعب في تاريخ "التشامبيونز ليغ" يسجِّل 10 أهداف في موسم واحد. هذا كثير ولم تعد تتَّسع له سجلّات الإنجازات في هذا الموسم.
أمس كان مُعلِّق المباراة يُصرّ على لفظ إسم هالاند بالقول "هولاند". ربما كان مُحقّاً إذ إن هذا الشاب كان يُذكِّر بالمهاجمين العُظماء الذين قدَّمتهم الكرة الهولندية. من خلال قامته الفارِعة كان يُذكِّر بالأسطورة ماركو فان باستن، لكن بالتأكيد فإن النروجي بسنّه الصغيرة لديه الكثير بعد وهو باستطاعته تخطّي فان باستن وغيره من أبرز المهاجمين. لا مُبالغة على الإطلاق في هذا القول. لا مُبالغة والأيام ستشهد على ذلك.
مع هالاند لا نزال في البداية، والقادم، لا شك، أروع في هذه الحكاية.