"العهدة الخامسة" في الجزائر بين الثوابت البارزة والمُتحوّلات الضامِرة ؟
أحاطت "العهدة الخامسة" ردود فعل مثالبة بالنقد الموجِع، والمديح العالي وطيسه، وبالتشبيهات، والتأويلات القانونية والديتولوجية من تلك الأشياء التي تبرع فيها كثيراً المعارضة، وفي جميع الأوقات، بل حتى قبيل بزوغ حقيقة "العهدة الخامسة " من عدمه؟
أحاطت "العهدة الخامسة" ردود فعل مثالبة بالنقد الموجِع، والمديح العالي وطيسه، وبالتشبيهات، والتأويلات القانونية والديتولوجية من تلك الأشياء التي تبرع فيها كثيراً المعارضة، وفي جميع الأوقات، بل حتى قبيل بزوغ حقيقة "العهدة الخامسة " من عدمه؟
ربما هو استباق بالقلائل والتعويم والصراخ الإعلامي، و هي كلها مند "العهدة الأولى" ربما ليست سوى "المتحوّلات السياسية" في الجسد السياسي للمعارضة، التي تحاول عبثاً ومند أزمنة وأزمنة، محاولات من أجل إبداء العنفوان الثوري المُعارض، أو من أجل إبداء الولهان الواقعي المساند، ضمن تقلّبات من الغضب والغيرة الوطنيتين، وفي كلتا الجسدين؟ اللذين ارتميا موالاة ومعارضة في المُثالبة والمديح؟ ولم يخرج من قوقعتهما المستمرة بالوشوشات السياسية الرسمية، والوشوشات الناشِزة؟ بالشائعات ومخطّطات حروب الجيل الرابع، وما يستنطق من أفواه الشخصيات والصحافة والمُحلّليين والجمعيات الأهلية للبطّالين والمتقاعدين والنقابات المستقلّة شيئاً مفيداً للمستقبل؟
إلى أن غدت ملمحاً أساسياً في الفلك السياسي الجزائري وغرائبيته المُتغيّرة كثيراَ! فما تبديه ليس سوى متحوّلات طارئة، لا تغني شيئاً عن أماني الناس وجوعهم، ولا تبدى من جدارة التفكير البناء شيئاً، سوى الصراخ الفارغ خارج المطالب اليومية الحرجة طبعاً، من الأكل والشرب والأجور والسكنات؟ ويزداد ضجيجها على بوابات الرئاسيات المُنتظرَة 2019.
وإن المثيرين لتلك الوشوشات ومنذ القديم هي "الإسلاموية الجزائرية " مجسّدة في الإخوانية بفروعها ، لعلّ أهمها "النحناحية "ومبادرتها الأخيرة؟ وهنالك "جماعة عبد الله جاب الله" و هنالك "أنصار فيس الأحقاد" وخارج مفاصل هؤلاء وخطاباتهم ما تزال "العهدة الخامسة" هي هي، واقعية ربما، أو ليست كذلك؟ لكنها تظلّ مطيّة صناعة الوجود السياسي للآخرين موالاة ومعارضة؟ لأن الصورة السياسية بشعة بتلك المتحوّلات السياسية حول الثابت الوحيد، ما كان يسمّونه "النظام" وقد أضحى الآن وكأنه يُسمّى "العهدة الخامسة" ويتّضح جلياً هذا التيار من خلال الطائفة من العلمانيين الذين يتّهمون هنا، إنهم ليسوا إلا "فرانكوفليين" وليس حتى "فرانكوفونيين" وهنالك بون شاسع بين التعريفيين؟
ففي مكاتب الأحزاب في القصور والفنادق، مثلما الأنواء تتنوّع تلك المتحوّلات، فتتداخل الألوان والإيديولوجيات والمآرب السرّية؟ لأنه نادراً جداً، أن ترى مكاتب للأحزاب عندنا، باستثناء "أحزاب الموالاة" واثنين أو ثلاثة من "أحزاب المعارضة" فالستون حزباً الأخرى المُعتمدة، لا أثر لهم تماماً؟ وهي الأحزاب التي لا تمتلك شيئاً للتّكريس السياسي، فلا موقع إلكتروني حتى لهم، ولا جرائد ومواقع، ولا قنوات تلفزيونية، ولا حتى اجتماعاتهم دورية ثابثة يمكن الرجوع إليها، فلا بيانات و لا تواصل إعلامي، صبغة جزائرية ربما استثنائية، فقط "حزب جبهة التحرير الوطني" الحاكم الذي يمتلك جريدة يومية؟
ومع الأيام برزت تأويلاتها الفقهية لكل شيء، وعبثت بكل شيء، بالتاريخ والجغرافيا ومبادئ ثورية نوفمبرية، كانت مُقدّسة بمقاسات الوفاء الوطني، والشرعيات الدينية والطائفية والثقافية، لقد غدا كل شيء رهن وجهات النظر؟ فأحالته حقاً إلى مجرّد "وجهات نظر" الوطن وجهة نظر، "التطبيع" ربما وجهة نظر، الديموقراطية وجهة نظر؟
على كل حال، وسط كل هذه المتحوّلات، تظل "العهدة الخامسة " الثابث الوحيد، وحولها الأماني والمشاريع؟ وفي حقيقة الدستور الجديد 2014. وهي ليست إلا "العهدة الثانية" للرئيس عبد العزيز بوتفليقة بمقتضياته، لكن المعارضة تسميتها "العهدة الخامسة" إلصاقاً بما سلف من عهدات بمقتضي الدستور الذي عدّل؟
إن صرخات المعارضة، لم تتوقّف منذ العهدة الثالثة تأريخاً ربما، ولأنه عادة من خارج السلطة، يعارض الذي يحكم، فكانت تلك الصرخات ما بعد "العهدة الثالثة" للرئيس عبد العزيز بوتفليقة رغم ما قدّمته عهدتاه الأولى والثانية من تأسيس جديد لجزائر أخرى، ليست على الأقل التي كانت قبل 1999 على مقاسات أمنية "هزيمة الإرهاب" والإجتماعية، والإقتصادية، قد يقال إن الفساد صار رهيباً، وتراكم خلف واجهات العهد البوتفليقي ، لكن يجب الإدراك ، أن " الفساد " لم يكن أبداً من مقوّمات العهد البوتفليقي ، و"الفساد" لا يمكنه أن يكون من مقوّمات أي عهد حكم في العالم، فالفساد طارئ على العهود، منها العهد البوتفليقي والحكومات، وإن الفسدة والمفسدين متربّصون اليوم وغداً، وفي جميع الأوقات والأزمنة والعهود؟ ما لم تتصد له الأجهزة فسيظل؟ لا سيما في حياة سياسية وتقلّبات اجتماعية واقتصادية جزائرية استثنائية، وقد غذاها "الإرهاب لعقدين أو يزيد ؟" وأفكار ما يُسمّى "الربيع العربي" زادها أسقاماً مُدمّرة، لتظل "العهدة الخامسة" وسط كل هذه التقلّبات "الثابث الوحيد" ربما، فما سواها "متحوّلات طارئة"لا تلبث أن تختفي، لتظهر مجدّداً أكثر ضعفاً مما كانت، لا سمح الله.