دور العلاقات الخليجية- الإسرائيلية في تأجيج الصراع في الشرق الأوسط
لن تنتهي الحرب في المنطقة قريباً طالما هناك دول عربية تأخذ أوامرها من واشنطن وتل أبيب وتموّل الصراع الطائفي في المنطقة.
-
بدأت الفوضى في العراق منذ التدخّل العسكري الأميركي
ينقسم العالم العربي غالباً إلى قسمين، قسم يتمتّع بعلاقات سياسية واقتصادية وأمنية جيّدة مع كيان الاحتلال كـمصر والأردن إضافة إلى دول خليجية، وهذه الدول بالإضافة لعلاقتها القوية مع الكيان الإسرائيلي فهي تتمتّع أيضاً بدعم كبير من الاتحاد الأوروبي والإدارة الأميركية، والقسم الآخر يعتبر "إسرائيل" عدواً وهو بحال عداء معها كـسوريا واليمن ولبنان والمقاومة الفلسطينية والجزائر والعراق.
في سوريا، ومنذ عام 2011، قامت دول خليجية بالتحالف أو التنسيق مع تركيا و"إسرائيل"، بإرسال وتدريب الإرهابيين من كل أنحاء العالم. خضعت هذه الدول لضغوطٍ لشنّ العقوبات الأميركية على سوريا، ورفضت التعامُل مع سوريا، حتى في المواد الإنسانية. وشنّت أيضاً حرباً سياسية على سوريا عبر إخراجها من الجامعة العربية وكانت قطر رأس الحربة في ذلك.
في ليبيا، كانت دول الخليج العربي تموّل جانبي الحرب الأهلية، بينما تسرق الموارد البترولية هناك. ففي حين قامت تركيا وقطر بتمويل ودعم قوات رئيس الوزراء فائز السرّاج، فإن الإمارات ومصر والمملكة العربية السعودية تموّل وتدعم قوات الجنرال حفتر. في الآونة الأخيرة، تم الكشف عن أن الإمارات اشترت أسلحة عسكرية إسرائيلية وأرسلتها إلى حفتر. اعتباراً من عام 2011، شاركت هذه البلدان في مشروع "تغيير النظام" الذي شهد إبعاد العقيد القذافي عن السلطة وقتله بطريقةٍ وحشية .
بدأت الفوضى القائمة في العراق اليوم منذ التدخّل العسكري الأميركي الذي شمل حربين. قامت دول خليجية مع "إسرائيل" بتمويل ودعم الانفصاليين الكرد العراقيين الذين نجحوا في تقسيم العراق. كانت دول خليجية هي التي رعت وأنجبت الإيديولوجية السياسية التي نعرفها باسم الإسلام الراديكالي. الجماعات الإرهابية المختلفة، مثل داعش وجبهة النصرة والقاعدة وغيرها جميعها من صنع بعض دول الخليج العربي.
شهد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 سرقة الموارد البترولية وسبائك الذهب من البنك المركزي والآثار من المتحف الوطني في بغداد. الجدير بالذِكر إن نهب الموارد العراقية مستمر من قِبَل التحالف الدولي بقيادة واشنطن. كما قامت دول الخليج العربي بتمويل ودعم الطوائف الإسلامية المختلفة لضمان استمرار المجموعات المختلفة في القتال، ما يجعل العراق ضعيفاً ومُقسّماً.
يُعتبر لبنان دولة صغيرة بالحجم ولكنه يلعب دوراً كبيراً في المنطقة. قامت دول خليجية بالتواطؤ مع الولايات المتحدة و"إسرائيل" عندما شنّت الحرب على المقاومة اللبنانية في العام 2006 ، كما شنّت حرباً إعلامية عبر وسائل إعلامها. من الناحية السياسية، استثمر هؤلاء بعض السياسيين اللبنانيين الذين يعملون وكلاء عند دول الخليج العربي وأميركا، كما شنّت إحدى دول الخليج العربي نوعاً آخر من الحروب على لبنان ومقاومته من خلال ترحيل العمال اللبنانيين الذين ينتمون إلى طائفة معينة من أراضيها.
تشنّ المملكة العربية السعودية، التي تُعتبر من أغنى البلدان على وجه الأرض، حرباً على اليمن الذي يُعتبر من أفقر البلدان على وجه الأرض. بعد سنوات عديدة وجرائم حرب، فشلت في احتلال اليمن. الإمارات هي الشريك في الحرب على اليمن حيث عملت مع السعودية على بناء تحالف يضمّ عدداً من الدول العربية والأفريقية.
لم يكن "الربيع العربي" حركة شعبية، بل كان مشروعاً ثلاثيّ الأطراف تمّ تصميمه في واشنطن وبروكسل. شهد عام 2011 تنفيذ خطط "تغيير النظام" في ليبيا ومصر وتونس وسوريا واليمن والعراق.
تواصل الولايات المتحدة سرقة الموارد من سوريا والعراق، مثل آبار النفط والغاز التي احتلتها بشكل غير قانوني، في مخالفة للقانون الدولي. شنّت الولايات المتحدة العديد من الهجمات العسكرية غير المُبررّة على سوريا، ولديها عقوبات اقتصادية شديدة للغاية على سوريا تمنع إعادة بنائها، ومنعت سوريا من شراء حتى أكثر المواد الإنسانية أهمية، بما في ذلك الإمدادات لمُحاربة "COVID-19".
اشترت تركيا النفط السوري المسروق، أولاً من داعش، وبعد ذلك من الانفصاليين السوريين الكرد. تعمل تركيا و"إسرائيل" جنباً إلى جنب، وقد لعب كلاهما دوراً رئيساً في الصراع المستمر منذ 9 سنوات في سوريا. يتشاركان المخابرات لتنسيق الهجمات على سوريا. كما تحتل تركيا حالياً أجزاء من سوريا، وتحتل "إسرائيل" مرتفعات الجولان في سوريا منذ عام 1967. ولدى كل من تركيا و"إسرائيل" خطط لضمّ الأراضي السورية. تحتل تركيا منطقة إسكندرون السورية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى.
الصراع بين محور المقاومة والمحور المدعوم أميركياً وإسرائيلياً مستمر على كافه الأصعدة الأمنية والاقتصادية والسياسية. حرب يعود عمرها لعقود من زمن وكما يبدو لن تنتهي في الوقت القريب طالما هناك عدد من الدول العربية تأخذ أوامرها من واشنطن وتل أبيب وتموّل الصراع الطائفي في المنطقة بدلاً من صرف الأموال الطائلة العائدة من الثروات الباطنية لتحرير الأراضي العربية من الاحتلالين الأميركي والإسرائيلي.