غنابري... مِن تطوُّر إلى تطوّر ومِن تألُّق إلى تألّق
ليس جديداً على سيرج غنابري التألُّق، إذ إنه اللاعب الثابت المستوى والذي يجد الحلول عندما يفتقدها فريقه بايرن ميونيخ.
صحيح أن روبرت ليفاندوفسكي يحصل على كل الأضواء وهو النجم الأول في بايرن ميونيخ، وصحيح أن توماس مولر استعاد مستواه، وصحيح أن ألفونسو دايفيس هو "اكتشاف الموسم"، وصحيح أن جوشوا كيميتش يقدّم دائماً مجهوداً كبيراً، وصحيح أن مانويل نوير لا يزال من أفضل الحرّاس في العالم، لكن ثمة لاعب في البافاري يتألّق ويتألّق وكل مرة يقدّم أداءً لا يُصدَّق.
بالأمس أثبت غنابري ذلك، كان كذلك. سجّل هدفين وكاد يسجّل الثالث وقاد بايرن إلى الفوز على ليون 3-0 والتأهُّل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا لمواجهة باريس سان جيرمان.
مجدّداً يؤكّد غنابري مدى أهمّيته للبافاري ومدى النجومية التي وصل إليها في فترة قياسيّة. منذ عودته إلى الفريق بدأ يقدّم مستويات رائعة حتى المباراة التي لا تُنسى في ملعب "ويمبلي" الشهير في لندن في دور المجموعات هذا الموسم أمام توتنهام عندما أدهش الجميع بتسجيله رباعية رائعة. وقتها قيل أن نجماً جديداً قد وُلد للتوّ في الكرة العالمية. لكن هذا القول لم يبقَ قولاً، إذ إن غنابري أثبته فعلاً ولم يكتف بتلك الرباعية التي جعلته يتصدّر العناوين في كل العالم، إذ ليس عادياً أن لاعباً شاباً يسجّل رباعية "سوبر هاتريك" في مرمى توتنهام وصيف بطل العام الماضي وفي لندن وفي دوري الأبطال.
ما يلفت في هذا اللاعب هو ثباته في مستواه حيث نادراً لا تراه غير فعّال ومؤثّر في مباريات فريقه، وهو مثال واضح للّاعب المجتهد الذي يتطوّر بسرعة كبيرة تماماً كما سرعته في الانطلاق بالكرات.
غنابري كذلك مثال للاعب الجناح العصري والذي لا يكتفي بإرهاق المدافعين بنشاطه الدؤوب بل يبرع في التسجيل حيث وصل إلى 9 أهداف حتى الآن في "التشامبيونز ليغ" هذا الموسم، وهو رقمٌ لا يصل إليه الكثير من المهاجمين الكبار.
هو اللاعب الذي يعتمد على مهاراته ويجد الحلول لوحده عندما يفتقدها فريقه. بالأمس فعل ذلك عندما كان بايرن يتعرّض لضغط كبير من ليون وكاد يتلقّى هدفين في ربع الساعة الأولى، ليأخذ غنابري الأمور على عاتقه، حيث وجد هذا اللاعب الشاب الحل أو قُل ابتكره إذ وصلته الكرة في الجهة اليمنى فشقّ طريقه في العمق بسرعته متخطّياً المدافعين وسدّد كرة قوية استقرّت في الشباك. كان تصرُّف غنابري مفاجِئاً ولم ينتظره أحد، وهنا براعته أيضاً.
هو أيضاً اللاعب الذي يتحوّل إلى المهاجم الثاني في منطقة الجزاء وهذا ما فعله في الهدف الثاني أمس حيث كان تمركزه رائعاً ليتابع الكرة التي فشل ليفاندوفسكي في تسجيلها بمواجهة المرمى.
هو أيضاً وأيضاً اللاعب الذكي الذي يطلب الكرات التي يمرّرها له زملاؤه من فوق المدافعين، وهذا ما يعتمد عليه المدرب هانز – ديتر فليك كثيراً، فيسبق هؤلاء بسرعته ويصل إلى منطقة الجزاء ويسجّل. فعل ذلك بهدفه في مرمى برشلونة في ربع النهائي أمام جيرار بيكيه.
وهو فضلاً عن كل براعته الهجومية اللاعب الذي يؤدّي الدور الدفاعي في الضغط على لاعبي الفريق المنافسين وقطع الكرات منهم.
بالأمس، وبعد المباراة، أشاد فليك بلاعبه، وفي المقابل تحسّر مدرّب ليون رودي غارسيا على هدفَيه في مرمى فريقه. فعلاً، فإن بايرن كان من الممكن ألّا يكون في النهائي لولا وجوده.