من يواري سَوْءَة "إسرائيل"؟

ماذا استفاد الإماراتي ورفاقه المطبّلون من رقصهم في أحضان الإسرائيلي؟ بل ماذا استفاد نادي المطبعين من الأردن، وقبلها مصر، من تطبيعه مع "إسرائيل"؟

  • سارع ترامب إلى الإعلان عن موعد حفلة التوقيع على الاتفاق
    سارع ترامب إلى الإعلان عن موعد حفلة التوقيع على الاتفاق

في ذكرى انهزام "إسرائيل" في آب/أغسطس 2006، يأتي الإعلان الثلاثي، الأميركي الإسرائيلي الإماراتي، عن تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" والإمارات، لكي يحاول أن يواري سَوْءَة علاقاتهما المكشوفة سلفاً للحادي والبادي.

هذا الاتفاق وصفه الإخوة المتفقون بأنه تاريخي. كيف لا وقد تحقق بعد سنوات من النفاق السياسي والاحتيال الاقتصادي والمداراة الدبلوماسية خفية وعلانية!

ضرب هذا الاتفاق بعرض الحائط الجهود العربية منذ أمد بعيد لحلّ القضيّة الفلسطينيّة، إذ ربطه الإماراتي بمصلحة الفلسطينيين، زاعماً أنه سيوقف ضمّ أراضي الضفة الغربية، في حين أكَّد بنيامين نتنياهو أنه لم يتخلَّ عن موضوع ضم الأراضي الفلسطينية، ووصفه الأميركيّ والمصريّ بالتاريخيّ والمنتظر من سنوات.

أصدقاء أميركا و"إسرائيل" طبعاً فرحون ومنتشون، ليس بتطبيع علاقتهم القديمة بالصديق العربي الإماراتي، ولكن بالانخراط المعلن جهاراً نهاراً في المشروع الصهيوني.

وقد سارع ترامب إلى الإعلان عن موعد حفلة التوقيع على الاتفاق، والتي ستكون بعد 3 أسابيع، وأعلن أنه سيلحق بجوقة المطبعين عرب أضخم مكانة وأعلى شأناً في ما يخص أصحاب الأرض المعنيين أولاً بالأمر، والذين يعانون بشكل مباشر من سياسات أميركا و"إسرائيل القمعية"، فيستنكرون، وبشدة، وينددون بهذا التطبيع مع "إسرائيل"، ويعتبرونه عدواناً على الشعب الفلسطيني ومقدساته.

والسؤال هو: ماذا استفاد الإماراتي ورفاقه المطبّلون من رقصهم في أحضان الإسرائيلي؟ بل ماذا استفاد نادي المطبعين من الأردن، وقبلها مصر، من تطبيعه مع "إسرائيل"؟ الأولى غارقة في الديون ولا منقذ لها، والأخرى تغصّ بالمشاكل، وتشتكي من إثيوبيا المدعومة من طرف "إسرائيل"، وهي تريد أن تمنع عنها الماء؟

وعلى المدى الاستراتيجي، إذا كانت الإمارات تعوّل على "إسرائيل" كي تحميها عسكرياً، فبيت العنكبوت لا يستطيع حماية حتى نفسه، ولا تعويل عليه. من الواضح أن الرابحين الأساسيين من تطبيع عرب الخليج مع "إسرائيل" في هذه الفترة هما ترامب ونتنياهو المحاصران سياسياً من شعوب دولهما، فحظوظ ترامب ستكبر لتثبيت كرسيه لولاية ثانية، ونتنياهو ما فتئ يتبجّح بتحقيق حلم كلّ إسرائيلي في التّطبيع مع العرب.

إنَّ هذا الإعلان غير المفاجئ - سوى في موعد إعلانه - بقدر ما هو مخز ومخجل، فإنه ينوّر عقول أناس كانوا حتى الأمس القريب يعوّلون على سراب أنظمة بلدان عربية، ويدافعون بشراسة عن توجّهاتها وسياساتها التخريبيّة التي جلبت الدمار إلى دول عربية ومسلمة كانت تنعم بالأمن والاستقرار.

إنَّ رقصة الإمارات العربيّة المتحدة في أحضان "إسرائيل" ليست إلا تمهيداً لرقصة شيخهم الكبير الَّذي علّمهم فنّ التطبيع معها. هذا الانخراط في المشروع الصهيوني العدواني كان جلياً في الساحة السورية والعراقية، من خلال دعم الجماعات الإرهابية وتوجيهها، لكنه لم ينجح، بل إن حلم تدمير الحضارة العربية والإسلامية وإحلال القذارة الرجعية مكانها، تحوّل إلى كابوس مرعب في اليمن وسوريا والعراق، ولن تكون ليبيا استثناء.

من الواضح أنّ التطبيع مكافأة لـ"إسرائيل"، لمساعدتها على تمرير "صفقة القرن" وتبرير عدوانها على الشعب الفلسطيني وعلى كل شعوب العالم، وخصوصاً العرب والمسلمين.  

ختاماً، مرحباً بالمال الإماراتي الوافر في تل أبيب، فلطالما حلمت "إسرائيل" وطمعت بنعيم العرب وكرمهم، وها هو حلمها بدأ يتحقق بفضلكم أيها العرب العاربة.

أنظمة عربية عدة، وبعد سنوات من التطبيع السري مع الاحتلال الإسرائيلي، تسير في ركب التطبيع العلني، برعاية كاملة من الولايات المتحدة الأميركية.