كلا، فالأسوأ ليس فيروس كورونا

تصوروا أن هذه الإمبريالية، حتى في ظل الظروف الحالية، لم ترفع أو تخفف عقوبة واحدة أو حظرها على شراء الأدوية والإمدادات لإيران.

  • كلا، فالأسوأ ليس فيروس كورونا
    إيران لديها نظام صحي متطور وإنتاج أدوية يغطي 70 في المائة من حاجتها الداخلية

مرّ أسبوع طويل. يبدو الأمر وكأن الوقت كان أطول من ذلك بكثير، ولكن في الحقيقة لم يمر سوى 7 أيام منذ أن أعلنت إيران عن وفاة أول حالتين مؤكدتين بفيروس كورونا.

لقد تعطل كل شيء، وعلى الرغم من أن هذا الأمر "طبيعي" أو "متوقع" في مثل هذه الحالة، إلا أنه في الحقيقة بالنسبة للشعب الايراني، قليلة، بل قليلة جداً، هي الأمور التي تجعلهم يغيرون وتيرة يومياتهم وصبرهم الأسطوري.

أما اليوم فقد حصل هذا الأمر. إذا كان هناك شيء نشعر به في هذه الأيام، فهو الحذر المنتشر، والذي يخفيه البعض والبعض الآخر يبالغ فيه.

فظيع هو العقل البشري، فخلال ما يقرب من 3 سنوات من مهمتنا في طهران، شهدنا هنا خلالها زلازل وفيضانات وخطر الحرب، ومحاولات لزعزعة الاستقرار الداخلي (المفتعلة من الخارج)، لم يسبق لنا أن رأينا هذا الشعب عبوساً أو مقنناً أو كابتاً لعواطفه أو في حالة تخزين أو تكديس للأطعمة والمواد الغذائية.

أما بالنسبة لارتداء الأقنعة فهذا ليس غريباً عليهم أو جديداً، غالباً ما يستعملونها تجنباً للتلوث.. ولكن الآن، كلنا نعرف أن الحال بات مختلفاً بين أن يكون الإنسان في حالة زكام أو نزلة برد وأن تكون حياته مهددة. وبموجب الحذر المنطقي تم إغلاق المدارس ويُقدر عدم إعادة فتحها قبل نيسان/أبريل، هنا للعائلات جدول زمني وواقع مختلف تماماً.

وتتزامن هذه الأيام مع قدوم نهاية السنة الفارسية أو النوروز، وهي مناسبة يسافر خلالها الإيرانيون تقليدياً داخل وخارج البلاد. هذا العام سوف يتغير ذلك بشكل كبير، 7 وجهات تمّ إغلاقها جزئياً أو كلياً أمام الشعب الايراني. شركات الطيران أوقفت رحلاتها. العديد من الإجراءات المفرطة اتخذها البعض وبعضها ليس لها ما يبررها، ولكن على ما يبدو لها اعتبارات ومعايير أخرى مختلفة عند تطبيقها وفقاً للبلد المعني. الملفت أنه وبعد ساعات قليلة من الإعلان عن وفاة الحالتين، علق العديد من الصيدليات القريبة منا إعلاناً كتب عليه: "ليس لدينا أقنعة، ولا يوجد جل مضاد للجراثيم، ولا قفازات". صدقوني هذا أمر جديد وغريب.

فإيران أيها الأعزاء، لديها نظام صحي متطور وإنتاج أدوية يغطي 70 في المائة من حاجتها الداخلية. إيران في هذا أيضاً هي قوة إقليمية. إذن ما الأمر؟ ما الذي تغير؟ ما الذي حصل؟.

حسناً، حصل ما يحصل لنا في كوبا منذ 60 عاماً وحتى اليوم، وفي هذا العام الماضي حصل "بقوة أكبر": إنه نظام للعقوبات وأقصى درجات الضغط من قبل إمبريالية اليانكي التي لا تزال تطبق مذكرة "ليستر مالوري" المشؤومة لعام 1960: "التسبب بخيبة أمل الشعب وإحباطه وتيئيسه من خلال استفحال الأزمة الاقتصادية وزيادة المصاعب اليومية". 

تصوروا أن هذه الإمبريالية، حتى في ظل الظروف الحالية، لم ترفع أو تخفف عقوبة واحدة أو حظرها على شراء الأدوية والإمدادات لإيران. لن يتفاجأ أحد في كوبا، فنحن نعرف أنهم لن يفعلوا ذلك. أما التزام المنظمات الدولية المشاركة في مكافحة الوباء فلا يكون واضحاً ولا حازماً عندما يتعلق الأمر بالمطالبة بوقف هذا النوع من الحرب إلى الأبد.

يوجد هنا في إيران علم وفير والكثير من المواهب الخلاقة اللازمة لوقف ما لا يعد وباء عالمياً حتى اليوم. هنا يوجد الكثير من الشجاعة والإيثار والاستعداد للتضحية. ليس لدي شك في أن إيران ستتمكن من احتواء ما يحصل.

ولكن، ماذا بخصوص أولئك الذين يهاجموننا ويعتدون علينا في كل ثانية؟ يحرموننا من الحصول ليس فقط على أحدث التطورات الطبية لمعالجة الإنسان ولكن حتى الأدوية الأساسية.. ماذا بشأن هؤلاء؟ هؤلاء الذين يسعون للحد من قدرتنا على الدفاع عن أنفسنا وعلى حماية شعوبنا؟ متى سنعمل ونسير في مسيرة واحدة، موحدة وحاسمة ضدهم؟؟.

كلا، فالأسوأ ليس فيروس كورونا.

أخيراً.. نحن بخير، نعمل ونحمي أنفسنا بدون ذعر، فهذا ليس هو المطلوب. وما من ميزة في ذلك. لم يبلغ أي من مواطنينا الكوبيين المقيمين هنا عن أية أعراض حتى هذه اللحظة. نحن ممتنون جداً للرسائل والتنبيهات العاطفية. نعانق زملاءنا في سفارة كوبا في الصين، أولئك الذين يناضلون باحتراف هائل تضامناً مع الشعب الصيني الشقيق. تحية لكتيبة كارلوس ميغيل بيريرا هيرنانديز، السفير الكوبي في الصين.