اللغة المحتلّة

الإعلام الفلسطيني والسياسيون الفلسطينيون يستخدمون الألفاظ والمصطلحات التي لا تعبر عن المعنى الذي يقصدونه، بل غالباً ما يكون اللفظ من إنتاج الإعلام الصهيوني.

  • إنَّ الاحتلال ينتقي كلماته من لغتنا العربية ليعبّر تماماً عن الرسائل الّتي يريد إيصالها
    إنَّ الاحتلال ينتقي كلماته من لغتنا العربية ليعبّر تماماً عن الرسائل الّتي يريد إيصالها

هل تؤدي المصطلحات التي يستخدمها الإعلام الفلسطيني - وتحديداً إعلام المقاومة - المعنى المراد منها؟ وهل تعدّ المصطلحات السياسية التي نستخدمها من إنتاجنا؟ إن عدم القدرة على التعبير اللفظي عن فكرتنا، وعدم تطابق الكلمات التي نستخدمها مع المعنى الذي نقصده، يحول دون تمكّننا من توظيف لغتنا في خدمة أهدافنا، ويشكّل عائقاً أمام اختيار الأفعال التي ينبغي القيام بها لتحقيق الأهداف التي نسعى إليها، كما يحول دون بناء ثقافتنا وتطويرها وتحقيق الرؤى والأهداف الاستراتيجية.

لتوضيح الفكرة، نأخذ على سبيل المثال كلمة "مستوطنة" و"مستوطن". منذ بداية غزو المستعمرين الأوروبيين لفلسطين، بدأوا باغتصاب الأرض وبناء مستعمراتهم فيها. وقد أسموها "مستوطنات"، ووصفوا أنفسهم بالمستوطنين. إن الاستيطان صفة لازمت البشرية في مراحل تاريخية متعاقبة، وهي لا تحمل معنى سلبياً، فالإنسان يستوطن أرضاً خالية من البشر، ويستغلّ خيراتها ومياهها بشكل لا يتعارض مع أية معايير أخلاقية. هذا ما كان المستعمر يقصده عندما أطلق على نفسه صفة "مستوطن"، لأنه اختار الكلمة المناسبة لخدمة رؤيته الاستراتيجية، ففلسطين بالنسبة إليه أرض خالية من السكان لا ينقصها إلا الاستيطان، ونحن عندما نستخدم كلمة "مستوطنة"، فإننا ننطق بما أراده لنا المستعمر، فهل هذا ما يعنيه الإعلامي أو السياسي الفلسطيني عندما يستخدم هذه المفردات؟ 

بالتأكيد لا! عندما يستخدم الفلسطيني كلمة "مستوطنة"، فإنه يقصد بها الأرض التي نهبت بقوة السلاح، واغتصبت بالقوة، وتعرض أهلها للتهجير والقتل والتشريد والتطهير العرقي، ولكنَّ هذه الكلمة لا تؤدي المعنى المقصود. وعادةً ما تتبع كلمة مستوطنة أو مستوطن بكلمة "إسرائيلية" أو "إسرائيلي"، وبذلك يكون المتكلم قد ربطها بكيان لا يعترف به، لكن أشار إلى وجوده من دون قصد، وهو ما أراده لنا المستعمر. لقد أراد لنا أن ننطق الكلمات التي اختارها، والتي يستخدمها في إعلامه.

بدأ هذا الأمر باكراً، وقبل الإعلان عن اغتصاب الأراضي الفلسطينية في العام 1948، فقد كان الفلسطينيون يطلقون على المستعمرات التي أقامها المستعمرون الأوروبيون على الأراضي الفلسطينية، بدعم من الانتداب البريطاني، اسم "مستوطنات يهودية"، رغم أنَّ قومية المستعمرين في كلّ منها كانت معروفة، بين مستعمرات أقامها البولنديون أو الألمان أو الفرنسيون أو الروس وغيرهم من القوميات الأوروبية المختلفة، ولاحقاً الأميركيون، وحديثاً الإثيوبيون، فكل مستعمرة، إن لم يكن جميعها، كانت تضمّ القومية نفسها. 

على سبيل المثال، إن المستعمرة التي تقع على أراضي بلدة سلواد شرق رام الله، تضمّ إثيوبيين، والمستعمرة التي تقع على أراضي بلدة الطيبة شرق رام الله أيضاً، تضم أميركيين، فلماذا لا نسمي الأشياء بأسمائها، فتكون الأولى مستعمرة إثيوبية، والثانية مستعمرة أميركية؟ لا أعتقد أننا نحتاج إلى جهد جبار كي نصنّف جميع المستعمرات المقامة على أرضنا بحسب القوميات. وبذلك، نكون قد ساعدنا أنفسنا على الخروج من الساحة التي أراد لنا المستعمر أن نحاصر أنفسنا فيها، أعني ساحة الرواية التوراتية!

في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، التقيت في أحد مستشفيات القدس رجلاً قدم نفسه بصفته طبيباً يهودياً فلسطينياً. استغربت الأمر في البداية، ولكنه أكّد لي أنه فلسطيني من طبريا. وعندما سألته: هل أنت مسرور الآن؟ أجاب: "لسنا أحسن حالاً منكم. لقد سحقنا هؤلاء الأوروبيون تحت أقدامهم". وفي هذا المشروع الاستعماريّ الأوروبيّ، ولاحقاً الأميركيّ، تمَّ توظيف الدين كأداة مساعدة. 

لا أدَّعي أن كلمة مستعمرة التي استخدمتها أعلاه هي الكلمة الملائمة أو المعبّرة عن الوصف الحقيقي، فأنا لست متخصصاً في اللغة العربية، ولكنَّني أتابع الإعلام المرئي والمسموع، وكثيراً ما يستوقفني استخدام بعض الألفاظ والمصطلحات، فبعضها يدعو للضّحك، وأحياناً الحزن، وبعضها الآخر يدعو للتأمل في المعنى والمقصود، في حين أن الإعلام الصّهيونيّ دائماً ما يستخدم الكلمات والمصطلحات التي تعبّر تماماً عما يعنيه ويقصده، وبذلك يكون قادراً على توظيف اللغة في خدمة سياساته ورؤيته الاستراتيجية للحالة التي يهدف إلى فرضها في المنطقة.

وعلى العكس من ذلك، أجد أنَّ الإعلام الفلسطيني والسياسيين الفلسطينيين يستخدمون الألفاظ والمصطلحات التي لا تعبر عن المعنى الذي يقصدونه، بل غالباً ما يكون اللفظ من إنتاج الإعلام الصهيوني، وكأنَّ الاحتلال أكثر قدرةً منا على توظيف اللغة العربية لخدمة أهدافه وسياساته، فهل يمكن احتلال اللغة مثلما يتم احتلال الأرض؟

من التعبيرات التي كثيراً ما أفكّر فيها هي كلمة "اعتقال"، فعلاً ومصدراً، والتي يستخدمها الاحتلال في جميع الحالات التي يتم فيها "أسر" أي مواطن عربي، وفي مختلف الظروف، سواء في بيته أو في الشارع أو في تظاهرة أو نتيجة اشتباك مسلح. 

من خلال متابعة المواقف التي تستخدم فيها كلمة اعتقال على المستوى العالمي، لاحظت أن الجهة التي تنفّذ هذا الفعل عادةً ما تكون دولة ذات سيادة على أراضيها. وتتم عملية الاعتقال بحسب قوانين تلك الدولة التي توفّر الغطاء الشرعي والقانوني لعملية الاعتقال، في حين أن المعتقَل، أي "الشخص الذي يقع عليه فعل الاعتقال"، هو الشخص الخارج عن القانون، الذي يتحمَّل المسؤولية الكاملة عن الأفعال التي قام بها بشكل فرديّ وشخصيّ، ويتمّ التعامل معه على أساس أنه قام بمخالفة القوانين المعمول بها لدى السلطة صاحبة السيادة.

وفي الحالة الفلسطينيّة، يتمّ نفي صفة المقاومة عمن يتم اعتقاله، ففعله لا يعبّر عن إرادة شعب! فلا وجود في المنظومة القانونية الاحتلالية لطرف آخر يطالب بحقوقه الشرعية، فالجميع أفراد وُجدوا بالصدفة تحت سلطة الاحتلال، وعليهم احترام القوانين التي شرعها الاحتلال من أجلهم وعلى مقاساتهم. وفي جنوب لبنان مثلاً، ووفقاً لمبدأ "حدودنا حيثما تصل أقدام جنودنا"، تعامل الاحتلال على اعتبار أنّه سلطة شرعية وقانونية في الجنوب اللبناني، واستخدم كلمة "اعتقال" و"معتقل".

إنَّ الاحتلال ينتقي كلماته من لغتنا العربية ليعبّر تماماً عن الرسائل الّتي يريد إيصالها، والتي تخدم رؤيته الاستراتيجية وتساعده في محاولاته لتكريس وقائع سياسية يرغب في تثبيتها على الأرض. أما الإعلام الفلسطيني، فهو ينقل الخبر عن وسائل الإعلام الصهيونيّة، مستخدماً العبارات والألفاظ نفسها.

في المقابل، وفي حال تمكَّن الفلسطينيون من القبض على جندي صهيوني، يتم الإعلان عن فعل "أسر"، وهو أمر مخالف للاعتقال. وبمجرد الإعلان عن عملية أسر، يكون منفّذ العملية قد أقرّ ضمنياً بأنَّ من تمَّ أسره يتبع كياناً آخر لا سيادة له عليه، ناهيك بأنَّ للأسير حقوقاً كفلتها المعاهدات والقوانين الدولية، ولا يمكنك أن تحاسبه على ما فعله كفرد، فهو ينفّذ أوامر قيادته...

إن أهل الأرض الحقيقيين وأصحاب الحق الشرعي والقانوني والتاريخي ينبغي أن يتصرفوا قولاً وفعلاً كأسياد على أرضهم. هم الذين يجب أن يقولوا: "اعتقلنا جندياً صهيونياً"، وهم الذين يجب أن يتحملوا مسؤولية محاكمة الجندي الصهيوني المعتقل، لأنهم يمتلكون الأدلة والإثباتات الكافية لإدانته، ذلك أنه دخل إلى أرض فلسطين بطريقة غير شرعية، ومن دون إذن أصحابها، ثم حمل السلاح وشارك في جرائم قتل الأبرياء وإرهابهم وترويعهم، وفي عمليات تدمير المدن والقرى والمباني والنهب المسلح، إضافةً إلى الأفعال التي قام بها بشكل فردي.

إن محاكمة عادلة بحق هذا الجندي، تفضي إلى سجنه لسنوات طويلة، وتغريمه بمليارات الدولارات، ستكون كفيلة بنشر وعي جديد بين الشباب الفلسطيني، كما يمكنها تعزيز إيمان الشعب الفلسطيني بتحقيق العدالة، وإن طال الزمن.

وهنا، يحضرني سؤال في هذا السياق: لماذا يجب أن يتحمّل فرد مسؤولية قتل صهيوني، بينما يضيع الدم العربي دائماً بين القبائل الصهيونية؟ في كثير من الحالات، لا نحتاج إلى الكثير من الجهد لمعرفة مرتكبي جرائم قتل الفلسطينيين، فمن ارتكب جريمة قتل الشاب أحمد الشريف في الخليل معروف، ومن قتل الدوابشة والطفل محمد أبو خضير معروف أيضاً! 

قبل فترة، عرضت إحدى قنوات التلفزة الصهيونية تقريراً عن مذبحة دير ياسين، تخلَّلته مقابلات مع أفراد العصابة التي ارتكبت تلك الجريمة، وصفوا فيها تفاصيل الحادثة، من خطّة اقتحام البلدة إلى تنفيذ عمليات القتل الجماعي بحق أهلها وذبحهم بالسّلاح الأبيض وإحراق جثثهم. إذاً، من شارك في مذبحة دير ياسين ما زال حياً يرزق، فكيف يمكن تحقيق العدالة لأرواح شهداء وضحايا الجرائم والمجازر الصهيونية من دون محاكمة مرتكبي الجرائم بشكل فردي وشخصي؟ 

ربما كان على الشعب الفلسطيني أن يقوم بعد نكبته بإنشاء محكمة خاصة بجرائم أفراد الحركة الصهيونية، قبل تدريب الشباب الفلسطيني على المقاومة المسلحة، وربما كان عليه تأسيس وحدات من المحقّقين وتكليفهم بجمع المعلومات والأدلة عن مرتكبي الجرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني. وعندما يدرك كلّ صهيوني أن العدالة ستطاله، ولو بعد وفاته، فإنه سيتردَّد قبل الإقدام على جريمته! وماذا عن المحاكمات الغيابية؟ لماذا لا يتم تأسيس المحكمة الخاصة بالجرائم الصهيونية؟ ولماذا لا تتم محاكمة القتلة غيابياً وتعميم الأحكام الصادرة بحقّهم على دول العالم؟

ماذا عن المعنى اللغوي لكلمة "تطبيع"؟! بحسب معاجم اللغة العربية، يعني فعل "طبع" أنّ طرفاً يقوم بتغيير سلوك طرف آخر وطبائعه لتتلاءم مع رغبة الطرف الأول وأهدافه، فنقول "طبع الرجل المهر"، و"طبع الرجل الولد بطباع أبيه". هذه العملية تستند إلى وجود طرفين ليسا على القدر نفسه من الندية والمساواة، وهما "المطبِّع" و"المطبَّع"، بل يشترط أن يمتلك المطبِّع القوة والمعرفة والدراية لكي يتمكن من تطبيع "المطبَّع" وتغيير سلوكه وطبائعه ومواقفه بما يتلاءم مع رغبته واحتياجاته (المطبِّع).

وفي حالتنا العربية مع الاحتلال، أظنَّ أن هذه الكلمة انطلقت من أروقة إحدى الجامعات العبرية، ولا أستبعد أن تكون قد بدأت بقول "دعونا نقُم بتطبيع العرب"، فالاحتلال وحده هو الذي يقوم بعملية التطبيع، وهو الفاعل الذي يستخدم كل إمكانياته لتغيير سلوك بعض الأنظمة والأفراد ومواقفهم، بينما يقع فعل التطبيع على الأطراف العربية، لتكون "الطرف المطبَّع"، فالطفل السعودي الذي جاء إلى تل أبيب ليس مطبِّعاً (بكسر الباء)، بل هو مطبَّع (بفتح الباء)، أي أن الاحتلال نجح في تطبيعه، كما لا يجوز أن نستخدم كلمة المطبِّعين العرب "بكسر الباء"، بل الصحيح هو "المطبَعون العرب" (بفتح الباء)، ولا يجوز أن نقول إن أنظمة عربية تقوم بالتطبيع مع الاحتلال، فهي أضعف من أن تقوم بفعل التطبيع، ولكنها تقبل بأن يقوم الاحتلال بتطبيعها!

لا أعرف هنا الكلمة الدقيقة التي يمكن استخدامها لوصف هذه الحالة. على أصحاب اللغة والخبراء أن يجدوا الكلمة المناسبة للتعبير عنها، وهي في معانيها أقرب إلى الاستسلام أو طلب الاستعباد أو أي شيء مشابه. هي حالة التنازل الطوعي عن الحرية الذاتية، والرغبة في أن لا يكون هذا الطرف حراً، والطلب من طرف آخر أن يقوم بتطبيعه وتشكيل طباعه وسلوكياته ومواقفه، بحسب رغبة الطرف المطبِّع "بكسر الباء". هذه الحالة تحتاج إلى تعبير أو لفظ خاص يكون قادراً على وصف المعنى الحقيقي لهذه الحالة.

أما كلمة ضمّ، والتي تحتلّ وسائل الإعلام هذه الأيام، فهي أسهل على الفهم، فنقول مثلاً "ضم المال إلى ماله"، أي أضاف مالاً جديداً إليه، ونقول "ضمّ الأرض"، أي ألحق بها أرضاً جديدة. وعندما يعلن الاحتلال عن خطَّته لضمّ أراضٍ فلسطينية، فهو يقصد أنه سيضمّ أراضي فلسطينية إلى أرضه التي يملكها أصلاً، وهي ليست أرضاً فلسطينية، ولكنه في الحقيقة يخطط لاستكمال عملية نهب الأراضي الفلسطينية، ويمنح نفسه الشرعية ليسيطر بقوة السلاح على ما تبقى منها. 

إن الاحتلال يعني كلّ ما يقوله. وبمجرد استخدامنا عبارة "عملية الضمّ" أو رفضنا "عملية الضمّ"، نكون ضمنياً قد روَّجنا لشرعية ملكيّته للأراضي التي احتلَّها في العام 48. بالنسبة إلى الفلسطينيين، إن ما يخطّط له الاحتلال هو عملية استكمال نهب الأراضي، وليس عملية ضمّها، ولكنها، بالنسبة إلى الاحتلال، عملية ضم. 

إن الاحتلال هو صاحب المبادرة، وهو الذي أعلن عن خطته ونياته، وهو الذي اختار لها الاسم، ونحن نردّد خلفه صباحاً ومساءً رفضنا هذه العملية. وفي كلّ مرة نكرّر الأمر نفسه، فإنَّنا نقر بملكيته وسيادته على الأراضي المحتلة في العام 48، ونرفض استكماله نهب ما تبقى من الأراضي الفلسطينية. صحيح أن ما نقوم به هو رد فعل على ما بادر إلى إعلانه، ولكن من الذي يجبرنا على استخدام الألفاظ والتعابير التي يطلقها؟ وماذا لو لم ينفّذ الاحتلال خطّته؟ هل تنتهي المشكلة؟ أليس من المفترض بنا أصلاً أن نطالب بزوال الاحتلال؟ 

لماذا لا نطالب بزوال الاحتلال عندما نجمع الجماهير الفلسطينية وممثلي البعثات الدبلوماسية، بمن فيهم ممثل هيئة الأمم، ونطالب الجميع بالوقوف معنا لمنع "عملية الضم"؟ إذا زال الاحتلال، فلن يكون ثمة "ضمّ"! إن الجماهير الفلسطينية تحتشد في شوارع غزة، وتسير في تظاهرات تحت عنوان مناهضة "عملية الضم"، وترفع لافتات كتب عليها "لا للضمّ"، أليس الأَوْلى أن نكتب على لافتاتنا "لا للاحتلال"؟ وماذا عن الشعوب والحركات العالمية المناصرة لشعبنا الفلسطيني؟ 

لقد كنّا نتابع نشاطات الشباب في الكثير من المدن والعواصم الأوروبية والأميركية وغيرها، عندما يسيرون في تظاهرات ترفع شعارات "الحرية لفلسطين" و"فلسطين حرة". أما في هذه الأيام، فنلاحظ أن هتافات ولافتات الحركات المناصرة لشعبنا في مختلف مدن العالم، وهي كثيرة، تقول: "لا للضم". وهنا أتساءل: ما هو الأفضل؟ أن يهتف العالم "الحرية لفلسطين" أو أن يهتف "لا للضم"؟ وما تأثير كل من هذين الشعارين في وعي الشباب وفكرهم في العالم؟

ومن بين الأخبار اللافتة للانتباه في هذا السياق في بعض القنوات التلفزيونية، الخبر الَّذي يتحدث عن اجتماع قيادات الفصائل الفلسطينية المقاومة والمجاهدة في دمشق، والَّذي خلص فيه المجتمعون إلى الاتفاق على ضرورة توحيد الجهود وتنسيقها، والعمل المشترك من أجل إحباط "عملية الضم"! من الغرابة هنا أنّ كل ما جرى خلال سنوات مضت، لم يستدعِ توحيد الجهود والعمل المشترك، بينما تطلَّب إعلان الاحتلال عن خطّته "للضمّ" العمل المشترك وتوحيد الجهود وتنسيقها! 

أيها الإخوة والرفاق، لقد تكلَّفتم عناء السّفر ومشقّته في هذه الظروف الصّعبة، ألم ينر الله قلوبكم لتقولوا: "من أجل إزالة الاحتلال"، بدلاً من منع "عملية الضم".