هل تتغيّر السّياسة الألمانيّة تجاه سوريا والمنطقة بنجاح أرمين لاشيت؟
ترجّح المعلومات الأوليّة فوز لاشيت بمنصب المستشار الّذي يتنافس فيه بشدّة مع رئيس حكومة بافاريا ماركوس زودر. بعض الأوساط الإعلاميّة تحدّثت عن تغيير في السياسة الخارجية الألمانية إذا ما أصبح لاشيت مستشاراً للبلاد.
-
ترجّح المعلومات الأوليّة فوز لاشيت بمنصب المستشار الألماني
تتجه كلّ الأنظار إلى رئيس حكومة شمال الراين وويستفاليا أرمين لاشيت، الذي فاز برئاسة الحزب الديموقراطي المسيحي الذي تنتمي إليه المستشارة أنجيلا ميركل. حوالى 8 أشهر تفصل البلاد عن انتخابات المستشاريّة، حيث تغادر ميركل الحياة السّياسية بالكامل.
ترجّح المعلومات الأوليّة فوز لاشيت بمنصب المستشار الّذي يتنافس فيه بشدّة مع رئيس حكومة بافاريا ماركوس زودر. بعض الأوساط الإعلاميّة تحدّثت عن تغيير في السياسة الخارجية الألمانية إذا ما أصبح لاشيت مستشاراً للبلاد، لكونه كان يغرد كثيراً خارج سياسة الحزب في تقييمه السياسي للأوضاع في المنطقة وسوريا تحديداً، وهو الذي كان يؤمن منذ البدايات بضرورة الحوار مع روسيا، لكونها اللاعب الأساسي في الملف السوري، وهو نفسه الذي اعتبر أنَّ الأسد حارب تنظيم "داعش" الإرهابي، لكن الولايات المتحدة، بحسب اعتقاده، ساهمت في إضعاف الأسد في تلك المعركة، وهو الذي غرَّد أيضاً في العام 2015 متسائلاً: كيف يكون تدخّل روسيا في سوريا ضد داعش مقلقاً، بينما الغارات الجوية الغربية ضده مفيدة؟ فهل نحن أمام انعطافة كلية في التقييم الألماني لجملة الحاصل في سوريا؟ وهل يستطيع لاشيت أن يصوغ سلوكيات سياسية معتدلة وأكثر موضوعية تجاه الملف السوري؟
على الرغم من الترحيب الروسي بنجاحه، كما نقلت صحيفة "الكوميرسانت"، لا لأن أكثر من ألف شركة في ولاية شمال الراين وويستفاليا تربطها علاقات اقتصادية وطيدة مع روسيا، بل لأنَّ لاشيت يؤمن بالحوار معها، وهذا ما ميزه، بحسب الصّحيفة، عن منافسَيه لرئاسة الحزب، روتغن وميرتس، إذ يعد الأول معادياً للسياسات الروسية، والآخر مؤمناً أكثر بالتحالف الأطلسي. رغم كل ذلك، فإن تغييراً جذرياً في السياسة الخارجية الألمانية قد يبدو صعباً نسبياً، وذلك انطلاقاً من 3 نقاط رئيسية:
الأولى أنّ لاشيت لا يستطيع أن يصوغ قرارات سياسية منفرداً، لكونه رئيساً للحزب، حتى لو أصبح مستشاراً، لأن القرار السياسي يُصَوّت عليه داخل الحزب نفسه، وإن حصد أغلبية في إنفاذه، فإنه سيواجه صعوبة في التصويت النهائي عبر البرلمان، حيث تشكل الكتلة النيابية لحزبه 31% فقط. وقد استطاع (أي الحزب) أن يشكل الحكومة في الانتخابات الماضية، وذلك فقط من خلال ائتلاف حكومي مع الحزب الاجتماعي المسيحي والحزب الاشتراكي الديموقراطي، وهي أحزاب لها تقييماتها السياسية المناهضة لنظرة لاشيت تجاه سوريا.
النقطة الثانية أنَّ ألمانيا حالها حال العديد من الدول الكبرى، وإن كانت دولة مؤسّسات يحكمها القانون والدستور، إلا أنَّ فيها دولة عميقة تتحكّم بالقرارات السياسية المفصلية، ولن تسمح بسياسات تحيد عن سياسة ميركل خلال 16 سنة من ولايتها.
النقطة الثالثة هي التحديات الداخلية التي تواجه لاشيت، ولا سيّما في ما يتعلق بجائحة كورونا التي خرجت عن السيطرة في البلاد، وباتت تهدد الاقتصاد الألماني الذي يشهد انخفاضاً نسبياً في معدل النمو وتراجع جملة الناتج المحلي الإجمالي، ما دفع الكثير من الشركات الألمانية، ولا سيّما المتوسطة منها، إلى إطلاق الصوت عالياً لجهة تسريع إيجاد الحلول. وتالياً من المرجح أن يشكل الداخل أولوية لديه أكثر من تغيير السياسات الخارجية.
قالها يوماً الرئيس الألماني الحالي فرانك شتاينماير في العام 1965، عندما تم الإعلان لأول مرة عن تطبيع العلاقات الألمانية مع" إسرائيل"، بأن ألمانيا تتحمل مسؤولية خاصّة تجاهها في الدفاع عنها وعن حقها في الوجود. وفي ذروة الاشتباك السياسي بين إيران والولايات المتحدة و"إسرائيل" العام الماضي، انتصرت ألمانيا لـ"إسرائيل" وصنّفت "حزب الله حركة إرهابية"، وأصبح محظوراً في الداخل الألماني.
يومها، قال وزير الداخلية الاتحادي زيهوفر إن "الحركة المنحدرة من إيران" وفق تعبيره، تهدد بتدمير "إسرائيل" وحق وجودها في المنطقة. أمام ذلك المشهد، يبدو من الصعب جداً للاشيت أو غيره أن يحيد عن الانتصار لـ"إسرائيل"، والاصطفاف، ولو في النظرة السياسية، مع خصومها في المنطقة، لأن الموساد سيكون له بالمرصاد.