ما التحديات التي تنتظر رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد إيال زمير؟
ثمة إجماع على أن مهمة رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد إيال زمير لن تكون سهلة، إذ تنتظره تحديات واسعة، سواء كانت خارجية أو داخلية. ما أبرزها؟
-
الرئيس الجديد لهيئة الأركان العامة في "الجيش" الإسرائيلي إيال زمير
بترحيب ورضا سياسي وإعلامي واسع، قوبل البيان الصادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية، ليل السبت - الأحد، بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن إسرائيل كاتس اتفقا على تعيين المدير العام الحالي لوزارة الأمن، نائب رئيس هيئة الأركان العامة في "الجيش" الإسرائيلي بين العامين 2018 و2021، اللواء احتياط إيال زمير، رئيساً جديداً لهيئة الأركان العامة في "الجيش" الإسرائيلي، خلفاً هرتسي هاليفي الذي أعلن منذ أسبوعين استقالته، على أن يترك منصبه في السادس من آذار/ مارس المقبل. وبعد صدور البيان، هنّأ هاليفي زمير، وتعهّد بنقل القيادة إليه بشكل مهني.
وترافق هذا الترحيب مع تعليق عدد من الخبراء والمعلقين آمالاً كبيرة على زمير، على الرغم من إقرارهم بأن مهمته لن تكون سهلة، إذ تنتظره تحديات واسعة، سواء كانت خارجية في مواجهة الساحات المختلفة المعادية لـ"إسرائيل" أو داخلية، لجهة المشكلات التي يعيشها "الجيش" والمجتمع الإسرائيليان حالياً على صعد عديدة.
التحديات الداخلية
أشار خبراء ومعلقون إلى أن مهمة زمير الأولى والأهم هي "إعادة الجيش الإسرائيلي إلى الشعب"، واستعادة ثقة الجمهور به، والتي تآكلت بعد إخفاق السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأضافوا بأنه سيكون على زمير أيضاً استعادة "الجيش" الإسرائيلي للعمل وفقاً للرموز "الأخلاقية والمهنية" التي بُني عليها، بحيث تكون إحدى مهامه "إعادة التنظيم والانضباط"، بعدما خسرهما "الجيش" الإسرائيلي بصورة قاسية جداً في السنة الأخيرة، وحلت محلهما "روح سيئة" مع الكثير من السلبيات ومن تبادل الاتهامات (داخل أروقة "الجيش" الإسرائيلي) في ظل الفشل الفظيع في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
ثمة مهمة إضافية ستكون حاضرة على جدول أعمال زمير، بحسب معلقين، هي صد ضغوط المستوى السياسي للتأثير في تحقيقات الحرب والتعيينات في هيئة الأركان العامة، ولا سيما أن زمير يُعد شخصاً مقرباً من نتنياهو، إذ سبق أن عمل كسكرتير عسكري له.
وفي هذا السياق، أشار معلقون إلى أن الإعلان عن تعيين زمير حصل، وللمرة الأولى خلال 40 عاماً، من قبل رئيس الحكومة، وليس وزير الأمن، الذي "لم تُسمع منه أي كلمة حتى اليوم عن رئيس هيئة الأركان الجديد".
وأشار معلقون إلى أنه من اليوم الأول لتوليه منصبه، بل وقبل ذلك، سيتعين على زمير العمل على تجهيز فريق عمل مناسب في هيئة الأركان العامة، ولا سيما لجهة اختيار نائب له وقائدين مناسبين للمنطقتين الجنوبية والشمالية، لأن من المرجح جداً أن يتقاعد أو يُستبعد عدد من الضباط برتبة لواء من قبل رئيس الأركان الجديد.
ولفت معلقون إلى أن زمير يتولى مهامه و"الجيش" يمر بأزمة كبيرة تتعلق بعناصر الخدمة الدائمة، إذ لم يعد الكثير من الضباط المبتدئين ومن المستويات الوسطى في الخدمة الدائمة يرون من الصحيح البقاء في "الجيش" الإسرائيلي، سواء كان ذلك بسبب شروط الرواتب وعبء العمل أو بسبب التآكل الكبير في الثقة بالمؤسسة. وفي الوقت نفسه، تنتظر زمير قضية شائكة إضافية، هي قضية تجنيد "الحريديم"، في ظل إصرار "الجيش" الإسرائيلي على الحاجة لتجنيد نحو 6 آلاف جندي من "الحريديم" سنوياً.
معلقون إسرائيليون تحدثوا عن مهمة إضافية تنتظر زمير في منصبه، هي ضرورة إعداد خطط عاجلة داخل "الجيش" الإسرائيلي موائمة لدروس الحرب، فـ"بعد فترة قتال غير مسبوقة في مدتها وعبء مهامها، تحتاج جميع وحدات الجيش الإسرائيلي إلى فترة إعادة تأهيل، والتي يجب أن تتجلى في نوع من تدريب إنشاء جديد (لوحدات بدل التي حُلّت)، وتجديد أنماط الانضباط، وترتيبات الإدارة والإنعاش المهني".
التحديات الخارجية
رأى خبراء ومعلقون أنه منذ تأسيس "إسرائيل" عام 1948، لم تمر في تاريخ "الجيش" الإسرائيلي ظروف معقدة كالظروف الحالية التي تنتظر رئيس الأركان الرابع والعشرين زمير، ولفتوا إلى أن الواقع الاستراتيجي الذي يدخل إليه رئيس الأركان الجديد لم يسبق له مثيل، مع عدم يقين غير مسبوق حيال كل الساحات، وأولها عدم اليقين حيال فرص نجاح الترتيبات الأمنية على الحدود مع لبنان والساحة السورية، حيث لا يمكن الآن معرفة الاتجاهات المستقبلية للتطورات في السلطة الجديدة في دمشق، وفي ساحة الضفة الغربية، حيث تُشنّ عملية عسكرية ضد فصائل المقاومة والتنظيمات الجديدة في شمالها، في ظل صعوبة في تقدير فرصة الاستقرار الأمني هناك، في هذه المرحلة، ولا سيما في ضوء عودة مئات الفلسطينيين المحررين من ضمن الصفقة الأخيرة (في قطاع غزة) إلى مناطق السلطة الفلسطينية.
أما في ساحة قطاع غزة، فالوجود السلطوي والعسكري لحماس لا يمكن لـ"إسرائيل" احتواؤه، ما سيفرض على "الجيش" الإسرائيلي الجاهزية لمعركة عسكرية جديدة. وبالنظر إلى موقع إيران على رأس سُلّم التهديدات لـ"إسرائيل"، سيكون على زمير إعداد "الجيش" الإسرائيلي لسيناريو عملية ضد المشروع النووي في إيران، سواء بالتعاون مع جيوش أخرى أو في عملية حصرية لـ"الجيش" الإسرائيلي.
وأشار خبراء ومعلقون إلى أنَّ رئيس الأركان الجديد مطلوب منه التأكد من جاهزية "الجيش" الإسرائيلي للدفاع ضد التهديدات المتجددة في كل الساحات، الأمر الذي يسهم في منح الشعور بالأمن لسكان خطوط المواجهة، والتي تحتاج، إلى حد كبير، إلى بناء ثقة متجددة بالقدرات الدفاعية والهجومية لـ"الجيش" الإسرائيلي في مواجهة التطورات المحتملة في كل الساحات.