أزمة البطالة في الجزائر

البطالة في الجزائر هي إحدى أكثر المشاكل المُستعصية التي تُشكّل قنابل اجتماعية وعبئاً اقتصادياً كبيراً على الموازنة العامة. وقد بلغت نسبة البطالة العام الماضي بحسب التقرير الذي أصدره صندوق النقد الدولي تحت عنوان "آفاق الاقتصاد العالمي" حوالى 11.3 بالمائة وهى نسبة مُرتفعة عن العام 2014 التي بلغت 10.8 بالمئة.

نسبة البطالة في 2015 ارتفعت الى 11.3 بالمائة مقارنة مع العام 2014 التي بلغت 10.8 بالمئة
ووفق الأرقام الرسمية للعام الحالي الذي شارفَ على نهايته حوالى 12بالمائة، فيما تَبلغ نسبة البطالة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16-24 حوالى 25.2 بالمئة وهي الأعلى بين أعمار الشباب الذين  تُقدّر نسبتهم بأنها تتجاوز 70 من مجموع السَّكان في الجزائر. فتقديرات عدد الشباب من دون عمل ثابت تزيد عن 1.5مليون  فيما هناك أزيد من 4 ملايين عامل بطّال يعانون على كل المستويات. فالبطالة المُقنّنة التي جاءت على شكل عقود ما قبل التشغيل والتي تمتدُ 3 سنوات وبراتب زهيد هو الأجر القاعدي المضمون للعامل الجزائري وهو في حدود 15ألف دينار. وهو مبلغ  لا يوفّر حتى أبسط احتياجات المواطن البسيط الأعزب. وحسب تقديرات صندوق النقد الدولي فإنَ سياسة التقشّف التي تتّبعها الدولة حالياً نتيجة انخفاض سعر المحروقات إلى أقل من 50 دولاراً ستؤدّي إلى ارتفاع مُطرَد في نِسَب البطالة وسيتم تسريح الآلاف من العمال نتيجة عجز الموازنة الحكومية، وكذلك فإن النمو الاقتصادي سيتراجع بشدّة وسيتباطأ بنسبة 03 بالمئة بين سنوات 2015-2020 حيث من المتوقّع أن يصل عَجز الميزانية السنوية إلى حدود 4.1 بالمئة سنة 2020.

 

البطالة التي عَجزت الحكومات الوطنية عن تبنّي استراتيجية إقتصادية مبنية وفق خطط ورؤية سياسية هيكلية ستزيد من حجم الانكماش الاقتصادي، وترفع من نِسَب التأمينات الإجتماعية على البطالة. فالحكومة التي عمدت إلى الحد من الترقيات والعلاوات والمِنَح من خلال مراسيم وقرارات أبرق بها الوزير الأول عبد المالك سلاّل إلى الوظيف العمومي يطلب منه رفع سن الخبرة من أجل الترقية ، وكذلك التوصية القاضية بتعويض منصبين من ثلاثة ممَن يحالون على التقاعُد. وبهذه السياسة الحكومية التي تتبناهَا الدولة فإنها تزيد من حجم الاعتراض والنقمة وخاصة بين حمَلَة الشهادات من خريجي الجامعات الجزائرية. وبحسب إحصائيّات الديوان الوطني للإحصاء، فإن البطالة في صفوف الجامعيين ارتفعت سنة 2014 من 13بالمائة في بداية السنة إلى حوالى 16.4بالمائة في أيلول/ سبتمبر من السنة نفسها. أي ما يعادل حوالى 1.214مليون بطّال. وسجلت في أوساط خرّيجي معاهد التكوين المهني حوالى 12.7 بالمئة بارتفاع 8 نقاط مُقارنة بشهر نيسان/ أبريل، وهذا رقم ضخمٌ وكبير في ظل الثروة المالية التي كانت تعوم فيها خزينة الدولة والتي بلغت في حدود 800 مليار دولار. وهذا الرقم اعترف بصحته السيّد أحمد أو يحيى مدير ديوان الرئاسة في أحد تصريحاته لوسائل الإعلام، فهذا الملف الذي يُعتبر من الخطوط العريضة التي وعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بمعالجته والقضاء عليه بخلق حوالى 3 ملايين منصب شُغل وذلك منذ عهدته الأولى سنة 1999. ولكن كل هذه الوعود ذهبت أدراج الرياح وأصبحت الدولة بكل مؤسساتهَا عاجزة عن استيعاب مُشكل اقتصادي يُهدّد بمخاطر اجتماعية وربما سياسية.