حراك الريف في المغرب.. نساء بين عدالة المطالب وتهم الانفصال
عشرات المعتقلين من نشطاء حراك الريف في المغرب وسط مطالبات بإنهاء التهميش اللاحق بهذه المنطقة.
-
-
المصدر: الميادين نت
- 12 تموز 2017 11:14
المظاهرات عمّت الحسيمة
وُظفت المرأة الريفية إزْرَانْ (أشعار بالأمازيغية)، كشكل من أشكال
أدب المقاومة، خلال فترة الاستعمار الإسباني للشمال المغربي، بكل براعة وإتقان لبثّ
الحماس في نفوس المقاومين وتحفيزهم على مواجهة المُستعمِر، واضطلعت بدورها
الطلائعي في مكافحة المستعمِر من خلال حثّ المقاومين على الصمود والاستمرار في
الدفاع عن قضيتهم المشروعة. هكذا وصف "عبد الإله الشيخي"
أحد قدماء المقاومة المغربية وجيش التحرير، المرأة المغربية عموماً
والريفية خصوصاً.
سيليا الزياني الوجه البارز في حراك الريف، وفنانة الحراك، شابة لم
تتجاوز الثالثة والعشرين من عمرها، اعتُقلت يوم الرابع من حزيران/ يونيو 2017، تقبع الآن خلف
جدران السجن، أصيبت بانهيار عصبي بسبب طريقة اعتقالها. سيليا كما خرجت لاضطلاعها
بدورها الطلائعي في تحقيق مطالب الحراك الريفي، وكما كان لها حلم أن تخرج منطقتها
من التهميش ومن الحَيف، أصيبت وهي داخل الزنزانة بانهيار عصبي لما تعرّضت له أثناء
اعتقالها، واحتجّ المغاربة في العديد من مناطق المغرب تنديداً بالاعتقالات التي
طالت نشطاء الحَراك، وخرجت النساء تعبيراً عن تضامنهن مع مطالب الحِراك المشروعة
وتنديداً باعتقال سيليا الزياني.
بعد هذا الأمر، تعالت دعوات النساء المغربيات للوقوف تضامناً مع المرأة الريفية،
ورفضاً للاعتقال السياسي الذي طال أبناء وأزواج نساء الريف في المغرب، فخرجت
النساء في الدار البيضاء، وغيرها من المدن بداية هذا الشهر، للتعبير عن رفضهن للاعتقال
السياسي، ورفضهن لاعتقال شباب حِراك الريف، وخصوصاً سيليا الزياني فنانة حِراك الريف،
وللتنديد بالمقاربة الأمنية التي اّتخذتها الدولة المغربية تجاه المطالب
الاجتماعية العادلة لحِراك الريف، هكذا هي المرأة المغربية عموماً والريفية خصوصاً
دائماً في صُلب النضال من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية.
كرونولوجيا حِراك الريف
وصادرت السلطات المغربية يوم 28 تشرين الأول/ أكتوبر، داخل ميناء مدينة الحسيمة، عربة الشاب محسن فكري بحجّة أن السمك الذي كان يبيعه ممنوع صيده، وبعدما قامت السلطات بمصادرة العربة رمت الأسماك في شاحنة الأزبال. صعد محسن ورفاقه إلى الشاحنة رفضاً لهذا القرار ولمنع عملية إتلاف الأسماك، مصدر الرزق الوحيد لمحسن فكري. أعطيت تعليمات بطحن السمك رغم تواجد محسن فوق الشاحنة، تمكّن رفاقه من القفز لكن لم يستطع محسن من الهرب، فلقي مصرعه، أمام أعين السلطات، في تلك الليلة خرج شباب الحسيمة وعلى رأسهم ناصر الزفزافي ليبدأ الحَراك الريفي، والذي دام زهاء ثمانية أشهر، وتطوّرت أشكاله بتطوّر مطالب المحتجّين التي بدأت بتحقيق العدالة لمحسن فكري إلى تحقيق العدالة لمنطقة الريف كلها، ورفع الحيف والتهميش عن المنطقة.
عرف الحَراك تطوّرات متسارعة مؤخراً بعد تصريحات لزعماء أحزاب الحكومة المغربية، يوم 14 أيار/ مايو 2017، والتي اعتبرت أن هنالك أيادٍ خارجية تحرّك الاحتجاجات، وأن هنالك نزعة للانفصال من قِبَل بعض المجموعات داخل الحَراك، والتي تتلقّى تمويلات من الخارج. هذه التصريحات أخرجت شابات وشباب الريف كي يسطّروا أكبر مسيرة في تاريخ الحِراك يوم الخميس 19 أيار/ مايو وإضراباً عاماً شارك فيه كل سكان منطقة الريف. بعد ذلك تراجعت الحكومة عن هذه الاتّهامات، ولكن ظلّت عاجزة عن تهدئة الأوضاع في المنطقة، ففي 26 أيار/ مايو وأثناء صلاة الجمعة تفاجأ المصلّون في مساجد الحسيمة بخطبة تهاجم الحَراك في الريف، الشيء الذي أدّى إلى تدخّل زعيم حَراك الريف لوقف خطيب الجمعة داخل المسجد المتواجد بقرب مقر سكن ناصر الزفزافي، لتنطلق عقب الصلاة احتجاجات ومسيرات أعقبتها أوامر باعتقال زعيم الحَراك وكل نشطاء، ليصل عدد المعتقلين إلى أكثر من مئة معتقَل ومعتقلَة، ثم يزداد هذا العدد مع تطوّر الأحداث والذي بلغ حتى الآن أكثر من مئتي معتَقل، بينهم فنانة الحَراك الشابة سيليا الزياني.