إصلاح إقتصادي في مصر "برفع الدعم" عن السِلع الأساسية

الدعم يعني تدخّل الدولة بتحمّلها جزءاً من ثمن السلعة أو الخدمة نيابة عن المواطن مثلاً رغيف الخبز تكلفته 35 قرشاً ولكن الدولة تتحمّل 30 قرشاً ويدفع المواطن الـ 5 قروش الباقية.

الدعم هو تدخّل الدولة بتحمّلها جزءاً من ثمن السلعة أو الخدمة نيابة عن المواطن

في صباح 18 يناير 1977 استيقظ الشعب المصري على قرار حكومي يقضي برفع أسعار سلع أساسية مثل الخبز والشاي والأرز والسكر واللحوم والمنسوجات، وغيرها من السلع الضرورية بنسبة تصل إلى الضعف، انتفض الشعب المصري وثار ضد هذا القرار  ما أدّى إلى فرض حظر التجوال ونزل الجيش إلى المُدن للسيطرة على التظاهرات وأعمال التخريب التي استهدفت المباني الحكومية والمحلات التجارية، واعتقل الآلاف من المتظاهرين من العمال والطلبة.

ورغم اضطرار الحكومة للتراجُع عن قرار رفع الأسعار، واصل السادات وصف الانتفاضة في خطبه بانتفاضة "الحرامية" بسبب أعمال السلب التي استهدفت المجمّعات الاستهلاكية خلال الأحداث.

وفي اليمن عام 2010، أعرب عدد من الإقتصاديين عن رفضهم لتوجّه الحكومة لرفع الدعم عن المحروقات. وأكّدوا أن تأثيرات ذلك القرار في حال ما إذا تم تطبيقه ستكون خطيرة على المجتمع، مُشيرين إلى أن من أهم النتائج السلبية لذلك القرار توسّع دائرة الفقر المُدقع ، إضافة إلى التضخّم الاقتصادي والذي يُعتَبر أكبر خطورةً من البطالة ، وطالبوا الحكومه بالنظر إلى ما توفّره الحكومات الخليجية لشعوبها.

وفي 2018 تظاهر المئات من الشعب الأردني أمام مبنى رئاسة الوزراء والبرلمان في عمّان والسلَط (شمال غرب العاصمة) مُندّدين بارتفاع الأسعار وداعين لإسقاط الحكومة ومجلس النواب.

رغم اعتراض الشعوب على قرار رفع الدعم إلا أن رضا الشعوب عن القرارات الإقتصادية ليس هو المقياس الأوحد لقياس نجاح الحكومات في اتخاذها.

على سبيل المثال قد يتّخذ ربّ الأسرة قراراً بإلغاء رحله عطلة نهاية الأسبوع قد يغضب باقي أفراد الأسرة للقرار ويصفونه بالقرار غير الموفّق ولكن ربّ الأسرة يعي بأن تكاليف تلك الرحلة قد توقعه في دائرة الدَين.

الدعم كما يرى د.نادر نورالدين مستشار وزير التموين الأسبق "هو إحدى الوسائل التي تستخدمها الحكومات للتخفيف عن كاهل محدودي الدخل وتقليل إحساسهم بالفقر بتأمين الحد الأدنى اللازم لمستوى معيشتهم. ويتم تحقيق ذلك بتوفير السِلع والخدمات للفقراء بأسعار تقلّ عن أسعارها الحقيقية لضمان الحد الأدنى لمستويات التغذية الصحية اللازمة لكي يبقوا أصحّاء".

فهو ببساطة يعني تدخّل الدولة بتحمّلها جزءاً من ثمن السلعة أو الخدمة نيابة عن المواطن مثلاً رغيف الخبز تكلفته 35 قرشاً ولكن الدولة تتحمّل 30 قرشاً ويدفع المواطن الـ 5 قروش الباقية.(وهذا ما يُسمّي بالدعم العيني كما في مصر).

أو أن تقوم الدولة بصرف مبلغ مُعيّن شهرياً بديل عن الدعم العيني وهو ما يسمّى بالدعم النقدى كما في المكسيك.

لذا يوجد نوعان من الدعم أما عيني أو نقدي، والعيني له عيوب كثيرة ذكر أهمها نور الدين "عدم وصول الدعم لمُستحقيه: حيث إن نظام دعم السلعة وليس دعم الفرد لا يكفل وصول دعم هذه السلعة إلى الفرد المُستحق بل غالباً ما يحصل عليه المُستحق وغير المُستحق، كما أن تهريب السلع التموينية أحد أبرز عيوب العيني".

ولكن التحوّل إلى الدعم النقدي يتطلّب وجود عدد من الضوابط منها:

- إلزام الحكومة للتجّار بقوانين معينة تمنع استغلال المواطن ورفع أسعار السِلع.
- استقرار السوق المصري من حيث توافر مخزون استراتيجي للسِلع واستقرار اقتصادي.

ثانياً : رفع الدعم أم هيكلة الدعم
لا يوجد مبرّر لمُصطلح "رفع الدعم" حيث أنه لفظياً يعني أن تتنازل الدولة عن دورها في التخفيف عن كاهل المواطن وهذا لا يمكن حدوثه حتى في أعتى الدول الرأسمالية يوجد فى ميزانياتها بند دعم بعض السِلع الأساسيه مع اختلاف آلية الدعم المُتبعة.
لذا يمكن القول بأن الحكومه تتبع ما يسمّى بـ " هيكله الدعم " أي تحويله من دعم عينى إلى دعم نقدي كما حدث في المكسيك.

ويتم ذلك من خلال عدّة أدوات اتبّعتها الدولة في الفترة الماضية منها:

-مشروع تكافل وكرامة.

-برنامج قومى تنفّذه وزارة التضامن الاجتماعي بهدف صرف مساعدات للأسر الفقيرة في مختلف المحافظات وينقسم إلى محورين المحور الأول "تكافل" والثانى "كرامة".
- زيادة مُخصّصات الدعم النقدي الشهري للفرد على بطاقات التموين لتصل إلى 75 جنيهاً بدلاً من 50 جنيهاً بزيادة قدرها 50% وأدوات أخرى تتم دراستها في الوقت الحالي حيث صرّحت  نيفين القباج، نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي للحماية الإجتماعية إن الوزارة تعدّ مسودة مشروع قانون موحّد يضمّ كل معاشات الدعم النقدي، التي تقدّمها الحكومة حالياً، مشيرة إلى أن المشروع سيّلغي قانون الضمان الإجتماعي الحالي، من دون المساس بمعاش الضمان الإجتماعي، "ولكن يدمجه مع معاشات الدعم النقدي، تكافل وكرامة، وستظل تُصرَف لهم معاشاتهم بعد خضوعهم لعملية التنقية"، لافتة إلى أن مشروع القانون الموحّد الجديد "يضم 4 برامج لدعم الأسر المُحتاجة، وهي تكافل وكرامة وفرصة وإغاثة".