سياسات ترامب تعزّز تحالفات المواجهة

حصارات ترامب ورسومها التى باتت تميّز إداراته عن كافة التوجّهات السابقة للولايات المتحدة أصبحت تشكّل خطراً على واشنطن قبل الدول المستهدفة، فهي تمثل بداية لعصيان عالمي على الهيمنة الأميركية وهو منهج اتبعته روسيا وإيران والصين وقد تسير أيضاً عليه دول الغرب وتركيا.

ترامب دخل معركة اقتصادية طاحنة مع الغرب

من الواضح أن مفاهيم ومصطلحات "القوة الأميركية" في طريقها بسرعة الصاروخ للانهيار على طريقة الاتحاد السوفياتي وليس هذا نتجية لتزايد قوّة من تقول واشنطن أنهم أعداؤها أو حتى الخصوم إنما كنتيجة طبيعية لسياسة أميركا أولاً التي تبناها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وماحملته على العالم من دعاوى كراهية وعنصرية فتكت بالحلفاء قبل أي أحد.

الرئيس ترامب دخل معركة اقتصادية طاحنة مع الغرب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 % على واردات الصلب وبنسبة 10 % على واردات الألمنيوم من الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك، إضافة إلى الصين عندما بدأ في تطبيق رسوم جمركية بنسبة 25% على سلع صينية تستوردها بقيمة 34 مليار دولار سنوياً، وردّت الصين في اليوم ذاته بفرض رسوم جمركية على واردات أميركية بقيمة 34 مليار دولار سنوياً أيضاً لتفي بتعهداتها بالرد بالمثل على أي إجراء أميركي من هذا النوع، ويستعد ترامب لفرض رسوم أخرى على الصين قد تصل إلى 400 مليون دولار.

كذلك فرض عقوبات على الجانب الروسي وصلت إلى حظر مجموعة واسعة من الصادرات إلى روسيا ومن التعامل بالعملة الروسية، وبدأ في ضرب الاقتصاد الإيراني من خلال منع عائدات طهران من بيع النفط، وضاعف رسوم الصلب والألومنيوم على تركيا في وقت تنهار فيه الليرة أمام الدولار جرّاء عقوبات أخرى.

لم يعد ترامب يترك أحداً من دول العالم سواء أكان حليفاً أو خصماً لو عمل على ابتزازه اقتصادياً أو حتى عسكرياً خاصة بعد أن أجبر الدول الأعضاء فى الناتو على الموافقة على زيادة نفقاتها الدفاعية وإنفاق أكثر من 2 في المئة من إجمالي الناتج القومي سنوياً على ميزانية الدفاع بشكل متعجّل عن اتفاق 2014 الذي نصّ على أن تخصّص الدول الأعضاء في الحلف 2% من إجمالي ناتجها الداخلي لنفقات الدفاع في الحلف بحلول عام 2024.

حصارات ترامب ورسومها التى باتت تميّز إداراته عن كافة التوجّهات السابقة للولايات المتحدة أصبحت تشكّل خطراً على واشنطن قبل الدول المستهدفة، فهي تمثل بداية لعصيان عالمي على الهيمنة الأميركية وهو منهج اتبعته روسيا وإيران والصين وقد تسير أيضاً عليه دول الغرب وتركيا.

الرفض المختلف لدول العالم للعقوبات والإجراءات الأميركية زاد عن حدّه مؤخراً بالإعلان الأخير لمحمّد فيصل المتحدّث باسم وزارة خارجية باكستان إنها لن تلتزم العقوبات الأميركيّة ضد إيران وستواصل علاقاتها التجاريّة معها من دون تغيير وإنّها دولة ذات سِيادة وترسُم سياساتها وفقاً لمصالحها وليس الإملاءات الخارجيّة، فضلاً عن تأكيدات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن بلاده سوف لن تلتزم بالحظر الأميركي ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

سياسة ترامب أصبحت تعزّز التحالفات والتكتلات الدولية بعيداً عن واشنطن كمنظومة دول بريكس والتي يتأثر أغلب أعضائها بالعقوبات التي تفرضها واشنطن على دول العالم إضافة إلى التحالف الروسي الإيراني التركي وهي أبرز الدول التي كانت في مرمي سياسة ترامب العنصرية المثقلة بالكراهية البحتة.

ترامب نجح مساهماً فى قراراته بتأسيس تحالف "إيراني-تركي" ضد العقوبات الأميركية، تحالف يجمع بين أبرز القوى الشيعية والسنّية والذي كانت أولى نتائجة رسم خارطة طريق جيدة للتبادل التجاري ليصل إلى 30 مليار دولار تعويضاً عن الخسائر جرّاء العقوبات فى رد أرى إنه المناسب من الطرفين.

جميع المؤشرات والعقل المنطقي يقول بوضوح إن العالم ليس رهينة في أيدي واشنطن أو أي قوة إقليمية وأنه يستطيع التخلي عن واشنطن فالعالم لن يموت إن غاب عنه الدولار الأمريكي أو منتجات الشركات الأمريكية.

العالم الآن بات يدرك تماماً إلى حاجته إلى نظام اقتصادي جديد وواسع لايعتمد على سياسة أو توجه الأقوي في هذا النظام.