ارتفاع الأسعار تؤرِق الجزائريين ظاهرة

يُحذّر الكثير من الخُبراء الاقتصاديين بأن استمرار الحكومة في انتهاج هذه السياسة الاقتصادية الخاطِئة، والتي يدفع ثمنها المواطن الجزائري الكادِح بالدرجةِ الأولى، سيؤدّي إلى احتقانٍ شديدٍ في الجبهة الاجتماعية الداخلية، وربما إلى انفجارها في ظلِّ إصرار الحكومة على انتهاج سياسة طَبْعِ مزيدٍ من الأوراق النقدية، لمواجهة عجز الميزانية، هو ما سيؤدّي إلى انخفاض سعر الدينار وزيادة نِسَب التضخّم، وارتفاع أسعار السلع والخدمات أضعافاً مُضاعَفة بالتالي.

الحكومة الجزائرية واصلت سياساتها المُجحِفة في حق المواطنين، كما يرى أقطاب المعارضة الجزائرية

تعرف الجزائر منذ بداية العام الجاري، وبالضبط منذ مُصادقة البرلمان بغرفتيه على إجراءات قانون المالية لسنة 2018م، والذي أقرّ زيادات مُعتبَرة شملت الكثير من المواد والسلع الاستهلاكية الضرورية، بالإضافة إقرار هذا القانون لزياداتٍ ضريبةٍ مختلفة، منها زيادات شملت رفع أسعار الوقود ومشتقاته، فمثلاً أصبح سعر البنزين العادي 42 ديناراً للتر الواحد، بزيادة قدرها 5 دينار عما كان عليه في السَّابق، وأما بالنسبة للتر الواحد من المازوت فقد عرف ارتفاعاً قدّر بحوالى 3 دينار، ليبلغ عتبة 23 ديناراً، بعدما كان سعره لا يتجاوز 20 ديناراً في المتوسّط، زيادة على إقرار ضرائب جديدة على أسعار التبغ وفرض ضرائب أخرى على شركات الهواتف المحمولة، والتي ستضطر بدورها إلى رفع ثمن المُكالمات الهاتفية، بالإضافة إلى زيادات في أسعار المنتجات الفلاحية والزراعية وزيادة أسعار الكثير من المواد المستوردة وحتى المحلية المُصنّعة...الخ. الزيادات في أسعار مختلف السلع والخدمات والتي تدخل عامها الثالث على التوالي، بعد الأزمة المالية الخانِقة التي عرفتها الخزينة العمومية للدولة، بعد تراجع أسعار النفط ومشتقاته في الأسواق العالمية وهو الذي يساهم بحوالى 97 بالمائة من المداخيل بالعملة الصعبة لخزينة الدولة.
وبالرغم من الارتفاع المحسوس الذي عرفته أسعار النفط مع مطلع العام الجاري، لتصبح في حدود 80 دولاراً للبرميل، وهو رقم لم تبلغه منذ نوفمبر 2014م. وفق توقّعات اقتصادية بأن يتجاوز سعر برميل النفط 90 دولاراً قريباً، ولكن الحكومة الجزائرية واصلت سياساتها المُجحِفة في حق المواطنين، كما يرى أقطاب المعارضة الجزائرية، إذ أن السعر المرجعي المُعتَمد في قانون المالية الجزائري لسنة 2018م، هو في حدود 50 دولاراً أميركياً، وكان يمكن للحكومة أن تقوم برفعه بناء على ارتفاع أسعار النفط في الأسواق الدولية، وبالتالي تُخفّف نوعاً ما من العبء الكبير الذي تخلّفه الزيادات في مختلف أنواع الضرائب على المواطن البسيط، الذي يجد نفسه أمام لهيبٍ لا يرحم في أسعارِ تذاكرِ النقل، ومختلف المواد الاستهلاكية الضرورية، مع رفض الحكومة المُتواصل لمطالب العديد من النقابات العمالية، التي تطالب برفع الحدّ الأدنى للأجور، لمواجهة أزمة غلاء المعيشة التي يعرفها المجتمع الجزائري حالياً.
فرئيس الوزراء الحالي السيِّد أحمد أويحيى كان يمكن له أن يعتمد على المداخيل المُتأتيّة من فرض ضريبة على الثراء، وهو مشروع القانون الذي تم إلغاؤه تحت ضغط لوبيات رجال المال والأعمال، وهو إجراء اقتصادي كان يمكن له أن يساهم في مواجهة انخفاض المداخيل وارتفاع ميزانية الإنفاق العام، والذي زاد بنسبة 25 بالمائة لهذه السنة، ليصبح في حدود 8626 مليار دينار. ولكن حكومته فضّلت أسهل الطُرق والتي لا تدخلها في مواجهة سياسية واقتصادية مع هؤلاء الأغنياء الجُدُد، كما يُطلَق عليهم في الجزائر.
ويُحذّر الكثير من الخُبراء الاقتصاديين بأن استمرار الحكومة في انتهاج هذه السياسة الاقتصادية الخاطِئة، والتي يدفع ثمنها المواطن الجزائري الكادِح بالدرجةِ الأولى، سيؤدّي إلى احتقانٍ شديدٍ في الجبهة الاجتماعية الداخلية، وربما إلى انفجارها في ظلِّ إصرار الحكومة على انتهاج سياسة طَبْعِ مزيدٍ من الأوراق النقدية، لمواجهة عجز الميزانية، هو ما سيؤدّي إلى انخفاض سعر الدينار وزيادة نِسَب التضخّم، وارتفاع أسعار السلع والخدمات أضعافاً مُضاعَفة بالتالي.