منتخب البحرين في كأس آسيا... ولاعبه السابق مُعتَقَل!

في الوقت الذي يلعب فيه منتخب البحرين اليوم مباراة مصيرية في كأس آسيا 2019 أمام الهند، فإن لاعبه السابق حكيم العريبي، اللاجىء في أستراليا والمُعتَقل حالياً في تايلاند والذي تُطالب السلطات البحرينية تسلّمه لزجّه في السجن، ينتظر مصيره. رئيس منتدى حقوق الإنسان في البحرين، باقر درويش، يوضح في اتصال مع "الميادين نت" ملابسات هذه القضية.

اعتقلت السلطات التايلاندية حكيم العريبي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بناء على طلب السلطات البحرينية (أ ف ب)

يلعب منتخب البحرين، اليوم الإثنين، مباراة مصيريّة ضد نظيره الهندي تُحدِّد بقاءه من عدمه في كأس آسيا 2019. لكن، لسُخرية القدر، وفي الوقت ذاته، فإن لاعباً سابقاً في المنتخب البحريني يقبع مُعتقلاً في السجون التايلاندية وينتظر مصيراً آخر يتعلّق بحياته.
للمفارقة أكثر، فإن البحرين لعبت ضد تايلاند في البطولة الحالية وخسرت أمامها لكن السلطات البحرينية تعاونت خارج الملعب مع نظيرتها التايلاندية لتوقيف اللاعب حكيم العريبي خلال وصوله إلى بانكوك لقضاء عطلته قادماً من أستراليا اللاجىء إليها هرباً من حُكم بالسجن غيابياً لـ 10 أعوام في بلاده لاتّهامه بأعمال تخريب في مركز للشرطة عام 2012، وهو ما ينفيه اللاعب جملة وتفصيلاً مؤكّداً أنه كان في تلك الأثناء يخوض مباراة في الملعب بحسب ما تُثبت تسجيلات التلفزيون والتي لم تأخذ بها المحكمة في البحرين. المنامة تطالب بانكوك بتسليمها العريبي فيما مدّدت الأخيرة فترة اعتقاله لمواصلة التحقيق معه وإصدار الحُكم القضائي رغم رفع "الإنتربول" مُذكرة التوقيف الحمراء التي صدرت بطلب من البحرين وأدّت إلى احتجازه فور وصوله وزوجته إلى مطار سوفارنابومي الدولي في بانكوك يوم 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
هكذا، وفي الأيام الماضية تحوّل اعتقال هذا اللاعب إلى قضية رأي عام عالمي حيث لم تتوان الحكومة الأسترالية ومنظمات حقوق الإنسان كـ "هيومن رايتس ووتش" عن المطالبة بالإفراج عن العريبي وإعادته إلى أستراليا حيث يلعب هناك مع أحد الفرق منذ لجوئه إلى هذا البلد عند إصدار الحُكم عليه في بلاده عام 2014، كما سلّطت صحف عالمية الضوء على قضيته.
من جهته أيضاً، فقد طالب الاتحاد الدولي لكرة القدم بإعادة اللاعب إلى أستراليا وحذا حذوه الاتحاد الأسترالي للعبة وقد نظّم ناشطون قبل أيام احتجاجاً تضامنياً أمام دار الأوبرا في سيدني للإفراج عن العريبي.
قضية العريبي الذي يخشى تسليمه إلى البحرين وتعرّضه للتعذيب أعادت التذكير بالاعتقالات الظالمة التي طالت رياضيين بحرينيين مع بدء الحراك الشعبي السلمي في البلاد وبينهم نجوم كرة قدم معروفون كنجم المنتخب البحريني السابق علاء حبيل ومحمد ميرزا الذين تعرّضوا للتعذيب وتحدّثت عنهم صحف العالم حينها.
ورغم الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي وإطلاق وسم "أنقذوا حكيم" بالإنكليزية والعربية تفاعل معه كثيرون في البحرين وفي العالم فإن السلطات البحرينية تواصل سعيها لتسلّم العريبي.

ويقول رئيس منتدى حقوق الانسان في البحرين، باقر درويش، في اتصال مع "الميادين نت"، حول هذه القضية: "حسب متابعة الإجراءات القضائية والأمنية من الواضح بأنَّ السلطات التايلاندية متورطة في ملف حكيم العريبي، وأنَّها كانت تريد إنهاء الموضوع بشكل سريع لستليمه للبحرين، خصوصاً مع وجود سابقة لها مع معتقل الرأي علي هارون الذي تعرّض لتعذيب ومعاملة تحطّ بالكرامة الإنسانية فور تسليمه من بانكوك للمنامة، فضلاً عن أنّها منعت العريبي من التواصل مع عائلته وبعد الضغوط الحقوقية سمحت بزيارات داخل تايلاند فقط ولازالت تمنعه من الاتصال بعائلته".
ويضيف: "من الواضح بأنَّ السلطات التايلاندية والبحرينية تفاجؤا بحجم ردة الفعل الدولية لذلك لجؤوا للعبة تقطيع الوقت من خلال الإجراءات القضائية أملاً في إنهاء الملف بدون إزعاج حقوقي، إلا أنّ هذا التعنّت الرسمي تسبّب بردّة فعل غير مسبوقة من قبل مجتمع كرة القدم الأسترالية، وأجبر الخارجية الأسترالية على متابعة الموضوع وتتويجه بزيارة وزيرة الخارجية الأسترالية".
ويتابع درويش قائلاً: "أداء الحكومة البحرينية في ملف العريبي يسلّط الضوء على الدور الأمني الذي تلعبه بعض البعثات الدبلوماسية الخليجية في ملاحقة نشطاء الرأي والمعارضين، وهنا لا بد من الإشارة إلى أنَّ ثالث ورابع زيارة بروتوكولية للسفير البحريني أحمد عبدالله الهاجري في تايلاند بعد تسلّمه مهامه في 2018 كانت للقائد العام لقوة دفاع البحرين ووزير الداخلية، وهاتان الجهتان الأمنيتان متورطتان في ملف اضطهاد الرياضيين، وبلا شك فإنّ المنظومة الأمنية لها تأثير على أداء الدبلوماسية البحرينية".
ويعتبر درويش أنه "لم يكن بريئاً مسارعة السفير البحريني في لندن فواز محمد آل خليفة إلى إصدار بيان لتضليل الرأي العام الدولي حول قضية العريبي لأنه أحد المتورطين بملف اضطهاد الرياضيين، وكان رئيساً لهيئة شؤون الإعلام بدرجة وزير ومسؤول عن التوجيهات الإعلامية التي وجهت في 2011 لتلفزيون البحرين أثناء عرض حلقة تلفزيونية في برنامج مع الحدث تم خلالها التحريض على الرياضيين ووضع دوائر حمراء على رؤوسهم، وهو ما تسبب لاحقاً بتشكيل لجنة تحقيق بأمر من ناصر بن حمد نجل الملك وتكليف رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم سلمان بن إبراهيم آل خليفة بهذه اللجنة، وما تلاها من استهداف لأكثر من 156 رياضي بينهم ثاني معتقل سياسي في أزمة 2011 وهو حمد الفهد (رياضة السيارات) المحكوم تعسفياً في القضاء العسكري بالسجن المؤبد وتعرض للتعذيب عبر الصعق الكهربائي والتعرية، والاستمرار في الاحتجاز التعسفي لحكيم العريبي سيفتح الباب مجدداً لوسائل الإعلام لتداول ملف الانتهاكات التي طالت الرياضيين البحرينيي ودور مسؤولين بحرينيين منهم فواز آل خليفة وسلمان آل خليفة".
ويختم درويش قائلاً: "إنّ تايلاند متورطة من خلال إبلاغ السلطات البحرينية بقدوم حكيم لها؛ لذا فإنّ السلطات البحرينية ذهبت ووضعت على حكيم الشارة الدولية لملاحقته".
من المؤسف حقاً هذا المشهد: منتخب البحرين يلعب في كأس آسيا ولاعبه السابق حكيم العريبي في السجن لا يعرف ما سيؤول إليه مصيره. كما أن منتخب البحرين يرفع اليوم شعار الفوز ليتأهّل إلى دور الـ 16 في البطولة، فإن، في موازاة ذلك والأهم، كثراً يرفعون شعار المطالبة بحريّة لاعب بحرينيّ مظلوم. أنقذوا حكيم العريبي.