زيارة نتنياهو إلى السعودية.. دلالات التوقيت ومقاربة التطبيع

يُعتبر فوز جو بايدن المرشح الانتخابي عن الحزب الديموقراطي الأميركي لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، بمثابة نقطة تحوّلٍ وتحدٍّ كبيرين بالنسبة للأطراف مجتمعةً لاسيما القوى في الشرق الأوسط.

  • تأتي هذه الزيارة في ظلّ توقيتٍ حسّاسٍ في المنطقة والعالم
    تأتي هذه الزيارة في ظلّ توقيتٍ حسّاسٍ في المنطقة والعالم

سمحت الرقابة الإسرائيلية بالكشف عن لقاءٍ سريٍّ عُقد يوم الأحد الماضي، في السعودية، بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، ووزير الخارجية الأميركي بومبيو، قوبل هذا الخبر بنفي السعودية لمثل هذه الزيارة من خلال تصريح وزير خارجيتها، وعدم تعليق الخارجية الأميركية.

تأتي هذه الزيارة في ظلّ توقيتٍ حسّاسٍ في المنطقة والعالم، وتحديداً بعد فترةٍ انتقاليةٍ في الولايات المتحدة الأميركية على أثر فوز جو بايدن بانتخابات رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك في ظلّ موجة التطبيع الحاصلة في المنطقة، وجهود نتنياهو من أجل التوصّل إلى حالة انخراطٍ عميقٍ في المنطقة في كافة المجلات وصولاً لإبرام حلفٍ استراتيجيٍّ كالأحلاف التقليدية المشتركة التي تتقاطع فيها الأهداف والتوجهات، عبر بوابة التطبيع، حيث أن تداخل الملفات في البيئة الإقليمية الواحدة تجعل الأمور تتجه نحو تحقيق حالةٍ ديناميكيةٍ واسعةٍ لإعادة ترتيب الملفات الإقليمية وفق طبيعة المتغيرات في البيئة الأميركية.

لا يختلف هذا المشهد وهذه الزيارة عن مقاربات أخرى أيضاً فلقد جرت العديد من اللقاءات والقمم الإقليمية خلال الفترة الماضية من أجل إعادة ترتيب الأولويات ومحاولة الأطراف المحافظة على الاستراتيجيات الإقليمية الحاصلة في المنطقة، وهذا النشاط يصبّ بشكلٍ واضحٍ في المحافظة على التحالفات وعدم تغير السياسات تجاه إيران، ودفع عجلة التطبيع بصورة أقوى.

وهو الأمر الذي يمرّ بمجموعةٍ من التحديات التي من شأنها أن تضعف تلك التوجهات أو تؤجل بعضها نتيجةً لعدة عوامل.

يُعتبر فوز جو بايدن المرشح الانتخابي عن الحزب الديموقراطي الأميركي لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، بمثابة نقطة تحوّلٍ وتحدٍّ كبيرين بالنسبة للأطراف مجتمعةً لاسيما القوى في الشرق الأوسط، حيث كان محمد بن سلمان، على سبيل المثال، يراهن على فوز دونالد ترامب لولاية ثانية، ولكن فوز بايدن سيقوّض من نفوذه إذ أن المخاوف تصب ّفي عودة دعم التيار التقليدي في الأسرة الحاكمة، وهو ما سيثير مخاوف متعددة تجاه سيطرته على زمام الأمور.

وفي هذا الاتجاه، فإن المصالح المتبادلة بين ابن سلمان ونتنياهو تدعو إلى تعزيز عدة أمور منها، الحفاظ على الاستراتيجية المتّبعة من قِبل أميركا وحلفاءها، تجاه التعامل مع الملف الإيراني، ومخاوف العودة لاستئناف اتفاق (5+1) وهو خوفٌ مشتركٌ لدى الطرفين.

بالنسبة لنتنياهو، هي بمثابة محاولةٍ لكسب الوقت قبل نهاية فترة ترامب بغية الوصول إلى أقصى حالة تطبيعٍ في المنطقة والتي تعتبر السعودية، نظراً لمكانتها الدينية، تمثل حالة انحرافٍ كبيرةٍ وواسعة تجاه هذا التطبيع، وهو أكبر إنجازٍ لنتنياهو لو تمّ إتمامه في هذه المرحلة. والأساس في هذا اللقاء أن يكون سرياً، ولكن نتنياهو أراد إحراج السعودية بإعلانه عن اللقاء الثنائي، لتهيئة الرأي العام لعملية التطبيع السعودي الإسرائيلي.

الخلاصة:

إن ظروف المنطقة في ظل تبنّي رؤى واستراتيجيات جديدة يجعل الأمور أكثر تعقيداً خاصةً أن كافة الملفات ملغومة، بسبب فترة ترامب وهو الأمر الذي سيزيد الأمور تعقيداً بالنسبة للرئيس الأميركي الجديد حيث سيرث الكثير من الملفات المتشابكة.

وفي المقابل، فإن الأطراف التي بنت استراتيجياتها مع ترامب وراهنت على فترة ولاية ثانية له، سيُعبّرون عن قلقهم خوفاً من أن يستبدلهم بايدن بتيارات أو أطراف أخرى داخل النُظم الحاكمة لاسيما السعودية.

أنظمة عربية عدة، وبعد سنوات من التطبيع السري مع الاحتلال الإسرائيلي، تسير في ركب التطبيع العلني، برعاية كاملة من الولايات المتحدة الأميركية.