منتخب "الفدائي" رمزٌ للصمود الفلسطيني

منتخب فلسطين لكرة القدم أكثر من مجرّد فريق كرة و11 لاعباً. هو فعل صمود. تجسيد لمعنى الصمود الفلسطيني. هو "الفدائي" بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى. "الفدائي" الذي يتحدّى الحصار الذي يفرضه المحتل الصهيوني.

تأهل منتخب فلسطين إلى كأس آسيا 2019 (أ ف ب)

سيكون المنتخب الفلسطيني حاضراً في كأس آسيا 2019 مع صفوة المنتخبات في القارّة. تطوَّر "الفدائي"، كما يُلقَّب، كثيراً في الفترة الأخيرة. منذ عام 2014 عندما أحرز لقب كأس التحدّي وشارك في كأس آسيا 2015 بدأت مرحلة صعود المنتخب الفلسطيني. لكن المشاركة في العام المقبل في البطولة ستكون مختلفة. هذه المرة تأهّل "الفدائي" من خلال التصفيات. أنهى التصفيات الأولى المشتركة المؤهّلة إلى بطولتيّ مونديال 2018 وكأس آسيا 2019 في المركز الثالث في مجموعته. انتقل بعدها للتصفيات الحاسِمة للبطولة الأخيرة. أنهاها في الصَدارة. حقّق نتائج لافتة مثل فوزه على بوتان 10-0 وجزر المالديف 8-1. تأهّل عن جدارة واستحقاق. احتفل حينها الفلسطينيون في غزّة ورام الله والأراضي المحتلة ودول الشتات. أدخل "الفدائي" الفرح إلى القلوب ورسَم البسمة على الوجوه.

في الحقيقة، المنتخب الفلسطيني أكثر من مجرّد فريق كرة و11 لاعباً. هو فعل صمود. تجسيد لمعنى الصمود الفلسطيني. هو "الفدائي" بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى. "الفدائي" الذي يتحدّى الحصار الذي يفرضه المحتل الصهيوني. المنتخب الفلسطيني ليس كغيره من المنتخبات التي تتنقّل بحرية، إذ إنه لطالما يلقى تضييقاً ومُضايقات من سلطات الاحتلال. المنتخب الفلسطيني لا يلعب مبارياته الرسمية على أرضه مثل باقي المنتخبات. لا يحظى، بالتالي، بمؤازرة جمهوره. يحمل دعواتهم وأمانيهم فقط ويلعب وحيداً في مواجهة المنافسين. قلوب الفلسطينيين، وحدها، تكون في الخارج معه.

"الفدائي" أيضاً وأيضاً بعيد كل البُعد عما تحظى به المنتخبات المُنافِسة من إمكانيات وتجهيزات تُتيح له التحضير على نحوٍ جيّدٍ للاستحقاقات أو تقديم الدعم المادي لتحفيز اللاعبين. رصيده هنا عَزم لاعبيه وحبّهم لفلسطين واستعدادهم للعطاء اللامحدود من أجل رفع عَلَم فلسطين في المحافل الكبرى.

أمام هذا الواقع، يُصبح منتخب فلسطين "فدائياً" فعلاً. يصبح منتخب التحدّي والصمود على شاكلة الشعب الفلسطيني في ساحات المواجهة مع العدو الصهيوني.

يصبح بالتالي أي فوز يحقّقه مُضاعَفاً ويحمل أبعاداً تتخطّى الإطار الرياضي.

ورغم هذا الواقع، فقد تمكّن "الفدائي" من الوصول إلى كأس آسيا 2019. هذا هو الإنجاز بحدِّ ذاته. وأكثر، فإن انتصارات المنتخب الفلسطيني في التصفيات أغاظت الإسرائيليين لأبعد الحدود. هذا لوحده انتصار كبير. أن يشعر الإسرائيليون بالحنق من أي فعل فلسطيني فهو انتصار، ولو كان معنوياً. هذا ما شعر به هؤلاء على نحوٍ كبيرٍ في أواخر العام الماضي، عندما حقّق المنتخب الفلسطيني إنجازاً تاريخياً بوصوله إلى أفضل ترتيب له في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، وهو الـ 80 ثم ارتقى أكثر في مطلع 2018 إلى المركز الـ 75 متقدّماً على منتخب الكيان الصهيوني الذي تراجع إلى الترتيب الأسوأ له. اغتاظ الإسرائيليون حينها وعاشوا مرارة الخسارة. هذا ما عبّرت عنه صحفهم. هذه الخسارة عبّرت عنها أكثر وزيرة الرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف التي لم تتوانَ عن الطلب بالاستعانة بشركة استشارات لتطوير الرياضة الإسرائيلية، وقالت: "إن الفشل الذريع الذي مُنيَ به المنتخب الإسرائيلي في تصنيف الفيفا يُلزم وبشكلٍ فوري القيام بفحص معمّق للأسباب التي تقف وراءه".

سيكون المنتخب الفلسطيني حاضراً إذاً في كأس آسيا 2019. سيلعب هناك، وسيفرح الفلسطينيون. سببٌ جديدٌ ليشعر الإسرائيليون بغيظٍ كبير.