"سلسلة القتل": الدفاع عن أميركا في سلسلة الحروب المستقبلية

لأجيال عديدة، كانت أميركا القوة العسكرية المهيمنة في العالم. لكن هذا الواقع القديم يتدهور بسرعة. تتآكل مصادر القوة التقليدية في أميركا وسط ظهور تقنيات جديدة والتهديد العسكري المتزايد الذي يشكله المنافسون مثل الصين. إن أمريكا معرضة لخطر خسارة حرب مستقبلية.

  • "سلسلة القتل": الدفاع عن أميركا في سلسلة الحروب المستقبلية
     في حروب المستقبل ستتفوق الصين تكنولوجياً وعسكرياً إذا لم تستدرك أميركا الأمر.

كتب ديفيد أغناطيوس في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية قراءة في كتاب جديد بعنوان "سلسلة القتل: الدفاع عن أميركا في مستقبل حرب التكنولوجيا العالية" للباحث الأميركي كريستيان بروز.

يقو أغناطيوس : هذه حقيقة يجب أن تذهل كل أميركي يفترض أنه لأننا ننفق ما يقرب من تريليون دولار كل عام على الدفاع، لدينا الأسبقية على منافسنا الناشئ، الصين.

"خلال العقد الماضي، في ألعاب الحرب الأميركية ضد الصين، تتمتع الولايات المتحدة بسجل مثالي تقريباً: لقد خسرنا كل مرة تقريباً".

هذا اقتباس من  الكتاب، وهو النقد الأكثر استفزازية لسياسة الدفاع الأميركية التي قرأتها منذ سنوات. كتب الكتاب كريستيان بروز، المدير السابق للجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ والمستشار السابق المقرب للسناتور الراحل جون ماكين (جمهورية اريزونا). الكتاب ليس مجرد منبه، إنه إنذار حريق في الليل.

يشرح بروز في كتابه ما وصفها اغناطيوس بالحقيقة المرعبة عن الحرب مع الصين حيث أن الأقمار الصناعة المخصصة للتجسس والاتصالات ستعطل على الفور وستمطر القذائف الدقيقة القواعد الأميركية الأمامية في غوام واليابان فيما سيكون على حاملات الطائرات الأميركية أن تبحر بعيداً عن الصين هرباً من الهجوم.

أما الطائرات الأميركية المقاتلة من طراز "إف-35" فلن تستطيع الوصول إلى أهدافها لأن ناقلات الوقود التي تحتاجها سيتم إسقاطها. 

يكتب بروز: إننا أصبحنا ضعفاء للغاية لأننا فقدنا المتطلبات الأساسية للقوة العسكرية وأبرزها رؤية التهديدات واتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لوقفها. كيف حدث هذا؟ لم يكن الأمر فشلاً استخباراتياً، أو بسبب نقص المال، أو الافتقار للبراعة التكنولوجية بل هو ببساطة بسبب جمود بيروقراطي ضاعفته المصالح المتجذرة. 

يقتبس اغناطيوس من الكتاب الجديد: "لقد كنا مشغولين للغاية في تلميع أنظمتنا القديمة إلى درجة أن الولايات المتحدة تعرض لكمين من المستقبل". 

ويخلص إلى القول: "ينبغي لنا أن نفكر في ضعف أميركا الآن، عندما يكون العالم مغلقاً ولدينا فرصة لإعادة التقييم. سوف يظهر عالم جديد بعد وباء فيروس كورونا تكون فيه الصين مصممة بوضوح على تحدي الولايات المتحدة كقوة عالمية. الحروب الدعائية حول أصل الفيروس الجديد ليست سوى إحماء للاختبارات التي تنتظرنا".

لا يركز الجيش الصيني على إبراز القوة، كما هو الحال لدينا، ولكن بدلاً من ذلك على منع الهيمنة الأميركية. وبدلاً من مطابقة أساطيلنا من حاملات الطائرات وأسراب الطائرات حول العالم، طورت بكين أسلحة دقيقة لمنع الولايات المتحدة من تعبئة هذه القوات. ومن الأمثلة على ذلك "دي أف -21"  DF-21، أول صاروخ باليستي مضاد للسفن في العالم، والذي يقول بروز إنه يُعرف باسم "القاتل الناقل".

يريد البنتاغون مواجهة التحدي الصيني، لكنه يصر على إبقاء نفس المنصات الضعيفة والمكلفة للغاية في قلب القوة العسكرية للولايات المتحدة. ويطالب الكونغرس بالالتزام بهذا الوضع الراهن. عندما حاول وزير الدفاع آنذاك جيم ماتيس ووزير البحرية آنذاك ريتشارد سبنسر سحب حاملة طائرات في عام 2019، رفض الكونغرس. الطائرات المقاتلة باهظة الثمن لها مكان أيضاً. كما يلاحظ بروز: "هناك سبب لبناء أجزاء من "أف-35" في كل ولاية في أميركا. . . . إنها نفعية سياسية".

عندما يحاول البنتاغون الابتكار، يكون مكاناً للمناورة والتكيف. المثال الكلاسيكي هو مغامرة الجيش البالغة 18 مليار دولار والمعروفة باسم "أنظمة القتال المستقبلية"، والتي كان من المفترض أن تنسق الأسلحة الحديثة ولكن تبين أنها أقل رشاقة من لعبة سوني "بلاي ستيشن".

 يجادل بروز بأن الوقت قد حان لإعادة التفكير بشكل جذري. وبدلاً من بناء أسلحة لاستراتيجية عفا عليها الزمن لإظهار القوة، يجب علينا بدلاً من ذلك تسليح أنفسنا في محاولة "لحرمان الصين من الهيمنة العسكرية". وهذا يعني العديد من الأسلحة الرخيصة والمستقلة على حافة المحيط، بدلاً من عدد قليل من الأسلحة الرائعة المعرضة للهجوم.

هذه الأنظمة الذكية موجودة: إن طائرة XQ-58A بدون طيار التابعة للقوات الجوية، والمعروفة باسم "فالكيري"، قادرة تقريباً مثل المقاتلة ولكنها تكلف حوالى 45 مرة أقل من طائرة F-35 .

المركبة البحرية غير المأهولة الكبيرة جدًا التابعة للبحرية، والمعروفة باسم "أوركا "Orca" ، أقل تكلفة بـ300 مرة من غواصة هجومية من فئة "فيرجينيا" بقيمة 3.2 مليار دولار. لكن هذه الروبوتات ليس لديها لوبي ينافس مقاولي الدفاع العملاق.

  • "سلسلة القتل": الدفاع عن أميركا في سلسلة الحروب المستقبلية
    كتاب "سلسلة القتل" للباحث الأميركي كريستيان بروز.

يتصور بروز نسخة عسكرية من "إنترنت الأشياء" - الأنظمة الذكية على الحواف الخارجية لدفاعاتنا التي يمكن أن تخفف هيمنة الصين من دون كسر الميزانية أو المخاطرة بمواجهات الكل أو لا شيء. يكتب "لدينا المال والقاعدة التكنولوجية والمواهب البشرية. ما نفتقر إليه هو إرادة التغيير".

السؤال الذي يفكر فيه الأميركيون، في صياغة بروز البسيطة، هو "كيف يمكن أن يفوز المستقبل". يجيب: "لدينا فترة من الوقت الآن، بفضل إغلاقنا المفروض، للقيام ببعض التفكير الإبداعي في الدفاع. سيكون من الحماقة أن تدخل عالماً جديداً بعد الجائحة بنفس الأجهزة القديمة".

ترجمة: الميادين نت