حقّ العودة قبل الدولة

منذ ما يزيد عن 65 عاماً والشعب الفلسطيني يعاني الأمرّين خاصة الذين أجبروا بالقوة على مغادرة بيوتهم وأراضيهم ظناً منهم إنهم سيعودون إليها بعد أيام، وهم ما زالوا ينتظرون العودة حتى الآن. منذ عام 1948 عام النكبة واللاجئون الفلسطينيون يعيشون حياة التشرّد والقهر والفقر والظلم. (مَن لا وطن لة لا كرامة له). منذ ذلك الوقت والشعب الفلسطيني يُطالب بالعودة إلى قراه ومدنه في فلسطين، يُطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للسماح لهم بالعودة إلى ديارهم حسب قرارات الشرعية الدولية 194، للأسف لم يَقُم المجتمع الدولي بواجبه في هذه القضية.

منذ ما يزيد عن 65 عاماً والشعب الفلسطيني ينتظر حق العودة
إذاً أساس المشكلة الفلسطينية  هو مشكلة الأرض التي طُرِد منها أصحابها، وبرأيي لا تُحل هذة المشكلة إلا بعودة أصحابها إليها، مشكلتنا ليست إنشاء دولة أو دويلة فلسطينية على أقل من 20% من أراضي فلسطين التاريخية، بل عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم، وإذا كان بالإمكان عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم وبناء دولة فلسطينية مستقلّ، فهذا جيّد ومقبول من الفلسطينيين، أما إذا كان بناء الدولة على حساب حقّ العودة فلا أعتقد أن الشعب الفلسطيني يقبل بذلك. ثم ماذا نتوقّع من هذة الدولة المُقترحه حالياً على جزء من الأراضي المُحتلة عام 1967، وما هي مقوّماتها في ظلّ الانقسام الفلسطيني المفروض على الفلسطينيين، وفي ظلّ الانقسام والصراع العربي العربي حيث أصبح العرب أضعف من أي وقت مضى، إننا نؤمن بأن قضيتنا قضية فلسطينية عربية، وفي ظلّ ميزان  القوى الحالي في المنطقة لا نتوقّع بأية حال من الأحوال تحقيق حقّ الشعب الفلسطيني بألعودة إلى أراضية ولا بناء دولتة  المستقلّة.

الدول الغربية وأتباعها العرب تتبنّى استراتيجية حلّ الدولتين، دولة فلسطين على أقل من 20% من أراضي فلسطين وما يزيد عن 80% لإسرائيل، الدول الغربية تبنّت هذا الحل ليس لمصلحة الفلسطينيين بل لمصلحة إسرائيل  100%، لأنها تُدرك إنه لا بدّ من إيجاد حلّ للقضية الفلسطينية وإن نُكران ذلك لا يخدم المصالح الغربية في المنطقة لا على المدى القصير أو البعيد، وإن هذا الحل وهذا الوقت هو الأفضل لإسرائيل في ظلّ ميزان القوى الحالي، وإن الدولة الفلسطينية المنشودة لن تكون  إلا دولة "مسخة" تحت هيمنة إسرائيل الشاملة. الدول الغربية أميركا وأوروبا لم تغيّر استرتيجيتها تجاه إسرائيل، توجد خلافات تكتيكية بين الدول الغربية واليمين الإسرائيلي بزعامة نيتانياهو حول أسلوب وطبيعة الحلّ.

لقد تبنّت هذه الاستراتيجية أيضاً ما تُسمّى منظمة التحرير الفلسطينية بعد أن فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافها في توقيعها ما تُسمّى اتفاقية أوسلو، وقبلت أن تبقى تحت حكم الاحتلال الإسرائيلي وتقوم بخدمته ومساعدته، وفتحت الأبواب على مصراعيها لإسرائيل دولياً، وذلك باعترافها بإسرائيل وتوقيعها اتفاقية سلام معها. كل ذلك من دون أن تحقّق أي هدف من أهداف الشعب الفلسطيني، حتى أن هذه الاتفاقية لم تستطع الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية الذين ضحّوا بحياتهم وكانوا في الأسر قبل توقيع إتفاقية أوسلو.

ماذا نتوقّع من الدولة الفلسطينية حتى لو كانت على حدود عام 1967 في ظلّ ميزان القوى الحالي، ستكون بالتأكيد دولة هزيلة تابعة لإسرائيل، وستؤدّي إلى صراعات فلسطينية مستمرّة بين فئات الشعب الفلسطيني، السلطة الفلسطينية بقيت تتعاون مع إسرائيل أمنياً منذ ما يزيد عن عشرين عاماً تفاوض من دون أن تحقّق أي حقّ من حقوق الشعب الفلسطيني، والأدهى من ذلك أنها لم تعترف بفشل أوسلو حتى الآن، ولا تعمل على إيجاد بديل مثل توحيد الشعب الفلسطيني، وتعمل بمساهمتة على بناء اسراتيجية جديدة، فلتكن استرتيجية سلمية كما تطالب السلطة، هذا جيّد في ظلّ الظروف الراهنة التي تمر بها أمتنا العربية. المطلوب قوة استراتيجية جديدة تُلغي استراتيجية أوسلو التي فشلت، استراتيجية توحّد الشعب الفلسطيني لمواجهة الاستيطان والاحتلال والتمييز العنصري الإسرائيلى، أولى المهام والنضال السلمي هو إعلان المقاطعة الشاملة فلسطينياً، مطالبة الدول العربية والإسلامية بفرض المقاطعة لإسرائيل، الطلب من جميع دول العالم التي لا تؤيّد الاحتلال أن تقف مع العدالة وتقاطع إسرائيل.. هذا لم يحدث للأسف بل رأينا بعض الممارسات التي كانت تدعوا إلى التطبيع مع إسرائيل.  

لذا ما تطالب به جميع القيادات الفلسطينية أن تضع في أولويّاتها مشروع إعادة بناء البيت الفلسطيني على أسس قوية  وهو انتخابات نزيهة في جميع التجمّعات الفلسطينية تفرز قيادات فلسطينية مُنتخبة ممثّلة للشعب الفلسطيني يكون على عاتقها بناء وتنفيذ استراتيجية الشعب الفلسطيني التي نطالب بدعمها من الدول والشعوب العربية والاسلامية. 
القضية ليست قضية  مصالحة و"بوس لحى"، القضية قضية الشعب الفلسطيني وانتخاب قيادات فلسطينية وبناء استراتيجية فلسطينية يتفّق عليها الشعب الفلسطيني كله لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي. نقترح عليها أن تتبنّى استراتيجية حقّ العودة أولا  باستخدام النضال السلمي وكافة وسائل النضال المشروعة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي.