اغتيال العلماء العرب .. هل يمنع العرب من الانتصار على إسرائيل

اغتيال العقول والأدمغة العربية لن يوقف مسيرة سوريا ومسيرة محور المقاومة في حربه ضد الإرهاب لأنهما قادران على امتلاك أسباب القوة وأسباب الصمود وتحقيق النصر على الكيان الإسرائيلي الزائل، ليس اليوم فقط وإنما اليوم وغداً وفي المستقبل، وبشائر النصر باتت تلوح في الأفق

الموساد اغتال منذ الخمسينات أكثر من 2700 من العلماء والسياسيين في الوطن العربي

ماذا يشكّل اغتيال العُلماء والباحثين والمفكّرين والفنانين عند الدول الراعية للإرهاب، وعلى رأسها الإدارة الأميركية والكيان الإسرائيلي؟ هل هو العجز أمام تلك العقول المُبدِعة؟ وهل تشعر تلك القوى بالضعف أمامها كونها تشكّل خطراً حقيقياً لوجودها كون الحروب الحديثة في العالم لم تعد عسكرية بل هي حروب الأدمغة، ومن ينتصر في أية حرب هي الأدمغة والعقول التي تدير الحروب بعقولها وبفكرها وهي التي ترى ما لا يراه الآخرون؟

إن تلك الحروب الدنيئة على العقول العربية تعكس حال الهيستيريا التي يعيشها الغرب من التطوّر الذي قد تحقّقه الدول العربية على كافة الأصعدة، ولذلك ليس غريباً أن نرى أن تلك الدول لا تكتفي بالحروب العسكرية والإعلامية والاقتصادية والثقافية بل إنها تعمد إلى قتل تلك العقول لمنع الدول العربية من امتلاك أسباب قوّتها وتطوّرها. وقد قالت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت إبان احتلال العراق: ماذا نستطيع أن نفعل مع العراق غير تدمير عقوله التي لا تستطيع القنابل أن تدمّرها؟ حيث قامت الإدارة الأميركية إثر احتلالها للعراق عام 2003 بتهجير العقول والأدمغة العراقية وقتل مَن تبقّى منهم داخل العراق من خلال أذرعها التي كانت منتشرة داخل القطر العراقي الشقيق.

يكشف كتاب "إنهض واقتل أولاً" للكاتب الصهيوني روبين بيرغمان تاريخ الاغتيالات التي قام بها الكيان الصهيوني، أن الموساد اغتال منذ الخمسينات أكثر من 2700 من العلماء والسياسيين في الوطن العربي، حيث تمت تصفية عُلماء عرب كثر وشخصيات بارزة في ظروف غامضة حملت بصمات جهاز الموساد الإسرائيلي ومن بينهم الفنان ناجي العلي الذي كان يُرعب الصهاينة برسومه الكاريكاتورية التي تكشف جرائمهم البشعة والمجازر التي كان الكيان الإسرائيلي يرتكبها يومياً في فلسطين المحتلة، إضافة إلى اغتيال المقاومين عماد مغنية وسمير القنطار ومن العلماء: اللبنانيان حسن كامل الصباح وحسن رمال، والمصريان نبيل القليني ورفعت همام ،والفلسطيني نبيل أحمد فليفل وغيرهم ضمن قائمة طويلة.

وفي سوريا ومع بداية الحرب الكونية امتدت يد الغدر إلى العديد من العُلماء والباحثين والمُخترعين حيث تم في عام 2011 اغتيال المخترع الشاب عيسى عبود على أيدي المجموعات الإرهابية المسلحة في حمص، كما اغتيل كل من الدكتور حسن عيد رئيس قسم جراحة الصدر في المشفى الوطني بحمص والمهندس أوس عبد الكريم خليل الخبير في الهندسة النووية والقائم بالأعمال في جامعة البعث وكذلك الدكتور محمد علي عقيل نائب عميد كلية هندسة العمارة ووكيلها العلمي ،كما تم اغتيال مجموعة من الطيّارين السوريين المُدرّبين على أحدث الطائرات في ريف حمص الشرقي ،واستهدفت سيارة تقلّ مجموعة من الباحثين في مركز البحث العلمي في منطقة التل. ريف دمشق واغتيل اللواء عبدالله الخالدي واللواء نبيل زغيب المسؤول عن تطوير برنامج الصواريخ السورية. كما شهدت حلب اغتيال الدكتور سمير رقية المتخصّص في هندسة الطيران بعد اغتياله من قِبَل إرهابيي جبهة النصرة ،واغتيل الدكتور محمّد عمر أستاذ التاريخ في جامعة ايبلا الخاصة. وأخيراً تم اغتيال الدكتور عزيز إسبر رئيس مركز البحوث العلمية في مصياف ،حيث ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي وراء اغتيال رئيس مركز البحوث العلمية وهو أحد أهم علماء الصواريخ في سوريا وقد استبعد (ذف) عن تورط الموساد الإسرائيلي بعملية الاغتيال.

إن هذا يعني بما لا يقبل الشك أن الكيان الإسرائيلي هو مَن يقف وراء كل تلك الاغتيالات التي جرت في سوريا وفي بعض أجزاء الوطن العربي والعالم، فالكيان الإسرائيلي يعيش حال رعب حقيقية من تلك العقول التي يعني بقاؤها زوال الكيان المحتل ، ولذلك فإن الكيان الإسرائيلي يسعى إلى القضاء على هذه العقول والأدمغة التي كانت سبباً في انتصار سوريا في الحرب الكونية التي تعرّضت لها منذ أكثر من سبع سنوات، وكذلك انتصار حزب الله في عام 2006 في عدوان تموز إضافة إلى سعي الأعداء إلى إفشال أي تقدّم علمي يؤدّي إلى امتلاك دول  محور المقاومة للخبرات العلمية، انطلاقاً من حرص الاحتلال على توطيد تقدّمه العسكري ومنع دول محور المقاومة من التطوّر العسكري.

لقد أثبتت الحرب الكونية على سوريا أن البصمة الإسرائيلية كانت واضحة خلال الحرب على سوريا في أعمال القتل والتدمير الممنهجة التي ارتكبتها العصابات الإرهابية المجرمة التي كانت عبارة عن أفراخ الكيان الإسرائيلي الذي هزم من الأراضي السورية ولن تنفع تلك الأعمال الإجرامية من منع الإعلان النهائي للنصر على الإرهاب وعلى العصابات الإرهابية المجرمة.

اغتيال العقول والأدمغة العربية لن يوقف مسيرة سوريا ومسيرة محور المقاومة في حربه ضد الإرهاب لأنهما قادران على امتلاك أسباب القوة وأسباب الصمود وتحقيق النصر على الكيان الإسرائيلي الزائل، ليس اليوم فقط وإنما اليوم وغداً وفي المستقبل، وبشائر النصر باتت تلوح في الأفق، ومَن على عينه غشاوة او بعض الغبش فليدقّق النظر ويدرك الحقيقة التي لا مهرب منها.