كرة أفريقيا: الفقراء يدفعون الثمن مجدداً
كأن فقراء أفريقيا لا تكفيهم معاناتهم حتى تأتي كرة القدم التي تُعتبر مصدر فرحتهم وسلواهم لتقسو عليهم في بعض الأحيان. تُحوِّل فرحتهم إلى أحزان. تضاعف آلامهم بدلاً من إسعادهم. حصل هذا أمس في مدغشقر.
لا تشتهر مدغشقر، كبلد، بكرة القدم. منتخبها لا يتواجد بين صفوة المنتخبات الأفريقية وبطولتها المحلية في غاية التواضع، لكن الكرة في تلك البلاد هي ملح الشعب. الكرة هناك هي متنفّس الفقراء وسلواهم. هي منبع أحلامهم التي تنتشلهم من مآسيهم وواقعهم الصعب. هناك، في تلك البقعة من الأرض وفي كل أفريقيا، عشق الكرة فطريّ. عشق مجبول بعرق التعب. هو البسمة في قلب الألم.
لكن هؤلاء الفقراء لا يكفيهم واقعهم إذ إن هذه الكرة في بعض الأحيان تقسو عليهم. تحوّل فرحتهم إلى أحزان. تضاعف آلامهم بدلاً من إسعادهم.
هكذا، وبين الفينة الأخرى، ترد الأخبار المحزنة من تلك البلاد. مباراة تبدأ أو تنتهي بقتلى وجرحى. نحن لا نحكي هنا عن شغب كما يحصل في ملاعب كثيرة في مختلف قارّات العالم- وهو أمر مرفوض بدوره - بل عن تدافع أمام أبواب الملاعب.
بالأمس كانت المأساة في مدغشقر. فقراء تجمهروا بالآلاف على مدخل ملعب "ماهاماسينا" قبل المباراة أمام السنغال في تصفيات أمم أفريقيا 2019. كانوا يتسابقون نحو فرحهم المتمثّل بالفوز بمقعد في الملعب لمشاهدة منتخبهم وإذ بالتدافع يؤدّي إلى سقوط قتيل وإصابة 27 آخرين بجروح. خبر مؤسف طبعاً لكل محب لكرة القدم. الكرة هي الحياة والفرح وليست عكس ذلك.
لُعبت المباراة لكن كان في القلب غصّة على ما حصل، وبعد انتهائها دمعة على من رحل.
هذه المآسي ليست جديدة على ملاعب أفريقيا تحديداً. في العام الماضي سقط قتيلان وجُرح 17 آخرون بسبب تدافع أيضاً قبل مباراة القمة بين فريقَي كايزر تشيفز وأورلاندو بايرتس في جوهانسبورغ في جنوب أفريقيا. مجدداً الضحايا هم الفقراء.
جنوب أفريقيا نفسها كانت على موعد مع مأساة أخرى تعود لعام 1991 خلال مباراة بين فريقَي كايزر تشيفز وأورلاندو بايرتس نفسهما. تلك المأساة كانت أفدح حيث قتل 43 شخصاً بسبب التدافع أيضاً وأيضاً.
وفي العام الماضي، قُتل 17 شخصاً وأصيب 58 بجروح في أنغولا بعد تدافع قبل مباراة في الدوري.
وبطبيعة الحال، فإن هذه المآسي تعود بالدرجة الأولى إلى غياب التنظيم والإدارة والإحترافية عن عالم كرة القدم الأفريقية تحديداً حيث تُدار الكرة في الكثير من البلدان هناك بعشوائية وهذا ما يتخطى مسألة الملاعب إلى الاتحادات والأندية والمنتخبات وهذا ما يُعتبر المشكلة الجوهرية في الكرة الأفريقية.
مجدداً مأساة جديدة في كرة أفريقيا... ومجدداً الفقراء يدفعون الثمن.