إنها فقط رصاصة الانطلاق

تسجل قيادة حماس لنفسها نجاحاً. صحيح أن عدد المتظاهرين لم يبلغ 100 ألف، لكن حتى 30 ألفاً هو بالتأكيد إنجاز في الموجة الأولى. لكن الإنجاز الأهم لحماس هو ردة فعل الساحة الدولية: أزمة غزة عادت إلى الاهتمام. مصر والأردن تدينان، والاتحاد الأوروبي يصدر بياناً، والأميركيون قلقون، وسكرتير الأمم المتحدة يطلب تحقيقاً – حصيلة جيدة. وهذا قبل أن تبدأ إسرائيل بدفع ثمن القتلى ومئات المصابين في الساحة الدولية وعليها تقديم توضيحات.

الفلسطينيون ينطلقون بمسيرة العودة الكبرى إحياءً لذكرى يوم الأرض

القتلى الـ 16 لم يسببوا تراجعاً، وبالتأكيد ليس صدمة وطنية، في الجانب الفلسطيني. من ناحية حماس، هذه مادة الاشتعال للجولة القادمة. لقد فرضت حماس على الجيش الإسرائيلي تعطيل جزءٍ لا بأس به من قواته كي يتواجه مع مدنيين، وما لا يقل عن هذا هو إمكانية أن تؤثر هذه الأحداث على وتيرة بناء العائق حول القطاع. كما أرست حماس أساليب العمل التي سنضطر للاعتياد عليها في الأسابيع والأشهر المقبلة.

في هذه الغضون، القناصون يطلقون النار على المتظاهرين، لأن الجيش ليس لديه وسيلة حقيقية أخرى كي يمنع اختراق آلاف الفلسطينيين إلى الأراضي الإسرائيلية. ليس هناك وسيلة ردع للفلسطينيين في غزة: لا يمكن أخذ تصاريح عمل منهم، أو كهرباء أو مياه، لأنها أصلاً غير موجودة لديهم. لم يعد الأمر يتعلق بإخلال بالنظام في نقاط احتكاك معروفة في الضفة، أو بضع عشرات من المتظاهرين على السياج الحدودي في القطاع.

من ناحية إسرائيل، إنه حدث استراتيجي غايته محاولة إحداث انتفاضة في قطاع غزة تنزلق في مرحلة معينة إلى الضفة أيضاً. بدء التظاهرات في يوم الجمعة، ذكرى يوم الأرض، هو أيضاً محاولة لربط عرب إسرائيل بصورة الانتفاضة: كلنا معاً، لاجئو 48 و67.

في الانتفاضة الأولى، قبل حوالى 30 سنة، لم يفهموا في إسرائيل ان الاضطرابات هي بداية انتفاضة شعبية. ضباط الجيش – الذين قالوا حينها: تعالوا نفرّق التظاهرات بالقوة. صحيح أنها ستتسبب بعدد كبير من المصابين لكن ستُنهي القصة بسرعة – نالوا سيلاً من الإزدراء. والنتيجة: سنوات من الانتفاضة وآلاف المصابين في الطرفين. في سنة 2000 أصبحت انتفاضة مسلحة.

الجيش الإسرائيلي سنة 2018 يفهم أنه إذا لم ينجح، وبالقوة، في قمع الفوضى حول القطاع، فقد تؤدي إلى حريقٍ شامل. في كل الأحوال، إسرائيل ستكون المتهمة. اختبار الجيش الإسرائيلي اليوم هو محاولة كسر الصيغة التي تمليها حماس. وإلا سيضطر في نهاية كل أسبوع وكل عيد ويوم ذكرى لتعطيل نصف الجيش من أجل القطاع، وهذا يمكن أن يستمر أشهراً سيقوم فيها العالم، في كل أسبوع، بإحصاء المصابين في الجانب الفلسطيني. وأكثر من هذا: إذا بدأ الطرف الثاني باستخدام أسلحة نارية – نيران قناصة مثلاً – لن يبقى أمام الجيش خيار سوى أن يضطر للصعود درجة: من حالة أنشطة دفاعية حول الحزام الحدودي إلى أنشطة عسكرية مبادَرة داخل القطاع.

لكن لا يجوز أن نخطئ: إذا لم يجد الجيش الإسرائيلي السبيل لتغيير قواعد اللعبة، أو على الأقل إبعاد التظاهرات عن السياج الحدودي، سنصادف ما حصل أمس وأول أمس في الأسبوع القادم أيضاً، والذي بعده. وكلما استمرت هذه القصة، كلما ارتفع الثمن السياسي الذي ستدفعه إسرائيل.

المصدر: يديعوت أحرونوت