إلى متى يُنتهك اليمن؟

في صمت مُريب من المجتمع الدولي، يمضي العدوان الهمجي الأميركي الصهيوني الإعرابيّ على اليمن، مُتهافتاً على جرائمه، مُستجمعاً حقده في كل يوم، ليصبّه بما أوتيّ من دناءة على رؤوس المدنيين، مُنتخباً أهدافه بينهم، غير عابئ بما سيسفر عنه، كأنما لسان حال طيران إجرامه يقول: أينما وقعت القنبلة أو الصاروخ، فهي تصبّ في صالح المخطّط الرامي إلى إخضاع اليمن لمشيئة عربان الخليج، وبالتالي مشيئة أميركا وحلفائها.

القصف المستمر لطائرات وبوارج التحالف لمديرية حيران تسبب بموجة واسعة من النزوح

صمت أكّد لمتابعي العدوان على اليمن مرّة أخرى، أن المؤامرة عليه كبيرة، بحجم مشاركة عربية فيه، ونأي أخرى بأنفسها عنه، ودول أشاحت بسياساتها عمّا يجري على أرض اليمن، في تجاهُل تام، وتعتيم إعلامي مُطبَق فرضته على شعوبها، بحيث لم يثب منهم إلى رشده، ويستكشف بعده عن حقيقة الوضع في اليمن، سوى القليل من الذين حصّنوا أنفسهم من داء التضليل الإعلامي، الذي لعب بورقته المقيتة أذناب أميركا وحلفائها من دول الغرب.
الإعلام المضلّل في الشأن اليمني، لم يترك باباً للمناورة والادّعاء الكاذب إلاّ دخله، مُقدّماً التحالف على أساس المنقذ لليمن، والساعي إلى إعادة الأمن والاستقرار له، ومُقدّماً المدافعين عن الغزو الهمجيّ لبلادهم، والكاشفين لأسبابه، كحركة أنصار الله، والنواة الصلبة للجيش الوطني اليمني، على أساس ميليشيات، رافضة ومتمرّدة على حكومة منتهية الصلاحية، للعميل عبد ربه منصور هادي، وبذلك مضت أكثر جرائم العدوان مبرّرة على ذلك النّحو.
هي إذاً حرب أميركية صهيونية غربية، لم تستنكف عن كشف شركائها، حرب أشعلوها بالوكالة، وأسندوها إلى أقذر عقلية، أصبح يرى بها أعراب الخليج، حيث لا إنسانية معتبرة لديهم، برهنوا فيها خلال أكثر من ثلاث سنوات، أنهم مستعدّون للذهاب بها إلى أبعد مدى، طالما بقيت جرائمهم مسكوت عنها، ومسقطة قانوناً دولياً.
يوم 2/8/2018، يُضاف إلى قائمة الجرائم المُتكرّرة، التي أقدم عليها تحالف العدوان على اليمن، استهداف طيران تحالف العدوان، في غارتين غادرتين سوق السمك، وبوابة مشفى الثورة في الحديدة، أسفرتا عن استشهاد ما يزيد عن 55 شهيداً و130 جريحاً، في قائمة جديدة، طالت وقائعها وكبر ميزان نتائجها، تزهق فيها الأرواح البريئة كل يوم، وفي مشاهد مأسوية تُدمي القلوب، وتُرهِق الضمائر الحيّة، ويأسف للحال التي وصل إليها أهلنا في اليمن، كل إنسان حر شريف، يرفض كافة أشكال الاستعباد والهيمنة عليه، مهما كان مصدرها، وكل مَن وعى بأن الله خلقه حرّاً، لا يمكنه أن يرضى بأن يكون عبداً لغيره، وهذا حق للشعب اليمني بأكمله، لا يمكن أن يسلبه منه أحد، مهما استقوى عليه.
يقصفون أحرار اليمن، لأنهم رفضوا الخضوع لعملاء الاستكبار والصهيونية، ولا تجد لآثار ذلك صدى، لدى أولئك الذين استبدلوا نصرة الحق، بالوقوف إلى جانب المُعتدين، بعدما كمّمت أفواههم حفنات المال الخليجي الفاسِد، الذي عبثت به سياسات حكّامهم القذرة، لتنفيذ مشاريع أعداء الأمّة العربية والإسلامية، الهادفة إلى تدمير مُكتسباتنا، وحرفنا عن أهدافنا المستقبلية في التحرّر من ربقة التبعيّة، ونيْل الكرامة والعزّة.
وليست هذه المرة الأولى، التي يُقدم فيها طيران تحالف الشرّ الأميركي الصهيوني الأعرابي، على قصف مرافق مدنيّة، فقد كاد يخرجها جميعاً من الخدمة، ليضيف إلى أدوات فتكه ودماره، ما سيترتّب على أعماله الوحشية من قتل للمرضى، ذوي الحاجة المتكرّرة للعِلاج والمتابعة الطبية، نتيجة لفقد المشافي والأدوية، وتهديد حياة قرابة 19 مليون نسمة بالمجاعة، نتيجة الحصار المفروض على ميناء الحديدة، المتبقّي الوحيد منفذاً بحرياً، يُغاث منه وسط اليمن وشماله.
ولم يعد عجباً هذا الصمت الذي لاذت به المنظمات الحقوقية الأممية والمستقلّة إلا من نداءات خافتة تملّكها خوف من توقّف دول العدوان عن دعمها والتعامل معها، وتلك المنظمات تعيش واقعاً على مساعداتها، في مقابل أن يمضي خبراؤها ومختصّوها قدماً، في ما يخدم مخطّطاتها في باب الدعاية والتشهير الكاذب، بالدول التي تعارض محور الشر الغربي، والمتابع لتقارير هيومن رايس ووتش، والمنظمة الدولية لحقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية، بإمكانه أن يقف على جانب من انحياز هذه المنظمات، إلى جانب الغرب، في تشويه دول بعينها، كالجمهورية الإسلامية الإيرانية، واتهامها بانتهاك حقوق الإنسان، والتغاضي عن الانتهاكات الحقيقية لحقوق الإنسان في أميركا، وجرائمها التي لم تترك مكاناً في هذا العالم، إلا نالت منه نصيباً.
ويبدو أن قوى العدوان فقدت الأمل، في تغيير الواقع الثوري الذي فرضه الشعب اليمني، بهذا الصمود الأسطوري الذي حقّقه في وجه عدوان لم يرع شيئاً من قِيَم الدين، أو رابطة الدم أو الجوار أو الإنسانية، فلم تتمالك من قصف أيّ هدف يتراءى لطائراتها، في استهانة واضحة بالعهود والمواثيق الدولية، لولا غضّ الطرف والصمت الدولي، لكانت ملفات هذه الجرائم المتكرّرة، مُدرَجة في جلسات محكمة العدل الدولية، جرائم حرب فظيعة وموّثقة بالصوت والصورة.
وإن اليوم الذي سينتصر فيه رجال اليمن وأحراره، على هذه الهمجيّة الدولية آت لا محالة، وهو يوم انتصار المُستضعفين على المُستكبرين، ويوم المظلوم القادم بثبات رجاله، سيكون الأشد على الظالم، وعد على الله حقاً، والله لا يخلف وعده أولياءه، ولينصرّن الله مّن ينصره، إن الله لقوي عزيز.