ماركو رويس... بدأت حكاية القائد

احتفل ماركو رويس بوصوله إلى هدفه رقم 100 في "البوندسليغا" بتسجيله في المباراة الأولى في الموسم أمام لايبزيغ. نجم بوروسيا دورتموند عانى الكثير في مسيرته جرّاء الإصابات وآن الأوان ليعيش تجربة مختلفة بعد أن أصبح قائداً لفريقه.

رويس القائد الجديد لدورتموند محتفلاً بهدفه أمام لايبزيغ (أ ف ب)

100 هدف في "البوندسليغا". هذا الرصيد الذي وصل إليه النجم الألماني ماركو رويس أمس في فوز بوروسيا دورتموند على لايبزيغ 4-1 في افتتاح الموسم. سجل اللاعب الموهوب هدفاً وتسبّب بآخر. احتفل بأفضل طريقة بوصوله للمئوية الرمزية والتي جاءت في انطلاق الموسم.

لا يخفى أن رويس من أبرز المواهب الذين قدّمتهم الكرة الألمانية في السنوات العشر الأخيرة. منذ أن برز إلى الأضواء مع بوروسيا مونشنغلادباخ بدا أنه يمتلك مواصفات نجم كبير. كل شيء كان يدلّ على ذلك: من مهارته إلى تمريراته إلى ذكائه إلى قدرته العالية على التسجيل رغم أنه ليس مهاجماً صريحاً إلى شخصيته القيادية.

رويس أثبت ذلك بعد انتقاله إلى الملعب التاريخي في ألمانيا "سيغنال إيدونا بارك" أو "فيستفاليا شتاديوم". هناك نسج حكاية تألّق وحجز مكاناً سريعاً في قلوب جماهير دورتموند الهائمة بعشق فريقها كما لا تفعل جماهير أخرى في أوروبا باستثناء جماهير ليفربول الإنكليزي طبعاً.

لكن في ذروة تألّقه بدأت الإصابات تضرب هذا اللاعب. كان رويس لا يكاد يخرج من إصابة حتى تداهمه أخرى. مأساة حقيقية عاشها هذا النجم الذي كان من المتوقّع رغم نجوميته الحالية أن يحظى بنجومية أكبر بكثير ويدخل منافساً على الجوائز الفردية الكبرى.

ولعلّ هذه المأساة التي عاشها رويس تجلّت بوضوح من خلال غيابه عن استحقاقات المنتخب الألماني كما حصل في المونديال الذي توِّجت به البلاد عام 2014 وكأس أوروبا عام 2016. كان سوء الحظ مُلازماً لرويس حيث كان يتعرّض للإصابات قبل البطولات، لكن ما يُحسب لهذا اللاعب أن اليأس لم يكن يتملّكه إذ رغم عدم تحقيقه أحلامه بالمشاركة في حدث كبير مثل المونديال أو كأس أوروبا - وهذا ما حدا به في إحدى المرات للقول بأنه مستعدّ لدفع كل أمواله لتبتعد عنه الإصابات - ورغم فترات الغياب التي كانت تمتدّ لأشهر وآخرها في الموسم الماضي الذي لحق بشهرَيه الأخيرين، فإن هذا النجم امتلك عزيمة فولاذية للعودة وتحدّي الإصابات وكان في كل مرة يبذل مجهوداً خارقاً ولافتاً في رحلة التعافي الشاقّة والتي لا يقتصر تأثيرها عادة على الحال البدنية للاعب بل المعنوية بالدرجة الأولى.

في صيف هذا العام تحقّق حلم رويس أخيراً بالمشاركة للمرة الأولى في المونديال. كان ذلك في روسيا. لكن هذه المرة فإن المنتخب الألماني خذل هذا النجم الذي كان أفضل لاعبي "المانشافت" (السيء في البطولة) في دور المجموعات، وبدت واضحة حماسته وجاهزيته رغم أنه كان قد تعافى للتوّ من إصابة طويلة. في النهاية لم يلق رويس مساندة زملائه. ضاع حلمه المونديالي هذه المرة في الملعب وليس في عيادات الأطباء.

بدأ الاستعداد للموسم الجديد. جماهير دورتموند التي تعلّقت برويس تنتظر إن كان سيرتدي قميص فريقها مجدّداً، إذ إن هذا النجم لم يخف في الموسم الماضي رغبته في خوض تجربة خارجية للمرة الأولى في مسيرته مع وصوله إلى 29 عاماً. لكن رويس أثبت مجدّداً وفاءه لدورتموند وارتباطه الوثيق به وقرّر مواصلة المشوار معه رافضاً أن يُنشد له جمهور غير جمهور دورتموند. تلك الكلمات التي قالها رويس حول رغبته بالرحيل سرعان ما تبخّرت في أول حصة تدريبية استعداداً للموسم الجديد. لم يقوَ لسان هذا النجم أن يغلب قلبه وينطق عبارة: سأترك دورتموند. في قرار البقاء جانب عاطفي لا شك من لاعب لفريقه الأحبّ ومدينته التي ولِد فيها.

المدرّب الجديد لدورتموند، السويسري لوسيان فافر، لاقى قرار رويس عند أول الطريق عندما منحه شارة القائد التي تليق بالتأكيد بزند هذا النجم نظراً لتجربته الغنية وخبرته ونجوميته وشخصيته القيادية، ولإدراك المدرّب أن المرحلة الجديدة لدورتموند تحتاج لشخص يقود سفينتها بمواصفات رويس.

البداية كانت مثمرة. فاز دورتموند على لايبزيغ القوي 4-1. سجّل رويس هدفاً وصنع آخر واحتفل بوصوله لـ 100 هدف في "البوندسليغا". هل هي بشرى سارّة لما ينتظر رويس، بحلّته الجديدة كقائد للفريق، في هذا الموسم؟ في الحقيقة، يستحقّ هذا النجم موسماً رائعاً مقابل كل ما عاناه في مسيرته.