ما المطلوب من الفلسطينيين في ذكرى يوم الأرض
إن فقدان المستوطنين للأمن وحصد أرواحهم سيجعلهم يرحلون، وهذا ما حصل إبان الإنتفاضة الثانية حيث تتاقصت أعداد المستوطنين ولم يجرؤوا على الإعتداء على المواطنين، ولكن اليوم في ظل التنسيق الأمني وقمع المقاومة واعتقال المقاومين فرعَن المستوطنيون وازداد عددهم واعتداءاتهم، وكل ذلك تحت حراسة وحماية جيش الاحتلال.

بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين ليوم الأرض، يتطلّب من الكل الفلسطيني الرسمي وغير الرسمي أن يكون على قدر من المسؤولية لمواجهة المخططات والمشاريع الإسرائيلية والأميركية، والمدعومة للأسف الشديد من قبل البعض العربي، وعليه نؤكّد على القضايا الآتية:
أولاً: التحرّك على جميع المستويات عربياً ودولياً، وحتى على مستوى المؤسّسات الحقوقية والدولية، وذلك من خلال تشكيل طاقم نشط للتحرّك الدبلوماسي، وحشد الدعم اللازم في الأمم المتحدة تجاه قضايا الاستيطان وتهويد القدس وجرائم الاحتلال، بالإضافة إلى التوجّه القانوني برفع شكاوى ضد الاحتلال في كل المؤسّسات الدولية المتاحة لمحاكمة الاحتلال وقادته.
ثانياً: القضاء على الفساد المستشري في المؤسّسات الفلسطينية العامة والخاصة لتدعيم ثقة المواطن الفلسطيني بمؤسّساته، وإعادة المصداقية لمؤسّسات السلطة الفلسطينية وذلك من خلال وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وسحق الواسطة والمحسوبية، وعدم توظيف أبناء المسؤولين على حساب الفقراء والمواطنين، من خلال تفعيل المراقبة والمحاسبة ومكافحة الفساد.
ثالثاً: تدعيم صمود المواطن وذلك من خلال محاربة الفقر والبطالة، ودعم المزارع الفلسطيني من خلال الخطط والمشاريع القائمة على استصلاح الأراضي وزراعتها وبالتحديد المهدّدة بالمصادرة والمحاذية للمستوطنات، وإعفاء المزارعين من الضرائب وتشجيعهم على الزراعة من خلال صندوق دعم المزارع وتوفير المستلزمات لهم وشق الطرق وتعويضهم عن الخسائر، وذلك من خلال رفع موازنة وزارة الزراعة الفلسطينية، ودعم المواطن لإنشاء المشاريع والبناء في المناطق المصنّفة ج في اتفاق أوسلو.
رابعاً: تطبيق قرارات المجلس الوطني والمركزي الذي تم اتخاذها عام 2015 وتم التأكيد عليها في الدورات اللاحقة للوطني والمركزي، والمتمثلة بقطع العلاقات مع الاحتلال ووقف التنسيق الأمني وإلغاء الاتفاقية الاقتصادية "اتفاقية باريس" التي أنهتها إسرائيل من خلال سلسلة القرارات الخاصة بسرقة أموال الشعب الفلسطيني (الضرائب التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة)، وكان آخرها تنفيذ قرار اقتطاع مقدار الأموال التي تدفعها منظمة التحرير للشهداء والجرحى والأسرى من أموال الضرائب.
خامساً: وأد الانقسام الفلسطيني وتوحيد نظام الحكم في فلسطين كل فلسطين، وذلك من خلال حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الكل الفلسطيني تعمل على إنهاء الإزدواجية في نظام الحكم القائم في القطاع والضفة، وذلك من خلال إتمام المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية، لتوحيد الفلسطينيين في مواجهة المخطط الإسرائيلي المدعوم من قبل الولايات المتحدة الأميركية بضم ما تبقى من الضفة الغربية من خلال توسيع وتسمين المستوطنات واقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه. فالانقسام أضعف القضية الفلسطينية والموقف الفلسطيني وقدرة الشعب على مقاومة الاحتلال ومشاريعه، إضافة إلى أن الانقسام فتح المجال واسعاً للعرب وغيرهم لنفض يدهم من القضية الفلسطينية.
سادساً: ترتيب البيت الفلسطيني من خلال ترميم مؤسّسات منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك من خلال إجراء الانتخابات العامة للمجلس الوطني والمركزي بعد ضمّ حركة حماس والجهاد الإسلامي للمنظمة، ومن ثم إجراء انتخابات للجنة التنفيذية للمنظمة لكي تمثل جميع الأحزاب والشعب في الداخل والخارج، وكذلك عقد الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية وذلك لتجديد الشرعيات المركزية الثلاث سابقة الذكر.
سابعاً: اتخاذ موقف صريح وواضح من قبل السلطة الفلسطينية بما يخصّ موضوع المستوطنيين. فالمستوطنون لايمكن ردعهم ولجم هجماتهم وقتلهم للمواطنيين والشجر والحجر إلا من خلال تطبيق القرارات الدولية التي تتيح للشعب المحتل مقاومة الاحتلال بكل الوسائل والسبل بما فيها الكفاح المسلح. فالأراضي التي قامت إسرائيل باحتلالها سنة 1967، تعتبر في القانون الدولي أراض محتلة، وعليه فالمقاومة مشروعة ومشرّعة، فعلى السلطة أن توقف ملاحقتها للمقاومين في مناطق الـ67 وهذا الخيار كفيل في تهجير المستوطنيين وتقليل عددهم المتزايد والقضاء على عربدتهم والحد من التوسع الاستيطاني المستمر، وإلا فلن يتبقّى للفلسطينيين أرض وطرق وسوف تتوسّع المستوطنات وتبتلع ما تبقّى من الضفة الغربية. وغير ذلك من أنواع المقاومة- كالذكية والسلمية والكلامية- لن ترهب المستوطنين ولن يدفعوا ثمن الاعتداءات وحرق البيوت والمواطنين كما حصل مع عائلة الشهداء آل دوابشة وغيرهم.
إن فقدان المستوطنين للأمن وحصد أرواحهم سيجعلهم يرحلون، وهذا ما حصل إبان الإنتفاضة الثانية حيث تتاقصت أعداد المستوطنين ولم يجرؤوا على الإعتداء على المواطنين، ولكن اليوم في ظل التنسيق الأمني وقمع المقاومة واعتقال المقاومين فرعَن المستوطنيون وازداد عددهم واعتداءاتهم، وكل ذلك تحت حراسة وحماية جيش الاحتلال. فهذه المقاومة شرّعها لنا القانون الدولي فلماذا نحن مصرّون على عدم استخدامها؟. فجيش الاحتلال يحمي المستوطنين وحكومتهم تدعمهم مالياً وبكل الوسائل، وفي المقابل ليس مطلوب من السلطة دعم المقاومين وحمايتهم وإنما غضّ البصر عنهم وعدم ملاحقتهم وهذا كفيل خلال الثلاث سنوات القادمة للذكرى الثالثة والأربعين ليوم الأرض بأن يتناقص عدد المستوطنين إلى النصف، وسينتهي زمن العربدة والقتل وغيرها من الممارسات.
ثامناً: تحريم الاعتقال السياسي، وفتح المجال واسعاً للتعبير عن الرأي والحرية في ممارسة النشاطات السياسية وتطبيق القانون بروحيته على المواطنين على حد سواء وعدم التفرقة ما بين المواطن والمسؤول.
تاسعاً: دعم الأسرى رسمياً وشعبياً ومالياً، وحمل ملف الأسرى المرضى لمحكمة الجنايات الدولية وتدويل قضية الأسرى وإبراز معاناتهم والاعتداءات المتكرّرة عليهم من قبل إدارة مصلحة السجون، وإبعاد ملف الخلافات السياسية عن قضية الأسرى وعدم مسّ رواتبهم ومصروفات أسرهم تحت أيّ ضغط.
عاشراً: القيام بأوسع تحرّك على كل المستويات محلياً واقليمياً ودولياً لمواجهة ما يسمّى بصفقة القرن ورفع العقوبات مباشرة عن القطاع، وتوحيد الموقف الفلسطيني في مواجهة مشاريع دونالد ترامب، واتخاذ قرار واضح وحاسم من قبل السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير من توسيع مهام وصلاحيات الإدارة المدنية والمنسّق، وإعلان الموقف من التعامل معه من قبل المواطنين، فغير مقبول أن تقف السلطة مكتوفة الأيدي أمام سحب ما تبقّى لها من صلاحيات من قبل المنسّق الإسرائيلي.