العاصفة
الانسحاب الأميركي يعني الهزيمة والاعتراف بالخسارة المُذلّة، والتنازُل عن مصالحها وخططها أو مشاريعها ومصالح حلفائها لمصلحة الآخرين، وإعطاء المجال لتوسّع النفوذ الإيراني، وهذا سيشكّل تهديداً لأمن إسرائيل.
قرار السيّد ترامب بسحب القوات الأميركية من سوريا بعد أن أكلمت مهمّتها في القضاء على داعش، وهي كانت حجّة أو ذريعة الولايات المتحدة في البقاء في سوريا طوال الفترة الماضية.
هذه الخطوة المُفاجئة إثارت عدّة علامات استفهام عدّها البعض أنها في الاتجاه الصحيح نحو إيجاد حل أو تسوية شاملة للأزمة السورية ولسببين الأول فشل أو عدم نجاح الخيار العسكري في تحقيق أهداف وغايات أميركا في سوريا سواء كان من خلال تشكيلها تحالفاً دولياً ضمّ عدّة دول، أو من خلال دعمها للفصائل المُسلّحة بأحدث الأسلحة والمعدّات الحديثة، لكن نتائج المُحصّلة النهائية تصبّ في مصلحة خصوم أميركا.
وثانياً قناعة ساسة البيت الأبيض بأن الأمور في الأزمة السورية وصلت إلى طريقٍ مسدود، ووجود قوّتها يشكّل عليها ضغطاً وتحدياً كبيرين ومن دون جدوى، والضغط الداخلي الأميركي على سيّد البيت الأبيض، بسبب وعوده المُتكرّرة والانتخابية بسحب قوّاته من سوريا فور انتهاء مهامها، واليوم أصبحت سيطرة ونفوذ داعش محدودين في سوريا.
تصريح البيت الأبيض "بدأنا سحب قوّاتنا من سوريا فيما ننتقل إلى المرحلة الثانية من حملة مُكافحة الإرهاب التي يُمثلها التحالف الدولي"، وهذا التصريح يُعطي دلائل واضحة وصريحة يجب الوقوف عندها، من أهمّها أن الانسحاب للقوات الأميركية سيكون جزئياً أو من بعض المناطق بدليل تصريح السيّد دونالد ترامب "الولايات المتحدة وحلفاؤها مستعدّون للتعاون على كافة الأصعدة لحماية مصالح الولايات أينما دعت الحاجة، وسنستمر في العمل معاً لمنع سيطرة داعش على إية أراضٍ جديدة، أو الحصول على دعم أو تمويل يسمح للتنظيم الإرهابي بعبور حدودنا".
وفي نفس الاتجاه أكّدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تعليقاً على خطط الانسحاب، إن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع شركائها في المنطقة، وهذا يؤكّد أن عمليات الانسحاب لن تكون لكامل قوّاتها.
وفي جانب حذّرت أطراف أخرى من عواقب هذا القرار، لأنه يُعطي الضوء الأخضر لتركيا لشنّ عملياتها العسكرية التي تعِدّ لها منذ فترة طويلة ضد وحدات حماية الشعب الكردية بعد المُكالمة الهاتفية بين ترامب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، وبذلك حقّقت أميركا عدّة أهداف من هذه الخطوة أعادت وحسّنت علاقتها مع تركيا، وعقّدت المشهد السوري في وقت تسعى فيه عدّة أطراف إلى وضع حل نهائي للأزمة السورية من خلال طاولة الحوار والتفاوض ومساعي المبعوث الأممي في حل القضية السورية، وتشكيل اللجنة الدستورية.
الانسحاب الأميركي يعني الهزيمة والاعتراف بالخسارة المُذلّة، والتنازُل عن مصالحها وخططها أو مشاريعها ومصالح حلفائها لمصلحة الآخرين، وإعطاء المجال لتوسّع النفوذ الإيراني، وهذا سيشكّل تهديداً لأمن إسرائيل، وسيكون البداية لتحوّل استراتيجي في المُعادلات أو الحسابات الدولية على الزعامة العالمية، لهذا نقول هذه الخطوة إما لعبة أو كذبة من ألاعيب أو أساليب الشيطان الأكبر أو ستكون هناك عاصفة ستضرب دول المنطقة من أجل أن تحقّق أميركا أهدافها أو غاياتها، وهذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.