عصام الحضري... أن تكون أسطورة

لا يمكن وصف حقبة عصام الحضري مع منتخب مصر سوى بـالـ "أسطورية". ها هو هذا الحارس الكبير يعتزل اللعب الدولي بعد إنجازات أدخلته تاريخ الكرة.

اعتزل الحضري دولياً وهو في القمة رغم أعوامه الـ 45

صحيح أن خبر اعتزال الحارس عصام الحضري اللعب الدولي مع منتخب مصر لم يكن مفاجئاً، إلا أنه ترك أثراً في النفوس لدى كل من تابع مسيرة هذا الحارس الكبير منذ بدايتها.

هكذا، أغلق الحضري الباب على مسيرته الدولية ليكتفي باللعب لنادي الإسماعيلي، لكن لأنه "السد العالي" (كما لُقب) فإنه بنفسه من قرر لحظة وداعه منتخب مصر. لم يخرج الحضري مُرغماً عنه، بل في القمة في سن 45 عاماً وبعد حوالي شهر من كتابته اسمه في سجلات الكرة كأكبر لاعب سناً في تاريخ كأس العالم. خرج الحضري بعد أن حقّق كل ما يطمح إليه أي لاعب بالمشاركة في المونديال وإحراز لقب كأس أمم أفريقيا أعوام 1998 و2006 و2008 و2010 وقد نال جائزة أفضل حارس في القارة في الأعوام الثلاثة الأخيرة المذكورة. خرج الحضري بعد أن أصبح كذلك أكبر لاعب سناً في تاريخ كأس أمم أفريقيا بمشاركته في النسخة الأخيرة في الغابون عام 2017 وتألّقه فيها.

كل هذه الإنجازات جعلت من الحضري أسطورة في الكرة المصرية والعربية لا يختلف عليها اثنان. هو أسطورة في التصميم والتحدي بعد أن ظل حارساً لمنتخب مصر رغم تخطيه سن الـ 40 عاماً وعاد إلى صفوفه في سن 44 عاماً في كأس أمم أفريقيا 2017 عندما شارك بديلاً لأحمد الشناوي الذي تعرّض للإصابة وتمكن رغم تقدّمه في السن من قيادة مصر إلى النهائي بتصديه لركلة الترجيح الحاسمة أمام بوركينافاسو في نصف النهائي.

تلك كانت قصة رائعة في التصميم والتحدّي لكنها تحوّلت إلى خيالية بمشاركته في مونديال روسيا ودخوله تاريخه من أوسع الأبواب، وهو لم يكتف بذلك بل إنه في المباراة أمام السعودية التي أصبح فيها أكبر لاعبي المونديال في التاريخ تصدى لركلة جزاء.

هو أسطورة في تألّقه وتصدياته طوال مشواره مع منتخب مصر الذي بدأ عام 1996 حتى المحطة الأخيرة في مونديال 2018 والتي حظي خلالها بإشادات لافتة من عمالقة في اللعبة واجهوه كالحارس الإيطالي الأسطوري جيانالويجي بوفون الذي لعب ضده في كأس القارات عام 2009 وأسطورة ساحل العاج ديدييه دروغبا عندما تواجها في نهائي كأس أمم أفريقيا 2006 وتصدى لركلته الترجيحية وقاد مصر للقب.

هو أسطورة في شخصيته القيادية حيث كان مثالاً للقائد المحفّز لزملائه في الملعب والذي يسبق الجميع لتقديم المساعدة للمنتخب في أصعب الأوقات.

هو أسطورة قبل كل شيء في طريقة تعامله مع زملائه وأخلاقه العالية وتواضعه. يكفي هنا ضرب مثل وحيد على شخصيته المتواضعة إذ بعد أن أفردت له صحيفة "ليكيب" الرياضية الشهيرة في فرنسا مقابلة خاصة تصدّرت غلافها قبل أيام من مونديال روسيا، وهذا ما تخصصه عادة للنجوم الكبار، اكتفى الحضري بوضع صورة غلاف الصحيفة على صفحته في "تويتر" مع عبارة: الحمدلله.

هو أسطورة لأنه بدأ مشواره في قريته الفقيرة في محافظة دمياط واجتهد وثابر وكافح ليصل إلى هذه المرتبة العليا.

يكفي الحضري فخراً أنه اختتم مشواره الدولي وقد كتب اسم مصر والعرب في سجلّات كأس العالم وهو الإنجاز العربي الوحيد في هذه البطولة والذي تحدّث عنه كل العالم. ها هو "السد العالي" الآن يطوي باعتزاله الدولي صفحة مجيدة في تاريخ منتخب مصر، لكنه يترك في سطورها دروساً لأجيال لأجيال.