رغم جراحاته اليمن لن يتخلّى عن القدس
رغم فقر وقلّة ذات اليد لدى الشعب اليمني فقد أصرّت دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والبحرين والإمارات المتحدة والكويت وقطر(انسحبت بعد حصول أزمة مع السعودية والإمارات)على مواصلة العدوان عليه مُستعينة في ذلك بالأردن، والسودان، والمغرب، ومصر، وباكستان، والسنغال، وغيرها من الدول.
ليس بمقدور شعب مُعتدى عليه، ومُهدّد بالمجاعة والأوبئة والإبادة، في حربٍ لم يسبق لغيره من الشعوب أن ذاق ويلاتها، وابتلي بها، وهو يسعى لتحقيق مطالبه الثورية، أن يتوفّق في السيطرة على أوضاعه والتحكّم فيها، وإدارتها بشكل يدعو إلى الإكبار والتقدير، سوى الشعب اليمني المظلوم عربياً وإسلامياً ودولياً.
ذلك أن ما يتعرّض له الشعب اليمني من انتهاكات يومية، من طرف تحالف اجتمع فيه عملاء أميركا والكيان الصهيوني، من أجل إعادته إلى بيت الطاعة السعودي، باستئصال شأفة حركة أنصار الله الإسلامية الوطنية والثورية من اليمن، بعدما تبيّنت أهدافها جليّة، في مُعاداة أميركا الاستكبارية، والكيان الصهيوني الغاصِب، وعملائهما في المنطقة.
وما أثار إعجاب المؤمنين بعدالة القضية اليمنية، ومظلوميّة أهلها، هذا الإصرار الكبير على تمسّك غالبيّة الشعب اليمني بأهداف حركة أنصار الله، رغم قوّة وشراسة العدوان، وتنوّع جنسيات المُعتدين ودولهم، وأدواتهم الكبيرة المتطوّرة، بما فاق ما في أيدي المدافعين عن اليمن، من أهل الشرف والنخوة والعزّة أضعافاً مضاعفة، فذلك كله لم يثنهم عن الوفاء للقضية المركزية لأشقائهم في فلسطين، وبقوا على عهدهم عليها....
لم تنجح حرب الثلاث سنوات ونيف في إعادة استرقاق اليمنيين من جديد، بعد أن أخذت حركة أنصار الله بزمام الثورة، ورأى فيها أحرار اليمن، إنها السبيل الوحيد للخلاص من التبعيّة، وبلوغ عزّة اليمن، وخروجه النهائي من دائرة الأطماع الأميركية الغربية الخليجية، فاتّجهت قوى العدوان إلى تجويع شعبه، بفرض حصارٍ خانقٍ عليه برّاً وبحراً وجوّاً، وتبدو أهداف معركة الساحل الغربي لمدينة (الحُدَيدَة)، استكمالاً للطّوق الحديدي الذي خطّط له الأعداء، لإجبار الجيش الوطني اليمني ولجانه الشعبية الرديفة على الاستسلام.
قد يستغرب القارئ عندما يسمع وصف العدوان، بأنه حرب كونيّة على اليمن، تحالفَ فيها العرب مع الغرب، ومرتزقة من مختلف الجنسيات، مع ما كنا ندركه من تواجد وتمركز لتنظيمات إرهابية (القاعدة / داعش) شرق اليمن (حضرموت/ شبوة /أبين)، تعمل جميعها على هدفٍ واحدٍ، وهذا من أعجب ما رأيناه، وقد تكرّرت هذه الحال على الأراضي السورية والعراقية، حيث لا تزال بقايا داعش تحت رعاية وحماية أميركية، وتجمّعات النصرة تحت رعاية وحماية أردوغان، تعملان على استعادة وجودها.
رغم فقر وقلّة ذات اليد لدى الشعب اليمني فقد أصرّت دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والبحرين والإمارات المتحدة والكويت وقطر(انسحبت بعد حصول أزمة مع السعودية والإمارات)على مواصلة العدوان عليه مُستعينة في ذلك بالأردن، والسودان، والمغرب، ومصر، وباكستان، والسنغال، وغيرها من الدول، التي لم تجد طريقاً للاستجداء عند أعتاب النظام السعودي بغير هذا الأسلوب القذر، والدول فاقدة الشرعية والكرامة أصبحت في زماننا كثيرة، ولا تتردّد في المُتاجرة بأروح ودماء شعوبها، مقابل حفنات من المال أو وعود قد لا تتحقّق، ووضع الأردن اليوم، يُخبرنا بأن تجارة السَفاهة والطمَع هذه، لا تأتي بخيرٍ على الدول المُعتدية.
وكان الاعتقاد السائِد في بداية العدوان على أنّ المشاركة الأميركية - وهي صاحبة المصلحة الأولى فيه - لا تتجاوز الجانب اللوجستي والتقني، لكن مع اعتراف البنتاغون، بتواجد ميداني لعدد من قواته الخاصة، والمشاركة بقصف مواقع محدّدة في اليمن بصواريخ كروز وتوماهوك، برزت صورة أخرى مُخزية من العدوان على اليمن، ولم يتخلّف الكيان الصهيوني عن المشاركة بغاراتٍ جويةٍ، اعترف بشنّها على مواقع يمنية مُعادية له، ومن مصلحته إنهاء وجود حركة أنصار الله اليمنية، التي تدعو إلى زوال إسرائيل.
الشعب اليمني الذي قرن مصيره بشقيقه الفلسطيني، ورغم كل جراحاته ومُعاناته المُتفاقمة، أصرّ على مواصلة وفائه للقضية المركزية للأمّة الإسلامية، فكانت جماهيره المناضلة والمقاومة، حاضرة بكثافة في يوم القدس العالمي، وسجّلت باعتزاز الرجال الصادقين - في زمن قلّ فيه الرجال وغلب أشباههم على عالمنا- تواجداً قياسياً، مقارنة ببقية الشعوب، باستثناء إيران الإسلامية، مؤسسة وراعية المشروع التحرّري، والتي بدأت منها دعوة التخلّص من الغدّة السرطانية إسرائيل، وبها سيكون اجتثاثها من على الأرض الفلسطينية نهائياً.
تضحيات يمنية ووفاء شعب، رفض مسلكاً غير طريق العزّة والكرامة، وهو يدفع بسبب مبادئه وشعاراته، وأهدافه المُعلَنة ثمناً باهظاً، يصعب أن يتحمّله شعب آخر، ومع ذلك لم ينثنِ عن طريقه الذي اختاره، ولا تخلّى عن شعاراته وأهدافه، مواصلاً تحدّيه لقوى العدوان، مؤمناً إيماناً راسِخاً بأنه على بيّنةٍ من أمره، وعلى الحقِ يمضي، متوكّلاً على خالقه، هو توكّل قلّما نجده في شعبٍ آخر.
يمن المبادئ الإسلامية الأصيلة، ومضرب الأمثال في الأصالة والثبات وعلوّ الهمّة، سوف تنكسر تحت أقدامه أدوات العدوان، وسيُحقّق نصره الإلهي بعد كل هذا الصمود الأسطوري، مؤمناً بأن الوعد الإلهي يستحقّه بما قدّم من تضحيات جِسام، ولينصرن الله مَن ينصره إن الله لقوّي عزيز.