الأسيرات الفلسطينيات في اليوم العالمي للمرأة

لقد سجّل التاريخ أسماء نجوم فلسطينية كان لهن أثراً عظيماً في قهر القهر؛ فكن منابع عطاء، ورفعن إسم فلسطين عالياً، فكان للمرأة الفلسطينية الأثر العظيم في كل المفاصل التاريخية للحركة الوطنية الفلسطينية؛ فكان حضورها في كافة ثورات الشعب الفلسطيني وانتفاضاته باهراً؛ فقد اندفعت إلى مقدّمة صفوف المقاومين وقاومت أعداء الحياة بروحها؛ وتقطّعت سياط الجلاّد على جسدها، وكانت سياجاً اجتماعياً واقتصادياً غذّى استمرار الصمود والمقاومة الشعبية.

نعم تواجه المرأة الفلسطينية تحدّيات كثيرة تستنزف حياتها ومن أبرز التحديات التي تواجه المرأة الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي وتبعاته التي صقلت المرأة الفلسطينية ماسة فريدة تخوض ميادين الكفاح، وتسدّ ثغرات الوطن، لاسترداد حقوق شعبها المنكوب، وتحقيق حلم العودة والتحرير؛ ويعجّ السجل الفلسطيني بأسماء نساء فلسطينيات تركن بصماتٍ واضحةٍ في الوعي الشعبي الفلسطيني، بدءاً من الأمّهات المهجّرات اللواتي شهدن النكبة الفلسطينية وعشن آثارها؛ فشكّلن أعمدة الحياة والبقاء الفلسطيني في خيام اللاجئين.
لقد سجّل التاريخ أسماء نجوم فلسطينية كان لهن أثراً عظيماً في قهر القهر؛ فكن منابع عطاء، ورفعن إسم فلسطين عالياً، فكان للمرأة الفلسطينية الأثر العظيم في كل المفاصل التاريخية للحركة الوطنية الفلسطينية؛ فكان حضورها في كافة ثورات الشعب الفلسطيني وانتفاضاته باهراً؛ فقد اندفعت إلى مقدّمة صفوف المقاومين وقاومت أعداء الحياة بروحها؛ وتقطّعت سياط الجلاّد على جسدها، وكانت سياجاً اجتماعياً واقتصادياً غذّى استمرار الصمود والمقاومة الشعبية.
سبق أن أصدرت منظمة نسوية فلسطينية كتاباً يتضمّن روايات شفوية لتجارب 73 سيّدة اعتقلن في السجون الإسرائيلية خلال سنوات الستينات والسبعينات والثمانيات. ذلك تحت إسم "أصوات اخترقت القضبان"، ويضمّ الكتاب نسخاً من رسائل المُعتقلات عبر الصليب الأحمر إلى ذويهن تفيد باعتقالهن إضافة إلى مجموعة من الصوَر التذكارية لبعضهن. في مقدّمة الكتاب قالت سريدا عبد حسن مدير عام طاقم شؤون المرأة "هذا الكتاب عبارة عن روايات لأسيراتٍ محرّراتٍ وافقن على مشاركتنا بجزء من حياتهن.. بتجاربهن لعلّنا نتعلّم منها".
مَن شارك في إعداد الباحثات الميدانيات لعمل المقابلات مع المعتقلات أيقن أن بعض الشهادات لا تحتمل التأجيل أو التلكؤ، ومن المفضّل جمعها أو تسجيلها بأية وسيلة وهي مُعرّضة للضياع فور مرض أو موت صاحبتها أو فقدان قدرتها على الكلام. فالتاريخ الشفوي يشكّل أداة قانونية مهمّة لفضح سياسة الاحتلال وخرقه للقوانين ومُحاكمته ، حيث أن هناك ميلاً في القانون الدولي إلى اعتماد الرواية الشفوية كدليل قانوني. وتتضمّن الروايات الشفوية في الكتاب والتي كُتبِت بلهجة كل أسيرة السيرة الذاتية لهن وتجربتهن النضالية وكيفية اعتقالهن ومرحلة التحقيق وأساليبه وأساليب التعذيب. وتتحدّث المُعتقلات في روايتهن أيضاً عن الحياة داخل السجن ومرحلة الإفراج عنهن.
لعشرات الأعوام التي مضت شارك العديد من الناشطين وممثلين عن الحركات الوطنية الفلسطينية، في وقفات تضامنية مع الأسيرات الفلسطينيات، من أمام سجن الدامون على جبل الكرمل بجانب مدينة حيفا، بدعواتٍ من لجان الحريات المُنبثقة عن لجنة المتابعة. وتقبع في سجن الدامون عشرات الأسيرات الفلسطينيات في ظروفٍ صعبةٍ وقاهرةٍ، وتواصل قوات الاحتلال فرض العديد من العقوبات والتضييقات على الأسيرات الفلسطينيات، اللواتي يمتنعن عن الخروج إلى الساحة احتجاجاً على كاميرات المراقبة، التي قامت إدارة المعتقل بتشغيلها.

نعم هي رسالة الأسرى والأسيرات تاج على رؤوس شعوبنا جميعاً، فهم دفعوا ضريبة الانتماء إلى هذا الوطن عبر سجن حكم عليهم بسنوات طويلة، قد يزيد عن "ستين أسيرة فلسطينية" ممّن هن دون سن الثامنة عشرة، موجودات في السجن في ظروفٍ قاهرةٍ ومُذلّة، الكاميرات تلاحقهن في كل وقت حتى خلال نومهن، الأمر الذي يُحتّم على الجميع أن يقف وقفة إنسانية، وهذا أقل واجب أن ننتصر لأسيراتنا. نحن نتضامن مع الأسيرات الموجودات في كل سجون الاحتلال الإسرائيلي بداية من سجن الدامون، نريدهن أن يعلمن أنهن لسن وحدهن في مواجهة انتهاكات الاحتلال، عبر كاميرات المراقبة التي ضيّقت الخناق عليهن، بحيث لا يأخذن حريّتهن في العبادة ولا في الكلام أو الحركة، هذه إهانة للإنسانية وللمرأة بشكل خاص.
نحن نطالب بأن يرفعوا أيديهم عن النساء الموجودات في سجونهم. رفض الإجراءات التعسفية في حقهن، صحيح أن الوقفات تأتي في أعقاب تصعيد الإجراءات العقابية المُجحفة والظالمة بحق الأسيرات، لكن مطالبنا كانت وستبقى تبييض السجون من الأسرى الفلسطينيين سواء كانوا رجالاً أو نساء.
تبقى أنها سطور تهدف إلى إعادة هذه القضية إلى جدول أعمال الفلسطينيين في الداخل وعلى مستوى المجتمع الدولي عموماً. فمُعاناة الأسيرات الفلسطينيات في سجن الدامون، حيث جمعتهن سلطة السجون بعيداً عن الأهل، وهذه الكلمات للمطالبة بمنحهن حقّهن الطبيعي في التواصل في ظروفٍ لائقةٍ حسب القانون الدولي، وعدم التنكيل بالسجينات. فهذه القضية لا تحظى باهتمام الشارع الفلسطيني والمناطق المحتلة، وهذه الكلمات جزء من مساهمة نحو المتابعة والحريات في إعادتها إلى الواجهة والرأي العام الفسطيني في الداخل، نحو متابعة أقوى للحفاظ على كرامة وحقوق الأسيرات الفلسطينيات.
مؤخراً ظهرت معطيات إحصائية، تشير إلى أن 63 فلسطينية يقبعن حالياً في السجون "الإسرائيلية"، عشيّة يوم المرأة العالمي 2018. وأفاد حينها نادي الأسير الفلسطيني، في بيان له: إن من المعتقلات ستَّ فتيات قاصرات (دون 18 عاماً)، وتسع جريحات، و17 من الأمّهات. وأن قوات الاحتلال اعتقلت 16 ألف فلسطينية منذ احتلالها للضفة الغربية بما فيها شرقي القدس، وقطاع غزّة عام 1967. كذلك فإن المُعتقلات تعرّضن لأنواع التّنكيل والتّعذيب كافة، بدءاً من عمليات الاعتقال من المنازل أو أماكن العمل وحتى النّقل إلى مراكز التّوقيف والتّحقيق، واحتجازهنّ في المعتقلات.
الواقع الصعب أنه تتمثّل أساليب التّعذيب بـ"إطلاق الرّصاص أثناء عمليات الاعتقال، والاحتجاز داخل زنازين لا تصلح للعيش، والتّحقيق لمُدَد (زمنية) طويلة، والإهمال الطبي. وتحرم سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" بعض المعتقلات من زيارة عائلاتهنّ، فيما تضيّق على الأخريات، كما وتحرم الأسيرات الأمّهات من الزيارات المفتوحة ومن تمكينهنّ من احتضان أبنائهن، إضافة إلى منع التواصل الهاتفي معهم. قد تحتفل دول العالم، بيوم المرأة العالمي في 8 مارس/ آذار من كل عام، فيما تعتقل "إسرائيل" في سجونها 6500 فلسطيني، بحسب بيانات إحصائية. ليبقى هذا الواقع المرّ تعيشه الأسيرات الفلسطينيات وسط ذلك. لتبقى وصمة عار تلاحق أحرار العالم.