حلب في لعبة القَدَر والغُزاة
إنها حلب الشهباء، العاصمة السورية الثانية بعد دمشق. إنها أمّ الحضارات، مركز الثقافات القديمة والحديثة. خُطِفت الشهباء من السوريين وأصبحت عاصمة للإرهابيين بعدما فتكَ إرهابُ الكبار فيها. لعبة أخذت منهم أحبّاءهم، أطفالهم، شبابهم، نساءهم وشيوخهم. ثورة دمّرت الحرية وحوّلتها إلى نقمة لعنها شعبها. شعب أحبّ الحرية فحصل على الدمار. حربٌ أباحت المُحرّمات، شرّعت الخطايا، شرّدت السكّان، حاصرتهم وحرمتهم نعمة العيش في سلام وطمأنينة.
-
-
المصدر: الميادين نت
- 9 كانون الأول 2016 14:30
مَن كان يتصوّر يوماً أن يرى مشاهدَ حارِقة في حلب خاصةً وسورية عامةً تفطر القلب. أُدخِلت
الشهباء في لعبة الدماء، تحوّلت من مدينة الثقافة والحضارات إلى عاصمة ٍللدماء؛
لعبة لرُعاة الغُزاة
حوّلت الشهباء من فراشة التاريخ
إلى أمّ المعارك الدولية الدائرة على الأراضي السورية؛ أنظار العالم تتربّص
الشهباء، نظراً إلى أهميّتها الاستراتيجية والتاريخية .
حلب اليوم باتت تنتظر يوم تحريرها، يوم
إعادتها إلى كَنَفِ الدولة
بعدما غرقت في فوضى إرهابية عارِمة. حلب اليوم باتت طامِعةً في نفض غُبار الإرهاب الذي عبثَ في مقوَماتها الاجتماعية والاقتصادية
وأمنها مدة ٤ سنوات؛ آملة استرجاع حضارتها ووحدة عيشها التي سُرِقت
منها ووقعت ضحية ثورة شعبية سلمية
حوّلتها إلى ألعوبة دول العالم.
سؤال تحرير حلب كاملة أصبح حُلم للحلبيين الرازحين
تحت نار الإرهابيين الذين يوجّهون استغاثات إلى مُشغّليهم لإنقاذهم ولمنع استرجاع
حلب وسقوطها بيد الجيش السوري وحلفائه، الذين يعملون على استردادها قبل نهاية عام
2016 وتسلّم الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب مهامه الرئاسية. بذلك ستفرض
الدولة السورية بقوة شروطها في التسوية السياسية المُنتظرة للعام 2017.
انتصار المدينة يعني انتصار سوريا على الإرهاب
والدول الداعمة له. ستقضي الشهباء على أحلام وآمال
الدول الغاصِبة في تقسيم سوريا إلى دويلات وإقامة حكم ذاتي للمجموعات الإرهابية في
حلب وغيرها من المناطق السورية. حان الوقت للدولة السورية
لتضرب بيدٍ من حديد وتقضي على أطماع دول مريضة.
حلب فراشة الشام من حرب الدماء إلى أمل التحرير
عبثت بهيبتها وأرزحت شعبها تحت طاعة الإرهابيين. وأصبح ملايين من السوريين مُشرّدين لاجئين جِياع خائفين لا يعلمون
متى ستسطع شمس الحرية من جديد.
الآن مدينة حلب تحوّلت من مدينة الثقافة إلى
مدينة لرُكام؛ متى سينتصر المظلوم، الذي أحرقته نيران الدول الطامِعة بمُقدّرات
مدينتهم ووطنهم؟
هل ستعود حلب إلى سابق عهدها
تحتضن أبناءها من كافة الطوائف وتُعزّز من جديد نظريّة العيش المُشترك وأنها أمٌ
للجميع؟ أم أن نار الإرهابيين التي فتكت بها تمكّنت من ضرب روحها الحضارية
والاجتماعية وسرقت الشهباء نحو التعصّب الديني؟
إنها حلب في أتون الصِراعات الدولية بانتظار
نهاية سعيدة، بعدها ستتوجّه أنظار
الطامعين في الأراضي السورية نحو إدلب والرقّة قلب الإرهابيين حيث تعدت أميركا
ودول التحالف على تحريرها. ولكن أين الدولة السورية من هذا؟ أليست الدولة الأحق في تحرير أراضيها من دول ٍتدّعي مُحاربة الإرهاب؟ هل ستجرؤ الحكومة السورية وحلفاؤها على طرد إرهابيي
الرقة بأنفسهم، أم أن الخطوط السياسية ستمنعهم من ذلك ؟
و أخيراً سننتظر كيف سترد الدولة السورية
بعد انتهاء أزمتها على كل مَن عَبَثَ بمواطنيها على أرض الوطن؟ أو أن اللعبة السياسية ستُنسيها هذه الحرب الدامية ولكن
هل سينسى السوريون نيران
الحرب التي مزّقتهم وأحرقت
قلوبهم؟.