هل تتجه الحكومة الهندية نحو المزيد من التضييق على المسلمين ؟

لقد ظلت الهند منذ استقلالها عن التاج البريطاني عام 1947، دولةً تتعايش فيها جميع الأديان، و تتساوى فيها الحقوق والواجبات، بصرف النظر عن الدين أو المذهب، من خلال الدستور الذي وضعه الآباء المؤسسون.

  • لم تتوقف سياسة الحزب الحاكم، منذ وصوله إلى السلطة، عن تضييق الخناق على الطائفة المسلمة
    لم تتوقف سياسة الحزب الحاكم، منذ وصوله إلى السلطة، عن تضييق الخناق على الطائفة المسلمة

أعلنت ولاية آسام الهندية، سنّ قانونٍ يحظّر المدارس الإسلامية، بذريعة أنها تمنح تعليماً دون المستوى، رغم معارضة حزب المؤتمر الهندي لهذا الإجراء. على الرغم من الادعاءات التي ساقها هيمانتا بيسوا سارما، وزير التعليم في الولاية للمجلس المحلي، إلاّ أنّ ذلك يدخل في نطاق التضييق على الطائفة الهندية المسلمة. 

كما هو معلومٌ، فولاية آسام تخضع لسيطرة الحزب القومي الهندوسي المتطرّف الذي يتزعمه رئيس الوزراء الحالي ناريندرا مودي، والذي لا يخفي عداءه للمسلمين، لدرجة أنه سبق أن وصفهم في أحد تصريحاته، بالجِراء التي تدهسها السيارة، إثر أحداث عنفٍ  وقعت بين الهندوس و المسلمين قبل سنوات. 

لم تتوقف سياسة الحزب الحاكم، منذ وصوله إلى السلطة، عن تضييق الخناق على الطائفة المسلمة في الهند عبر اتخاذ إجراءاتٍ معادية لهم. لقد رأينا كيف أُلغي عام 2019 نظام الحكم الذاتي، من خلال تعديل المادة 370 من الدستور، المتعلقة بإقليم جامو وكشمير اللذين كانا يتمتعان بدستورٍ خاصٍ و عَلَمٍ مستقلٍ، مع استقلاليةٍ في جميع المجالات، ما عدا شؤون الدفاع و الخارجية.  

وبالرغم من الوضعية القانونية لهذا الإقليم المتنازع عليه مع باكستان، سارعت الهند إلى ضمّ المنطقة قسراً، في خرقٍ سافرٍ لقراراتِ مجلس الأمن الدولي 48، 122 و 123 التي تنصّ على أنّ تسوية هذا النزاع يمرّ عبر إجراء استفتاءٍ حُرٍّ و نزيهٍ عَبْرَ الأمم المتحدة لتقرير مصير الإقليم، إما الاستقلال أو الالتحاق بباكستان، و ما زالت الهند تماطل في تطبيق القرار.  

علاوةً على ذلك، قام الحزب الحاكم بتبني مشروع قانون يمنح الجنسية الهندية للمهاجرين غير الشرعيين من دون المسلمين، القادمين من بنغلاديش و باكستان و أفغانستان، إذ تُمنح الجنسية على أساس الدين. ما تسبب بأعمال عنفٍ راح ضحيتها العديد من المتظاهرين الرافضين لهذا المشروع العنصري.

و إذا كان الحزب يدّعي أن سبب إغلاق المدارس الدينية المسلمة ناتجٌ عن تدنّي مستوى التعليم فيها، على حدّ قوله، كان حريٌّ به بدل إغلاقها، أن يُدْخِلَ بعض الاصلاحات والتعديلات على المناهج الدراسية  تجمع بين العلوم الدينية و العلوم الأخرى، حتى تتمكن الدولة من الاستفادة من هؤلاء الطلبة مستقبلاً، في مجالات الجيش و الشرطة و قطاعات أخرى. 

إنّ التعصب للهوية الدينية الهندوسية تتحكم بسلوكيات رئيس الوزراء ناريندرا مودي، الذي يحاول إضفاء صبغةٍ دينيةٍ متجذّرة في التطرف، و إدخال البلاد في تعصّبٍ يكرس هيمنة الأغلبية الهندوسية في المشهد السياسي الهندي، ما يهدد القيم  والنسيج المجتمعي الهندي المتعدد الطوائف والديانات و الأعراق، على الرغم من الطابع العلماني للدولة الهندية.

لقد ظلت الهند منذ استقلالها عن التاج البريطاني عام 1947، دولةً تتعايش فيها جميع الأديان، و تتساوى فيها الحقوق والواجبات، بصرف النظر عن الدين أو المذهب، من خلال الدستور الذي وضعه الآباء المؤسسون. وهو دستورٌ يكفل كل طوائف الشعب الهندي البالغ تعداده 1.380.004.385  نسمة حسب آخر الإحصائيات التي أُجريت السنة الماضية. على الرغم من سلسلة الأحداث العنيفة المتفرقة ذات الطابع الديني التي تندلع بين الفينة والأخرى، ثم لا تلبث أن تخبو، لم يمنع ذلك الهنودَ بمختلف انتماءاتهم الدينية  والمذهبية و العرقية من التعايش فيما بينهم. 

في الختام، من الواضح أنّ السياسة الممنهجة للحكومة الهندية الإقصائية بحقّ المسلمين الهنود، تهدف إلى طمس هويتهم الدينية و نشر ثقافة اللاتسامح واللاتعايش، مما سيكون لها الأثر السلبي على استقرار الهند، خصوصاً وأنها تتطلّع لتصبح قوةً عظمى على المدى البعيد.