السباق إلى البوكمال بين الجيش السوري وأميركا
بما يرتبط بأميركا تشير المعلومات إلى اتصالات بين القوات الأميركية وفصائل من "الجيش الحرّ" جمدّت أميركا الدعم لها سابقاً، وكانت تعمل في محيط بقعة التنف لبدء عمليات تقدّم إلى البوكمال عبر إنجاز صفقة مع مقاتلي "داعش" المحليين من عشائر البلدات في الجهة الشمالية الشرقية من حوض الفرات بين مدينة الميادين ومدينة البوكمال، لقطع الطريق على الجيش السوري من الوصول إلى البوكمال وهي صفقة مُحتملة على غرار الصفقات السابقة بين "قسد" و "داعش" برعاية أميركية رغم نفي الكرد لحدوث هذه الصفقات.
يحتدم الصراع بين الأطراف كافّة حول الوصول إلى البوكمال التي تشكّل عقدة الرّبط الحيوية الأخيرة التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" بين العراق وسوريا حيث لا يزال التنظيم يسيطر على المناطق الخصبة لحوض الفرات من شرق الميادين السورية حتى مشارف راوَة العراقية .
أميركا التي عملت خلال الشهور الأولى من السنة الحالية على تثبيت قواعد سيطرة وربط على خط الحدود المشتركة بين الأردن وسوريا وبين العراق وسوريا، من خلال إقامة وتثبيت قوس عازل يبدأ من القنيطرة ويمّر بدرعا والسويداء والتنف ويصل إلى البوكمال، خسرت غالبية نقاط هذا القوس ولم يتبقَ لها إلاّ قاعدة التنف التي كانت الخطة الأميركية تقضي بجعلها قاعدة الربط لقوس العزل، وبنفس الوقت التحكّم بالممّر الذي كانت تنوي إنشاءه بين مناطق سيطرة الأكراد في الشمال وما يسمّى باقليم حوران الذي لم يُبصر النور.
بالنظر إلى خرائط السيطرة الحالية باتت القوات السورية تسيطر على حوالى 220 كلم من خط الحدود الشرقية مع الأردن البالغ حوالى 375 كلم، فيما تسيطر القوات الأميركية على 55 كلم منها، في حين أن القوات الأميركية تسيطر على خط حدودي بين العراق وسوريا يبلغ حوالى 72 كلم لتبلغ مساحة سيطرة القوات الأميركية على خط الحدود المشترك مع العراق والأردن 127 كلم ، مع الإشارة إلى أن خط إمداد القوات الأميركبة في التنف ومحيطه يام عبر الأراضي الأردنية ولا تمتلك القوات الأميركية في هذه المنطقة أية خطوط إمداد عبر الأراضي السورية .
وحدات الجيش السوري تسيطر على حوالى 77 كلم من خط الحدود مع العراق جنوب القائم - البوكمال، ويسيطر تنظيم "داعش" على 88 كلم منها، هذا طبعاً عدا سيطرة تنظيم "داعش" على حوالى 237 كلم من خط الحدود العراقية السورية شمال القائم – البوكمال، مع الإشارة إلى أن مسافة الحدود التي التقت عليها القوات السورية والعراقية هي بحدود 41 كلم، وإذا ما استكملت القوات العراقية قريباً السيطرة على الجيب المتبقّي المحاذي للحدود مع سوريا فستصبح مسافة الربط حوالى 163 كلم من معبر التنف جنوباً حتى القائم شمالاً وهو ما تسعى إليه القوات العراقية حالياً من خلال بدء عملية تطويق للقائم، من خلال الاندفاع غرب القائم لتحقيق عزلها عن البوكمال السورية حيث تخوض القوات السورية معارك شرسة بمواجهة تنظيم "داعش" شرق المحطة الثانية التي باتت تشكّل الطريق الأقرب للوصول إلى البوكمال ، نظراً لأن خوض المعركة في المناطق المفتوحة شرق المحطة الثانية سيكون أسهل على الجيش السوري من بدء العمليات في بلدات وقرى حوض الفرات جنوب شرق مدينة الميادين، حيث لا يزال "داعش" يمتلك فيها قوات كبيرة بإمكانها إعاقة تقدّم الجيش، وهو ما سيجعل الجيش السوري ينفّذ مناورة التفاف شبيهة بتلك التي نفّذها للوصول إلى الميادين متجاوزاً قرى وبلدات حوض الفرات، والعمل على عزلها بالتدرّج نظراً لأهمية الوصول حالياً إلى البوكمال والمباشرة في ما بعد بالإطباق على هذه البلدات.
بما يرتبط بأميركا تشير المعلومات إلى اتصالات بين القوات الأميركية وفصائل من "الجيش الحرّ" جمدّت أميركا الدعم لها سابقاً، وكانت تعمل في محيط بقعة التنف لبدء عمليات تقدّم إلى البوكمال عبر إنجاز صفقة مع مقاتلي "داعش" المحليين من عشائر البلدات في الجهة الشمالية الشرقية من حوض الفرات بين مدينة الميادين ومدينة البوكمال، لقطع الطريق على الجيش السوري من الوصول إلى البوكمال وهي صفقة مُحتملة على غرار الصفقات السابقة بين "قسد" و "داعش" برعاية أميركية رغم نفي الكرد لحدوث هذه الصفقات.
الهدف الأميركي الرئيسي هو عزل إيران في سوريا ومنعها من التموضع في البوكمال أهم عقد الربط البرية بين العراق وسوريا، سواء عبر استخدام "قسد " أو فصائل من "الجيش الحرّ" المؤلّفة من مجموعات: "أسود الشرقية – جيش الثوّار وقوات أحمد العبدو" عبر استقدامها إلى منطقة العمليات جواً ومن ثم تقديم الدعم اللوجستي لها عبر خطوط سيطرة "قسد" وهو السيناريو الأكثر احتمالاً.
منذ يومين تنفّذ الطائرات القاذفة الاستراتيجية الروسية غارات مكثّفة على مواقع "داعش " في البوكمال ومحيطها على المراكز الهامة كمستودعات الذخيرة والتجمّعات، بالتوازي مع مناورة ينفّذها الجيش العراقي عبر الالتفاف من الغرب على القائم وهي إجراءات يمكن فهمها في سياق التنسيق بين القوى والتي تهدف إلى :
- عزل القائم عن البوكمال لحرمان " داعش " من قدرة المناورة بالحركة والنار وإجباره على القتال في جبهات معزولة ضيّقة.
- التمهيد لاندفاعات سريعة لإغلاق خط الحدود بين نقاط سيطرة الجيش السوري الحالية في البعاجات شرق المحطة الثانية، وتثبيت السيطرة لتقليص مسافة الاندفاع إلى حوالى 35 كلم بالتوازي مع إغلاق الجيب الحدودي من الجهة العراقية.
في حال استطاعت القوات العراقية والسورية تنفيذ مناورات الاقتراب كما هو مرسوم فإننا سنكون أمام سيطرة محقّقة على جانبي الحدود وإنهاء تواجد "داعش" في مناطق حوض الفرات التي سيتم استكمال تحريرها بعد تحرير القائم والبوكمال، وهي المهمة المباشرة إلا إذا استطاعت أميركا عقد صفقة مع بلدات الضفة الشرقية السورية للفرات وإحلال "الجيش الحرّ" مكان "داعش" لنكون عندها أمام خط تماس ثانٍ مع الجيش السوري يشكّل الأول فيه قوات "قسد" وهو ما سيعقّد الوضع كثيراً ويدفع الأمور نحو احتمالات الصِدام مع الأميركيين بشكل أكبر.