ميناء ومطار في غزّة مُقابل الراية البيضاء

تمارس "إسرائيل" الحرب النفسية المستهدفة لعواطف الشعب الفلسطيني، والغزّي خاصة، منذ وثوب حركة حماس للسلطة عام 2006، وتطمح من خلال هذه الحرب إلى هزّ صورة المقاومة وإفقادها الحاضنة الاجتماعية، ظناً منها بأن الشعب الفلسطيني ساذج وبسيط يُصدّق أكاذيب عدوٍ لم يعزف يوماً عن تهويد حقوقه، وضرب ركائز اقتصاده وحياته الاجتماعية، فالشعب الفلسطيني يعي التاريخ جيّداً، ويتميّز بذاكرة حاضرة لا ذاكرة سمكية غافلةً عن تاريخها.

ستواصل "إسرائيل" حربها النفسية ضدّ الشعب الفلسطيني لا محالة، ولمواجهة هذه الحرب وإفشالها لا بدّ من الحفاظ على الوعي الشعبي والرفع من مستواه
وجّه وزير الجيش "الإسرائيلي" أفيغدور ليبرمان رسالة مباشرة للفلسطينيين مفادها "أن "إسرائيل" مستعدّة للموافقة على بناء ميناء بحري ومطار ومناطق صناعية، وتوفير 40 ألف فرصة عمل، إذا وافقت حركة حماس على تسليمها جثث الجنديين "أرون شاؤول وهدار غولدين"، بالإضافة إلى المدنيين "الإسرائيليين" الثلاثة الذين تحتجزهم حماس، والموافقة على تجريد غزّة من السلاح وتنازل حماس عن الميثاق الداعي إلى إبادة "إسرائيل".


واستكمل ليبرمان رسالته بالقول "لا يوجد أيّ سبب كي يعيش المدنيون والمواطنون في قطاع غزّة في القرن الحالي بهذه الشروط والظروف الحياتية التي تقلّ كثيراً عن مستوى مثيلاتها في "يهودا والسامرة" والعالم العربي، لذلك على أهل غزّة أن يفهموا أن إسرائيل التي انسحبت من قطاع غزّة حتى المليمتر الأخير ليست سبب معاناتهم بل قيادة حماس التي لا تهتم بهم، وفي اللحظة التي تتنازل فيها حماس عن الأنفاق والصواريخ سنكون نحن أول من يستثمر في غزّة، وسنحوّل غزّة إلى سنغافورة قطاع غزّة."


تصوّر الخطابات "الإسرائيلية" المُوجّهة إلى الشعب الفلسطيني القيادة "الإسرائيلية" وكأنها هي "القلب الرحيم الحامي للأمن الغذائي والاجتماعي والاقتصادي للفلسطينيين، وأنها تسعى دوماً إلى إرساء السلام والتطوّر والتنمية في المناطق الفلسطينية، وتحاول جاهدةً لاحتضان الجميع تحت خيمة آمنة، ولكن "المقاومة" هي العائق الذي لا يلتفت إلى المصلحة العامة للشعب الفلسطيني".


وتمارس "إسرائيل" الحرب النفسية المستهدفة لعواطف الشعب الفلسطيني، والغزّي خاصة، منذ وثوب حركة حماس للسلطة عام 2006، وتطمح من خلال هذه الحرب إلى هزّ صورة المقاومة وإفقادها الحاضنة الاجتماعية، ظناً منها بأن الشعب الفلسطيني ساذج وبسيط يُصدّق أكاذيب عدوٍ لم يعزف يوماً عن تهويد حقوقه، وضرب ركائز اقتصاده وحياته الاجتماعية، فالشعب الفلسطيني يعي التاريخ جيّداً، ويتميّز بذاكرة حاضرة لا ذاكرة سمكية غافلةً عن تاريخها، فلو كانت "إسرائيل" حريصةً بالفعل على تحويل قطاع غزّة إلى سنغافورة لفعلت ذلك عندما سيطرت عليها ما بين عامي 1967 و1994، أو لأفسحت المجال أمام السلطة الفلسطينية التي استلمت الحُكم عام 1994، ولكن الهدف الأساسي "لإسرائيل" هو الإبقاء على قوة المقاومة والشعب الفلسطينيين هزيلةً بشكل يُرجّح كفّة ميزان القوى الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية لصالحها، وذلك الهدف معلوم من قِبَل أصغر طفلٍ فلسطيني، الأمر الذي يُفرّغ مضمون تلك الحرب التي دأبت "إسرائيل" على ممارستها ضدّ شعبنا ومقاومته.

 

إلى جانب الحرب النفسية، ترمي "إسرائيل إلى ممارسة حرب إعلاميةً ودبلوماسية ناعمة ضدّ المقاومة الفلسطينية، حربٌ ترتكز على مقولة "نحن نبذل جهوداً حثيثةً لإنعام الفلسطينيين بحقوقهم، ولكن حماس هي مَن ترفض ذلك، وتتجّه إلى تصعيد وتيرة الحرب". وبالطبع مَن ينظر من الخارج إلى هذا الطرح يفترض أنه حقيقي وواقعي، وهنا تتجلّى المهمة الأساسية للإعلام الفلسطيني، وهي مواجهة هذه الادّعاءات العارية من الصحة والمضلّلة بعرض الحقائق والجرائم التي يمارسها ذلك العدو "المحتال".


ختاماً، ستواصل "إسرائيل" حربها النفسية ضدّ الشعب الفلسطيني لا محالة، ولمواجهة هذه الحرب وإفشالها لا بدّ من الحفاظ على الوعي الشعبي والرفع من مستواه، فالوعي الشعبي هو المفتاح الرئيس لصدّ العدو عن مأربه، والإبقاء على الحاضنة الشعبية للمقاومة متينة ومُتماسكة، فالشعب المُحاصَر والمكلوم على يد ذلك العدو المُتغطرس ليس بالأحمق ليصدّق ترهاته وادّعاءاته، لكن لا بدّ من لعب الإعلام الفلسطيني المضاد لهذه الحرب دوراً فعالاً في مجابهتها عبر رفع معنويات الشعب وسرد تاريخ خداع العدو منذ احتلاله للبلاد وحتى اليوم، أيضاً تجدر الإشارة إلى ضرورة التعجيل بالجهود الدبلوماسية التي قد تبيّض صفحة العلاقات مع مصر، وبالتالي فتح أبواب تجارية جديدة تساهم في إحراز اقتصاد تكاملي يُسهم في إحداث غزّة لتنميتها المفقودة، ويحرّر الشعب الغزّي من حال التدهور الاقتصادي التي يمر بها