صلاح كان يستحقّها
لا يمكن لأحد أن يشكّ بأن النجم المصري محمد صلاح كان يستحقّ أيضاً الفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم الممنوحة من "الفيفا" حتى لا نقول أنه كان الأجدر بحملها. "أبو صلاح" حقّق في الموسم الماضي المستحيل من دون مبالغة... لكنها معايير "الفيفا" الظالِمة.
لا خلاف حول أهميّة النجم الكرواتي لوكا مودريتش واعتباره لاعباً يتمنّى كل مدرّب أن يكون في فريقه نظراً لأدواره المُتعدّدة في وسط الملعب، كما أنه لا يمكن أن يشكّ أحد بأن الكرواتي قدّم موسماً استثنائياً أحرز فيه لقب دوري أبطال أوروبا مع ريال مدريد ووصل مع منتخب بلاده إلى نهائي مونديال روسيا ونال جائزة أفضل لاعب فيه ومن ثم جائزة أفضل لاعب في أوروبا وأخيراً، أمس، جائزة أفضل لاعب في العالم من "الفيفا"، وهو إنجاز كبير حقّقه كونه وضع حدّاً لسيطرة الكبيرين البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي على الجائزة في الأعوام العشرة الأخيرة.
لكن لا يمكن لأحد أن يشكّ أيضاً بأن نجمنا المصري محمد صلاح كان يستحقّ بدوره الجائزة حتى لا نقول أنه كان الأجدر بحملها. "أبو صلاح" حقّق في الموسم الماضي المستحيل من دون مبالغة عندما توِّج هدّافاً لأفضل بطولة في العالم، الدوري الإنكليزي الممتاز، برقم قياسي هو 32 هدفاً، فضلاً عن فوزه بجائزة أفضل لاعب فيها وتسجيله 44 هدفاً في مختلف المسابقات. ما يفرق مع صلاح، بخلاف إنجازاته المذكورة، أنه قدّم ما يطلبه المتابع للعبة أي السحر الكروي حيث بهرَ الجميع بفنيّاته وأهدافه إذ إن كل هدف سجّله كان قصة بحد ذاته والدليل أنه فاز بالنهاية بجائزة "بوشكاش" لأفضل هدف في العالم في الحفل ذاته أمس في لندن.
فلنضع معايير الفوز المعتمدة في جائزتَي "الأفضل" من "الفيفا" والكرة الذهبية من مجلة "فرانس فوتبول" - والتي بالمناسبة لم تكن ثابتة يوماً إذ إنها تُمنح حيناً بحسب موهبة اللاعب وفي حين آخر بحسب إنجازاته مع ناديه أو منتخب بلاده، وهذا عامل إضافي كان يجب أن يصبّ في مصلحة صلاح – ولنتحدّث بلغة المنطق والواقع، إذ ما المطلوب أن يفعله صلاح أكثر لينال الجائزة والعالم بأسره يقرّ بأنه قدّم موسماً خرافياً سحرَ به الجميع أداء وأهدافاً؟
لكن، في الحقيقة، فإن ما ينقص صلاح أنه على عكس مودريتش ورونالدو (يوفنتوس حالياً) وميسي لا يلعب في ريال مدريد أو برشلونة رغم عدم التقليل من شأن وتاريخ وعراقة ليفربول. فلنتخيّل لو أن "أبو صلاح" كان في الموسم الماضي مع ريال مدريد، ولنسأل: يا ترى ما الذي كان سيصنعه؟ الجواب حتماً هو: الشيء الخيالي فضلاً عن إحرازه لقب دوري الأبطال وهذا كان كافياً لفوزه بالجائزة الكبرى أمس وربما الكرة الذهبية بعد ثلاثة أشهر.
ما ينقص صلاح أيضاً أن منتخب مصر ليس بين المنتخبات المنافسة في كأس العالم والدليل خروجه من دور المجموعات في مونديال روسيا، لكن لو كان واقع المنتخب المصري معاكساً لكان المشهد بالتأكيد مختلفاً مع صلاح وهذه نقطة سلبية لم تكن في مصلحته.
ما تفوّق فيه مودريتش على صلاح أن الكرواتي أكمل نهائي دوري الأبطال ووصل إلى المونديال بكامل جهوزيته. في المقابل فإن زميل الكرواتي، سيرجيو راموس، تسبّب بخروج صلاح من النهائي نفسه وبعدم جهوزيته للمونديال.
كل ما تقدّم فضلاً عن الإنجازات الفردية لصلاح في الموسم الماضي وأدائه الباهر تجعله، من دون شك، جديراً بحمل الجائزة.
لكن قبل كل ذلك وما لا يدرك قيمته ومعانيه "الفيفا"، ومعه العالم، أن صلاح هذا خرج من حيّ فقير في بلاده وانطلق من نادٍ متواضع هو المقاولون العرب وشقّ طريقه بجهده وتعبه وطموحه نحو العالمية. أما مودريتش فكان في تلك الأثناء يلعب في المدينة التي أُقيم فيها حفل "الفيفا" أمس، لندن، مع تونتهام الغنيّ عن التعريف. أن تنطلق نحو النجومية من نجريج القرية المصرية الفقيرة يختلف عنه طبعاً من أن تنطلق من مدينة الشهرة والأضواء لندن. هنا الفرق، وهنا المعيار الحقيقي لحجم الإنجاز!