"داعش إلى أين؟ جهاديو ما بعد القاعدة"
هذا الكتاب يتحدث عن ظاهرة تنظيم داعش والعوامل السياسية والثقافية والإقتصادية التي أدت إلي ظهور هذا التنظيم مستغلاً الصراعات والخلافات والثورات والفقر والبطالة والإستبداد بين شعوب المنطقة العربية .
يتناول الكتاب ظهور هذا التنظيم وتجربته في إدارة دولته والإختلاف بينه وبين التنظيمات الأخرى والعلاقة بينه وبين تنظيم القاعدة. ثم يتناول قراءة تحليلية لمستقبل داعش. يتضمن الكتاب ثمانية فصول:الفصل الأول: العالم من منظار داعش ويتناول التنظير لظاهرة داعش، ثم يتحدث الكاتب عن الحرب الشاملة التي يقوم بها التنظيم في العديد من أماكن العالم. وبعد ذلك يتناول الكاتب الأداة التي يعتمد داعش عليها وهي التوحش والدموية من خلال تدمير وقتل الشعوب من أجل حلم الخلافة، مستغلاً الأخطاء الكبيرة التي تحدث في المنطقة. كما يتناول الكاتب القدرات الإقتصادية والعسكرية والتكنولوجية التي استطاع هذا التنظيم الحصول عليها في فترة قصيرة جداً، وكذلك مسألة انتشار التنظيم على مستوى العالم وما يضمه من المقاتلين الأجانب. ويرى الكاتب أن هذه الظاهرة التي انتشرت لا بد من القضاء عليها حتى لا يتزايد انتشارها في العالم وتحصل على تأييد كبير ومن ثم تصعب مواجهتها.
في الفصل الثاني وعنوانه "من أين أتى داعش": من الزرقاوي إلى البغدادي"، يتناول الكاتب شخصية أبو مصعب الزرقاوي الذي كان عضو تنظيم القاعدة في العراق، والذي أسس فيما بعد تنظيماً يسمي "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين"، والذي كان متفرعاً من تنظيم القاعدة في العراق، شكل نوعاً من عن ولاءه لتنظيم القاعدة "زواج المصلحة" بينهما بحسب الكاتب.يتحدث جرجس عن إنتقال الزرقاوي الي العراق بعد الهجوم الصاروخي الأميركي على أفغانستان عام 2001م ، وما قام به بعد ذلك من الاغتيالات في العراق، والعمليات المسلحة التي أسسها الزرقاوي في العراق. ويتناول بعد ذلك نزعة الإبادة الزرقاوية ضد الشيعة ، حيث يقول إن الزرقاوي إنتهج إستراتيجية تقوم على إستهداف الشيعة، ونشر الفتنة الطائفية في العراق. ويعرض جرجس في الفضل لشخصية أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم "داعش" وكيف إستطاع ان يصل بهذا التنظيم إلى هذا المستوى من خلال القدرات الإقتصادية والسياسية والعسكرية التي إستطاع الحصول عليها. في الفصل الثالث وعنوانه "كيف أوصلت سياسات العراق المتعثرة إلى إحياء "داعش"، يقول الكاتب إن تنظيم "داعش" لم يسقط من السماء" فقد ظهر نتيجة الظروف التي تمر بها المنطقة، حيث يتناول ضعف المؤسسة السياسية في العراق بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003م ، والسياسات "المذهبية" لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التي أدت إلى التقرقة الطائفية في العراق، وما قامت به القاعدة في العراق بقيادة الزرقاوي من استقطاب المجندين. كما يتناول جرجس ثورات "الربيع العربي" التي أحدثت إضطرابات كبيرة في المنطقة والتي إستغلها هذا التنظيم، ويقول إن الربيع العربي أحد الأسباب التي كان من ورائها ظهور هذا التنظيم الذي إستغل ما حدث في المنطقة من الإضطرابات الكبيرة والفوضى التي إشتعلت مؤخراً في المنطقة، إذ انتشر هذا التنظيم بسرعة كبيرة جداً في المنطقة بسبب حالات الإختلال الأمني التي حدثت في الدول العربية، وبخاصة في سوريا وليبيا. الفصل الرابع عنوانه "تطور البغدادي: من الجندي المغمور إلى الخلفية الدموي"، وفيه يتناول الكاتب أبو بكر البغدادي زعيم هذا التنظيم ذي "السيرة الذاتية المتناقضة"، حيث تحول من طالب جامعي إلى قائد تنظيم مسلح يقوم بقتل المسلمين في العراق وسوريا إذ تعجب جرجس من هذه الشخصية في تحليلها وكيف لتنظيم إسلامي أن يكون قائماً على القتل والعنف والدموية، وبخاصة أن الدين الإسلامي قد حرّم القتل والدموية. يقول الكاتب إن إستراتيجية البغدادي تعتمد على نشر الصراع الطائفي في المنطقة خاصة في العراق وسوريا واستقطاب عناصر بعثية إلى تنظيمه، حيث أن الصراع المذهبي والطائقي في المنطقة يؤدي إلى تفتيت وتقسيم دول المنطقة إلى دويلات صغيرة، ومن ثم يستطيع هذا التنظيم تحقيق أهدافه، وهي إقامة ما يسمى بالدولة الإسلامية في أراضي الدول العربية، وبعد ذلك يحصل على التأييد الدولي لهذه الدولة. وكل هذا يحدث على حساب الدول العربية بسبب الفراغ الأمني الذي حدث ويحدث في دول المنطقة والذي إستغله هذا التنظيم.الفصل الخامس بعنوان "البعثيون وجهاديو"داعش": من حَوَّلَ مَنْ؟"، حيث يرى جرجس أن العالم أصيب بالذهول من ظهور هذا التنظيم الإرهابي المفاجئ، فهناك من رأى أن ظهوره نتيجة مؤامرة من الغرب للتفرقة بين العرب والمسلمين، ومن رأى فيه صناعة استخباراتية أنتجها جهاز الموساد الإسرائيلي. إلا أن الكاتب يتناول هنا العلاقة بين العناصر البعثية التي إستطاع التنظيم إستقطابها إليه والجهاديين الذين إنضموا إلى هذا التنظيم من جميع أنحاء أوروبا. ويقول إن التنظيم يضم العديد من الجنسيات من أوروبا ومن العرب وغيرهم، ويتدحث عن كيفية إستقطاب داعش لهذا العدد الكبير من الذين إنضموا إليه وكيف إستطاع داعش التوغل في عقول هؤلاء الشباب ونشر الأفكار الطائفية بينهم، من خلال توفير الأموال والزواج لهم. في الفصل السادس وعنوانه "كيف عزّزت الحرب السورية قوة "داعش"، يتناول الكاتب الأصول الإجتماعية والسياسية لما يسميه "الثورة السورية"، والحرب السورية التي أدت الى انتشار هذا التنظيم في سوريا، وذلك نتيجة الخلل الأمني الذي إنتشر في سوريا جراء الصراع العسكري بين المعارضة والنظام، والذي تحول إلى صراع الطائفي ما بين العلويين والأكراد والسنة في سوريا، بحسب زعم جرجس. وقد إستغل "داعش" تلك الأحداث السيئة في سوريا وإستطاع التوغل فيها، وهنا ظهرت جبهة النصرة كفرع للتنظيم في سوريا أواخر عام 2011م وسرعان ما أصبحت من أبرز قوى المعارضة المسلحة. وبعد ذلك يتناول الكاتب الخلاف بين أبو محمد الجولاني زعيم تنظيم جبهة النصرة في سوريا وأبو بكر البغدادي والذي أدى إلى الصراع العسكري بينهما على السلطة، حين رفض الجولاني الخضوع للبغدادي وأعلن تجديد بيعته لزعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري. ويتحدث جرجس عن قدرة تنظيم داعش على تحطيم الحدود بين العراق وسوريا من أجل تكوين الخلافة الاسلامية الذي نشأ في العراق ومن ثم إستغل الأحداث في سوريا وتوغل داخلها وها هو الآن وتوغل في ليبيا . الفصل السابع وعنوانه "إخفاقات الربيع العربي والإحباط اللاحق"، وفيه يتناول الكاتب "الربيع العربي" الذي كان أحد الاسباب الرئيسية لظهور تنظيم "داعش"، حيث أدت هذه الثورات إلى أحداث دامية في المنطقة، ومن ثم أدى هذا إلي تنامي ظاهرة العنف والإرهاب وإنتشرت بعد ذلك ظاهرة الصراع الطائفي والمذهبي في العراق وسوريا. ومن ثم هذا أدى إلى انتقال ظاهرة "داعش". يقول جرجس إن "داعش" هو نتاج صراع الهويات في المنطقة ونتاج فشل الدولة العربية الحديثة، حيث فشلت سياسات الحكام العرب في إستيعاب مطالب الشعوب في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ومن ثم أدى هذا إلى نشوء ظاهرة التطرف والإرهاب في المنطقة. الفصل الثامن والأخير وعنوانه "إعادة تعريف الجهاد والتحوّل من العالمي إلى المحلّي"، يتناول الكاتب فيه هيكلة مفهوم الجهاد بالشكل الصحيح حيث يقصد جرجس بالجهاد الخروج ضد سياسات الإستعمار وعدم التبعية لها والبعد عن الدموية والعنف والقتل ، متعجباً من عدم خروج هذا التنظيم ضد إسرائيل المنتهكة لحقوق الفلسطينين والتي تقوم بأعمال العنف والقتل ضد الشعب الفلسطيني، وقيام التنظيم بقتل المسلمين في العراق وسوريا وليبيا. ثم تناول الكاتب بعد ذلك التغيير والإستمرارية في هذا التنظيم، حيث يقول إن المنطقة بدأت تشهد ظهور العديد من التنظيمات الصاعدة وبدأت تشهد معها عملية الخلافة والمبايعة ولكن كل هذا ليس تتنظيماً إسلامياً صحيحاً قائماً على الخلافة مثلما كان يحدث في عهد النبي والخلفاء الراشدين، ولكنه تنظيم مختلف قائم على القتل والدموية والإرهاب. كما يتحدث جرجس عن الإنشقاق السلفي الجهادي في مثل هذه التنظيمات، مشيراً إلى أن "داعش" يتربع الآن على قمة هذه التنظيمات المسلحة الإرهابية، ويقول إن هذا التنظيم موجود في المنطقة بسبب ما يقوم به من الإرهاب وتزايد أعداده بين العرب والمسلمين. ويخلص جرجس إلى أنه لا يمكن محاربة "داعش" بالقوة وحدها حيث أنها إذا خسرت على الأرض ستختفي وتلجأ إلى العمل السري مرة أخرى. ولا بد من القضاء على مسببات الإرهاب ومنها حل القضية الفلسطينية. كما يشير إلى السياسات الحالية لمحاربة "داعش" ومنها مراقبة الحدود التي يتسلل منها المقاتلون الأجانب الذين يمثلون للتنظيم قوته، وبعد ذلك ضرورة الإصلاح السياسي والوطني والمذهبي وتجديد مناهج التعليم من أجل تجديد الفكر لمحاربة هذه الأفكار الرجعية.
*حسني عماد حسني كاتب مصري.