تذكروا سوريا.. ألم تولد "صفقة القرن" من تلك "الثورة"؟

لقد حوصرنا منذ أكذوبة أظافر أطفال درعا، وهو الحصار الأول للحقيقة السورية. حُجبت الحقائق منذ تلك اللحظة، لتندلع بعدها ثورة الأكاذيب حول ما يجري في سوريا.

  • تذكروا سوريا.. ألم تولد "صفقة القرن" من تلك "الثورة"؟
    تذكروا سوريا.. ألم تولد "صفقة القرن" من تلك "الثورة"؟

في سوريا، لن تنفذ من أقطار الفكر إلى ملكوت الحقيقة إن لم تستعدّ للمعركة القذرة التي أراد الأميركي زجّك بها وفرضها عليك، من أجل نسف وجودك عبر أخيك السوري. بهذه الحقيقة، يُستدلّ على الإنسان السويّ وصاحب القضية القدسيّة.

للأسف، نجح الخبثاء في إدراج ضعفاء أمّتي ضمن لعبتهم الخبيثة، فمَن منّا لا يذكر كم تفجَّرت صرخات بعض السوريين لمناجاة الأميركيين والأمم كافّة، وساهمت في خلق طقوس استنفارٍ وتجنيدٍ للمتطوّعين الإسلامويين حول العالم!؟

تلك الصّرخات أقامت ممرات عبور آمنة لهم إلى سوريا، وكذلك العراق، إذ تعالت نداءاتهم أن "أنقذونا. إننا نموت جوعاً وبرداً وذبحاً"، فكان الحصار الأول لذواتهم.

لقد برّروا بأنفسهم حضور فصائل داعش وقيامها، فسفكت دمهم قبل أن تخوض القتال ضد الجيش العربي السوري، إذ إنَّ البيئة كانت قد تحضَّرت لذلك، واستحضرت في ما بعد "الفاتحين"، ممن هم أمثال داعش.

واستمرّ مسلسل الحصار الفكريّ الَّذي صنعه ضياعهم، ولم يدرك هؤلاء السوريون من المتأسلمين والخوارج المضلَّلين أنهم، وبصرخاتهم الوهمية، نفَّذوا بدايات المشروع التدميري لنا جميعاً. وعلى الرغم من كلِّ ذلك، استمرّ صراخهم متعمِّداً استنفار العالم ضد موطنهم، ومرّت السنين وهم يخوضون في تصويب الاتهامات ضد الجيش العربيّ السوريّ الذي عانى من أوجاعهم الوهمية معاناةً دمويةً.

حينها، كانت الحقيقة تتمثل في أنَّ الجيش العربي السوري هو المحاصر في أغلب ثكناته على مساحة 60% من الجمهورية السورية. لقد بدأ الحصار من قبل جيش الجريمة المتديّنة، ولن أسمّيها عصابات أو ميليشيات، ففي الواقع، كان ثمة جيش نصفه من المتطرفين، والنصف الآخر من الضائعين الَّذين استعادوا وعيهم وسوريّتهم بفعل سياسة المصالحات واكتشاف الأهالي حقيقة ثورتهم المزعومة.

ما تبيَّن اليوم أنَّ سوريا هي المحاصرة، والطرف الذي يعاني جراء تأثير الحصار يتمثل بالسوريين جميعاً، وسبب معاناتهم هو الأوزار المترتبة على ما فعلته بهم الأكاذيب الثائرة. 

إنَّ الحقائق تبوح بها الوقائع اليوم، لأنَّ من يصارع الزمهرير ويواجه الجوع هم السّوريون الذين وقفوا مع دولتهم وجيشهم، ومعهم الذين عادوا من ضياعهم إلى رشدهم.

إنَّ حصار دمشق ومحاولات استنزافها أدّيا إلى إخراج تل أبيب من دائرة انحسارها، فقد واجهت دمشق حصاراً من عدة أوجه، أدى إلى خروج المحتلّين الصهاينة، ليس من ملاجئهم فحسب، بل ذهبوا أيضاً بفعل هذا الحصار إلى بعض عواصم الحكومات العربية، وأقاموا علاقات علنية ما كانت لتكون قبل اندلاع هذه الحرب العالمية ضد دمشق.

ما أريد أن يعلمه المواطن في منطقة الشرق الأوسط أنَّ رفع مستوى سعير الحقد الطائفي في المنطقة من خلال أعداء دمشق، إنما هو تصفية للقضية الفلسطينية وإقصاؤها عن أولوية هموم المواطن العربي والمسلم وأفكاره، لتأتي بعدها "صفقة القرن" من دون غضب عربي شعبي، بل بموافقة العقول المغيّبة عن غايات الحرب على دمشق، بسبب عوامل تغييب العقل العربي والمسلم عن العدوّ الحقيقي.

إنّ "صفقة القرن" ليست سوى صدى لأكذوبة القرن التي وقعت في سوريا تحت مُسمى "ثورة"، وساعد على ذلك سلاح الصّفقات لحركة لا تمتلك رؤية في قراءة الأحداث والمتغيرات، فكانت ترابط على جبهة واحدة مع تلّ أبيب، وتساهم في تعميق الفالق بين السوريين، فيما كان الأمل في أن تقف على بُعدٍ واحد من جميع السوريين، ولم نكن نريد لها أن تكون حينها مع دمشق التي يقصفها العدو الصهيوني عند تحرير كل بقعة سوريّة من المقاتلين لتمرير "صفقة القرن".

لم يُسجن الأسير السوري البطل صدقي المقت مرة ثانية لأنه مقاوم فحسب، بل لأنه كشف بالدلائل والصور مسلّحي ثوار "صفقة القرن" "السوريين". إن العمل البطولي الذي قام به المقت حاصر تل أبيب وثورة "صفقة القرن" السورية.

هكذا كنا نحاصر هؤلاء بالحقائق. ولهذا كانت تلّ أبيب تشنّ الغارات على الجيش العربي السوري، ذلك أنّه كان يفكّ الحصار عن دمشق ويعيده إلى تل أبيب.

إنَّ العمل الذي قام به صدقي المقت يجب أن يُعتمد كدراسة موثقة تكشف الضّياع الَّذي يعيشه هؤلاء "الثوار"، وتظهر أنَّ سوريا حوربت لأنها رأس الحربة في مواجهة تل أبيب، ولا يراد لها أن تزداد قوة نفطية مادية، كي لا تزداد مركزيةً في مواجهة تل أبيب التي تعاني هزالةً وجودية اجتماعية، وحتى لا يكون سلاح سوريا مجرد صواريخ مرسلة إلى المقاومة فقط، فتغدو قوة مادية تصنع ميزانية مالية وتؤسّس لعشرات الحركات الوطنية المقاوِمة في المنطقة. 

ولهذا حارب الخبثاء عبر السذّج المتديّنين دمشق، وضربوها اجتماعياً عبر مذهبة الحرب، إلا أنَّ دمشق تعود اليوم رغم كلّ الأهوال والطعنات.

يستطيع أيّ شخص أن يشاهد على أحد قنواتهم معاناة المواطن السوري للحصول على أسطوانة غاز، ويقرأ كلمات السخرية مما يواجهه السوري ممن كانوا يدّعون أنهم محاصرون، وسيتأكّد العقلاء أنّ المحاصرين هم الذين كانوا، وما زالوا، يقاومون تبعات أكبر أكذوبة في تاريخ البشرية، وهي أنَّ الجريمة أصبحت ثورة، فالسوريون لم يحاصروا من الخارج إلا بعد أن تظاهر الضائعون وأربابهم الخبثاء بأنَّ الدولة تحاصرهم، بينما كان السوري المقاوم هو الذي يُحاصر ويُذبح ويُنكّل به، وهو ما حصل في مفرزة الأمن العسكري (جسر الشغور).

 أما في مدينة بانياس، وبدءاً من اليوم الأول لاندلاع أكذوبتهم، فقد قُطعت الطرق، وحاصر أتباع الجريمة المتدينة المدينة، وطوَّقها القناصون، وقتلوا غدراً جنوداً وضباطاً عزلاً كانوا عائدين إلى منازلهم، وقبضوا على فلاح بسيط يُدعى نضال جنود، كان "يقتحم" مدينة بانياس الساحلية بسيارته المدجَّجة بشتى صنوف الخضار، فقتلوه بطريقة أكثر من وحشية. وقع ذلك خلال الأيام الأولى من ثورة العجائب السوريَّة.

لم يكن ثمة حصار مفروض عليهم، وهم لم يحاصروا في الأصل، بل حاصرتهم أحقادهم فقط، لا الدولة السورية وجيشها المقاوم. أحد الثوار الذي فتك به "الحصار"، والمعروف بلقب "أبو صقار"، تحوَّل إلى آكل لحوم بشرية، إذ لم يحتمل جوع أحقاده، فشقَّ صدر جنديّ سوريّ، وأخرج قلبه، والتهم قطعة منه.

عندما نتحدَّث عن الحصار الوهمي الَّذي صنعه هؤلاء الأشخاص، إنما نتحدث عن فالق أخلاقي بين الإنسان المقاوم والمسلَّح الذي يسعى للقتل، لأنه لم يكن الحاكم بالشريعة الإسلاميّة، إلا أنَّ الجمهورية كانت في الأساس تنفّذ الشرع الإسلامي في أخلاقياته التي تبجَّح بها ذلك المسلَّح.

كانت سوريا جمهوريةً تقاوم الجهل عن معرفة بطبيعة الصراع المحقّ مع العدو الحقيقيّ، مع عدم رضوخها للذل الغربيّ في توسّل القمح والديون. كانت تقاوم العدو الصهيوني وتقارع الأميركيين إلى أن خرج إليها من بلدان الضياع شيوخ أفتوا بقتالها.

 كانت تدعم المقاومة، وتحارب معها في السرّ والعلن، إلى أن خرج فجأةً الثائر الإسلاموي، بدعوى الرغبة في الحكم بالشريعة، فحكم مناطق وبلداتٍ ومدناً، وتناحر مع إخوته تناحراً يذكره كلّ عاقل، وذلك بالفكر والنهج القابيلي، فتعدَّدت التسميات والتنظيمات الإسلامية، وكانت كلّها تقف في مواجهة الجيش العربي السّوري والسوريين.

هكذا كانوا محاصرين بفعل أحقادهم وغيرها، وكنا وحدنا، وما زلنا، محاصرين. لقد حوصرنا منذ أكذوبة أظافر أطفال درعا، وهو الحصار الأول للحقيقة السورية. حُجبت الحقائق منذ تلك اللحظة، لتندلع بعدها ثورة الأكاذيب حول ما يجري في سوريا.

تذكروا سوريا.. ألم تولد "صفقة القرن" من تلك "الثورة"؟

لقد حوصرنا منذ أكذوبة أظافر أطفال درعا، وهو الحصار الأول للحقيقة السورية. حُجبت الحقائق منذ تلك اللحظة، لتندلع بعدها ثورة الأكاذيب حول ما يجري في سوريا.

  • تذكروا سوريا.. ألم تولد "صفقة القرن" من تلك "الثورة"؟
    تذكروا سوريا.. ألم تولد "صفقة القرن" من تلك "الثورة"؟

في سوريا، لن تنفذ من أقطار الفكر إلى ملكوت الحقيقة إن لم تستعدّ للمعركة القذرة التي أراد الأميركي زجّك بها وفرضها عليك، من أجل نسف وجودك عبر أخيك السوري. بهذه الحقيقة، يُستدلّ على الإنسان السويّ وصاحب القضية القدسيّة.

للأسف، نجح الخبثاء في إدراج ضعفاء أمّتي ضمن لعبتهم الخبيثة، فمَن منّا لا يذكر كم تفجَّرت صرخات بعض السوريين لمناجاة الأميركيين والأمم كافّة، وساهمت في خلق طقوس استنفارٍ وتجنيدٍ للمتطوّعين الإسلامويين حول العالم!؟

تلك الصّرخات أقامت ممرات عبور آمنة لهم إلى سوريا، وكذلك العراق، إذ تعالت نداءاتهم أن "أنقذونا. إننا نموت جوعاً وبرداً وذبحاً"، فكان الحصار الأول لذواتهم.

لقد برّروا بأنفسهم حضور فصائل داعش وقيامها، فسفكت دمهم قبل أن تخوض القتال ضد الجيش العربي السوري، إذ إنَّ البيئة كانت قد تحضَّرت لذلك، واستحضرت في ما بعد "الفاتحين"، ممن هم أمثال داعش.

واستمرّ مسلسل الحصار الفكريّ الَّذي صنعه ضياعهم، ولم يدرك هؤلاء السوريون من المتأسلمين والخوارج المضلَّلين أنهم، وبصرخاتهم الوهمية، نفَّذوا بدايات المشروع التدميري لنا جميعاً. وعلى الرغم من كلِّ ذلك، استمرّ صراخهم متعمِّداً استنفار العالم ضد موطنهم، ومرّت السنين وهم يخوضون في تصويب الاتهامات ضد الجيش العربيّ السوريّ الذي عانى من أوجاعهم الوهمية معاناةً دمويةً.

حينها، كانت الحقيقة تتمثل في أنَّ الجيش العربي السوري هو المحاصر في أغلب ثكناته على مساحة 60% من الجمهورية السورية. لقد بدأ الحصار من قبل جيش الجريمة المتديّنة، ولن أسمّيها عصابات أو ميليشيات، ففي الواقع، كان ثمة جيش نصفه من المتطرفين، والنصف الآخر من الضائعين الَّذين استعادوا وعيهم وسوريّتهم بفعل سياسة المصالحات واكتشاف الأهالي حقيقة ثورتهم المزعومة.

ما تبيَّن اليوم أنَّ سوريا هي المحاصرة، والطرف الذي يعاني جراء تأثير الحصار يتمثل بالسوريين جميعاً، وسبب معاناتهم هو الأوزار المترتبة على ما فعلته بهم الأكاذيب الثائرة. 

إنَّ الحقائق تبوح بها الوقائع اليوم، لأنَّ من يصارع الزمهرير ويواجه الجوع هم السّوريون الذين وقفوا مع دولتهم وجيشهم، ومعهم الذين عادوا من ضياعهم إلى رشدهم.

إنَّ حصار دمشق ومحاولات استنزافها أدّيا إلى إخراج تل أبيب من دائرة انحسارها، فقد واجهت دمشق حصاراً من عدة أوجه، أدى إلى خروج المحتلّين الصهاينة، ليس من ملاجئهم فحسب، بل ذهبوا أيضاً بفعل هذا الحصار إلى بعض عواصم الحكومات العربية، وأقاموا علاقات علنية ما كانت لتكون قبل اندلاع هذه الحرب العالمية ضد دمشق.

ما أريد أن يعلمه المواطن في منطقة الشرق الأوسط أنَّ رفع مستوى سعير الحقد الطائفي في المنطقة من خلال أعداء دمشق، إنما هو تصفية للقضية الفلسطينية وإقصاؤها عن أولوية هموم المواطن العربي والمسلم وأفكاره، لتأتي بعدها "صفقة القرن" من دون غضب عربي شعبي، بل بموافقة العقول المغيّبة عن غايات الحرب على دمشق، بسبب عوامل تغييب العقل العربي والمسلم عن العدوّ الحقيقي.

إنّ "صفقة القرن" ليست سوى صدى لأكذوبة القرن التي وقعت في سوريا تحت مُسمى "ثورة"، وساعد على ذلك سلاح الصّفقات لحركة لا تمتلك رؤية في قراءة الأحداث والمتغيرات، فكانت ترابط على جبهة واحدة مع تلّ أبيب، وتساهم في تعميق الفالق بين السوريين، فيما كان الأمل في أن تقف على بُعدٍ واحد من جميع السوريين، ولم نكن نريد لها أن تكون حينها مع دمشق التي يقصفها العدو الصهيوني عند تحرير كل بقعة سوريّة من المقاتلين لتمرير "صفقة القرن".

لم يُسجن الأسير السوري البطل صدقي المقت مرة ثانية لأنه مقاوم فحسب، بل لأنه كشف بالدلائل والصور مسلّحي ثوار "صفقة القرن" "السوريين". إن العمل البطولي الذي قام به المقت حاصر تل أبيب وثورة "صفقة القرن" السورية.

هكذا كنا نحاصر هؤلاء بالحقائق. ولهذا كانت تلّ أبيب تشنّ الغارات على الجيش العربي السوري، ذلك أنّه كان يفكّ الحصار عن دمشق ويعيده إلى تل أبيب.

إنَّ العمل الذي قام به صدقي المقت يجب أن يُعتمد كدراسة موثقة تكشف الضّياع الَّذي يعيشه هؤلاء "الثوار"، وتظهر أنَّ سوريا حوربت لأنها رأس الحربة في مواجهة تل أبيب، ولا يراد لها أن تزداد قوة نفطية مادية، كي لا تزداد مركزيةً في مواجهة تل أبيب التي تعاني هزالةً وجودية اجتماعية، وحتى لا يكون سلاح سوريا مجرد صواريخ مرسلة إلى المقاومة فقط، فتغدو قوة مادية تصنع ميزانية مالية وتؤسّس لعشرات الحركات الوطنية المقاوِمة في المنطقة. 

ولهذا حارب الخبثاء عبر السذّج المتديّنين دمشق، وضربوها اجتماعياً عبر مذهبة الحرب، إلا أنَّ دمشق تعود اليوم رغم كلّ الأهوال والطعنات.

يستطيع أيّ شخص أن يشاهد على أحد قنواتهم معاناة المواطن السوري للحصول على أسطوانة غاز، ويقرأ كلمات السخرية مما يواجهه السوري ممن كانوا يدّعون أنهم محاصرون، وسيتأكّد العقلاء أنّ المحاصرين هم الذين كانوا، وما زالوا، يقاومون تبعات أكبر أكذوبة في تاريخ البشرية، وهي أنَّ الجريمة أصبحت ثورة، فالسوريون لم يحاصروا من الخارج إلا بعد أن تظاهر الضائعون وأربابهم الخبثاء بأنَّ الدولة تحاصرهم، بينما كان السوري المقاوم هو الذي يُحاصر ويُذبح ويُنكّل به، وهو ما حصل في مفرزة الأمن العسكري (جسر الشغور).

 أما في مدينة بانياس، وبدءاً من اليوم الأول لاندلاع أكذوبتهم، فقد قُطعت الطرق، وحاصر أتباع الجريمة المتدينة المدينة، وطوَّقها القناصون، وقتلوا غدراً جنوداً وضباطاً عزلاً كانوا عائدين إلى منازلهم، وقبضوا على فلاح بسيط يُدعى نضال جنود، كان "يقتحم" مدينة بانياس الساحلية بسيارته المدجَّجة بشتى صنوف الخضار، فقتلوه بطريقة أكثر من وحشية. وقع ذلك خلال الأيام الأولى من ثورة العجائب السوريَّة.

لم يكن ثمة حصار مفروض عليهم، وهم لم يحاصروا في الأصل، بل حاصرتهم أحقادهم فقط، لا الدولة السورية وجيشها المقاوم. أحد الثوار الذي فتك به "الحصار"، والمعروف بلقب "أبو صقار"، تحوَّل إلى آكل لحوم بشرية، إذ لم يحتمل جوع أحقاده، فشقَّ صدر جنديّ سوريّ، وأخرج قلبه، والتهم قطعة منه.

عندما نتحدَّث عن الحصار الوهمي الَّذي صنعه هؤلاء الأشخاص، إنما نتحدث عن فالق أخلاقي بين الإنسان المقاوم والمسلَّح الذي يسعى للقتل، لأنه لم يكن الحاكم بالشريعة الإسلاميّة، إلا أنَّ الجمهورية كانت في الأساس تنفّذ الشرع الإسلامي في أخلاقياته التي تبجَّح بها ذلك المسلَّح.

كانت سوريا جمهوريةً تقاوم الجهل عن معرفة بطبيعة الصراع المحقّ مع العدو الحقيقيّ، مع عدم رضوخها للذل الغربيّ في توسّل القمح والديون. كانت تقاوم العدو الصهيوني وتقارع الأميركيين إلى أن خرج إليها من بلدان الضياع شيوخ أفتوا بقتالها.

 كانت تدعم المقاومة، وتحارب معها في السرّ والعلن، إلى أن خرج فجأةً الثائر الإسلاموي، بدعوى الرغبة في الحكم بالشريعة، فحكم مناطق وبلداتٍ ومدناً، وتناحر مع إخوته تناحراً يذكره كلّ عاقل، وذلك بالفكر والنهج القابيلي، فتعدَّدت التسميات والتنظيمات الإسلامية، وكانت كلّها تقف في مواجهة الجيش العربي السّوري والسوريين.

هكذا كانوا محاصرين بفعل أحقادهم وغيرها، وكنا وحدنا، وما زلنا، محاصرين. لقد حوصرنا منذ أكذوبة أظافر أطفال درعا، وهو الحصار الأول للحقيقة السورية. حُجبت الحقائق منذ تلك اللحظة، لتندلع بعدها ثورة الأكاذيب حول ما يجري في سوريا.

شاهد كامل التغطية

29 كانون الثاني 2020

تصفح المزيد

سنتان من التحضير والتنازلات من قبل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أجل إعلان ما بات يعرف بـ "صفقة القرن"؛ هذه الصفقة التي يراد منها الإمعان في ظلم وسرقة الشعب الفلسطيني وإنتهاك حقوقه.

تذكروا سوريا.. ألم تولد "صفقة القرن" من تلك "الثورة"؟

لقد حوصرنا منذ أكذوبة أظافر أطفال درعا، وهو الحصار الأول للحقيقة السورية. حُجبت الحقائق منذ تلك اللحظة، لتندلع بعدها ثورة الأكاذيب حول ما يجري في سوريا.

  • تذكروا سوريا.. ألم تولد "صفقة القرن" من تلك "الثورة"؟
    تذكروا سوريا.. ألم تولد "صفقة القرن" من تلك "الثورة"؟

في سوريا، لن تنفذ من أقطار الفكر إلى ملكوت الحقيقة إن لم تستعدّ للمعركة القذرة التي أراد الأميركي زجّك بها وفرضها عليك، من أجل نسف وجودك عبر أخيك السوري. بهذه الحقيقة، يُستدلّ على الإنسان السويّ وصاحب القضية القدسيّة.

للأسف، نجح الخبثاء في إدراج ضعفاء أمّتي ضمن لعبتهم الخبيثة، فمَن منّا لا يذكر كم تفجَّرت صرخات بعض السوريين لمناجاة الأميركيين والأمم كافّة، وساهمت في خلق طقوس استنفارٍ وتجنيدٍ للمتطوّعين الإسلامويين حول العالم!؟

تلك الصّرخات أقامت ممرات عبور آمنة لهم إلى سوريا، وكذلك العراق، إذ تعالت نداءاتهم أن "أنقذونا. إننا نموت جوعاً وبرداً وذبحاً"، فكان الحصار الأول لذواتهم.

لقد برّروا بأنفسهم حضور فصائل داعش وقيامها، فسفكت دمهم قبل أن تخوض القتال ضد الجيش العربي السوري، إذ إنَّ البيئة كانت قد تحضَّرت لذلك، واستحضرت في ما بعد "الفاتحين"، ممن هم أمثال داعش.

واستمرّ مسلسل الحصار الفكريّ الَّذي صنعه ضياعهم، ولم يدرك هؤلاء السوريون من المتأسلمين والخوارج المضلَّلين أنهم، وبصرخاتهم الوهمية، نفَّذوا بدايات المشروع التدميري لنا جميعاً. وعلى الرغم من كلِّ ذلك، استمرّ صراخهم متعمِّداً استنفار العالم ضد موطنهم، ومرّت السنين وهم يخوضون في تصويب الاتهامات ضد الجيش العربيّ السوريّ الذي عانى من أوجاعهم الوهمية معاناةً دمويةً.

حينها، كانت الحقيقة تتمثل في أنَّ الجيش العربي السوري هو المحاصر في أغلب ثكناته على مساحة 60% من الجمهورية السورية. لقد بدأ الحصار من قبل جيش الجريمة المتديّنة، ولن أسمّيها عصابات أو ميليشيات، ففي الواقع، كان ثمة جيش نصفه من المتطرفين، والنصف الآخر من الضائعين الَّذين استعادوا وعيهم وسوريّتهم بفعل سياسة المصالحات واكتشاف الأهالي حقيقة ثورتهم المزعومة.

ما تبيَّن اليوم أنَّ سوريا هي المحاصرة، والطرف الذي يعاني جراء تأثير الحصار يتمثل بالسوريين جميعاً، وسبب معاناتهم هو الأوزار المترتبة على ما فعلته بهم الأكاذيب الثائرة. 

إنَّ الحقائق تبوح بها الوقائع اليوم، لأنَّ من يصارع الزمهرير ويواجه الجوع هم السّوريون الذين وقفوا مع دولتهم وجيشهم، ومعهم الذين عادوا من ضياعهم إلى رشدهم.

إنَّ حصار دمشق ومحاولات استنزافها أدّيا إلى إخراج تل أبيب من دائرة انحسارها، فقد واجهت دمشق حصاراً من عدة أوجه، أدى إلى خروج المحتلّين الصهاينة، ليس من ملاجئهم فحسب، بل ذهبوا أيضاً بفعل هذا الحصار إلى بعض عواصم الحكومات العربية، وأقاموا علاقات علنية ما كانت لتكون قبل اندلاع هذه الحرب العالمية ضد دمشق.

ما أريد أن يعلمه المواطن في منطقة الشرق الأوسط أنَّ رفع مستوى سعير الحقد الطائفي في المنطقة من خلال أعداء دمشق، إنما هو تصفية للقضية الفلسطينية وإقصاؤها عن أولوية هموم المواطن العربي والمسلم وأفكاره، لتأتي بعدها "صفقة القرن" من دون غضب عربي شعبي، بل بموافقة العقول المغيّبة عن غايات الحرب على دمشق، بسبب عوامل تغييب العقل العربي والمسلم عن العدوّ الحقيقي.

إنّ "صفقة القرن" ليست سوى صدى لأكذوبة القرن التي وقعت في سوريا تحت مُسمى "ثورة"، وساعد على ذلك سلاح الصّفقات لحركة لا تمتلك رؤية في قراءة الأحداث والمتغيرات، فكانت ترابط على جبهة واحدة مع تلّ أبيب، وتساهم في تعميق الفالق بين السوريين، فيما كان الأمل في أن تقف على بُعدٍ واحد من جميع السوريين، ولم نكن نريد لها أن تكون حينها مع دمشق التي يقصفها العدو الصهيوني عند تحرير كل بقعة سوريّة من المقاتلين لتمرير "صفقة القرن".

لم يُسجن الأسير السوري البطل صدقي المقت مرة ثانية لأنه مقاوم فحسب، بل لأنه كشف بالدلائل والصور مسلّحي ثوار "صفقة القرن" "السوريين". إن العمل البطولي الذي قام به المقت حاصر تل أبيب وثورة "صفقة القرن" السورية.

هكذا كنا نحاصر هؤلاء بالحقائق. ولهذا كانت تلّ أبيب تشنّ الغارات على الجيش العربي السوري، ذلك أنّه كان يفكّ الحصار عن دمشق ويعيده إلى تل أبيب.

إنَّ العمل الذي قام به صدقي المقت يجب أن يُعتمد كدراسة موثقة تكشف الضّياع الَّذي يعيشه هؤلاء "الثوار"، وتظهر أنَّ سوريا حوربت لأنها رأس الحربة في مواجهة تل أبيب، ولا يراد لها أن تزداد قوة نفطية مادية، كي لا تزداد مركزيةً في مواجهة تل أبيب التي تعاني هزالةً وجودية اجتماعية، وحتى لا يكون سلاح سوريا مجرد صواريخ مرسلة إلى المقاومة فقط، فتغدو قوة مادية تصنع ميزانية مالية وتؤسّس لعشرات الحركات الوطنية المقاوِمة في المنطقة. 

ولهذا حارب الخبثاء عبر السذّج المتديّنين دمشق، وضربوها اجتماعياً عبر مذهبة الحرب، إلا أنَّ دمشق تعود اليوم رغم كلّ الأهوال والطعنات.

يستطيع أيّ شخص أن يشاهد على أحد قنواتهم معاناة المواطن السوري للحصول على أسطوانة غاز، ويقرأ كلمات السخرية مما يواجهه السوري ممن كانوا يدّعون أنهم محاصرون، وسيتأكّد العقلاء أنّ المحاصرين هم الذين كانوا، وما زالوا، يقاومون تبعات أكبر أكذوبة في تاريخ البشرية، وهي أنَّ الجريمة أصبحت ثورة، فالسوريون لم يحاصروا من الخارج إلا بعد أن تظاهر الضائعون وأربابهم الخبثاء بأنَّ الدولة تحاصرهم، بينما كان السوري المقاوم هو الذي يُحاصر ويُذبح ويُنكّل به، وهو ما حصل في مفرزة الأمن العسكري (جسر الشغور).

 أما في مدينة بانياس، وبدءاً من اليوم الأول لاندلاع أكذوبتهم، فقد قُطعت الطرق، وحاصر أتباع الجريمة المتدينة المدينة، وطوَّقها القناصون، وقتلوا غدراً جنوداً وضباطاً عزلاً كانوا عائدين إلى منازلهم، وقبضوا على فلاح بسيط يُدعى نضال جنود، كان "يقتحم" مدينة بانياس الساحلية بسيارته المدجَّجة بشتى صنوف الخضار، فقتلوه بطريقة أكثر من وحشية. وقع ذلك خلال الأيام الأولى من ثورة العجائب السوريَّة.

لم يكن ثمة حصار مفروض عليهم، وهم لم يحاصروا في الأصل، بل حاصرتهم أحقادهم فقط، لا الدولة السورية وجيشها المقاوم. أحد الثوار الذي فتك به "الحصار"، والمعروف بلقب "أبو صقار"، تحوَّل إلى آكل لحوم بشرية، إذ لم يحتمل جوع أحقاده، فشقَّ صدر جنديّ سوريّ، وأخرج قلبه، والتهم قطعة منه.

عندما نتحدَّث عن الحصار الوهمي الَّذي صنعه هؤلاء الأشخاص، إنما نتحدث عن فالق أخلاقي بين الإنسان المقاوم والمسلَّح الذي يسعى للقتل، لأنه لم يكن الحاكم بالشريعة الإسلاميّة، إلا أنَّ الجمهورية كانت في الأساس تنفّذ الشرع الإسلامي في أخلاقياته التي تبجَّح بها ذلك المسلَّح.

كانت سوريا جمهوريةً تقاوم الجهل عن معرفة بطبيعة الصراع المحقّ مع العدو الحقيقيّ، مع عدم رضوخها للذل الغربيّ في توسّل القمح والديون. كانت تقاوم العدو الصهيوني وتقارع الأميركيين إلى أن خرج إليها من بلدان الضياع شيوخ أفتوا بقتالها.

 كانت تدعم المقاومة، وتحارب معها في السرّ والعلن، إلى أن خرج فجأةً الثائر الإسلاموي، بدعوى الرغبة في الحكم بالشريعة، فحكم مناطق وبلداتٍ ومدناً، وتناحر مع إخوته تناحراً يذكره كلّ عاقل، وذلك بالفكر والنهج القابيلي، فتعدَّدت التسميات والتنظيمات الإسلامية، وكانت كلّها تقف في مواجهة الجيش العربي السّوري والسوريين.

هكذا كانوا محاصرين بفعل أحقادهم وغيرها، وكنا وحدنا، وما زلنا، محاصرين. لقد حوصرنا منذ أكذوبة أظافر أطفال درعا، وهو الحصار الأول للحقيقة السورية. حُجبت الحقائق منذ تلك اللحظة، لتندلع بعدها ثورة الأكاذيب حول ما يجري في سوريا.

تذكروا سوريا.. ألم تولد "صفقة القرن" من تلك "الثورة"؟

لقد حوصرنا منذ أكذوبة أظافر أطفال درعا، وهو الحصار الأول للحقيقة السورية. حُجبت الحقائق منذ تلك اللحظة، لتندلع بعدها ثورة الأكاذيب حول ما يجري في سوريا.

  • تذكروا سوريا.. ألم تولد "صفقة القرن" من تلك "الثورة"؟
    تذكروا سوريا.. ألم تولد "صفقة القرن" من تلك "الثورة"؟

في سوريا، لن تنفذ من أقطار الفكر إلى ملكوت الحقيقة إن لم تستعدّ للمعركة القذرة التي أراد الأميركي زجّك بها وفرضها عليك، من أجل نسف وجودك عبر أخيك السوري. بهذه الحقيقة، يُستدلّ على الإنسان السويّ وصاحب القضية القدسيّة.

للأسف، نجح الخبثاء في إدراج ضعفاء أمّتي ضمن لعبتهم الخبيثة، فمَن منّا لا يذكر كم تفجَّرت صرخات بعض السوريين لمناجاة الأميركيين والأمم كافّة، وساهمت في خلق طقوس استنفارٍ وتجنيدٍ للمتطوّعين الإسلامويين حول العالم!؟

تلك الصّرخات أقامت ممرات عبور آمنة لهم إلى سوريا، وكذلك العراق، إذ تعالت نداءاتهم أن "أنقذونا. إننا نموت جوعاً وبرداً وذبحاً"، فكان الحصار الأول لذواتهم.

لقد برّروا بأنفسهم حضور فصائل داعش وقيامها، فسفكت دمهم قبل أن تخوض القتال ضد الجيش العربي السوري، إذ إنَّ البيئة كانت قد تحضَّرت لذلك، واستحضرت في ما بعد "الفاتحين"، ممن هم أمثال داعش.

واستمرّ مسلسل الحصار الفكريّ الَّذي صنعه ضياعهم، ولم يدرك هؤلاء السوريون من المتأسلمين والخوارج المضلَّلين أنهم، وبصرخاتهم الوهمية، نفَّذوا بدايات المشروع التدميري لنا جميعاً. وعلى الرغم من كلِّ ذلك، استمرّ صراخهم متعمِّداً استنفار العالم ضد موطنهم، ومرّت السنين وهم يخوضون في تصويب الاتهامات ضد الجيش العربيّ السوريّ الذي عانى من أوجاعهم الوهمية معاناةً دمويةً.

حينها، كانت الحقيقة تتمثل في أنَّ الجيش العربي السوري هو المحاصر في أغلب ثكناته على مساحة 60% من الجمهورية السورية. لقد بدأ الحصار من قبل جيش الجريمة المتديّنة، ولن أسمّيها عصابات أو ميليشيات، ففي الواقع، كان ثمة جيش نصفه من المتطرفين، والنصف الآخر من الضائعين الَّذين استعادوا وعيهم وسوريّتهم بفعل سياسة المصالحات واكتشاف الأهالي حقيقة ثورتهم المزعومة.

ما تبيَّن اليوم أنَّ سوريا هي المحاصرة، والطرف الذي يعاني جراء تأثير الحصار يتمثل بالسوريين جميعاً، وسبب معاناتهم هو الأوزار المترتبة على ما فعلته بهم الأكاذيب الثائرة. 

إنَّ الحقائق تبوح بها الوقائع اليوم، لأنَّ من يصارع الزمهرير ويواجه الجوع هم السّوريون الذين وقفوا مع دولتهم وجيشهم، ومعهم الذين عادوا من ضياعهم إلى رشدهم.

إنَّ حصار دمشق ومحاولات استنزافها أدّيا إلى إخراج تل أبيب من دائرة انحسارها، فقد واجهت دمشق حصاراً من عدة أوجه، أدى إلى خروج المحتلّين الصهاينة، ليس من ملاجئهم فحسب، بل ذهبوا أيضاً بفعل هذا الحصار إلى بعض عواصم الحكومات العربية، وأقاموا علاقات علنية ما كانت لتكون قبل اندلاع هذه الحرب العالمية ضد دمشق.

ما أريد أن يعلمه المواطن في منطقة الشرق الأوسط أنَّ رفع مستوى سعير الحقد الطائفي في المنطقة من خلال أعداء دمشق، إنما هو تصفية للقضية الفلسطينية وإقصاؤها عن أولوية هموم المواطن العربي والمسلم وأفكاره، لتأتي بعدها "صفقة القرن" من دون غضب عربي شعبي، بل بموافقة العقول المغيّبة عن غايات الحرب على دمشق، بسبب عوامل تغييب العقل العربي والمسلم عن العدوّ الحقيقي.

إنّ "صفقة القرن" ليست سوى صدى لأكذوبة القرن التي وقعت في سوريا تحت مُسمى "ثورة"، وساعد على ذلك سلاح الصّفقات لحركة لا تمتلك رؤية في قراءة الأحداث والمتغيرات، فكانت ترابط على جبهة واحدة مع تلّ أبيب، وتساهم في تعميق الفالق بين السوريين، فيما كان الأمل في أن تقف على بُعدٍ واحد من جميع السوريين، ولم نكن نريد لها أن تكون حينها مع دمشق التي يقصفها العدو الصهيوني عند تحرير كل بقعة سوريّة من المقاتلين لتمرير "صفقة القرن".

لم يُسجن الأسير السوري البطل صدقي المقت مرة ثانية لأنه مقاوم فحسب، بل لأنه كشف بالدلائل والصور مسلّحي ثوار "صفقة القرن" "السوريين". إن العمل البطولي الذي قام به المقت حاصر تل أبيب وثورة "صفقة القرن" السورية.

هكذا كنا نحاصر هؤلاء بالحقائق. ولهذا كانت تلّ أبيب تشنّ الغارات على الجيش العربي السوري، ذلك أنّه كان يفكّ الحصار عن دمشق ويعيده إلى تل أبيب.

إنَّ العمل الذي قام به صدقي المقت يجب أن يُعتمد كدراسة موثقة تكشف الضّياع الَّذي يعيشه هؤلاء "الثوار"، وتظهر أنَّ سوريا حوربت لأنها رأس الحربة في مواجهة تل أبيب، ولا يراد لها أن تزداد قوة نفطية مادية، كي لا تزداد مركزيةً في مواجهة تل أبيب التي تعاني هزالةً وجودية اجتماعية، وحتى لا يكون سلاح سوريا مجرد صواريخ مرسلة إلى المقاومة فقط، فتغدو قوة مادية تصنع ميزانية مالية وتؤسّس لعشرات الحركات الوطنية المقاوِمة في المنطقة. 

ولهذا حارب الخبثاء عبر السذّج المتديّنين دمشق، وضربوها اجتماعياً عبر مذهبة الحرب، إلا أنَّ دمشق تعود اليوم رغم كلّ الأهوال والطعنات.

يستطيع أيّ شخص أن يشاهد على أحد قنواتهم معاناة المواطن السوري للحصول على أسطوانة غاز، ويقرأ كلمات السخرية مما يواجهه السوري ممن كانوا يدّعون أنهم محاصرون، وسيتأكّد العقلاء أنّ المحاصرين هم الذين كانوا، وما زالوا، يقاومون تبعات أكبر أكذوبة في تاريخ البشرية، وهي أنَّ الجريمة أصبحت ثورة، فالسوريون لم يحاصروا من الخارج إلا بعد أن تظاهر الضائعون وأربابهم الخبثاء بأنَّ الدولة تحاصرهم، بينما كان السوري المقاوم هو الذي يُحاصر ويُذبح ويُنكّل به، وهو ما حصل في مفرزة الأمن العسكري (جسر الشغور).

 أما في مدينة بانياس، وبدءاً من اليوم الأول لاندلاع أكذوبتهم، فقد قُطعت الطرق، وحاصر أتباع الجريمة المتدينة المدينة، وطوَّقها القناصون، وقتلوا غدراً جنوداً وضباطاً عزلاً كانوا عائدين إلى منازلهم، وقبضوا على فلاح بسيط يُدعى نضال جنود، كان "يقتحم" مدينة بانياس الساحلية بسيارته المدجَّجة بشتى صنوف الخضار، فقتلوه بطريقة أكثر من وحشية. وقع ذلك خلال الأيام الأولى من ثورة العجائب السوريَّة.

لم يكن ثمة حصار مفروض عليهم، وهم لم يحاصروا في الأصل، بل حاصرتهم أحقادهم فقط، لا الدولة السورية وجيشها المقاوم. أحد الثوار الذي فتك به "الحصار"، والمعروف بلقب "أبو صقار"، تحوَّل إلى آكل لحوم بشرية، إذ لم يحتمل جوع أحقاده، فشقَّ صدر جنديّ سوريّ، وأخرج قلبه، والتهم قطعة منه.

عندما نتحدَّث عن الحصار الوهمي الَّذي صنعه هؤلاء الأشخاص، إنما نتحدث عن فالق أخلاقي بين الإنسان المقاوم والمسلَّح الذي يسعى للقتل، لأنه لم يكن الحاكم بالشريعة الإسلاميّة، إلا أنَّ الجمهورية كانت في الأساس تنفّذ الشرع الإسلامي في أخلاقياته التي تبجَّح بها ذلك المسلَّح.

كانت سوريا جمهوريةً تقاوم الجهل عن معرفة بطبيعة الصراع المحقّ مع العدو الحقيقيّ، مع عدم رضوخها للذل الغربيّ في توسّل القمح والديون. كانت تقاوم العدو الصهيوني وتقارع الأميركيين إلى أن خرج إليها من بلدان الضياع شيوخ أفتوا بقتالها.

 كانت تدعم المقاومة، وتحارب معها في السرّ والعلن، إلى أن خرج فجأةً الثائر الإسلاموي، بدعوى الرغبة في الحكم بالشريعة، فحكم مناطق وبلداتٍ ومدناً، وتناحر مع إخوته تناحراً يذكره كلّ عاقل، وذلك بالفكر والنهج القابيلي، فتعدَّدت التسميات والتنظيمات الإسلامية، وكانت كلّها تقف في مواجهة الجيش العربي السّوري والسوريين.

هكذا كانوا محاصرين بفعل أحقادهم وغيرها، وكنا وحدنا، وما زلنا، محاصرين. لقد حوصرنا منذ أكذوبة أظافر أطفال درعا، وهو الحصار الأول للحقيقة السورية. حُجبت الحقائق منذ تلك اللحظة، لتندلع بعدها ثورة الأكاذيب حول ما يجري في سوريا.

شاهد كامل التغطية

29 كانون الثاني 2020

تصفح المزيد

سنتان من التحضير والتنازلات من قبل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أجل إعلان ما بات يعرف بـ "صفقة القرن"؛ هذه الصفقة التي يراد منها الإمعان في ظلم وسرقة الشعب الفلسطيني وإنتهاك حقوقه.