مشروع المقاومة في مواجهة التطبيع

الخيار الحقيقي لإنقاذ الوطن وطرد الاحتلال هو الالتفاف خلف خيار المقاومة وبناء مشروع تحرّرٍ، بعيداً عن الخلافات والصراعات، في محاولةٍ لإعادة تنشيط منظمة التحرير الفلسطينيّة.

  • أبرز ما يُجمع عليه أحرار شعبنا بمختلف أطيافهم السياسية، هو العودة إلى المقاومة ضد الاحتلال
    أبرز ما يُجمع عليه أحرار شعبنا بمختلف أطيافهم السياسية، هو العودة إلى المقاومة ضد الاحتلال

لا شكّ في أنّ القضية الوطنية الفلسطينية تمرّ بمرحلةٍ مفصليّة من تاريخ نضالنا ضد دولة الاحتلال، فالعدوان على شعبنا غير مسبوقٍ والمطبّعون العرب شجّعوا هذه الجريمة النكراء ضد الحق الفلسطيني المسلوب. إنّ أبعاد التطبيع وأهدافه يؤكّدان ارتهان الأنظمة العربية المطبِّعة للقرار الصهيو أمريكي وإرادته. وفي ظلّ استمرار الدعم والانحياز الأميركي والصمت الدولي، تسعى القيادات الحاكمة إلى تحقيق مكاسبَ شخصيةٍ خبيثة بهدف الثشبّث بوجودها في سدّة الحكم.

كشفت هذه الظاهرة انحراف الحكومات المطبّعة عن الموقف العربي الشعبي الداعم للحق الفلسطيني الرافض للإجرام الصهيوني ضد الأرض والإنسان. وإذا بالمطبّعين العرب ينحدرون في سلوكهم إلى أبعد من هذا، من خلال ترسيخ الخيانة ومأسستها بشتى الأشكال والأساليب. انعكست هذه السياسات سلباً على حقوق شعبنا الفلسطيني، في تساوقٍ واضح مع الرواية الصهيونية، فإذا ببعض الدول تتهافت إلى إبرام الصفقات الاقتصادية والتطبيع الثقافي وتكثيف الزيارات إرضاءً للشيطان الصهيوأمريكي وخدمةً للمصالح المالية لهؤلاء المنحرفين عن مبادئ أمّتهم الإسلامية، والمجرمين بحق أوطانهم  وشعوبهم.

إعلان الاحتلال عن قرار ضمّ أجزاء من الضفّة والأغوار، إضافةً إلى إطلاق الرئيس الأميركي دونالد ترامب "صفقة القرن" المشؤومة ونقل السفارة الأميركية إلى القدس في هذا الوقيت الحرج بالذات، جاء للتستّر على هذه الجرائم الصهيوأميركية ضد الحق الفلسطيني، ليشجع العدوان على شعبنا وكأنه يغرز خنجراً في ظهر شعبنا.

ومن المستهجَن حالة الصّمت تجاه جريمة الخيانة للأمة المسمّاة التطبيع، وإزاء أئمة النفاق ولفظهم باعتبارهم دخلاء على تاريخ الأمة الإسلامية. من هنا، يتوجّب علينا اليوم أن نتوحّد في جبهةٍ إسلاميةٍ واحدة، رافضة لهذه الجريمة التي تستهدف مصالح شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية الإسلامية لنقف خلف خيار المقاومة ونكون جميعاً صفاً واحداً في محورها الرافض للتطبيع والاملاءات الصهيو أميركية.

المرحلة التي تمرّ بها القضية الوطنية الفلسطينية، هي مرحلةٌ حساسة تستوجب على جميع مكوّنات العمل الوطني الفلسطيني الالتفاف خلف خيار المقاومة. يجدر بالجميع التأكيد على فشل مسيرة التسوية والسلام الزائف مع الاحتلال والخروج من حالة التيه السياسي الذي أحدثه التنسيق الأمني مع الاحتلال والعمل على برنامجٍ وطنيٍّ واستراتيجيّةٍ نضاليّةٍ موحّدة لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الوطنية الفلسطينية.

وأبرز ما يُجمع عليه أحرار شعبنا بمختلف أطيافهم السياسية، هو العودة إلى المقاومة ضد الاحتلال، في أشكالها المختلفة. لقد بات الاحتلال يسيطر على أجزاء واسعةٍ من أرضنا من خلال سياسات الاستيطان ومصادرة الأراضي، مما يحتّم على القيادة الوطنية الحكيمة استنهاض شعبنا وإعادة صياغة وسائل الصراع ولفظ أوسلو ومخلّفاته، واستنهاض القواعد الشعبية ضد المشروع الصهيوني التوسعي. بات إنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني ضرورةً في ظلّ التعقيدات والمؤامرات التي تحيط بنا، لا سيما التطبيع العربي الرسمي المتسارع مع دولة الاحتلال، في ظلّ استمرار الصمت  الدولي على الجرائم التي تنتهجها "إسرائيل". لذا، يجب إبراز الأصوات الرافضة للتطبيع من دولٍ وجماعاتٍ وأفراد، وشجب أي شكلٍ من أشكال التعامل مع الاحتلال ورفض الاعتراف بدولة الاحتلال على أي جزءٍ من أرض فلسطين.

لا شكّ في أنّ الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ومن سار في فلكهما، يسعون إلى بثّ الفوضى والخراب في المنطقة من خلال التطبيع العربي مع دولة الاحتلال، والعمل على إحداث صدعٍ بين الدول الإسلامية، لكنّ محور المقاومة سيبقى المشروع المناهض لهذه المآرب الخبيثة.

الخيار الحقيقي لإنقاذ الوطن وطرد الاحتلال هو الالتفاف خلف خيار المقاومة وبناء مشروع تحرّرٍ، بعيداً عن الخلافات والصراعات، في محاولةٍ لإعادة تنشيط منظمة التحرير الفلسطينيّة. إنّ المخاطر التي تتهدد شعبنا عديدة والمطلوب هو تكثيف عمليات المقاومة وإرباك العدو وضرب مخططاته الإجرامية ضد شعبنا، ذلك هو الطريق الوحيد الذي سيُفشل المشروع الصهيوني.

بموازاة ذلك، يجدر التأكيد على أهمية كل الجهود المبذولة لدعم القضية الفلسطينية على المستوى الدولي والقانوني والسياسي، لإحراز أفضل ما يمكن أن يُقدَّم لنصرة حقوق شعبنا الفلسطيني ووقف الإجرام الصهيوني ضد الأرض والإنسان.

أنظمة عربية عدة، وبعد سنوات من التطبيع السري مع الاحتلال الإسرائيلي، تسير في ركب التطبيع العلني، برعاية كاملة من الولايات المتحدة الأميركية.